السائل: سائل التاريخ: 13/12/2006 عدد القراء: 7937 السؤال: هل يحرم على المرأة أن تصبغ بالسواد أم التحريم خاص بالرجل؟
جواب الشيخ: السؤال:
هل يحرم على المرأة أن تصبغ بالسواد ، لزيادة الجمال أو لتغير الشيب المبكر ، أم التحريم خاص بالرجل فقط ؟
*******************
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : ـ
ورد في هذا الباب حديث ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة رواه أبو داود وغيره .
وقال في الصحاح : القَوْمُ الرجال دون النساء لا واحدا له من لفظه ، قال زهير:
وما أدري ولست إخال أدري *** أقوم آل حصن أم نساء
وقال الله تعالى {لا يسخر قوم من قوم} ثم قال {ولا نساء من نساء} ، وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأن قوم كل نبي رجال ونساء أ.هـ
كما ورد حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال :
أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد رواه مسلم وغيره.
غير أن ثمة خلاف في صبغ المرأة شعرها بالسواد ، قال في عون المعبود : ( ذهب أكثر العلماء إلى كراهة الخضاب بالسواد , وجنح النووي إلى أنها كراهة تحريم وأن من العلماء من رخص فيه في الجهاد ولم يرخص في غيره , ومنهم من فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فأجازه لها دون الرجل واختاره الحليمي ) .
وقال ابن القيم : ( ورخص فيه آخرون للمرأة تتزين به لبعلها , دون الرجل ، وهذا قول إسحاق بن راهويه وكأنه رأى أن النهي إنما في حق الرجال ) أ.هـ .تعليقاته على معالم السنن عند حديث أبى ذر مرفوعا أحسن ما غير به هذا الشيب الحناء والكتم .
وهذا هو الأرجح ، أعني أن المرأة لاتدخل في دلالة الأحاديث التي نصت على تحريم تغيير الشيب بالسواد ، فكيف إذا كان صبغها بالسواد ، ليس تغييرا للشيب ، وإنما هو زيادة في الجمال المحمود ابتغاؤه من المرأة لأنها موضع الجمال قد خلقها الله تعالى كذلك ، ويُطلب منها ذلك ، وتُبتغى له ، فالأصل أنها تخالف أحكام الرجل في هذا الباب ، ولهذا لو كان شعرها أسوداللون ، فابتغت صبغه بالأشقر تجمّلا فهو مباح بالبراءة الأصلية ، وحينئذ فمنع الشقراء أن تصبغ شعرها بالسواد تجمّلا ، ليس سوى تناقض تـُجلّ عنه الشريعة الكاملة ، وإن قيل فلتمنع السمراء إذاً أن تصبغ باللون الأشقر ، كان تحريما بلا دليل !! ، مع أنه لو كان النص عاما يشمل الرجال والنساء ، ما جاز معارضته بالقياس ، غير أن في دلالته من جهة العموم نظر لا يخفى .
والخلاصة أن صبغ المرأة شعرها بالسواد إن لم يكن تغييرا للشيب فلا إشكال فيه أصــلا ، وإن كان تغييرا للشيب طلبا للجمال لزوجها فلا إشكال فيه أيضا لعدم دخوله في دلالة الأحاديث فهي خاصة بالرجال ، وأما إن كان للتدليس على الخاطب فهذا محرم لانه غش.
كما أن في تحريم الخضاب بالسواد للرجال ، خلافا بين العلماء ، قال في عون المعبود : وقد رخص فيه طائفة من السلف منهم سعد بن أبي وقاص وعقبة بن عامر والحسن والحسين وجرير وغير واحد واختاره ابن أبي عاصم في كتاب الخضاب له , وأجاب عن حديث ابن عباس رفعه " يكون قوم يخضبون بالسواد لا يجدون ريح الجنة " بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد بل فيه الإخبار عن قوم هذه صفتهم , وعن حديث جابر " جنبوه السواد " بأنه في حق من صار شيب رأسه مستبشعا ولا يطرد ذلك في حق كل أحد انتهى ، وما قاله خلاف ما يتبادر من سياق الحديثين . نعم يشهد له ما أخرجه هو عن ابن شهاب قال " كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه جديدا فلما نغض الوجه والأسنان تركناه "أ.هـ.
والله اعلم
|