الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمـد وعلى آله وصحبـه وبعد :
حمــل هذه الأحاديث الصحيحة على أوباما خطأ محض ، وتكلُّف واضح ، ولايجوز قوله ، فالحديث في شأن هدم الكعبة الذي يحصل آخر الزمان عندما لايبقى في الأرض المؤمنون بعدما تأتي الريح التي تقبض أرواحهم فيبقى في الأرض شرار الخلق ، فلايبقى من يحج ويعتمـر ، فتهدم الكعبة حينئذ ،
وذلك لا يحدث أعني قبض أرواح المؤمنين إلا بعدما يحكم الإسلام الأرض وتعلو كلمته بنزول المسيح عليه السلام.
فقد جاء في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : ( ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامِ فَلا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلا قَبَضَتْهُ ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ ، قَالَ : فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ لا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا فَيَتَمَثَّلُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ أَلاتَسْتَجِيبُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ)
والمقصود أن هذا الهدم يحدث في آخر الزمان عند قرب الساعة ، أما الآن فلو أراد أحد أن يهدم الكعبة لقصمه الله كما قصم أصحاب الفيل ، إذ كانت قبلة المؤمنين بالله تعالى ، الطائفين ، والقائمين ، والركــّع ، السّجود ، أما عندما يُرفـــع الإيمان ، ويُقبــض المؤمنون ، ويبقى شرار الخلق ، وتقرب الساعة ، ويأذن الله بخـراب الدنيا ، للقيامة والحسـاب ، فتهدم الحبشة الكعبة حينـئذ ، ثم تقوم الساعــة ، ولهذا ورد هدم الكعبة في سياق الحديث بعد حرف ( ثم ) الذي يفيد التراخي ، أي يحدث بعد ذلك بزمـن بعيد .
ثم إن الحديث ينص على أن الحبشة هم الذين يفعلون ذلك ، يقودهم ذو السويقتين ، وأنه يفعل ذلك بمسحاته ، ولو كان الفاعـل قائدا أمريكيا فإنه يقود أمة ليسوا هم الحبشة ـ وإن كان أصله من إفريقيا السوداء مع أنَّ ليس كل إفريقيا السوداء حبشـة ـ كمــا أنه لن يهدمها لو أراد ـ وسيقصمه الله لو أراد ـ بمسحــاة !!
إنما ذلك يحدث من ذي السويقتين بالمساحـي لأنه يقـع في آخر الزمان ، حيث تتغير الماديات والوسائل الحياتيـة ، ويعود الناس إلى الماديات البدائية ،
فكل ذلك يدل على أن حمل الحديث على أوباما تكلف لا مجال له البتة ، وأبعد ما يكون عن سياق الحديث ،
وينبغي أن يعلم أن منهج آئمة العلماء من أهل السنة أن النصوص النبوية التي تتناول ما يحدث فيما يأتي من الزمان ، أنهم لاينزلونها على أحداث مخصوصة مادامت في دائرة الإحتمال ، بل يروونهــا ، ويشرحون معانيها ، ثـم يدعون هذا التكلف في تنزيل معاني الأحاديث على أحداث الزمان ، الذي هو من قبيل القول بلا علم ، وقد نهينا عنه ،
هذا هو نهجهم في كلّ مصنفاتهم الحديثية وشروحها عبر قرون الإسلام ، ولم يحدث هذا التكلف في تنزل النصوص على أحداث الزمان بغير علم إلا في الأزمنة المتأخرة ، كما يفعل الجهال في أحاديث السفياني ـ مع أنه لم يصح حديث فيه ـ والمهدي ، والقحطاني ، وذو السويقتين ، والرايات السـود ..إلخ ، فمثل هذا الصنـيع من البدع المحدثة والله اعلم