بسم الله الرحمن الرحيم
التطوع في الجيش والشرطة العراقية
في قسم " فتاوى وأحكام" بموقع الشيخ العلامة يوسف القرضاوي حفظه الله ، وتحت عنوان "القرضاوي: على سنّة العراق الانخراط في الجيش والشرطة" !! كتب "مازن غازي" بتاريخ 16-5-2006 ما نصه :
"حثّ العلامة الشيخ يوسف القرضاوي العراقيين السنة على التطوع في الأجهزة الأمنية، معتبرًا أن العزوف عن هذا الأمر سيؤدي إلى استيلاء "جهات غير نزيهة" على تلك الأجهزة.
وفي حلقة برنامج "الشريعة والحياة" التليفزيوني التي بثتها قناة "الجزيرة" الفضائية مساء الأحد 14-5-2006 سُئل الشيخ حول حكم التطوع بالجيش والشرطة العراقية في الوقت الذي يرزح فيه العراق تحت نير الاحتلال.
وخلال إجابته، لم يكتفِ الشيخ القرضاوي بالتأكيد على شرعية الالتحاق بتشكيلات الجيش والشرطة، وإنما طالب سنة العراق بـ"عدم التردد في التطوع بها حتى يفوّتوا فرصة استيلاء جهات غير نزيهة على هذه الأجهزة الأمنية الحساسة".
ومن ناحية أخرى دعا الفقيه الإسلامي شيعةَ العراق إلى "إفساح المجال أمام السنة للانخراط في الأجهزة الأمنية؛ حتى يتمكنوا من نيل شرف المشاركة في حفظ الأمن في بلادهم والدفاع عنها".
فتوى بالإباحة
وكان غالبية العراقيين السنة قد أحجموا عن التطوع في الأجهزة الأمنية التي أعيد بناؤها بقرار من الحاكم المدني الأمريكي السابق للعراق بول بريمر، بينما كان هناك اندفاع ملحوظ من جانب الشيعة للتطوع في تشكيلاتها.
وقد ولَّد هذا الإحجام حالة من عدم التوازن بصفوف هذه التشكيلات؛ وهو ما دفع عددًا من الخطباء والعلماء والسياسيين السنة إلى الدعوة للتطوع بالجيش والشرطة من أجل إيجاد التوازن بها، وعدم إفساح المجال أمام عناصر طائفية للاستحواذ على هذه المؤسسات الحيوية.
ولذا، صدرت فتوى عن حوالي 64 عالمًا من علماء الدين السنة وكبار أئمة المساجد بالعراق في إبريل 2005 بجواز الانخراط في صفوف الجيش والشرطة.
غير أن الفتوى شددت على ضرورة عدم مساعدة أعضاء القوات العراقية لقوات الاحتلال ضد المدنيين العراقيين.
وجاء في الفتوى أنه "لأجل الحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم وأعراضهم، ولأن الجيش والشرطة صمام الأمان، وأنه جيش الأمة كلها وليس ميليشيات لجهة أو فئة خاصة.. أصدرت مجموعة من العلماء والأساتذة المخلصين فتوى بدعوة أبناء شعبنا إلى الدخول في صفوف الجيش والشرطة".
وأكد العلماء في فتواهم على ضرورة مراعاة عدة أمور، منها: "أن تكون النية خالصة لله تعالى، وأن يحرص (المتطوع) على خدمة دينه وبلده وأبناء شعبه، وألا يكون عونًا للمحتل على أبناء جلدته".
وأوضحوا أن "أمن البلاد والعباد واجب لا يتحقق في الوقت الحاضر إلا بتشكيل الشرطة والجيش من العناصر النزيهة المخلصة". (انتهى ما جاء في موقع الشيخ حفظه الله ، وهذا رابطه : http://www.qaradawi.net/site/topics/...p arent_id=17 ..
هذه الفتوى تختلف عن أختها التي أفتى الشيخ فيها بجواز انخراط المسلمين في أمريكا بالجيش الأمريكي ومشاركته في حربه ضد "الإرهاب" ، فالثانية واضح مخالفتها لعقيدة الولاء والبراء بإسم المصلحة الفردية الممزوجة بالقومية والقطرية !!
أما هذه الفتوى التي نحن بصددها فلها ما يبررها من الناحية النظرية : فالشرطة في العراق أصبحت تحت سيطرة الرافضة (شيعة النصارى) ، فالشيخ ومن أفتى بهذه الفتوى أرادوا قطع الطريق على الرافضة وإيجاد حالة من التوازن العسكري بين أهل السنة والرافضة حتى لا ينفرد الرافضة بالقوة العسكرية في حال انهزام النصارى وهروبهم من العراق (في القريب العاجل : بإذن الله) ..
بعض علماء العراق الذين أفتوا قبل سنة بهذه الفتوى لهم وجه معقول من الناحية النظرية أيضا : فالقوى الرافضية تدخل مدن أهل السنة تحت الحماية النصرانية وتعيث في البلاد الفساد ، ولابد للتصدي لها عن طريق قوة توازيها ، أو أن تكون القوى المسؤولة عن حفظ الأمان في المدن السنية من أهل السنة ، وقد اشترطوا بعض الشروط المعقولة ، والتي منها: "أن تكون النية خالصة لله تعالى، وأن يحرص (المتطوع) على خدمة دينه وبلده وأبناء شعبه، وألا يكون عونًا للمحتل على أبناء جلدته". وإن كانت هذه الفتوى مبتورة إلا أن ظاهر ما نقل عنها يبيح للقوات العراقية مساندة القوات الأمريكية ضد المجاهدين أو من ليسوا عراقيين !!
نستطيع أن نقول – ومن الناحية النظرية – بأن هذه الفتاوى ظاهرها لها وجه شرعي يراعي المصلحة العامة لأهل السنة في العراق ، ولكن يبقى التطبيق ويبقى الواقع العملي والأرض العراقية والأوضاع فيها وحيثيات كثيرة تؤثر على منطقية هذه الفتوى وجدواها ، وكما قيل "الحكم على الشيء فرع عن تصوره" ..
لا شك أن هناك ضرورة لوجود قوة عراقية سنية تحمي المسلمين في العراق ، ولكن يستحيل تواجد مثل هذه القوة في ظل الظروف الراهنة تحت سقف الشرطة أو الجيش ، وأكبر مثال على ذلك ما حدث في الفلوجة وأكثر المدن العراقية التي تطوع بعض أبناءها للدفاع عنها تحت راية الشرطة والجيش ، فكان أن تم ترحيل هذه القوى وتشتيتها وتفريقها بين المدن لكي لا تكون لأهل السنة شوكة تحت لواء الجيش في أي مدينة من مدن العراق ..
لو أن هؤلاء المتطوعين أرادوا أن تكون لهم قوة حقيقية في مدينة ما فلا بد لهم من مواجهة الرافضة والجيش الأمريكي النصراني لنيل هذا الحق ، فيستحيل أن تتخلى أمريكا عن أمنها في سبيل الحفاظ على أمن أهل السنة ، وقل مثل ذلك عن الرافضة ..
لو رجعنا إلى أصل المسألة من الناحية الشرعية : فالرجل العراقي المسلم القادر على حمل السلاح في العراق لا بد له من الجهاد في سبيل الله وصد العدو الصائل عن البلاد ، فهذا هو الوضع الشرعي الطبيعي للرجل العراقي المسلم البالغ القادر العاقل ، وأي وضع غير هذا يعد غير طبيعي وغير شرعي ، وعلى هذا اتفق كل من يُعتد به من علماء المسلمين ، وعليه دلت نصوص الكتاب والسنة ..
إذا كان باب الجهاد مفتوحاً في العراق ، فلماذا نخاطر بعقيدة أهل العراق ونقحمهم في نار موالاة الكفار التي إن لم تأتي على دينهم كله فإنها لا بد تحرق أجزاء منه ، فأقل شيء يقع فيه من يدخل في هذه المؤسسات الصليبية هو : إكثار سواد الكفار والمرتدين ، وقد جاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – "أن أناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم فيقتله, أو يضرب عنقه فيقتل , فانزل الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ} (النساء : 97)" (رواه البخاري) .. فللمسلم الذي بين الكفار أن يتخيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقتل من هو مثله ..
إن الشروط التي وضعها الإخوة الـ (64) غير منطقية وغير واقعية ولا يمكن تحقيقها في العراق الآن ، وهذا ما لا يجهله أهل العراق ولا من يتابع أخبار العراق : فإن حقق المتطوع الإخلاص فإنه لا يمكّن قطعا من خدمة دينه وبلده وأبناء شعبه ، ولا بد أن يكون عونًا للمحتل على أبناء جلدته بتكثير سواد الكفار على أقل تقدير .. وهل أتى الأمريكان من بلادهم إلا لإفساد بلاد المسلمين ومحاربة دينهم وقتل ابنائهم !!
إن أي متطوع يدخل هذا الجيش وهذه الشرطة فإنه يدرَّب من قبل الأمريكان أو من قبل الرافضة ، ولا يخفى ما يحمل هؤلاء من حقد وغل على الذين آمنوا ، ودعوة الشيخ القرضاوي للرافضة بـ "إفساح المجال أمام السنة للانخراط في الأجهزة الأمنية؛ حتى يتمكنوا من نيل شرف المشاركة في حفظ الأمن في بلادهم والدفاع عنها" دعوى غير واقعية ، وأول من يدرك هذا هم الرافضة أنفسهم ، ومن بعدهم الشيخ القرضاوي – حفظه الله – الذي أطلق على هؤلاء - وفي نفس الفتوى - لقب "جهات غير نزيهة" ..
لنضرب بعض الأمثلة على خطورة الوضع ، وعلى ضرورة مراجعة مثل هذه الفتاوى ودراستها بدقة قبل إصدارها حتى لا تكون حالقة لدين الناس من أجل مصالح شخصية آنية أو مصالح حزبية :
أقول : لو أن متطوعا حمل كأس ماء لجندي أمريكي فإنه يكفر ، ولو أظل الأمريكي بظل فإنه يكفر ، ولو أعلمه بأمر من أمور المسلمين يستخدمه الأمريكي في صالحه فإنه يكفر ، ولو حمل له ورقة أو حبرا أو جهازا أو ساعده بكلمة واحدة فإنه يكفر بكل هذا كفرا أكبرا مخرجا عن الملة ، فأي دين يبقى لهؤلاء المتطوعين والمدرِّبون يطلبون منهم - بل ويأمرونهم - بأضعاف أضعاف هذه الأمور !! هذا ، مع ما يحصل في الإختلاط بالكفار من المودة والألفة واعتياد المنكرات والوقوع في الشبهات والشهوات ، فليتقي الله من يفتي عوام الناس بمثل هذا فإن المتطوعين ليسوا علماء ولا طلبة علم ، بل هم من عامة الناس الذين لم يبلغ إيمانهم إيمان أبي بكر وعمر !!
ولنذكر ههنا بعض ضرر انخراط المسلمين في صفوف الجيش والشرطة العراقية تحت القيادة الأمريكية :
1- التلاعب بعقيدة الولاء والبراء التي هي من أعظم أصول الإسلام ، وحكم الموالي للأعداء الكفر والردة بإتفاق العلماء .
2- التخفيف على المحتلين بالسيطرة على بعض البقاع أمنيا من قبل هؤلاء الأفراد ليتفرغ الكفار لبقية المناطق .
3- الدخول تحت رحمة الرافضة الماسكين بزمام الجيش والشرطة وهم في نفس الوقت تحت الحكم الأمريكي ، فأي خير وأية عزة ترتجى من ضابط رافضي سيده أمريكي !! وأية نجدة وخدمة ترتجى ممن رضي أن يكون تحت إمرة هؤلاء !!
4- تعطيل وإهدار طاقات الأمة وتشتيتها بضرب أبناء السنة بعضهم ببعض وتفريق كلمتهم وإشغالهم بأمور جدلية بدون مبرر في وقت هم في أمس الحاجة فيه إلى الإتفاق !!
5- إخراج الرجل العراقي من وضعه الطبيعي في ظروفه الإستثنائية من كونه مجاهداً ، وتعطيل الجهاد في مثل هذا الوضع هو : تعطيل فرض عيني بالإتفاق ..
6- النية الصادقة : مع كثرة الضغوط والمغريات تتبدل وتتغير ، خاصة إذا كان الإيمان ضعيفا ، ومن كان قوي الإيمان فإنه لا يرضى لنفسه إلا بما شرع الله ، والله شرع الجهاد وأمر به وتوعد تاركه ..
7- هذه الفتوى تُخفي حقيقة الجيش والشرطة العراقية وكونهما أدوات يستخدمها الصليبيون والرافضة لنيل مآربهم ، فالإنخراط في هذين الجهازين يعطيانهما نوع من الشرعية عند بعض الناس ..
8- إضعاف موقف المجاهدين الذين كفروا هذه الأجهزة وأعلنوا الحرب عليها ، فمثل هذه الفتوى تُربك حسابات الناس وتشككهم في عمليات المجاهدين ، وانخراط أهل السنة في الجهازين يعيق الكثير من عمليات المجاهدين ..
لقد تبين بطلان هذه الفتوى من الناحية العملية ، وإن كان لها وجه ضعيف جدا من الناحية النظرية المصلحية ، ولا بد للفتوى أن تكون شرعية عملية مبنية على واقع صحيح ، ولا يمكن لهذه الفتوى أن تجلب الخير للعراق وللمسلمين فيها ، فهي شر محض في وقتنا هذا وفي مثل هذه الظروف ..
إن هذه الفتوى باب لا بد من غلقه ، ولا بد للعلماء التصدي لمثل هذا والعمل على إذكاء روح الجهاد في الأمة ، فالمسلم لا ينبغي له أن يكون تابعا لمشرك أو مبتدع ضال .. إن المسلم عزيز عند الله ، وقتله أعظم عند الله من هدم الكعبة ، ومثل هذه العزة لا يهدرها المسلم مكرها فضلا أن يتطوع بإهدارها ، فالمسلم عزيز على الكفار شديد عليهم مستعلٍ بإسلامه وإيمانه ، والعزة كل العزة في الجهاد في سبيل الله ، فهو الذروة والحضوة عند الله ..
إن الرافضة الذي يخافهم هؤلاء ، لو خرج لهم أهل السنة فإنهم ينكمشون وينتكسون ويرتدون على أعقابهم خاسئين ، ولكن لما ترك أهل الإسلام الجهاد أذلهم الله .. ولا والله لا ينزع الله هذا الذل حتى يرجع المسلمون إلى دينهم ويُقيموا علم الجهاد في الأرض يرهبون عدو الله وعدوهم ..
إن أخشى ما نخشاه هو أن تكون هذه الدعاوى من قبيل قول الله تعالى {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (المائدة : 52) .. لماذا كلما علا نجم الجهاد يُصر بعضنا على إخماد جذوته بكلمات باردة تزرع الخوف والهلع في القلوب !! لماذا نخشى نحن الرافضة !! أليسوا هم أحق أن يخشونا ونحن المأمورون بالإرهاب !!
إن الذي يخشى الله : لا يخشى الناس ، والذي يتوكل على الله : فالله يكفيه ، ولا والله ليس للنصارى ولا لشيعتهم عندنا إلا السيف ، لا نهادن ولا نداهن ، ولا نخاف ولا نخشى غير خالقنا ..
يا أهل العراق :
لقد أمركم الله بالجهاد في سبيله ، والجهاد : بذل الجهد في سبيل إعلاء كلمة الله ، ولا يكون جهاد بدون جوع وخوف ونقص في الأنفس والأموال والثمرات ، ولا يكون جهاد بدون ابتلاء ..
إن طريق الذل والهوان والرضوخ للعدو : سهل يسير على من لا عزة له ولا كرامة ، والمغريات كثيرة ، والنار حفّت بالشهوات ، ولكن طريق الله طويل شاق فيه من البلاء والمحن ما لو نجى منه أحد لنجى منه أكرم البشر ، إنه الطريق الذي اختاره الله لأنبيائه وأوليائه ، والجنة إنما حُفّت بالمكاره ، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} (البقرة : 214) ..
إن النصر صبر ساعة ، وقد بدأت بوادر النصر تلوح ، فاصبروا وصابروا واتقوا الله ولا تلقوا الراية فتهلكوا ويهلك من دونكم من المؤمنين ، وإياكم وأنصاف الحلول فقد رأيتم ما فعلت بمن كان قبلكم ومن هم دونكم ..
أنتم يا أهل سنة العراق اليوم بين خيارين :
الأول : التطوع في صفوف الجيش العراقي ، تأخذون راتبا من أمريكا التي سرقت أموالكم لتدفع لكم خشاشه تتترس بكم وتجعلكم مطية لسفك دمائكم وهتك أعراضكم ، وتأتيكم الأوامر – سواء من الرافضة أو الأمريكان أو ممثليكم في الحكومة – من المنطقة الخضراء !! هذا مع ما تلقونه من ذل وهوان على أيدي الرافضة (شيعة النصارى) ، فتكذبون على أنفسكم وتمنونها الأماني ..
الثاني : إتيان فرض فرضه الله عليكم ، فتجاهدون في سبيل الله تحت راية أمراء مسلمين يعرفون قدركم ويشدون على أيديكم وهم أمامكم في الصفوف الأولى في أزقة بغداد والأنبار ، ويكون رزقكم تحت ظل رمحكم (كما كان نبيكم) ، يهابكم الكفار وأذنابهم ، وتبقون أعزة بين حسنيين : نصر أو شهادة ..
فاختر لنفسك عبد الله ، لا تكلَّف إلا نفسك ، وكل نفس بما كسبت رهينة {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (النساء : 76) .. {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (القصص : 60) !!
وبعد ..
فعن عمرو بن عوف قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إني أخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة " . قالوا : ما هن يا رسول الله ؟ قال : " زلة العالم ، وحكم جائر ، وهوى متبع " . (رواه الطبراني وفيه كثير بن عبد الله المزني وهو ضعيف ، وبقية رجاله ثقات) .. فالعالم لا يتابع في زلته ، وإن كانت منزلته باقية إلا أن كل إنسان له هفوات وزلات وأخطاء ، ولكن زلة العالم ليست كغيرها ، والله سبحانه وتعالى جعل لنا مرجعا نرجع إليه : وحيه سبحانه وتعالى من كتاب وسنة ، وما أجمع عليه علماء الأمة إنما أصله الوحي ، والأمة أجمعت على أن دفع العدو الصائل واجب عيني متأكد على أهل البلد المحتل ، والعلماء أجمعوا على أن من أعان العدو - ولو بكلمة واحدة - فقد ارتد عن الدين وبرءت منه الذمة ..
ونحن نهيب بالشيخ القرضاوي – حفظه الله - أن لا يفتح علينا بابا نحن في غنى عن بذل الجهد في صده ، فالفتنة قائمة ، وأمراء الجهاد أعلم الناس بشغلهم ، وقد قالوا قولتهم ، ومثل هذه الفتوى تريق الدماء وتخالف بين الصلحاء وتشعل نار الضغينة ، فلا نريد أن يشتغل الناس بغير الجهاد فتتشتت الجهود ويتفرق الأحباب وقد أمر الله باجتماع الكلمة ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
17 ربيع الثاني 1427هـ