بسم الله الرحمان الرحيم

"الاحتفال بعيد الكفار اعتراف لهم بما هم فيه الباطل والضلال "



الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ثم أما بعد : إن مما يدعو علماء الأمة إلى مضاعفة العمل الدعوي لتوجيه المسلمين إلى وجوب مجانبة التشبه بالكفار، ولاسيما فيما يتعلق باحتفال الناس بأعياد المشركين التي هي من صميم عقائدهم وخصائص دياناتهم والتي تمثل رموز عباداتهم وعقائدهم، والله تعالى أمرنا أن نتبرأ من أعيادهم الشركية وزورهم وكذبهم وبهتانهم، والله تعالى يقول في محكم التنزيل في كتابه العظيم :{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفور رحيم}، والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا من خلال سنته الطاهرة أنه لا يجد العبد المسلم حلاوة الإيمان بل لا يذوق طعمه إلا من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما من الأنداد والطواغيت والآلهة والأرباب، وأن يكره أن يعود إلى الكفر والشرك بالله تعالى بعد الإيمان، والأعياد الدينية النصرانية اليهودية والمواسم الشركية العقائدية تمثل ما يعتقدون كما جاء في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وفي لفظ لا يجد طعم الإيمان إلا من كان فيه ثلاث من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله تعالى منه كما يكره أن يلقى في النار]، وقد قال الله تعالى :{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله }، وأي حب أعظم من مشابهة الكفار واتخاذهم قدوة وأسوة فالذي لا يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبع غيره لا يمكن تصديقه أنه يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا حقيقيا، والاحتفال بأعياد الكفار مرض ينخر جسد الأمة المسلمة لأنه تنازل عن الذات المسلمة وارتماء بين أحضان العدو المبغض للإسلام والمسلمين، وهذا الداء في جسم الأمة المسلمة دليل على ما في القلب من الأمراض الشهوانية والنفسية، بل حتى العقلية الذهنية والقلبية ، والاحتفال بأعياد المغضوب عليهم والضّالين كعيد الميلاد وغيرها من الأعياد التي ابتلي بها كثير من شباب وفتيات الأمة المسلمة دليل على ضياع الأمة في مستنقع التقليد الأعمى والتشبه المقيت والتبعية العمياء وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحاح السنة عند أبي داود: [من تشبه بقوم فهو منهم]، ولقد أعجب الكثير من المغفلين بها فاحتفلوا بها وتبادلوا الهدايا في مواسمها، فسادت كثير من المعاصي والفسق والمجون إشباعا للنّفس وإرضاء للغريزة واستجابة للهوى وطاعة للشيطان وتشبهاً بأعداء الله في الملابس والسلوك والعادات، والنبي صلى الله عليه وسلم أن أعياد أهل القبلة هي عيد الفطر وعيد الأضحى لأنهما عيدا العقيدة والسنة والدين والملة، كما جاء في سنن أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه قال : [ قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون بهما فقال : قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما يوم الفطر والأضحى]، ومن الأسباب الأساسية التي أدت إلى انتشار هذه المعاصي الظاهرة تسليط الأجهزة الفاسدة الإعلامية الفاسدة الضوء على أعياد الكفار بثناء عاطر ومدح حميد وتغطية كاملة وهذه المدائح هي في الحقيقة دعوة مفتوحة للمسلمين في إحياء هذه المناسبات والأعياد، والناس لضعف إيمانهم وقلة تدينهم يسارعون في إحياء ذكرى الكفر أسراب، وفي الحقيقة إن التشبه بشعائر النصارى وعاداتهم في أعيادهم وفي غيرها فيما هو من خصائصهم زلة عقائدية ومعصية تعبدية يخشى على صاحبها الكفر والعذاب في الدنيا والآخرة إن لم يكن صاحبها جاهلا بأحوالها وعقوبتها في الدارين، وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في البخاري ومسلم : [لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذرعا بذراع حتى لو دخلوا حجر ضبا لتبعتموهم "قال الصحابة يا رسول الله :اليهود والنصارى قال:فمن]، وأما الذي يحدث في هذه الليالي من الردة والكبائر والمعاصي والذنوب والبدع والفواحش والرذيلة وإقامة العلاقات غير الشرعية بين المسلمين من خلال الحفلات المختلطة والبرامج الغرامية والسهرات الليلية العاهرة فلا يعلم حقيقتها إلا الله ففاعل هذا المنكر آثم وهو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب العظيمة التي لا ينجو منها صاحبها إلا بالتوبة النصوح الصادقة مع الله تعالى، وبناء على ما قلنا يحرم إنفاق المال في سبيل ذلك وطرق الاحتفال وما يشابهه ويؤدي إليه من قريب أو بعيد، ولا يجوز لمسلم المشاركة في شيء من هذه المهازل العقائدية، و يحرم إجابة الدعوة لمثل هذه المناسبات، ويمنع بيع شيء من مواد الاحتفال في أسواق المسلمين وغيرها ولا يجوز بيع الأدوات الاحتفالية التي تستخدم في تلك الحفلات والأعياد من الزهور والباقات والهدايا والملابس وغيرها من وسائل، كما قال تعالى :{ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، ونخبر بعض التجار بحكم التلاعب بدين المسلمين وبعقائد الناس أن ما يتقاضونه من الأموال سحت حرام يسألون عنه أمام الله كما قال عليه وسلم :[ أيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به]، وكذلك لا يجوز تسويق عبارات عباد الصليب، وشعارات الاحتفال بعيد الكفار والمشركين، والقيام بالدعاية المجانية أو التجارية لها من قبل أصحاب النفوذ والقرارات وأصحاب الوكالات والقنوات التلفزيونية والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية والمنتديات العلمية، وكما نهى النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح الجامع :[ ليس منا من تشبه بغيرنا]
وقد جاءت الأخبار المستفيضة الصحيحة تخبرنا عن وقع هذا التشبه المنهي عنه في ديننا وملتنا كما أخرجه ابن جرير في تفسيره [10 / 121- 122] : قال حدثتنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج، عن ابن جريج عن عمر بن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : { كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ }، قال : [ما أشبه الليلة بالبارحة ] { كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم، لا أعلم إلا أنه قال : والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل جحر ضب لدخلتموه]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية أنه قال : [ ما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم]، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : [أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتا وهديا تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا ].