عبدالله الفقير
احد عيوب العمل الجهادي في العراق وربما في اغلب الدول الاسلامية هو انه لم يعتمد لحد الان على التحشيد الجماهيري, حيث ظل جهده منصبا في مقارعة الاحتلال والطغاة عسكريا , ولعلنا اول من اشار الى نقطة الضعف هذه ومنذ وقت طويل , وكانت اغلب كتاباتنا تنحوا نحو تحريك الشارع لينضم الى المجاهدين وتنظيم حركتهم لتصب في الهدف الاسمى, لاننا نعرف بان الخطوة الاخيرة لكل ثورة مسلحة او معركة جهادية او "مقاومة" هي الاعتماد على الشارع لاتمام الهدف , وبدون الخطوة الاخيرة فلن يتحقق النصر التام.
في بدايات الاحتلال الامريكي للعراق,
وبينما كانت القوات الامريكية توزع المنح المالية على عناصر الجيش العراقي السابق في بوابة مطار المثنى,وبسبب الذل والمهانة التي تعرض لها اولئك الجنود من قبل الجيش الامريكي,حدثت اعمال شغب وشجار بالايدي بين الطرفين,وحينها تتناقل الشائعات ان الناس قاموا برمي الحجارة على الجيش الامريكي هناك,سمع بالخبر بعض الاصدقاء فهبوا الى منطقة العلاوي وكل منهم يحمل حجرا بانتظار ان يقذف به الجيش الامريكي, عندما سألتهم لم يفعلون هذا؟, قالوا بانهم يعجزون عن حمل السلاح ومقارعة المحتل عسكريا فلا باس بان يقارعونه بالحجارة.
اغلبية الجماهير لا تملك من الشجاعة او القوة او الامكانيات ما يؤهلها لخوض العمل المسلح,لكنها تملك في ذات الوقت الرغبة في الثورة او مقارعة الطغاة,ولهذا كان على المجاهدين التفكير جديا في كيفية تسخير طاقات هذه الجماهير لتحقيق الهدف الذي يرمي اليه الجميع,وهو ازاحة الظالم كيفما كان,لا بد من الوسيلة لاستخدام طاقة الجماهير لكسر الظالم .
في معركة الفلوجة الاولى,
وبعد ان سيطر المجاهدين على زمام الامور في اغلب مناطق بغداد والعراق (المثلث السني تحديدا),هرع بعض الناس الى هيئة علماء المسلمين يدعونهم فيها للنزول لقيادة المجتمع وتسلم زمام الامور بعد ان خرجت عن قبضة الامريكان وعملائهم في المنطقة الخضراء,في حينها كان جواب الهيئة بانها هيئة دينية ولا شان لها بالسياسة!.
قبل اشهر ,
وقبل ان تندلع أي مظاهرات في الدول العربية, كنا قد اقترحنا على اهل السنة في العراق ان يقوموا بمظاهرة حاشدة تضم اهالي المعتقلين والمغيبين في السجون الامريكية والايرانية,وقلت ان من شان هذه المسيرة ان تعيد لاهل السنة الكثير من الثقة بالنفس بعد ان خذلهم من ادعى انه يمثلهم,في ذلك الوقت استنفرت بعض الاقلام العميلة و"الغبية" للرد علينا وتهوين الفكرة وتسخيفها لا لشيء الا لعلمهم بان مظاهرة من ذلك النوع كانت كفيلة بتغيير الكثير من موازين القوى في الساحة العراقية,
اليوم وبعد ان راى العالم اجمع ومنهم اهل السنة في العراق ما يمكن ان تصنعه الجماهير الغاضبة لا اشك بان اغلبهم تمنى ان يقوم بثورة شبيهة خصوصا وانهم يعانون شرا اكثر بملايين المرات مما عاناه التوانسة او المصريين, بل وكاني ببعضهم وهو يعض اصابع الحسرة والالم لانه عاجز عن الخروج مع التوانسة والمصريين ولو من باب التعويض عن احباطه في عدم القدرة على ان يشارك في مظاهرة من هذا النوع في العراق بعد ان اصبح "ديمقراطيا" على الطريقة المجوسية (الديمقراطية على الطريقة المجوسية يعني انهم سيسمحون لك بالتعبير عن رايك لكن ما ان يلقون القبض عليك فسوف يغتصبونك!!).
الجماهير في الغالب قوة عمياء يحركها الاعلام وتنتقل من طرف الى اخر حسبما يتغير ميزان القوة,فان كانت القوة لصالح السلطان مالت لجنبه وان كانت كارهة,وان مالت السلطة للثوار مالت لجنبهم وان كانت اعمالهم شاقة, ولهذا عندما كانت القوة و"الشهرة" تميل لصالح المقاومة في العراق كان الاغلبية يلبسون "اليشماغ" ويتفاخرون بانهم مع "المقاومة", وبمجرد ان مالت الكفة قليلا فزع اغلبهم للانخراط في مشروع "صحوة" العمالة تاركين "اليشماغ" لمسحون به السيارات !!!.
الجماهير لا تنقلب على الحاكم الظالم او تتجرا عليه الا ان كسر حاجز الخوف في نفوسها منه, اهم اهداف العمل المسلح هو كسر حاجز الخوف ذاك لدى الجماهير, ولهذا كلما ازدادت قوة الثوار المسلحين مال الناس اليهم واصبحوا اكثر جراءة على الظالم.
القوة الثانية التي يمكن تكسر حاجز الخوف هي وجود الدعم الدولي او الراي العام المساند,فعندما يتحالف الدعم الدولي لنصرة الجماهير الثائرة فسوف يسقط الحاكم في اغلب الاحيان,وهذا ما جرى في تونس, لكنه عندما يتحالف لنصرة الحاكم الظالم فسوف لن يكون بمقدور الجماهير اسقاطه الا بالاعتماد على القوة الاولى وهي "العمل المسلح",ولهذا لا يفكر العراقيين واهل السنة تحديدا في نيل الدعم الدولي لاي مسيرة ينوون القيام بها,لان من يحكمهم حاليا هو احد ادوات "الاسرة الدولية" الاستعمارية ,
وكلنا نتذكر كيف ان القوات الامريكية التي تنتقد اليوم استخدام القوة من قبل حسني مبارك ضد الجماهير,كانت هي اول من استخدم الدبابات والرشاشات لابادة اول مظاهرة سلمية نظمها اهالي الفلوجة للمطالبة باخراج المحتل, حيث فتحت القوات الامريكية نيران دباباتها على المتظاهرين وفتكت بكثير منهم دون أي مرعاة لـ"سلمية" تلك المظاهرة,وكانت تلك الحادثة الشرارة التي اطلقت العمل المسلح في الفلوجة بعد ان تبين للناس ان "المسيرات" و"حرية التعبير" ما توكل خبز ولا تخرج المحتل!!.
وقبل اشهر عندما انطلقت مظاهرات في بعض محافظات جنوب العراق طلبا للكهرباء,استخدم المالكي الرصاص الحي وقتل عدد منهم دون ان نسمع أي انتقاد من الادارة الامريكية "الديموقراطية" مع انها كانت من اجل "الكهرباء" فقط !!!.
اما القوة الاكبر التي يمكن ان تكسر أي قيد او خوف من الظالم فهي الايمان بعدالة القضية التي يحملها ذلك الثائر,وهذا يتاتي اما من عقيدة قوية يحملها ذلك الثائر وهو يريد ان ينشرها (مثلما كان يثور الانبياء ),او عندما يتعرض ذلك الشخص الى ظلم فادح تهون معه كل خسارة اخرى(فمن يقتل ابنه او بنته فسوف يثور دون ان يفكر بمئال ما قد يخسره بعد ذلك).
في العام الماضي
عندما ثار الشعب الايراني على الولي الخبيث خامنئي,امتنع الغرب عن تقديم الدعم الحقيقي للشعب الايراني, واكتفى بدعم صوري قيل انه تمثل بان قدمت الادارة الامريكية "التماسا" الى موقع "تويتر" تطلب فيه تاخير اجراء التصليحات عليه حتى لا يغلق امام استخدام الشعب الايراني!!, وتدريجيا تخلت الدول الغربية عن كروبي وموسوي وعن ثورة الشعب الايراني وتغاضت عن كل الجرائم التي ارتكبها نظام الولي الخبيث بحق المتظاهرين,
وبينما استنفر الاعلام الغربي لمنع النظام الايراني من اعدام احدى "الزانيات",لم ينطق الاعلام الغربي ببنت شفة بخصوص تعرض الاف الشباب الايراني للاغتصاب والقتل على يد جنود الولي الخبيث!!!,ولهذا تلاشت الثورة الايرانية ضد خامنئي بعد ان تخلت عنها "الاسرة الدولية",وبعد ان لم يكن لها قوة عسكرية ضاربة لتحمي ظهرها.
الراي العام لا يعني امريكا والغرب فقط,
بل يعني في الاساس الراي العام الذي تشكله في الغالب وسائل الاعلام الجماهيرية,الفرق بين قناة العربية وقناة الحرة وبين قناة الجزيرة والبي بي سي ان بمقدور الجزيرة ان تحدث "شرارة" ثورة ,بينما تعجز "قناة العربية" عن ايقاد عود ثقاب فيها,ولهذا تكتفي باجترار ما يشعله غيرها !,
لقد دعمت قناة الجزيرة الثورة التونسية والثورة المصرية,في ذات الوقت الذي امتعنت الجزيرة عن توفير أي تغطية اعلامية اثناء الثورة الايرانية ضد الولي الخبيث رغم ان مكتبها في ايران يعد من اكبر مكاتب الجزيرة في المنطقة,وكان ذلك الموقف من الجزيرة قد افقدها الكثير من المصداقية في الشارع العربي ,لكنه اسهم كثيرا في الرفع من المشروع المجوسي في المنطقة.
قبل ايام اصدر حزب الله بيانا يشيد فيه بالثورة التونسية على الطاغية زين العابدين, ما زالت وسائل اعلام هذا الحزب تنقل بالمباشر ما يجري على الساحة المصرية, لكننا ايام الثورة الايرانية ضد الولي الخبيث خامنئي وجدنا حزب الله يستخدم كل الوسائل لاجل التشويش عما يجري في الساحة الايرانية حتى وصل به الحال ان يرسل برسائل التهديد المباشرة الى قنوات عربية لها مكاتب في لبنان, (ورسائل تهديد غير مباشرة وصلت بعضها الى قناة الجزيرة!!),فهل كان زين العابدين اطغى من الولي الخبيث خامنئي؟؟,
ام كان انتفاض الشعب التونسي على طاغيته حلال وانتفاض الشعب الايراني على طاغيته حرام؟؟.
حسب "سايكولوجيا" الشعب العراقي ,فانه شعب يحب التقليد اكثر من الابتكار,وربما تراود اليوم بال الكثير من العراقيين (وانا منهم)امكانية ان يقوم العراقيين (واقصد اهل السنة تحديدا) بثورة شعبية كالتي اندلعت في تونس او مصر ضد الحكومة العميلة وضد الامريكان الذين نصبوها,ويكفي ان تنطلق تلك الثورة في احدى المحافظات السنية كالانبار او الموصل لكي تعم اغلب محافظات العراق,لكن هل يمكن تحقيق ذلك؟؟,مما ورد في اعلى المقال نقول لمن يجول في خاطره ما جال في خاطري ما يلي:
لمن يريد ان يقوم بثورة شعبية ضد الطغاة فيجب ان يوفر تغطية اعلامية مناسبة والا فلن يفلح في صنع شيء (اقل شيء ان تقف الجزيرة الى جانبك وحيث ان ميول الجزيرة نمجوسية هذه الايام فلا اظنها ستقف الى جانبنا!), ومن يريد ان يقوم بثورة جماهيرية فيجب ان يوفر الدعم او السند اما من القوة العسكرية (الثوار المسلحين او المجاهدين) او الراي العام الدولي(على الاقل الدول المجاورة),ومن يريد ان يقوم بثورة جماهيرية فانه يحتاج الى قضية عادلة يحشد بها الجماهير لكي يثوروا معه من اجلها (وليس اعدل من قضية اهل السنة في العراق فان لم يكن من اجل طرد الاحتلال وعملاءه فمن اجل المعتقلين وهم بمئات الالاف),وفوق كل هذا وذاك فانهم بحاجة الى قيادة حكيمة تكون في مقدمة المظاهرة وتنزف قبل ان ينزف غيرها,لا ان تنتظر ان تقطف ثمار المظاهرة وهي في فنادق عمان او شاليهات باريس ثم يدعي بعد ذلك ان ثورته "شريفة",فهل تسمعني يا خميني؟؟!!!.
والسلام عليكم
الكاتب: ابومحمد العراقي التاريخ: 30/01/2011 عدد القراء: 3293
أضف تعليقك على الموضوع
|