|
مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali
وهذا عنوان حسابه الجديد
hamedalalinew |
|
الجاسوس عبد الحميد.. منظومة استخبارات جهادية!
سمعت الخبر من القنوات العميلة لحكومة المنطقة الخضراء الفارسية المتصهينة والتي راحت تتحدث عن قيام ابن بقتل أبيه، معللة السبب إلى عمل الأب كمترجم مع قوات الاحتلال الأميركي.. وذكرت القنوات على لسان عناصر الصحوات والأجهزة الأمنية الحكومية أن الابن أعترف بقتل أبيه نتيجة خيانة الأب وعمله مع قوات الاحتلال!
تأملت الموضوع، وتوقفت عند تصريح العناصر الأمنية الحكومية، فالخبر وطريقة نشره ترفع من شأن الابن، وترفع من معنويات المجاهدين، والجميع يعلم أن مثل هذه التصريحات لا تصدر إلا حينما يُراد لها التغطية على ما هو أعظم، تماماً كما هي منشورات موقع ويكيليكس، فقررت حينها التحري للوقوف على حقيقة الأمر بهدف معرفة التفاصيل الحقيقية التي تخفيها هالة الإعلام المشبوه على ألسنة صحوات العار وأجهزة الخيانة الأمنية الحكومية..
حرصت تحري الدقة والصدق، في بحثي عن الحقيقة، يدفعني في ذلك ليس فضول الصحافة كما كنت يوماً، بل كشف حقيقة العملاء الأنجاس، وإزاحة الستار عن خونة الديار الذين ارتضوا للمحتل أن يدنس دورهم، وينتهك أعراضهم، وهم يُقبّلون أقدامه، بل ويكونوا له المنديل الورقي الذي يمسح به قذارة دبره قبل أن يلقي به في نتانة المجاري!
وبعد جهد جهيد، وصبر طويل، وتواصل مع من هم أدرى بشعاب مكة من غيرهم، تمكنت، وبفضل من الله، من كشف خيوط هذه الأستفهامات، حيث صدق حدسي بعدما تبين في الموضوع (أن) كما يقال!
الحادثة كما بينتها وسائل الإعلام هي مقتل أب على يد أبنه، بمساعدة أبن أخيه، نتيجة عمله مع القوات المحتلة الأميركية، وتم اعتقال الابن، وأبن أخ القتيل اللذين اعترفا بعملية القتل، بحسب الرواية الحكومية، نتيجة عمل الأب كمترجم للقوات الأميركية، تمهيداً للحكم عليهما بالإعدام شنقاً!
لكن خلاصة بحثي قلبت موازين الحقيقة التي حاولت الأجهزة الحكومية العميلة وعناصر الصحوات الخائنة التكتم عليها محاولة طمسها وحجبها بغربال خزيهم وعارهم الأبدي، فلقد وجدت قصة لا تحدث حتى في خيالات وأوهام الأحلام، لكنها تجسدت على أرض الواقع في بلاد الرافدين كحقيقة ناصعة لم يعلمها سوى نفر قليل، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، فكان حرياً بي رفع العدد ما مكنني الله، خصوصاً بعدما غيب القدر الجاسوس عبد الحميد، والذي غادرنا مرتحلاً إلى لقاء ربه، بعدما كان وبامتياز هدهد المجاهدين الذي كان يأتيهم على الدوام بالخبر اليقين.
قصة هدهد المجاهدين تبدأ حينما تم تجنيده من قبل جماعة جهادية، ليكون أول عين استخباراتية بعد الاحتلال، وليصبح أشهر جاسوس للمجاهدين بعد الاحتلال.. فمن هو عبد الحميد هذا، ولماذا لُقب بجاسوس المجاهدين ؟!
ولد عبد الحميد في العام ألف وتسعمائة وثلاث وخمسين في قرية الحويش بمدينة سامراء التابعة إلى محافظة صلاح الدين شمال العاصمة بغداد من أسرة فقيرة ومتدينة ومحافظة اجتماعياً.. عرف عنه نبوغه المبكر في الدراسة، فقد كان متفوقاً جداً على أقرانه، فعُرف في قريته بـ(الذكي) و (النابغة)، فأجتاز المرحلة الابتدائية بتفوق عالٍ، ورافق ذلك سيرة حسنة، طيبة، نتيجة خلقه الحسن الذي جعله مقرباً كثيراً من معلميه وأساتذته..
ونظراً لعدم توفر مداس ثانوية في قريته ومنطقته، ونتيجة لحرصه على أكمال دراسته الثانوية وتحقيق حلمه في ولوج الدراسة الجامعية والحصول على أعلى الشهادات العلمية، اضطر للانتقال إلى العاصمة بغداد لإكمال دراسته فيها، حيث أقام في دار شقيقة له في حي الإسكان، ومثلما تفوق في قريته تفوق في عاصمة الخلافة الإسلامية بغداد، فبرع في الدراسة ونال أعلى الدرجات الدراسية..
وإلى جانب دراسته كان قلبه معلقاً بالمساجد، مولعاً بالصلاة، فتربي إلى جانب تربيته الدراسية تربية دينية على أيدي علماء يترددون على جامع الإسكان الشهير، فتتلمذ على يد الشيخ (عبد العزيز البدري)، رحمه الله، الذي عهد إليه رفع آذان فجر كل يوم، لنبرة وجمال وعذوبة صوته، فكان يملك صوتاً مميزاً كما كان يقول ذلك الشيخ البدري رحمه الله، فنال من العلم ما جعله يتفقه في دينه بعد صحبته للشيخ البدري رغم صغر سنه..
حينها كان عبد الحميد قد برز في مادة اللغة الإنكليزية، التي أخذ يتحدث فيها بطلاقة غريبة، فأصبح يعتمد عليه أصدقائه ومعارفه وأقاربه حينما يحتاجون إلى ترجمة هنا أو هناك، أو حينما تعصى عليهم مسألة في اللغة الإنكليزية..
وحينما أكمل دراسته الثانوية، ونظراً لضيق ذات اليد، وعسر حال أسرته التي كان هو كبير أبنائها، أضطر نتيجة الضغوط الأسرية إلى عدم إكمال الدراسة الجامعية، والتطوع بدل ذلك في صفوف القوات المسلحة، كي يتمكن من إعالة أسرته الكبيرة ومساعدة إخوته الصغار على أكمال دراستهم، متخلياً بذل عن حلم الطفولة والشباب من أجل أخوته وأسرته، فكانت تلك أولى تضحياته، بل أصعبها، كونها تتعلق بمستقبله الذي كان يحلم به.
ألتحق عبد الحميد بالقوات المسلحة، فتمكن بذلك من إعالة أسرته، وتمكن إخوته الصغار من أكمال دراستهم، بفضل الله أولاً، ثم بفضل تضحيته هو، إلى جانب تمكنه من أكمال نصف دينه في الزواج..
أما في الجانب العسكري فكان مثالاً للعسكري المنضبط، فكسب ود واحترام الكثير من الضباط، لكن توجهه الديني أوقعه في الكثير من المشاكل مع زملاء له في الجيش، ونتيجة الحقد والغيرة من ذكائه ونباهته والتزامه الديني والأخلاقي قام عدد من زملائه، المعروف عنهم منذ ذلك الوقت حقدهم الطائفي الأصفر، الذي كانوا يخفونه تحت ثياب الوطنية والشعاراتية، من تدبير مكيدة له ليدخل على أثرها السجن الذي قضى فيه سبع سنوات كاملة، خرج منه منهك القوى والحال، فأضطر لترك البلاد والهجرة إلى حيث المجهول محاولاً إعانة عائلته ثانية، والتي عانت كثيراً أثناء فترة سجنه، بل وكانت على حافة الضياع، وشفير الهاوية، فتوجه إلى الأردن التي أقام فيها سنين عدداً، ليعمل في أحد المطابع كمترجم عن اللغة الانكليزية، وكان يرسل ما يحصل عليه من قوت يومه إلى أسرته التي باعت كل شيء، حتى لا تموت جوعاً، أثناء فترة مكوثه في السجن، وبقي على هذا الحال حتى حلول اليوم الأسود الذي عاشته، ولا تزال تعيشه بغداد، حينما تم احتلالها من قبل كلاب الصلبان، وشذاذ الأفاق من اليهود الأنجاس، وعُباد النار، مجوس الديار، أخزاهم الله جميعاً، حيث سارع عبد الحميد إلى شد الرحال إلى بلده من جديد، ليؤدي دوره كمسلم أولاً، وكابن لهذا البلد ثانياً، الذي وأن جار عليه، لكنه يظل بلده، وأرضه، وموطن أسرته، وقبل كل ذلك من أمصار الإسلام التي اُنتهكت واستُبيحت حرماتها..
وما أن وصل إلى مدينته راح يبحث عن المجاميع الجهادية المسلحة ليلتحق بها، ليدافع عن أبناء جلدته، وعن بلده، رغم كل ما عاناه في هذا البلد، لكن الحال والوضع يوجب عليه أن ينسى كل شيء جرى بحقه، فقد كان يرى أن هم الدين أكبر من هم الذات، والجرح أكبر من جرح شخصي، فالمصاب الجلل أصاب أمة الإسلام، ودين الإسلام، وبلاد الإسلام، فسما فوق جروحه وقروحه، نصرة لدين الله، وحباً بهذه الأرض المباركة، وبمساعدة أحد أصدقائه المقربين الذي سبقه في الالتحاق بفصائل الجهاد تمكن من لقاء أحد أمراء الجهاد، وهو الشيخ المجاهد (حسين المزيبير) الذي ألتحق بالرفيق الأعلى في عملية جهادية، وكان هذا الأمير أحد رجال الاستخبارات في الجيش العراقي السابق في حربه ضد الفرس المجوس، أدعياء الإسلام، فعرف عنه شراسته، وشجاعته الفائقة في تلك الحرب، وبراعته، وحسه الأستخباري الكبير، لكن توجهه الديني كان مبعثاً له للكثير من المشاكل التي جعلته خارج المنظومة الاستخبارية في ذلك الحين، وبعدها خارج القوات المسلحة برمتها، لكنه وما أن اُحتلت الأرض والسماء سارع هذا الشيخ المجاهد لتأسيس أولى المجاميع الجهادية، فكان من أوائل من أشعل فتيل الجهاد في مدينة سامراء، والعديد من مدن محافظة صلاح الدين، فترك بصمة في الساحة الجهادية التي كان له فيها صولات وجولات، حتى أن المحتل رصد مبالغ خيالية لمن يدلي بأية معلومات تؤدي إلى القبض عليه أو مقتله، فكان نصيبه الفشل على الدوام حتى تمكن المحتل يوماً من حصاره مع ثلة من رفاقه المجاهدين في إحدى المناطق، فأبا الاستسلام أو رفع راية التخاذل، لتندلع على إثرها معركة حامية الوطيس انتهت بمقتل الشيخ، وجميع من كان برفقته، بعدما نفذت ذخيرتهم، حيث فجروا أحزمتهم الناسفة على كلاب الصليب وأعوانهم من مرتدي القوات الحكومية الملحدة..
الشيخ المجاهد، حسين المزيبير، تقبله الله، والذي كان حسه الإستخباري حاضراً في العمل الجهادي، وبعدما شاهد الاندفاع الكبير لدى عبد الحميد، والذي أعجب به كثيراً، وبشخصيته وعلمه وشجاعته الفائقة وبراعته الكبيرة في مجال اللغة الإنكليزية، عرض عليه مهمة لو عرضت على كثير منا، بل اغلبنا لرفضها، كونها تتعلق بالسمعة أولاً، وبالموت بأسرع وقت ثانياً!
فما كانت المهمة التي أوكلها إليه الأمير المجاهد؟!
كانت المهمة تتمثل في الاستفادة من ثقافة عبد الحميد العسكرية، ولغته الإنكليزية التي يبرع فيها بشكل كبير، ومحاولة اختراق صفوف القوات الأميركية المحتلة والحصول على أكبر قدر من المعلومات الاستخبارية عن قواتهم وتحركاتهم وأسرارهم وتزويد المجاهدين بها، والسعي للحصول على أسماء العملاء والخونة والجواسيس من المحتلين أنفسهم، فضلاً عن تحديد الإحداثيات لمواقع المحتل المهمة والدقيقة، بغية قصف قواعدهم ومراكز تجمع قواتهم المحتلة.
تردد عبد الحميد في قبول المهمة أول الأمر، ليس خوفاً من الموت والقتل، أن لم يكن على يد المحتلين، فعلى يد المجاهدين من بقية فصائل الجهاد الأخرى الذين لا يعلمون حقيقة المهمة الموكلة إليه، خصوصاً أن المهمة ستحاط بقدر كبير من السرية، ولن يعرف بها سوى أربعة أشخاص، هم كل من عبد الحميد نفسه، وصديقه المقرب الذي جاء به إلى الشيخ الأمير، فضلاً عن الأمير المجاهد (حسين المزيبير) ومساعده، لكن المشكلة كانت كما كان يراها عبد الحميد في سمعته التي ستتلطخ في نظر الناس، وقد تلاحق لعناتها أبنائه وأحفاده إلى قيام الساعة، فهو يعلم أن التأريخ يسجل ولا يرحم، لكنه ورغم كل لك وبعدما قال له الأمير أيهما أكثر أهمية لك، أن يكون بينك وبين الله عامر، أم ما بينك وبين الناس، قرر قبول المهمة لأن جُلّ مُناه كانت مرضاة الله ونصرة دينه، والفوز بالجنة.
خرج (أبو أيمن)، كما هي كنيته الجهادية، من تلك الجلسة التي أقسم فيها أن لا يردعه عن خدمة دين الله، وجند الله من المجاهدين، رادع إلا الموت، الذي قد يناله على يد المجاهدين أنفسهم، ممن لا يعرفون طبيعة مهمته وعمله، أو على يد المحتلين أن أنكشف أمره، فسارع عبد الحميد إلى عرض خدماته على القوات المحتلة، والعمل معهم كمترجم، فلم تتردد القوات المحتلة في الموافقة والاستعانة به، فأطلقت عليه في الحال أسم حركي حيث أسمته (ميدو) لكن صعوبة المهمة عند عبد الحميد كانت تكمن في كيفية كسب ثقة الأميركان ليتمكن من اختراقهم بشكل أكبر، فساعدته براعته وحديثه بطلاقته في اللغة الإنكليزية على ذلك، إلى جانب تزويد المجاهدين له ببعض المعلومات التي تُوهم القوات المحتلة، وتُظلّلهم أكثر مما تنفعهم عن المجاهدين.
وبدأت المعلومات الاستخبارية تصل إلى المجاهدين أولاً بأول، وأخذ المحتلون يتعرضون إلى انتكاسات جديدة، نتيجة هذه التسريبات التي لم يعرفوا مصدرها، وكان من بين أبرز المعلومات التي سربها تجمع كبير للقيادة الأميركية في (قاعدة السايلو) والتي تم فيها بناء على تلك المعلومات دكها من قبل المجاهدين بالصواريخ وبقذائف الهاون لتأتي الإصابة، بفضل الله، ونتيجة لدقة المعلومات والإحداثيات مركزة، فيُقتل على أثرها العشرات من جنود الاحتلال، بينهم ثلاثة من كبار القيادات الأميركية التي حضرت ذلك الاجتماع، كما أنه منح للمجاهدين إحداثيات مخازن الأسلحة لقوات الاحتلال داخل القاعدة، فتم قصفها بشدة وتدميرها بالكامل، فضلاً عن إيصاله جميع المعلومات الحساسة، خصوصاً تلك المتعلقة بمواعيد وجداول المداهمات لإخوة الجهاد، فنجا بفضل الله، ومن ثم بمساعدته الكثير من أولئك الذين كانت تستهدفهم تلك الحملات من الأسر والاعتقال، حيث بات إخوة الجهاد على دراية تامة بكافة التحركات، وزمن المداهمات، ومواعيدها فيتم الحساب لها والتنقل في ضوئها..
كما أنه كان يقوم بالتبرع بالأموال التي كان يحصل عليها من المحتلين، كراتب مجزي له، وكمكافآت نظير عمله كمترجم لهم، إلى المجاهدين، طالباً منهم شراء الأسلحة والأعتدة بها..
ومن العمليات الشهيرة التي سرب معلوماتها وإحداثياتها تلك التي جرت في محافظة صلاح الدين في عملية استهداف بهو ومطبخ القاعدة الأميركية، التي تمكن عبد الحميد من اختراقها، حيث وبعد تزويده للمجاهدين بإحداثيات وصور عن البهو والمطبخ أمطروها بالصواريخ فتم تدمير البهو والمطبخ ومقتل الكثير من جنود الاحتلال بداخله، ما جعل الأمير الشيخ (حسين المزيبير) يرسل في طلبه ويُقبّل رأسه لجهده الكبير وخدمته لأهل الثغور ولدين الله وتسببّه في إحداث تلك النكايات المستمرة والمتعاظمة في صفوف الأعداء المحتلين..
وفي ذلك اللقاء طلب منه الأمير المجاهد مهمة ليست صعبة فقط، بل تكاد تكون مستحيلة، حيث سأله اختراق مركز القيادة في القاعدة الأميركية والحصول على الحاسوب الرئيس بغرفة العمليات الخاصة، والذي عادة ما يحوي أدق المعلومات عن الجيش الأميركي وعملياته، وأسماء كافة الضباط والمراتب لقوات الاحتلال، والخطط المستقبلية للمحتلين، وغيرها من الأسرار التي تخدم العمل الجهادي إلى جانب جميع الأسرار الخاصة بهم في تلك المناطق، بينها أسماء العملاء والخونة والجواسيس الذين باعوا ضمائرهم للمحتل الصليبي، وكان طلب الشيخ ضرباً من الخيال، لصعوبة المهمة، لكن حرص عبد الحميد على خدمة المجاهدين، ومن خلالهم دين الله، كان أكثر من أي شيء في هذا الوجود، فأكد للشيخ بأن لديه حيلة يمكنه فعلها، كي يكسب ثقة القوات المحتلة وهي الإدعاء بالردة واعتناق النصرانية، خصوصاً بعد حملات الأميركان التبشيرية الكبيرة التي ترافق عملياتهم العسكرية المسلحة، فأجاز له الشيخ القيام بهذه الخديعة للحصول على حاسوبهم الرئيس، فأقدم على ذلك ليتمكن من دخول غرفة العمليات التي كان محظوراً على أمثاله دخولها، فعاد بعد أيام إلى الشيخ المجاهد وبحوزته صورة فوتوغرافية للحاسوب الرئيس، وطلب منهم تأمين حاسوب مماثل لذلك الموجود في الصورة، كي يتمكن من خداع المحتلين ومحاولة استبدال الحاسوب في زمن محدد في خطة محكمة أعدها بدقة عالية، فجدّ المجاهدون ونشطوا للحصول على حاسوب مشابه لذلك الذي يحوي أسرار غرفة العمليات الخاصة في القاعدة الأميركية، فعجزوا عن ذلك، حتى يسّر الله لهم تأمينه من خارج العراق بعد شرائه بسعر عال جداً، وتم بعد ذلك إيصاله إلى جاسوسهم عنصر الاستخبارات عبد الحميد، الذي أبلغ في اليوم التالي أحد الضباط الأميركان في غرفة العمليات بأن لديه حاسوباً ولا يعرف كيف يستخدمه، وأنه يحتاج لمساعدته في تنصيب بعض البرامج بداخله، فأبلغه بموافقته وطلب منه إحضار الجهاز، وفي اليوم التالي اصطحب عبد الحميد جهاز الحاسوب وقبل خروجه تمكن من التسلل إلى غرفة العمليات، وبسرعة خاطفة قام باستبدال الحاسوب الرئيس بحاسوبه الجديد، وخرج من القاعدة مسرعاً باتجاه داره، فتم تفريغ محتويات الحاسوب بكافة أسراره بسرعة فائقة على أمل أن يعود به إلى محله في غرفة العمليات الخاصة في القاعدة الأميركية بعد الانتهاء مباشرة من تفريغ المعلومات، ودون أن يشعر به الجانب الأميركي، لكن وبعد أنجاز المهمة وحينما كان يهم عبد الحميد بالعودة إلى قاعدة المحتلين، حاصرت قوة أميركية كبرى مدعومة بالطائرات المروحية والعمودية وعشرات الآليات المنطقة التي يقع فيها دار عبد الحميد، ليتم بعدها محاصرة داره نفسها التي داهمتها القوات المحتلة، وحطمت كل محتوياتها من أثاث وأمتعة، وكل ما وقعت عليه أنظار جنود الغزاة، ليتم اعتقال عبد الحميد مع أبنائه بتهمة التجسس لصالح المجاهدين، وسرقة حاسوب القيادة المركزية للقوات المحتلة في محافظة صلاح الدين، لكنه نفى التهمة مؤكداً لهم أنه توهم في أخذ جهاز الحاسوب نتيجة الشبه بين الجهازين، لكن ذلك لم يشفع له، فتعرض إلى تعذيب شديد أثناء التحقيق معه داخل داره، أمام زوجته وأطفاله، ليتم بعد ذلك نقله إلى مستشفى قاعدة البكر لقوات الاحتلال على الفور بعد تعرضه إلى إصابات بالغة جراء التعذيب الشديد، ومن هناك إلى تم نقله إلى معتقل بوكا في أقصى جنوب العراق، والذي قضى فيه ثمانية أشهر على كرسي متحرك، نتيجة العوق الذي أحدثه التعذيب أثناء فترة التحقيق معه، ومن هناك تم تحويله إلى سجن كروبر في المطار، باعتباره أحد أشد (الإرهابيون) خطورة، ليتم إطلاق سراحه من هناك بعدما ظل يصر على أنه توهم في الجهاز، دون أن يشي بإخوة الجهاد الذين كان عيناً لهم، وعوناً!
خرج عبد الحميد ليجد أن أحد أبنائه الذين تم اعتقالهم معه تم تسليمه إلى مغاوير الداخلية، التي قامت بتعذيبه بشكل جنوني، حتى جعلته يصاب بمرض عقلي، وعوق شبه دائمي من هول ما واجهه في سراديبهم وسجونهم الطائفية، فتوجه إلى الله، داعياً إياه أن يمنحه الصبر والثبات على ما مرّ، ويمُرّ به مع عائلته التي عانت الكثير نتيجة مواقفه الجهادية الكبيرة تلك، وثباته على نصرة دين الله، مضحياً بأعز ما يملك الإنسان، سمعته، التي هي رصيده في هذه الدنيا، مؤثِراً عليها مرضاة الله، ووعد الآخرة.
جلس في بيته بعد خروجه من المعتقل، وراح يداوي جراح عائلته بيديه، عائلته التي كانت نفسها لا تعرف حقيقة جهاده، حتى سمعت من الآخرين بطولات الأب وراعي الأسرة، الذي وصل به الإخلاص في جهاده أن عائلته نفسها لم تكن تعرف بما كان يقوم به من نصرة لدين الله، حتى جاء ذلك اليوم الذي أخبر فيه أحد المجاهدين عائلة عبد الحميد، الذي كان في المعتقل حينها، بمواقف أبيهم الفذة في نصرة الإسلام والمسلمين، ودوره الفتاك والمؤثر في تلقين العدو دروساً لن ينساها على مر العصور.
لكن ما كان للمحتلين وأذنابهم أن يتركوه لحاله، فراح عدد من أفراد الصحوة الملعونة يتوعدونه بالقتل، ويتوعدون عائلته بالتشرد، وأقاموا عليه أقامة إجبارية في داره، حتى حانت ساعة الوعد الحق في تلك الليلة التي تحدث فيها إلى أبنه المعاق بكلمات، طلب منه أن يحفظها عن ظهر قلب، حول خدمة دين الله بشتى الطرق والوسائل، واحتساب الأجر عند الله، موصياً إياه بالصبر والثبات على المنهج الرباني الصحيح، ثم أبلغه أن سيذهب إلى غرفته ليقرأ القرآن في ذلك الوقت المتأخر، كعادته يومياً قبل النوم، وما هي سوى لحظات حتى اقتحم الدار قوة من ما يسمى مغاوير الداخلية، وتوجه عناصرها المدججين بالأسلحة إلى غرفة الأب، ووضعوا في جسده سبع رصاصات قاتلة، قبل أن يغادروا على جناح السرعة، ثم ما لبثوا حتى عادوا مع عناصر الصحوة، شركاؤهم في الجريمة، ليرتكبوا جريمة أخرى من خلال توجيه تهمة القتل إلى الابن البكر لعبد الحميد، والذي يعاني من عوق عقلي، متهمين إياه بقتل والده لأنه كان يعمل مع قوات الاحتلال، ثم اقتادوه إلى مقرهم الرئيس في المدينة، وراحوا يعلنوا من على شاشات الإعلام تصريحات كاذبة عن اعترافات، أكد الابن لمحاميه أنهم اجبروه تحت التعذيب على قولها ليتم التستر على جريمتهم، لأن أبوه عمل يوماً على فضح عمالتهم السرية للمحتل قبل أن تصبح عمالتهم بشكل علني، ويصبح بيعهم لعرضهم وشرفهم للمحتل على مرأى ومسمع الأشهاد، لينتقموا بذلك بشكل قذر من هذه العائلة التي أبت أن تبيع أرضها وشرفها ودينها بعرض من الدنيا، كما فعلوا هم، أخزاهم الله، يوم أجبروا حتى نساؤهم على تقديم الطعام للمحتل الأميركي الصليبي، بل وجعلوا المحتل يشارك نساؤهم في إعداد الطعام في مطابخ العملاء الخاصة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
أما عبد الحميد الذي نقل جثمانه إلى المقبرة ليوارى الثرى فقد غادر هذه الدنيا، غير متأسف ولا حزين عليها، بعدما سعى لنهاية يرضى الله عنها، فصدق مع الله، فصدقه الله، ليرزقه الشهادة في أروع وأجمل صورها، نحسبه والله حسيبه، لتتأكد أولى بشارات مرضاة الله عنه في ابتسامة عريضة ارتسمت على محياه، شاهدها كل من أبصر جثته وكأنه ينادي لمن بعده: أني وجدت ما وعدني ربي حقاً!
رحل هدهد المجاهدين عبد الحميد، وبقيت تضحياته العظيمة، وحبه لدين الله، وسيرته العطرة راسخة في أذهان محبيه، تماماً مثلما بقيت نكاياته بأعداء الله والدين خالدة في أذهان المحتلين وأعوانهم من مرتدي الأجهزة الحكومية القمعية، تلك الكلاب النجسة التي تقتات على قاذورات الصلبان، من زبانية الموساد، وعملاء العهر، وفاقدي الغيرة والشرف والناموس صحوات العار، أرباب المجوس، الذين ظنوا أنهم بفعلهم هذا سيحتفظون بورقة التوت على عوراتهم التي سقطت، ولتتكشّف بسقوطها عوراتهم التي بان قبحها، غير مدركين أن الأيام دول، والدهر يومان، يوم لهم قد ولّى وأدبر، ويوم لنا قد حان وأقبل، وساء صباح المنذرين!
حسين المعاضيدي
hussein.almaadidi@gmail.com
الكاتب: أبومحمد العراقي التاريخ: 21/12/2010 عدد القراء: 3285
أضف تعليقك على الموضوع
|
تعليقات القراء الكرام
|
|