|
مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali
وهذا عنوان حسابه الجديد
hamedalalinew |
|
حسين المعاضيدي
بعد ان قضى الإخوة الوقت الطويل وهم قابعين في البيوت، قاموا بما أمكنهم من إعداد العدة واستغلال الوقت أمثل استغلال، من دروس العلم، وحِلق التحفيظ، والتدريب البدني البسيط.
خلال هذه الفترة كان أبو رغد العتيبي قد استقرأ تقييما لكل أخ، عرف من خلاله إمكانياتهم وقابلياتهم على خوض هذا الطريق الوعر، وبالطبع لم يكن الأمر ليبقى على ما هو عليه فلا جدوى من البقاء في هذه البيوت مع ضيق المكان، وقلة السلاح، لذا أصبح لزاماً عليهم تغيير المكان والبحث عن ظروف ملائمة أكثر، خاصة وقد بلغ عدد الإخوة قرابة الخمسة والثلاثين، ونظرا لطبيعة الظروف التي آلت إليها البلاد، بعد استقرار الأمريكان فيها، وتربعهم على عرش ثرواتها دون منازع لهم في المُلك، فقد أصبح الناس لا يخشون أحداً كخشية الأمريكان، فأصبح البحث عن المأوى وتأمين أسباب المعركة أمراً ذي بال.
وبناءاً على كل ما سبق ارتأى الإخوة ان يبحثوا عن مكان ما في عرض الصحراء، ذو صفات معينة، ليستقر الإخوة فيه مدة من الزمن، يكملون فيه تدريبهم على السلاح، وكذلك ليتوسعوا في تدريباتهم، لينتشروا بعد ذلك إلى المدن، لخوض المعارك مع الأمريكان، فكل ما عرفوه خلال بقائهم في البيوت لا يكفي سوى للدفاع عن النفس..
وبعد جهد جهيد وجد بعض الإخوة مكاناً ملائما جداً، يتميز بوعورته وقربه من النهر، وكذلك فهو ليس بالقريب وليس بالبعيد عن المدن، كما أن لا يبعد سوى قرابة العشرة كيلو مترات عن مدينة راوة، ويقع إلى جنوب الشرق منها، كما قاموا بالتعرف على أحد أهالي راوة، ليقدم لهم المساعدة في ما يحتاجه الإخوة في بقائهم هناك.
أن مسألة المياه وتوفيرها تلعب دوراً مهما في اختيار المكان، إلا أن الله، عز وجل، قد يسر لنا الأمر، فجمع لنا كل الحسنات في مكان واحد، يشتمل على أفضل الظروف الطبيعية والمكانية وغيرها، ولم يكن يخطر ببالي بأن هذا المكان سيكون فيما بعد أقرب بقاع الأرض إلى قلبي على الإطلاق، بعد الحرمين الشريفين، فقد عشت فيه أياماً وكأنها سنيناً، لم أعش قبلها ولا بعدها أجمل منها، فبأي شيء توصف، وبأي كلمات أعبر عن شعوري حينئذ, فكل ما فيها مجلبة للسعادة الكاملة، حتى التعب والنصب يكون أحلى من الراحة، والجوع أشهى فيها من الطعام في سواها، كيف لا وأنا كنت أعيش مع شهداء يمشون على الأرض، نحسبهم والله حسبهم، لم أرَ لهم مثيلاً في كل صفاتهم، فالفرق بينهم وبين سواهم شاسعاً جداً، ولا ينصفه وصف، ولا يبلغه مدح!
على كل حال بدأ نقل الإخوة إلى هذا المكان، وبدأ المكان يزهو بساكنيه، فهو بدونهم لا يطاق، ولا زلت حتى هذه الساعة، لم أجرؤ على الذهاب إليه، بعد فراق الإخوة، ولا استطيع أن أعرف ما سينتابني لرؤية المكان مرة ثانية، ولكن من دون رؤية الإخوة فيه، فيما لو قدر الله لي زيارته ولم أقتل، فهو بحق شعور لا يوصف، وان مدى شوقي إليه، وخوفي منه، متساويان!
عندما نزل الإخوة هناك بدأوا بترتيب المكان، وأول ما قاموا به هو بناء المسجد، وبالطبع لم يكن سقف المسجد إلا من الحصير، ولم تكن أرضه إلا من التراب، إلا أن عمرانه الإيماني كان يفوق كثيراً كثيراً عمرانه المادي، فما أجمل الصلاة في ذلك المسجد، وكم هي جميلة مناظر تلك النفوس الخاشعة، التي انقطعت عن الدنيا في كل أحوالها، عندما قرروا سلك هذا الطريق الذي لا يسلكه إلا القلة القليلة من صفوة هذه الأمة، الذين تأنف أنفسهم إلا ان تعيش في كنف العز، فنأوا بأنفسهم عن العيش مع العوام عيش الهوام، وهم يرون الأرض والعرض مستباح لكل خوان كفور.
أما وصف المكان بشكل عام فقد كان على ضفة نهر الفرات الشرقية، وكان بقرب النهر ثلاث غرف صغيرة، إحداهما هي المطبخ، والتي يرابط فيها أبو القعقاع الأردني، وهو شقيق القائد أبو حفص في الشيشان (حفظه الله)، أما الغرفة الثانية فقد كانت مخزن للسلاح، والثالثة لأبي رغد، وبالطبع لم تكن حكراً عليه، حاشاه أن ينأى بنفسه عن إخوته، بل كانت توضع فيها بعض الأجهزة ويرقد فيها من يمرض من الإخوة، وهذه الغرف الثلاث تسمى بمجموعها المركز، وتتصف بقية المنطقة بالأودية والتلال الصغيرة، فهي منطقة وعرة جداً بالنسبة لصحراء العراق المنبسطة.
ولم يجد الإخوة الكثير من العناء في تنظيم أنفسهم وترتيب أحوالهم وذلك لأنهم بدأوا بذلك منذ البداية وقبل وصولهم المعسكر، وبالطبع كان أبو رغد العتيبي هو أمير المعسكر، وكان أبو يونس اليمني هو نائب الأمير وذلك لما له من خبرة سابقة في الأمور العسكرية فضلا عن التواضع الذي يتحلى به.
في بداية استقرار الإخوة كان المسجد يحتضن معظم أوقاتهم، فعند آذان الفجر، والذي يرفعه دائما أبو عاصم اليمني، وما أجمل ذلك الآذان الذي قلما سمعت صوتاً يصدح به أجمل منه، أقول بعد الآذان ينتفض الإخوة وينزلون إلى النهر تباعاً، كانخراط عقد اللؤلؤ، ليتوضئوا وبعد ذلك تقام الصلاة ويصطف الإخوة بضعة صفوف، وبعد الصلاة يتحلّقون حِلقاً يقرأون القرآن وأول ما يبدأون بسورة الأنفال، ويبقى الحال كذلك حتى يتموا قراءة القران وأذكار الصباح، ثم ينهضون للتدريب البدني، والذي يتمثل بالهرولة المتواصلة لما يزيد عن النصف ساعة، وبعدها يقوم أبو عبيدة الأردني بإعطاء الإخوة بعض تمارين اللياقة البدنية، وبعد انقضاء التمارين تأوي الأسود إلى عرينها، فيعودون إلى المركز يتوافدون كقطر الندى، والتعب قد أخذ منهم مأخذاً, في تلك الأثناء يكون أبو القعقاع الأردني قد أعدَّ لهم وجبة الإفطار، وبالطبع ليست متعددة الأصناف، ولا كثيرة الأوصاف، بل هي تمرات معدودات، فقد كان للمعسكر نظاماً غذائياً صارماً، كان في بادئ الأمر عبارة عن تمرة واحدة في كل وجبة، أي ثلاث تمرات في اليوم الواحد، وبالطبع مع التمارين الشاقة، وكان الشاي مسموحاً به في كل الأوقات، إلا ان الإخوة لم يعتادوا بعد على الشاي العراقي الثقيل، لكنهم لا يجدون مفراً منه، إلا أنهم وبمرور الوقت بدأوا يتلذذون به، بل إنهم أصبحوا يفضلونه على الذي قد كانوا معتادين عليه في بلادهم.
وبعد أن يكمل الإخوة إفطارهم يأخذون قسطاً من الراحة في المسجد، يتجاذبون أطراف الحديث، ويخوضون في شتى المواضيع، وكان محور الحديث هو كيفية وصولهم إلى أرض الجهاد، بعد أن كانت حُلماً بعيد المنال، فتجد كل ثلاثة أو أكثر من الإخوة جالسين في مكان لا يكاد يحتويهم في المسجد، تعلوهم السكينة والطمأنينة، والنور بادٍ على قسمات وجوههم، وبالرغم من ضيق المكان إلا أن الأرض لم تكن لتسع فرحتهم، رغم وعورة درب الجهاد، فقد حملتهم الغيرة لما يرون في شرق البلاد وغربها، والأمة تنحر أينما يتم النظر، فمن لم يحمله دينه على الجهاد فهلا حملته الغيرة على الأرض والعرض المنتهك.
كان منظر المسجد لا يخلو من راكع وساجد لله عز وجل، تراهم شُعثاً، غُبراً، ملابسهم رثة، ولكنك تراهم أسعد الناس، فلم أرَ اسعد منهم في هذه الدنيا على الإطلاق، كيف لا وهم رغِبوا عن الدنيا والقوها وراء ظهورهم، رغبة بما عند الله عز وجل، فوصف الجنة والحور قلّما يفترون عن ذكرها، ويبقى الإخوة على هذا الحال إلى أن يُكلفوا بعمل ما، أو أن يرقدوا من التعب حتى صلاة الظهر، وبعد صلاة الظهر يقوم الأخ أبو حكيم اليمني بإلقاء درس شرعي يستفاد منه الإخوة، وغالباً ما كان هذا الدرس في فقه الجهاد، لأنه يعالج الواقع الذي نعيشه، خاصة وان الجهاد أصلاً مغيب عن هذه الأمة، فضلا عن فهم فقهه وتفصيلاته.
أما أبو رغد العتيبي فكان الحاضر في كل صغيرة وكبيرة لدى الإخوة، فهو الأخ الأكبر، الذي يحمل حنان الأم التي لا تألوا جهداً على أبنائها، فكم كان بما فيه من التعب الشديد يهتم في تدريب الإخوة وإعدادهم، وكذلك في تأمين كل ما يستلزمه ذلك الإعداد من أمور مادية ومعنوية، وما يزيد من معاناته هو ساقه المبتورة، فقد كان أبتر الساق اليسرى من أسفل الركبة، بعد جهاد له في أفغانستان حيث عاد إلى بلاده للتداوي، قبل أن تحتل بلاد الرافدين ليحول وجهته إليها بعد ذلك رغم إعاقته، وكان يعاني منها بعض الألم، فلا زال الجرح لم يلتئم بعد بما يعينه على الحركة المتواصلة طيلة اليوم، حيث لم تكن في المعسكر سوى سيارة واحدة من نوع نسيان (دبل قمارة)، أو كما يسميها هو (دتسن) خاصة وان البداية دائما تكون صعبة وتتطلب الكثير من الحركة.
في تلك الأثناء كان الإخوة ممن ينتسبون إلى المنطقة، يترتب عليهم بقية الأعمال الإدارية، من تأمين السلاح، وكافة الخدمات التي من شأنها تسهيل أمر المعركة، خاصة وان هذه المسائل لا يقوم بها إلا أهل المنطقة، فأهل مكة أدرى بشعابها، لذا فقد كانوا دؤوبي الحركة في هذا المجال وقد هجر بعضهم الأهل والأصحاب وهم في ديارهم، إلا من صاحبهم في هذا الطريق الذي يُذهب الله به الَهمَّ والغم.
وبعض (الأنصار) كان لهم دور في البحث الحثيث عن السلاح وغيره من الأمور المهمة، والتي يعاني الإخوة النقص منها، وكان من أولئك أبو حنظلة الأنصاري، وهو قريب لي، إذ تربطني معه القرابة القريبة.
فيما يخص جمع السلاح وغيره لم يقتصر الأمر علينا نحن الاثنين، فأنا كان لي مجهوداً بسيطاً لا يكاد يذكر، أما أبو حنظلة فقد أبلى بلاءاً حسناًً في هذه الأمور، وكان يخاطر بنفسه أشد المخاطرة، وكانت لذلك النتائج الطيبة، فقد وفر بعمله هذا أعداداً كثيرة جدا من صورايخ(RBG) وصواريخ مضادة للطائرات (ستريلا)، والعديد من الأمور التي لم يكن ليحصل عليها، لولا فضل الله عز وجل، ثم عمل أبي حنظلة الأنصاري ومن معه من الإخوة..
لقد كانت مسألة جمع السلاح تمثل الهمّ الأكبر بالنسبة لنا، وذلك بالرغم من انتشار السلاح في العراق إلا أن عددنا المحدود لم يمكنا من جمع الكميات المطلوبة، وقد لعبت فتاوى بعض العلماء بتحريم أخذ أي شيء من ممتلكات الدولة تحريماً قطعياً، حتى السلاح، وتأكيدهم بأن أحق الناس بها هي الدولة اللاحقة بغض النظر عن توجهها، وكأن هؤلاء العلماء لا يعنيهم أمر الأمريكان أو الجهاد شيئاً..
وكانت كل هذه الأحداث بما أعقب انتهاء الحرب العراقية _ الأمريكية لتبدأ بعدها الحرب الإسلامية _ الصليبية، حتى حان يوم كان في حياتي حداً فاصلاً بين ما كان قبله وما كان بعده! ولا ادري بأي العبارات أبدأ، ولا بأي الكلمات أصف هذا اليوم، ولو وددت أن يقف بي الزمان في إحدى محطاته لما تجاوزت ذلك اليوم، ولكنه ببساطة نقطة تحول في حياتي، فقد بلغت ما كنت أتمنى، بل لم يكن طموحي يجرؤ للوصول إلى هذا الحد..
بعد عشرين يوما من احتلال بغداد، وبعد أن أمضيت ما مضى من الوقت في محاولة جمع السلاح، مع أني لم أكن ذا خبرة تُذكر في هذا المجال، ولكنها محاولة في تقديم ما بوسعي، راجياً من ذلك عظيم الأجر قررت الالتحاق بهذا بالمعسكر الذي كان بداية لمرحلة جديدة من حياتي.
وهكذا لملمت بعض إغراضي التي كنت أجهزها قبل الحرب بعدة شهور، وودعت أهلي، ولا أحد منهم يعلم حقيقة وجهتي، ثم غادرت منزلنا متوجهاً إلى البيت الذي أنتظر فيه من يقلني إلى المعسكر، فجلست فيه منذ الصباح حتى المساء، وقد كان المنزل يعج بحركة الداخلين والمغادرين، فقد كان الإخوة لا يعرفوا بعد شيئا اسمه(أمْنِيّات), ومرت الساعات ثقيلة لولا وجود أبي يزيد، وأبو بلال الكربولي، وعندما أسدل الليل ستره وتناولنا العشاء، أحضر الإخوة سيارة (الدانيا) وقمنا بتحميلها بالفراش، وبعض قطع السلاح، وركبنا السيارة وبدأ المسير إلى الهدف، ومعنا في السيارة أبو يزيد وأبو بلال، وكان خالد أبو محمد الكربولي هو من يقود السيارة، وكذلك رافقنا بعض الإخوة في الطريق، كان بعضهم يريد الانضمام إلى المعسكر والبعض الآخر عنده عمل معين ثم يعود للمنطقة.
واستمرت السيارة بالمسير لساعات، ونحن ممددين فيها، ونضع علينا بعض الأغطية، لنتقي بها برد الليل ولتستر وجودنا في السيارة في ذات الوقت، وفي الطريق مررنا بإحدى القرى، وركب معنا بعض الإخوة أيضاً إلى نفس الوجهة، ولم يزل الإخوة يغذون السير سِراعاً، حتى بدأ السير على طريق صحراوي، ونحن نجهل كل ما نمر به.
وبعد وقت ليس بالقليل بدأ الطريق يزداد وعورة، حتى إذا ما سرنا قليلاً، وإذا بأحد الإخوة يحمل سلاحاً يعترض طريقنا مستوقفاً السيارة، فلما وقفنا وإذا به أحد الإخوة يتكلم بلهجة عربية لم نكن قد بدأنا نميزها بعد من بقية اللهجات العربية، وكان هو الأخ أبو يونس اليمني، فعجبت من حرصه ويقظته، مع انه يعرف أنها سيارتنا، فهي تتردد عليهم دائماً إلا أنه لا يتهاون فيما يخص أمن الإخوة وسلامتهم، بل أنه لما استوقف السيارة كان على مسافة متقدمة من موقع المعسكر، ولما أطمأن لنا لم يركب معنا في السيارة، بل ظل يهرول أمامنا على قدميه، عند ذلك بدأت دقات قلبي تضطرب فقد أصبح الهدف على مرمى البصر، بل وعلى مرمى الحجر، وكدت اقفز من السيارة، لأنني أحسست بأنها بطيئة جداً، ولكني تمالكت نفسي..
وشيئا فشيئا بدأت السيارة تقترب من المعسكر، وبدأت بعض الأجسام تلوح في ظلمة الليل حتى إذا وقفت السيارة بقرب المسجد، وإذا بالإخوة يَغُطون في نوم هادئ، يحتضن كل منهم سلاحه، آمنين مطمئنين، فإذا بأحد الإخوة يجلس من نومه، فرأيته مرتدياً جعبة سوداء، وهو يضع سلاحه وساقاً اصطناعية عند رأسه، ثم يمتشق سلاحه وينهض متعكزا على ساقه الصناعية اليسرى، ويبدو أن التعب قد أخذ منه مأخذاً..
أما بقية الإخوة فقد رفع بعضهم رأسه ليرى مصدر الصوت المزعج، حتى إذا ما عرف أنها سيارتهم ترك رأسه ليسقط متهالكاً على الوسادة ليعاود النوم من جديد.. عندها نزلتُ من السيارة مع بقية الإخوة وكل ما أمامي يثير دهشتي وإعجابي, أفي حلم أنا أم ماذا ؟! هل حقا التحقت بركب الجهاد، وهل أصبحت صور المجاهدين هنا حقيقة، وواقع لا خيال!؟
إلى هنا تنتهي تفاصيل الحلقة الثانية التي رأينا فيها كيف أن ثلة من أبناء هذه الأمة نفروا إلى الجهاد مخلفين وراءهم الأهل والأحباب والخلان، بعضهم من أبناء الرافدين، والبعض الآخر من بقية أمصار الإسلام، تاركين الدنيا وزينتها وزخرفها، مرتحلين إلى الله، إلى حيث العلياء والمجد والخلود، باحثين عن جنان الرحمن بين جنبات دجلة والفرات، على ثرى أرض الرافدين، التي دنسها أحفاد القردة والخنازير من اليهود والصليبيين، وعبدة النار، الفرس المجوس، ثلة من الشباب المؤمن المجاهد لم تمنعهم حدود الاستعمار الصناعية، ولا قيود الحكام، ولا أفاعي الصحارى، ولا برد الشتاء القارص، أو حر الصيف القائظ، فهم يعلمون أن الأجر على قدر المشقة وأن أديم هذه الأرض الطهور تستحق أن تروى بالدماء، مدركين ومؤمنين بأن هذا الدين العظيم لن تعلو له راية، ولن تقوم له قائمة إلا بتناثر أشلاء وأجساد الشهداء، في أقدس وأربح تجارة بين العبد وربه، فتية ورجال سلكوا هذا الطريق تاركين خلفهم أمهات على فراقهم يتحسرون وأبناء من فرط الشوق لهم يتلوعون، وآباء على فراق أبنائهم يتحسرون، لكن أنّى لهم أن يناموا وتغمض أجفانهم ونفر من أمتهم يئنون تحت وطأة الظلم والجور والاحتلال، كيف تُمسكهم الأرض وعرض المسلمين يُنتهك، وأرض السواد تُغتصب، ودين الله يُستباح !!؟
وللمذكرات بقية..
الكاتب: ابومحمد العراقي التاريخ: 18/07/2010 عدد القراء: 3547
أضف تعليقك على الموضوع
|
تعليقات القراء الكرام
|
|