الجماعات الإسلامية المتحدة
دار نقاش بيني وبين صديق لي,حول الواقع الحالي للأمة العربية والإسلامية –وللعلم فقط فصديقي هذا منتم لإحدى الجماعات الإسلامية –فقال لي ان الحل الوحيد لهذا الواقع ولكل هذه الآفات هو قيام دولة إسلامية ,وبعدها سيعيش الجميع برخاء وسلام (ورسم لي صورة وردية لذلك الواقع وتلك الدولة )وكأن قيام الدولة الإسلامية سيكون حلا سحريا للواقع المعاش.
فأجبته بكل وضوح وصراحة :نعم نحن نريد دولة إسلامية ,ولكن الناظر إلى ساحة العمل الإسلامي يتساءل :إسلام من ؟إسلام الإخوان المسلمون ,ام حزب التحرير ؟ام السلفيين ,أم السلفية الجهادية ؟أم جماعة التكفير والهجرة؟وطبعا غيرها من الجماعات التي أصبحت لا تعد في العالمين العربي والإسلامي,وكلها تعمل على إيجاد دولة إسلامية ,ولا تزال تتبادل فيما بينها الاتهامات تارة بالتكفير وأخرى بالعمالة وتارة بسلوك طريق خاطئ ..ومهما حاولنا إخفاء هذا الواقع فهو موجود وتغطية الجرح لا يعني وقف النزيف!
وحتى نرتب الفكرة نقول مايلي :
أولا:الواقع الحالي للأمتين العربية والإسلامية مختلف نسبيا عما كان عليه عند ظهور الإسلام ,فبداية الدعوة كانت تتعامل مع عقيدة المفاصلة أي إما مسلم أو كافر وهذا ابسط بكثير من واقعنا الحالي الذي يعصف بالاديولوجيات والنظريات المتشابكة والمتناقضة ويعتنقها مسلمون.
ثانيا:إن التاريخ الإسلامي غير مقدس ,وكل من يدرسه بشكل موضوعي يدرك ذلك تماما,فمثلا ثلاثة من الخلفاء الراشدين ماتوا اغتيالا وتاريخنا الإسلامي فيه الكثير من الحروب الأهلية والصراعات الداخلة الدامية
ثالثا:إن قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة لم يكن حلا سحريا للمشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ,بل كان امتدادا لأسلوب العمل في المرحلة التي سبقت إعلان قيام الدولة ثم من خلال خطط وبرامج طويلة الأمد .. وليس لمجرد أنها دولة إسلامية . مالمشكلة الآن؟المشكلة أن كل جماعة تعمل في هذا الوقع –محل التغيير – دون النظر إلى عمل الجماعة الأخرى ,أو بالحكم عليها أنها على غير الطريق الصحيح وأنها لن تصل لمبتغاها أو أنها منحرفة عن المنهاج القويم .
والمعضلة المحيرة أن كل جماعة تدلل على أن فكرها التربوي ومنهاجها مستمد من الكتاب والسنة وتسير بطريقة الرسول عليه السلام في الدعوة .. فإذا كانت المرجعية واحدة لماذا إذا التضاد ؟ والفرقة ؟
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن :هو هل سينتهي ما يحدث الآن بين الجماعات الإسلامية بد قيام الدولة الإسلامية المنشودة؟
برأيي الشخصي انه لن ينتهي ,بل على العكس –أقولها ولا أخشى لوم اللائمين- أن الحوار الآن بين الجماعات الإسلامية بالكلمات لكنه وبعد وصول إحدى الجماعات الإسلامية إلى السلطة سيكون بالمدافع والسجون والمعتقلات , ولماذا أقول أن هذا سيحدث (إن لم يعمل المتنورون والمنظرون لكل الجماعات على تدارك الأمور) لان التجربة أثبتت أن وحدة الهدف تجر ويلات كبيرة بعد بلوغه وقد شاهدنا ذلك في أفغانستان ..
لهذا على الجماعات الإسلامية بدء العمل الجاد في محاولة الانتقال من وحدة الهدف إلى وحدة الصف ؟؟!
دليل آخر واضح على ما نقول هو لتجربة السودانية , في البداية انفصل الترابي ومعه البشير عن الإخوان المسلمون لاختلافهما في الاستراتيجيات , المتبعة للوصول للدولة المنشودة –وقد نجحا في الوصول للحكم-ليعود الترابي وينشق عن البشير عند أول اختلاف في الأسلوب ويشكل حزبا معارضا آخر , وأصبح هو وحزبه مطلوبا وملاحقا من قبل حكومة البشير (الحليف السابق) واعتقل وسجن .,
واستعملت معه نفس التي كانت تمارس ضد الشعب من الحكومات التي اتهمت سابقا بالردة . وحزب التحرير أصبح حزبا معارضا للحكومة الإسلامية والتي أثبتت نجاحا . ولا يزال يعمل على إيجاد الدولة الإسلامية (داخل الدولة الإسلامية في السودان)...؟؟!!
شبه احدهم الوضع الحالي للجماعات الإسلامية بمثال فقال :لو جاء رجل إلى فوجد رجلا صريعا وعلى صدره صخرة فاخذ يدفع من الصخرة من جهة,ثم جاء آخر فأشفق على الصريع ودون أن يلقي بالا للرجل الأول اخذ يدفع الصخرة من الجهة المقابلة ,بالله عليكم ماالنتيجة ؟؟
أكيد ستكون كارثة على الرجل الصريع
كناطح صخرة يوما ليوهنها ** فلم يضـرها وأوهى قرنه الوعل
واقترح آخر على الجماعات الإسلامية الفاعلة في ساحة العمل الدعوي والسياسي قائلا:الحل أن تعمل الجماعات الإسلامية بنظام الأمم المتحدة وتحت اسم \" الجماعات الإسلامية المتحدة\" وبنظام التصويت وتكون للجماعات الإسلامية الكبيرة حق النقض (الفيتو)على أي فتوى .
قد يأخذ الكثير منكم هذا الاقتراح بسخرية ولكنه للأسف يعبر عن واقع مؤلم ,وشر البلية ما يضحك ,وهذه كلمة حق أقولها لا أخشى لوم اللائمين ولله المعين.
محمد الزعبي الكاتب: محمد الزعبي التاريخ: 13/12/2007 عدد القراء: 4727
أضف تعليقك على الموضوع
|