انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  أنظروا هؤلاء الذين يشتمون عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، في شمال شرق إيران يزورون مقابر عليها الشواهد : أعضاء تناسلية وعلى بعض الأضرحة صورة الخميني !!  |  فيلم غربي يفضح عنصرية الصهاينة  |  المرجع (الحسني الصرخي) واقتتال أتباع المرجعيات الشيعية في جنوب العراق - ظاهرة جديرة بالاهتمام والتحليل..!   |  بربكم ماذا أقول للإمام الخميني يوم القيامة؟ هذا ما قاله عدنان الأسدي وكيل وزارة الداخلية لضباط شرطة شيعة خدموا وطنهم بإخلاص....!!!  |  (حسن نصر اللاة) يقول: مايحدث في حمص المنكوبة هو مجرد فبركات إعلامية..! - تفضل شوف الفلم يا أعمى البصر والبصيرة.. تحذير: مشاهد مؤلمة  |  شهادة شاهد عيان شارك في مذبحة حماة  |  
 الصفحة الرئيسية
 قـسـم الـمـقـــالات
 خـزانــة الـفـتاوى
 الــركـن الأدبــــي
 مكتبة الصـوتيـات
 مكتبة المـرئـيـات
 كـُتـاب الـمـوقــع
 مشاركات الـزوار
 مكتبـة الأخـبـــار
 مكتبـة المـوقـــع
 تحـت الـمـجـهــر
 خدمات عامة
 راســلــنــــــا
 محرك البحث
 مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali وهذا عنوان حسابه الجديد hamedalalinew

    وماذا بعد الأخبار/رؤية في المسيرة إلى نهضة الأمة

حفظ في المفضلة
أرسل الموضوع
طباعة الموضوع
تعـليقـات الـزوار


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن تولاه وبعد:

 
من يتابع وسائل الإعلام وما تعرضه من أخبار فسيجدها في الأغلب تتحدث عن مشاكل المسلمين وقضاياهم المتأزمة؛ فالمسلمون يعيشون في زمن تكالبت فيه الأحداث ، وتتابعت عليهم المخاطر، وأصبحوا كل يوم يترقبوا حدثاً جديداً،أو نازلة خطيرة، والعالم الإسلامي ـ وبالذات ـ يعيش بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر في دوامة أخبار، وتلاحق أحداث بشكل مذهل.


في قلب هذه الأزمات تذكرت كلام القائد الشيوعي الملحد [ لينين] حين قال: عقود تمر على الأمة لا يحصل فيها شيء ثمَّ تمر سنين تحصل فيها عقود، وصدق وهو كذوب فقد صرنا نعاصر سنوات حصلت فيها حوادث أكثر من عشرات السنين، وكان للمسلمين فيها الحظ الأوفر من المآسي الفظيعة ، والأوضاع المؤلمة.


وهكذا تمضي العقود بأيامها ، وتدور الأيام دورتها وتبقى المصائب تتوالى وتترى على المسلمين ، وكان من آخرها حوادث القتل الصهيوني للفلسطينيين وبالأخص قتل قائدين من قادتهم العظام باغتيال الشيخ الوقور/ أحمد ياسين ، والقائد الدكتور/ عبدالعزيز الرنتيسي ، ثمَّ ذلك القصف الإجرامي على رفح وغزة و الإبادات الجماعية التي قتل فيها من لا حول له ولا قوة..... ولا نغفل عمَّا حصل في فَلُّوجَة العراق من تدمير وتخريب وفضائح الأمريكان في سجن أبي غريب وغيره ، ومقتل المئات من أبناء المسلمين في نيجيريا وتايلاند على يد النصارى والوثنيين ، وغيرها من المآسي المبكية.....

في ذلك كله يجد المراقب لموقف المسلمين حيال تلك الأحداث كما هو المعهود من المظاهرات والاحتجاجات التي تشجب الصلف الصليبي/ الصهيوني ، والهتافات الجماهيرية المستنكرة لحمَّامات الدماء التي تجري هنا وهناك في أقاليم المسلمين.

وبعد أن فرغت تلك الشحنات المكبوتة ، وأحرق المتظاهرون الأعلام الأمريكية والإسرائيلية، ومع مرور ثلاثة أيام تنطفئ القضية التي ثِيْرَ لأجلها من عقول الكثير من المسلمين ، وتتلاشى جذوة الحماس التي اشتعلت قليلاً في ضميرهم ، وتُتَنَاسى تلك الفواجع ، إلا إذا كانت حديث مجالس يُتَذَكَّرُ بها ظلم قوم بغوا على آخرين، ويظن الكثير منهم أنّه بذلك ينتهي دورهم ، وتنقضي المسؤولية المناطة بهم.


تساؤل مثير يفرض نفسه :

حين تسأل الكثير من أبناء المسلمين لم جلبت الفضائيات لبيتك؟

يجيبنوك: لأجل مشاهدة الأخبار ومعرفة أحوال الشعوب الإسلامية ، و....الخ.

ومع أني أعتقد حرمة هذه الفضائيات التي لا يرتاب عاقل أنها جلبت الشر والفساد للبيوت والعقول وكان خيرها فيه كملعقة عسل في إناء سم.

إلا أني أعلم أنَّ بعض من كان قصده بجلب الفضائيات لبيته ؛التذرع بحجة مطالعة الأخبار ومعرفة أحوال الأمَّة الإسلامية ، ولا شك أنَّ ذلك نابع من حمل هم، وشعور طيب تجاه الآخرين من إخوانه المسلمين... ولكن ـ وياللأسف ـ فالكثير ممن أدخل تلك الفضائيات إلى بيته أو مكتبه ، لم يكن حاله إلا شهوة السماع للأخبار، ومحبة الاطلاع على التحليلات السياسية ، وقد يأخذ ذلك من وقته ساعات كثيرة، يكون أكثر تلك التحليلات تخمينات وظنونا ، فيها الصواب والخطأ، فيضيع المشاهد لهذه القنوات بعد سماع تلك الأخبار ما بين تلك التحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية.


ودعنا ـ أيها الصاحب ـ نتصارح ، فبعد أن نرى تلك الأخبار ، ومجازر المسلمين، والذلَّة والمهانة التي أصابتنا... بعد هذا كله...

هل حرَّك ذلك في قلوبنا شيئاً؟

هل نصرناهم بشيء من أنواع النصرة؟

هل سألنا أنفسنا جادين : كيف نخرج من تلك الأزمات والتيه الذي نعيشه من عشرات السنين؟!!

ثمَّ من تأثر منَّا بتلك الأخبار،هل فكَّر تفكيراً جاداً بالتأثير على من يلتقي به من المسلمين وقيادتهم لعِزِّ الإسلام والمسلمين؟


إنَّ هذه الأسئلة لم يستشعرها ـ والله ـ إلا القليل، فقد كان موقف الأغلبية ممن يتابعون الأخبار، هوالصمت العجيب وعدم العمل لنصرة أولئك المستضعفين ، وقد نجد الفرد منهم يشاهد ذلك لأجل أن يتكلم في المجالس، ويناقش ويحلل ويختلف مع إخوانه وخلَّانه ، وكأنَّه في اتجاه معاكس، فيرفع صوته ، ويرغي ويزبد، ولم يتقن إلا فن الصراخ ،أو يكون موقف كثير ممن يتابع الأخبار إلقاءهم باللائمة على الآخرين دون أن يراجعوا أنفسهم مراجعة صادقة ، ويروا ماذا فعلوا من التقصير في حق الله من الذنوب والمعاصي ، وما فعلوه في حق إخوانهم من التقصير في حقوقهم ، وعدم بذل الجهود المستطاعة لنصرتهم ، أو أن يكون موقف بعضنا البكاء والتأوهات ودعاوى العجز، وكأنَّ لسان حال الكثير منا /السيل الهادر لا تسده عباءتك.

بل رأيت ـ والله ـ من ينظر لتلك المجازر، وهو يأكل ويشرب!! ويضحك ويمزح، ولم تؤثر تلك المرائي في نفسه شيئاً، والله المستعان ...

حقاً ـ وربي ـ إنها لمأساة حين نصاب نحن المسلمين بتبلد إحساس عجيب ، وشعور تجاه أوضاع إخواننا غريب، وقد نرى تلك المجازر ثمَّ إذا أطفأنا التلفاز، وارتحنا دقائق ، تابع البعض منا بعد ذلك الأفلام الخليعة ، والمسلسلات الهابطة، وكأنَّ شيئاً لم يكن!!.

وكان من الواجب أن يكون المتابعون للأخبار أكثر الناس عملاً، واستشعاراً للمسؤولية وأن تغرس في نفوسهم باعث عمل، ووقود همة، وعزمة إرادة لتغييرالواقع المرير.

ترى.. ألا تستدعي تلك [المواقف الرَّدِّية الضعيفة] من المسلمين تجاه أعدائهم، وقفة مراجعة ، وبحث عن الإشكاليات التي يقع فيها المسلمون، ووصف الدواء العاجل لدفع العدو الصائل الذي أفسد الدين والدنيا معاً؟!!


في هذه المقالة المتواضعة ، سأتحدث عن بعض الأزمات والإشكاليات التي يقع فيها المسلمون بعد سماعهم للأخبار، ونقاط الضعف التي حلَّت في سويداء قلوبنا، وسرنا على خطاها غير مستشعرين خطأ المسيرة ، واعوجاج طرق التفكير، فمن ذلك:

[1] تغليب جانب العاطفة والارتجالية في الأعمال ، والعفوية في مواجهة الأحداث ، وليتها أعمال بطولية تثخن في الأعداء بضوابطها الشرعية ، وإنما هي هتافات وشعارات غلبت على العقل والتفكير المثمر العملي. وهكذا نحن المسلمين ما أن نصاب بمدلهمة من المدلهمات،إلا وانتفضنا انتفاضة المغمى عليه، ثمَّ سكنَّا وخمدنا غافلين عن أسباب تلك المصائب التي عصفت بنا ، ومتناسين للحلول العملية التي نقاوم بها تلك المخاطر بناءً على الأوامر الشرعية ، والاهتداء بسنة خير البرية ـ صلى الله عليه وسلم ـ

وممن شخَّص هذا المرض من علماء المسلمين الشيخ الراحل/ مصطفى السباعي ـ يرحمه الله ـ حيث ذكر أنَّ المسلمين ينتفضون انتفاضة وقتية لمصيبة حلَّت بهم ثم يخمدون وكأنَّ الأمر لم يكن، ويالله ما أجمل كلماته القلائل التي نطق بها مبيناً هذا المرض الذي دبَّ في هذه الأمَّة حيث كتب: [ لو هدمت الكعبة لما ضجَّ المسلمون اليوم أكثر من ثلاثة أيام ] هكذا علمتني الحياة [صــ91]

وصدق رحمه الله ، فما أشبه الليلة بالبارحة!!


[2] طيبة القلب الزائدة، وإحسان الظن بالعدو ولو قليلاً، وتصديق بعض شعاراتهم ، وهذا شيء لا أبالغ فيه، فكثير من المسلمين كان يظنُّ أنَّ أمريكا أعقل من أن تفعل بهم تلك الجرائمَ الوحشيَّة ، والإهانات النفسية باعتبار أنها راعية لمجلس الأمن ، وقوات حفظ السلام ، وأنها ترفع شعارات العدالة والحرية والديموقراطية [الزائفة]!!

ولذا ظنَّ الكثير منا أنَّ قاتله سيرحمه ولو قليلاً، ويعطيه فرصة شرب الماء قبل الإجهاز عليه ، وهذا ما حدث بالضبط بعد أن قتل الشيخ / أحمد ياسين ـ رحمه الله ـ فقد ظنَّ الكثير من المسلمين أنَّ اليهود قد يصمتون قليلاً ويرفقون بالمساكين الفلسطينيين ليلملموا جراحهم ، ولتجف مآقيهم من البكاء، ومع ذلك فإن اليهود كانوا أمكر وأخبث فقد عاجلوا المجاهدين في فلسطين بضربة نوعية أخرى، فقتلوا الدكتور المجاهد/ عبد العزيز الرنتيسي ـ تقبله الله في الشهداء ـ غيلة ومكراً، ثمَّ أعقبوها بمجازر القصف والتنكيل بإخواننا في غزة وجباليا وغيرها من المدن الفلسطينية الأبية.

وهكذا أعداء الدين ، فهل بقي لنا مجال أن نحسن الظنَّ بالآخر!![ الكافر] أو أن نرفع له لافتات السلام ، ليقابلنا بالود والوئام.

إنهم المفسدون في الأرض ولن يتوقع منهم إلا كل خبث وسوء وإجرام.

هل لمحتم طيبة من حية أو لمستم رقة من عقرب؟!!

وصدق الله [ لا يرقبون في مؤمنٍ إلَّاً ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ] التوبة[10]


[3]غلبة الكلام والحديث وقلة العمل ، وأكثر حديثنا كما ذكر أحد المفكرين أننا نتحدث عما لا نريد ولا نتحدث عما نريد ، فكلامنا كثير في سب المحتل الأمريكي ـ الأوربي ـ الإسرائيلي ، والأنظمة العميلة ، ولكنَّ القليل منا من يتحدث عن واجبنا تجاه الأحداث، وهو ـ و للأسف ـ أمر نادر في برمجة تفكيرنا ، ولو طلب من هؤلاء القوم الذين يغلبون الكلام على العمل ، لو طلب منهم القليل لنصرة هذا الدين لوجدت التلكؤ، والتراجع والتقهقر، والحوقلة والاسترجاع، والتفنن في التهرب من المسؤولية والعمل.

فما أشبههم بقصة الرجل العربي الذي كان معه بعض الإبل فجاءه اللصوص وسرقوها منه فلم يقاومهم بشيء، فلما ذهبوا وساروا بإبله ، شتم اللصوص ، ولعنهم.

فسأله أهله عندما رجع إليهم بدون الإبل : ماذا فعلت؟

فقال: [ أوسعتهم شتماً وساروا بالإبل ]!!

فإذا كان كثير من المسلمين أهل كلام وشجب واستنكار، وأنَّهم قوم ينفعلون ولا يفعلون ، ويشجبون ولا يخطِّطُون، وأنَّ معظم أفعالهم [ردود أفعال] لا مواجهة ونزال فلا غرابة أن ينشد اليهود والنصارى ساخرين من المسلمين كما قال حافظ إبراهيم على ألسنتهم مستخفين بالمسلمين:

قد ملأنا البـر من أشلائـهم فدعوهم يملؤوا الدنيا كلاما


وكل هذا والمسلمون يتفرجون ويتلقون الصفعات المتواليات، وهم يستمعون أو يشاهدون الأخبار عبر الفضائيات وشبكات الإنترنت، وليس لهم من ذلك إلا قعقعات العبارات وفقاعات الكلمات بلا عمل وإرادة لتغيير الواقع المرير.


لا شكَّ أنَّ هذه المأساة التي يعيشها أبناء الأمَّة الإسلامية المريضة ، ينبغي أن تستدعي أهل العزائم لإحياء قلوب هذا الجيل المسلم ، وإمداده بالشريان الحيوي ، والذي يستقي منه معالم العزة ، وأنوار الرسالة ، حتَّى يتخطى تلك الأعمال العفوية والتي لا ترعب كافراً ولا تنصر ديناً ، وذلك خير من أن نبقى نتحدث عن الأزمات التي تعترضنا في مواجهة الأحداث، أو أخطائنا في طريقة تعاملنا مع تلك الأخبار؟!

إننا بحاجة ـ وخاصة دعاة الإصلاح ، وعلماء الأمة وقادتها الربانيين ـ بعد أن نُشَخِّص تلك الأدواء التي تجثم علينا ؛ أن نصف لها الدواء ، فأمَّتنا بحاجة إلى ذلك الطبيب النطاسي ومبضع الجراح الأمين ، والذي يبحث في جذور المرض وتشعباته ، ويرفع أوهاق الخطر عن جسد هذه الأمة الجريحة بكل ثقة وإتقان ، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم:ـ [ ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء ] أخرجه البخاري في صحيحه، من حديث أبي هريرة ، في كتاب الطب ، باب ما أنزل الله داءً إلَّا أنزل له شفاء برقم[5678].

ولهذا يتوجب على من يريد الرفعة لهذه الأمة ، أن يبحث في الوسائل المعينة على عزِّها ، والحلول المثمرة لنهضتها ، بعد أن تراكمت عليها تراكمات الذلة ، وعلا عليها أهل الكفر والخيانة ، وأن يفكر التفكير الجاد لتوظيف مشاكل الأمة بما يخدم مصلحتها ، ولعمري فإنَّ هذه صفة الرجل العبقري اللامع الذي ينطلق من دينه العظيم، وفكرته الإصلاحية ورؤاه التنمويَّة للرقي بهذه الأمة إلى العلياء وقد قيل: رحلة العظيم تبدأ بفكرة.


وصدق الإمام حَمْد الخَطَّابي ـ رحمه الله ـ حين قال: [ من صدقت حاجته إلى شيء كثرت مسألته عنه، ودام طلبه له حتى يدركه ويحكمه] معالم السنن للخطَّابي[4/832]

ومن هذا المنطلق فإنني سأركز في هذه الأسطر على جواب سؤال أرى أنه من الأهمية بمكان وهو:

أنَّ المسلمين منذ سبعين سنة وهم يعيشون في انحدار تلو انحدار ، ونكسات يتلوها نكبات ، مع أنَّ البعض قدَّم الدماء والأموال وكل ما يستطيع لنصرة هذه الأمة ، والوضع لم يزدد إلَّا سوءاً ، فالتغول العسكري الغربي يمضي داخل بلاد الإسلام، والنموذج الغربي تلقَّاه الكثير من أبناء جلدتنا بالتبعيَّة المقيتة ، والتقليد الأبله، فكيف السبيل الأمثل لاستعادة القوة، وانفكاك الأزمة ، واسترداد المجد؟؟


وجواباً على ذلك فإنَّ هناك أمورا أسأل الله ـ عزَّ وجلَّ ـ أن تكون معينة على تحقيق ذلك ، ولا أدَّعي فيها الكمال، ولكن لعلَّها تكون مقاربة للصحَّة ، ويبقى النقص لازم فيها:

معالم على طريق النصر، وإضاءات للسائرين في قافلة العز:

[1] ففروا إلى الله:

هذا نداء قرآني جليل ، ينبغي تأمله بعمق وشمولية ، فإنَّ من أولى الأولويات في ذلك:

أـ إفراد الله بالعبودية الكاملة ، وعدم الاستعانة والاستغاثة إلا به ، فتقوية ركائز الإيمان في قلوبنا سبب معين لنصرتنا على أعدائنا، وقد اشترط الله على من يريد أن ينصره ؛ بأن ينصر الله ـ عز وجل ـ[ ولينصرنَّ الله من ينصره] الحج[40].

والمتأمل لحال الكثير من المسلمين يجد العجب العجاب في التفريط بهذا الشأن فكم هم القوم الذين لا يفردون الله بالعبادة والتوحيد وينزلقون في براثن الشرك ؟

وكم هم القوم الذين يشركون حاكمية الله بحاكمية غيره من الطواغيت والأنداد والقوانين الوضعية والمحاكم القانونية الكفرية والتي لا تحكم بما أنزل الله ؟

وكم هم القوم الذين يتعبدون الله بالبدع والضلالات ويلزمون الناس باتباعهم بتلك الخرافات؟

وكم هم القوم الذين يوالون أعداء الله ويعادون أولياء الله بأساليب الأذى والتبكيت؟

إنَّ تقصير الكثير من المنتسبين إلى الإسلام بتلك القضايا المصيرية أمر واضح ، فمتى يترك هؤلاء ذلك الخطل والخلل؟!

ولهذا فإنَّ الإمام ابن تيمية لمَّا رأى تكالب الجيش التتري المغولي على بلاد الإسلام وتقتيله للمسلمين وكثرة الهزائم المتتابعة عليهم ، نظر هذا الإمام بعين البصر والبصيرة أسباب تلك الهزائم فوجد أنَّ من أهمها إصلاح عقائد من تلوث ممن ينتسب للإسلام بدرن الشرك ، وقد حدَّث ـ رحمه الله ـ كيف أنَّه لما هاجم التتار بلاد الشام خرج أهل الشام يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضُرِّهم ، وقال بعض شعرائهم:

ياخائفـين من التـتـر لوذوا بقبر أبي عمر

لوذوا بقبـر أبي عمـر ينجيكموا من الخطر

فصار ابن تيمية يأمر الناس بإفراد الدعاء لله وإخلاص العبادة له ، قال ـ رحمه الله : [فلما أصلح الناس أمورهم وصدقوا في الاستغاثة بربهم نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً] الاستغاثة [2/276ـ277]

ب ـ الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنَّة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه الركن إن خانتك أركان، وتقديم أوامرهما ونواهيهما على أي شيء عارضهما أو صرف النظر عنهما.

ج ـ تغيير ما بالنفس من معاصٍ وآثام، وحب للفواحش والمنكرات، فإذا أردنا أن ينصرنا الله فلنغير من أنفسنا وهذه قاعدة ربانية ذكرها الله في كتابه بقوله: [ إنَّ الله لا يغير ما بقوم حتَّى يغيروا ما بأنفسهم] الرعد[11]، وعن عبدالله بن عمرـ رضي الله عنه ـ قال:ـ كنت عاشر عشرة من المهاجرين، عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأقبل علينا بوجهه، وقال: [ يامعشر المهاجرين:- خمس خصال إذا ابتليتم بهنَّ وأعوذ بالله أن تدركوهنَّ : لم تظهر الفاحشة في قوم حتَّى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا ابتلاهم الله بالسنين ، وشدَّة المؤنة ، وجور السلطان، ولا منع قوم الزكاة إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولا خفر قوم العهد إلا سلِّط عليهم العدو فأخذ بعض ما في أيديهم ، ومالم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل بأسهم بينهم] أخرجه الحاكم والبيهقي بسندٍ صحيح، ورواه ابن ماجه في سننه وقال محققه في الزوائد : هذا حديث صالح للعمل به / انظر السنن ابن ماجه [2/1333]، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ، برقم[106]

فهذه حقيقة ثابتة ، إذا نحن عصينا الله ، وخالفنا أمره سلَّط علينا الأعداء والوباء والضرَّاء [ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم] النور[63]


لهذا ينبغي أن نعلم أنَّ ما أصابنا الله به من هذه الهزائم وهذا الذل من الأمم الكافرة ؛ أنّه مرتبط بضعف تعلقنا بالله وكثرة معاصينا وذنوبنا تجاهه ـ عزَّ وجلَّ ـ فنحن لسنا أفضل من الأمم السابقة حين أنزل الله عليهم العذاب بسبب ذنوبهم ، قال تعالى [ فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلُ كانوا ظالمين]الأنفال[54]

فما يصيبنا الآن من المصائب والمدلهمات جزء لا يتجزأ من عقوبة الله لنا لتقصيرنا في حقِّه، وليس بيننا وبين الله حسب ولا نسب [ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم] الشورى[30] فلا يحقُّ لنا بعد ذلك أن نتساءل لم لا ينزل الله النصر علينا؟ ونحن مفرطين بأوامره ونواهيه ، وإذا كان سبحانه لم ينزل نصره على العصبة المؤمنة من الصحابة لخطإٍ ارتكبه بعضهم فلم ينالوا جميعا ذلك النصر، وحين تساءلوا عن سبب ذلك، عزاه الله ـ عزَّ وجلَّ ـ لأنفسهم قائلاً : [أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنَّى هذا قل هو من عند أنفسكم]آل عمران[165]

لو عرفنا الله ما شطَّت بنا سبل التضليل أو ذقنا الهوان ،وشاهد ذلك: أنَّ على المسلمين جميعاً التوبة إلى الله توبة نصوحاً حتى يرفع الله عنَّا هذا البلاء ، وقد أثر عن العباس بن عبد المطلب [ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة] ورحم الله أبا الدرداء حيث كان يقول للغزاة: [ أيُّها الناس/ عمل صالح قبل الغزو ، فإنَّما تقاتلون بأعمالكم] أخرجه ابن المبارك في كتاب الجهاد صـ61 رقم[5] وبوَّب له البخاري في كتاب الجهاد من صحيحه فقال: [باب: عمل صالح قبل القتال ] [6/24] ولله درُّ الفضيل بن عياض حين قال للمجاهدين عندما أرادوا الخروج لقتال عدوهم[عليكم بالتوبة فإنها ترد عنكم ما ترده السيوف].


د ـ صدق اللجوء والتضرع إلى الله ، ودعاء الله بقلب وَجِلٍ ، فنحن عبيد لله ، وهو ـ سبحانه ـ يحب أن يسمع دعاء عبيده في كشف الضر عنهم وهم منطرحين بين يديه ، أمَّا إذا رأى عبيده قد استغنوا عنه ونسوه فإنه سينساهم مقابلة لهم بعملهم السَّيء [نسوا الله فنسيهم] التوبة[67]، وقد أخبر سبحانه عن قوم لما أنزل عليهم بأسه استغنوا عن دعاءه والافتقار بين يديه فلم ينقذهم من تلك النازلة، بسبب كبرهم وقسوة قلوبهم، قال تعالى: [فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزيَّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون] الأنعام[43] وقال تعالى: [ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجُّوا في طغيانهم يعمهون * ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون] المؤمنون[75]

ومن ذلك كثرة الاستغفار فإنَّه من أعظم أسباب القوة قال تعالى على لسان نبي الله هود ـ عليه السلام [ و يا قوم استغفروا ربكم ثمَّ توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوَّة إلى قوتكم ] هود[52] وقال تعالى: [ وأن استغفروا ربكم ثمَّ توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كلَّ ذي فضل فضله]هود[3]

وبهذا الفرار الصادق إلى الله يتميز المسلم الحق عن غيره من أصحاب الرايات الجاهلية بقوة العقيدة ، والتمسك بها ، والذود عن حياضها، فلا رفعة ـ والله ـ لأهل الإسلام ؛ إلَّا بمفاصلتهم للكافرين.

ومن أجل ذلك فهم أعرف الناس بسبل المجرمين ، والذين يريدون أن يحرفوا جهادهم وكفاحهم لأجل العرى القومية ، أو الوطنية ، وعندئذٍ فأي فرق بين من يدعي الإسلام وبين من يقاتلهم لأجل تلك الرايات العمياء الشوهاء ، فمزيداً من الفطنة يا ـ رجل الإسلام ـ فإياك والمداهنة أوالملاينة أوالمسايرة لذوي التوجهات الخاوية ، فلن تكسب ديناً ولا دنيا.


واقتد برسولك محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ [فلقد كان كبار المشركين يعرضون على رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ المال والحكم والمتاع في مقابل شيء واحد ، أن يدع معركة العقيدة وأن يدهن في هذا الأمر !

ولو أجابهم ـ حاشاه ـ إلى شيء مما أرادوا ما بقيت بينهم وبينه معركة على الإطلاق!

إنها قضية عقيدة ومعركة عقيدة ... وهذا ما يجب أن يستيقنه المؤمنون حيثما واجهوا عدواً لهم ، فإنه لا يعاديهم لشيء إلا لهذه العقيدة [ إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد] البروج[8] ويخلصوا له وحده الطاعة والخضوع!


وقد يحاول أعداء المؤمنين أن يرفعوا للمعركة راية غير راية العقيدة، راية اقتصادية أو سياسية أوعنصرية، كي يموهوا على المؤمنين حقيقة المعركة، ويطفئوا في أرواحهم شعلة العقيدة؛ فمن واجب المؤمنين ألَّا يخدعوا،ومن واجبهم أن يدركوا أنَّ هذا تمويه لغرض مُبَيَّت ، وأن الذي يغير راية المعركة إنما يريد أن يخدعهم عن سلاح النصر الحقيقي فيها] مقطع من كلام الأستاذ سيد قطب،في كتابه[معالم على الطريق] صـ201 ـ 202


وعيب ـ وربي ـ كلَّ العيب أن يكون الكفار أشد تمسكاً بدينهم وعقيدتهم من المسلمين ، وتُسَيَّر حروبهم ومعاركهم نصرة لعقيدتهم وقيمهم ، مع أنَّ الله ـ سبحانه ـ أمر المسلمين بالاستمساك بهذا الدين والعضِّ عليه بالنواجذ ومن ذلك قوله تعالى : [فاستمسك بالذي أوحي إليك إنَّه لعلى هدى مستقيم * وإنَّه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون] الزخرف[43 ـ 44]

ولعلِّي أُدَعِّم حجتي هذه بشاهد قوي يوضح هذه الحقيقة التي غابت عن أذهان المسلمين ردحاً من الزمن ، وفترة من الدهر/ مختاراً امبراطورية الشر والفساد [أمريكا] ـ عجَّل الله زوالها، وكفى المسلمين شرَّها ـ فقد صدرـ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ـ كتاب بعنوان[الدين في القرار الأمريكي] بتأليف/ محمد السماك، يوضح فيه الأيدلوجية العقدية التي ينطلق منها الأمريكيون في قتالهم للمسلمين ، وأنَّ مبنى قراراتهم على النبوءات التوراتية عبر تولي رؤسائهم أنصبة الحكم وتقاليده مروراً بـ [ ليندون جونسون ـ وجيمي كارترـ ورونالد ريجان ـ وجورج بوش الابن] فمثلاً:


ـ الرئيس ليندون جونسون قال في عام 1968م، في خطاب ألقاه في العاشر من أيلول ـ سبتمبر ، أمام منظمة يهودية أمريكية {{ إنَّ لأكثركم ، إن لم يكن لجميعكم، روابط عميقة مع أرض ومع شعب إسرائيل ، كما هو الأمر بالنسبة إليَّ ، ذلك لأنَّ إيماني المسيحي انطلق من إيمانكم.إنَّ القصص التوراتية محبوكة مع ذكريات طفولتي ، كما أنَّ الكفاح الشجاع الذي قام به اليهود المعاصرون من أجل التحرر من الإبادة منغمس في نفوسنا}}صــ41

- الرئيس ريجان حيث يقول في مقابلة صحفية نشرت له في جريدة الواشنطن بوست:ـ{{ إنني أعود إلى النبوءات القديمة المذكورة في العهد القديم، وإلى المؤشرات حول هرمجيدون،فأتساءل بيني وبين نفسي ما إذا كنَّا الجيل الذي سيرى تحقق ذلك. لا أعرف إذا كنت لاحظت معي أيَّاً من هذه النبوءات مؤخراً، ولكن صدِّقني إنَّها ـ أي النبوءات ـ تصف بالتأكيد ما نمرُّ به الآن}}صــ43

- الرئيس رونالد ريجان وافق عام1986م على قصف ليبيا باعتبارها عدواً لله صــ43

- الرئيس جورج بوش الابن وهو رأس الشر والإرهاب قد تربى تربية ملتزمة مع عقيدة الحركة الصهيونية المسيحية ، ففي مناسبة أداء صلاة الفصح يوم الجمعة 18/نيسان ـأبريل 2003م، والتي ترأسها القس فرانكلين جراهام، قال بوش- فضَّ الله فاه- في معرض إشادته بالقس جراهام:ـ{{ لقد غرس في قلبي بذور الإيمان فتوقفت عن تعاطي المسكرات واعتنقت المسيح}} ومن المعلوم أنَّ هذا القس الخبيث قال في نفس هذه المناسبة {{إنَّ الفرق بين الإسلام والمسيحية هو كالفرق بين الظلام والنور}}صــ59 وقال كذلك عن الإسلام {{ إنه دين شيطاني وشرير}}صــ61 وكذلك فإنَّ بوش يجتمع صباح كل يوم ، قبل بدء عمله في البيت الأبيض مع كبار موظفيه ومستشاريه للاستماع إلى موعظة دينية يقدِّمها أحد القساوسة ، تعقبها صلاة ودعاء .. ثمَّ يتوجه الجميع إلى مكاتبهم/ صــ61

ولهذا كلِّه يقول إيكشتاين:{{ إنَّ سياسة الرئيس بوش تنطلق من إيمانه العميق بمسيحيته ، ومن تمييزه بين الشرِّ والخير ، وتصميمه على وجوب الوقوف في وجه الشَّر ومحاربته...وبالتالي فإنَّ مواقفه تعبِّر عن قناعات شخصية وليست مناورة سياسية}}ا.هـ


مما سبق يتبين أنَّ قرارات هذه الإدارة مبنية على قيمها العقدية، ونظمها الفكرية ، فجدير بأبناء المسلمين أن يكونوا أشدَّ قناعة بدينهم وعقيدتهم من هذه الطغمة الكافرة ، وأن يشتد فرارهم إلى الله وإقبالهم عليه أكثر مما مضى، فنصر الله لا يتنزَّل إلا على أهل الإيمان [إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم] محمد[7] وإنزاله البركات لا يكون إلَّا لأهل الإيمان والتقى: [ولو أنَّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذَّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون] الأعراف[96]


[2] [ وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوة]

يعجبني كلام ذكره الأستاذ/ سيد قطب ـ رحمه الله ـ حيث قال: [ إنَّ البعض ينتظر من هذا الدين مادام منزَّلاً من عند الله أن يعمل في حياة البشر بطريقة سحرية خارقة غامضة الأسباب ودون أي اعتبار لطبيعة البشر ولطاقاتهم الفطرية] هذا الدين صـ3.

وصدق ؛ فإنَّ كثيراً من المسلمين يظنون أنَّ الله ناصرهم لأنهم مسلمين فحسب ، ولا يخطر ببالهم أنَّ عليهم صناعة أسباب العزة، والأخذ بعوامل القوة ، والَّتي تمكِّن المسلمين من الانتصار على أعدائهم ، أمَّا إذا تقوقع المسلمون على أنفسهم ولم يستفيدوا من خبرة أعدائهم في تقوية أنفسهم ‘ فإنَّهم لن يستطيعوا أن يرعبوا أعدائهم لأنهم علموا منهم الضعف في المواجهة.


ولهذا حثَّ محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على إعداد القوة فعن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قرأ قول الله تعالى : [ وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوَّة ومن رباط الخيل] قال ـ عليه السلام ـ [ ألا إنَّ القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي] أخرجه مسلم، برقم[1917] في كتاب الإمارة ـ باب فضل الرمي والحث عليه ـ [3/1522] وبيَّن النَّبي- صلى الله عليه وسلَّم- أنَّ [المؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف]أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله برقم[2664]

وطيَّب الله ثرى الشيخ أبي الحسن الندوي حين قال [ وبالاستعداد الروحي ، والاستعداد الصناعي الحربي، والاستقلال التعليمي ينهض العالم الإسلامي، ويؤدي رسالته وينقذ العالم من الانهيار الذي يهدده. فليست القيادة بالهزل ، إنما هي جد الجد، فتحتاج إلى جد واجتهاد، وكفاح وجهاد، واستعداد أي استعداد : كل امرئ يجري إلى يوم الهياج بما استعدا] ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين صـ206


وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- أن الجهاد لو سقط للعجز، فإنَّ المسلم لا يعذر بعدم الاستعداد له، ومالا يتمُّ الواجب به فهو واجب/ انظر فتاوى ابن تيمية [28/259]

والمطالع لأحوال المسلمين اليوم يجد أنهم في ذيل الأمم في هذا الأمر، حتى وصل الحال ببعض ضيقي الأفق ، بصد شباب الإسلام عن تعلم العلوم التقنية ، والدخول في الجامعات لدراستها ، وكأنَّ الشاب المستقيم ليس له إلاَّ كلية الشريعة ، أواللغة العربية ، والحقيقة أنَّ هذا فصام نكد بين العلوم الشرعية والعلوم التقنية الطبيعية ، فإنَّ دين الإسلام دعا إلى الأخذ بأسباب القوة التي ترعب الكفار ، وترهبهم ولا إرهاب لهم في عصرنا الحاضر بعد قوَّة الإيمان إلا بالتعلم على تصنيع الأسلحة المواكبة لعصرنا والمثخنة لأعدائنا، فمتى ينتبه دعاة الإسلام لحث طلائع البعث الإسلامي على الانتباه لهذا الأمر وأخذه بعين الرعاية.


ولنستفد من تجربة اليابان فحين رأوا أنهم قد هزموا هزيمة نكراء على يد الأمريكان ، علموا أنَّ من أسباب ذلك: عدم قدرتهم على مواجهة الأمريكان بالسلاح ، لأنهم متخلفون في هذا الميدان ، وقد سبقهم الأمريكان في ذلك بعدة أشواط ، فما كان من اليابانيين إلا أن أرسلوا البعثات للتعلم في بلاد الغرب والنهل من علومهم الطبيعية ، حتى يرجعوا إلى اليابان وينقلوا على أرضها تلك التجارب الغربية الطبيعية فتنهض دولتهم ، وحين بعثت أول بعثة يابانية إلى دول الغرب رجعوا إلى بلادهم متحللين من مبادئهم، ذائبين في الشخصية الغربية، فما كان من اليابانيين إلا أن أحرقوهم جميعاً على مرأى من الناس ليروا عاقبة من تنكر لأمته ووطنه ولم يرعى المسؤولية التي أنيطت به، وبعد ذلك أرسل اليابانيون بعثة أخرى وأرسلوا معها مراقباً، يتابعهم أولاً فأول من ناحية ثباتهم على عقيدتهم ومثلهم الوثنية ، وانهماكهم في استقطاب الأفكار والمعلومات الغربية التكنولوجية وتطبيقها في أرض الواقع حتى يرجعوا لليابان ويفيدوا دولتهم الناشئة ، وتمض الأيام وتكون اليابان بعد سبعين سنة من أكبر منافسي أمريكا وأوربا في مجال التصنيع التقني والذي منه تصنيع الأسلحة الثقيلة ، فهَلَّا يستفيد المسلمون من تجارب غيرهم ،؟! عسى أن يكون قريباً..

ولنعقد مقارنة بسيطة ، فمن المعلوم قطعياً أنَّ الكفار ضيعوا أسباب نصرة الله المعنوية ، وهي الإيمان بالله والإيمان برسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ ولكنهم أبدعوا وبرعوا في صناعة الصواريخ والمتفجرات وأسباب النصرة المادية.


ونعلم كما قدَّمت قبل قليل أن المسلمين ـ إلا من رحم الله ـ نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وابتعد كثير منهم عن طاعة الله ورسوله، وأسباب النصرة المعنوية التي تكفَّل الله لمن طبقها من المسلمين بالصرة والتأييد، ولو كانت قوتهم العسكرية، وأسبابهم المادية أضعف من الكفار.

وأيضاً فإنَّ المسلمين ضيَّعوا أسباب النصرة المادية فأين هي القنابل الذرية ، والمتفجرات النووية، وأين الأسلحة والعتاد ، فلم يسمع لها صفيراً ولا همساً.

وعليه فإنَّ المنطق العقلي السليم يحكم بالانتصار لمن كانت عنده القوة والأسباب المادية ولو كان مضيعاً للأسباب المعنوية على الذي ضيَّع الأسباب المادية والمعنوية التي تحقق النصر والتمكين.

ولذلك انتصر الكفار على المسلمين الذين ضيعوا أوامر الله فنساهم سبحانه وضيَّعهم ، لذا قال عمر بن الخطَّاب- رضي الله عنه لقائده- [إنَّما ننتصر بمعصية عدونا لله وطاعتنا له فإذا استوينا في المعصية كانت لهم الفضل علينا في القوة] فمتى يستقيم الظل والعود أعوج؟!!


وقد
الكاتب: خباب بن مروان الحمد
التاريخ: 28/12/2006
عدد القراء: 5322

أضف تعليقك على الموضوع

الاسم الكريم
البريد الإلكتروني
نص المشاركة
رمز الحماية 6572  

تعليقات القراء الكرام
 

اعلانات

 لقاء الشيخ حامد العلي ببرنامج ساعة ونصف على قناة اليوم 28 نوفمبر 2013م ـ تجديد الرابـط .. حلقة الشريعة والحياة عن نظام الحكم الإسلامي بتاريخ 4 نوفمبر 2012م
 خطبة الجمعة بالجامع الكبير بقطر جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب بتاريخ 8 ربيع الآخر 1433هـ 2 مارس 2012م ... كتاب حصاد الثورات للشيخ حامد العلي يصل لبابك في أي مكان في العالم عبـر شركة التواصل هنا الرابط
 كلمة الشيخ حامد العلي في مظاهرة التضامن مع حمص بعد المجزرة التي ارتقى فيها أكثر من 400 شهيد 13 ربيع الأول 1433هـ ، 5 فبراير 2012م
 لقاء قناة الحوار مع الشيخ حامد العلي عن الثورات العربية
 أفلام مظاهرات الجمعة العظيمة والضحايا والشهداء وكل ما عله علاقة بذلك اليوم

جديد المقالات

 بيان في حكم الشريعة بخصوص الحصار الجائر على قطـر
 الرد على تعزية القسـام لزمرة النفاق والإجرام
 الدروس الوافيـة ، من معركة اللجان الخاوية
 الرد على خالد الشايع فيما زعمه من بطلان شرعية الثورة السورية المباركة !!
 خطبة عيد الأضحى لعام 1434هـ

جديد الفتاوى

 شيخ ما رأيك بفتوى الذي استدل بقوله تعالى" فلا كيل لكم عندي ولا تقربون " على جواز حصار قطر ؟!!
 فضيلة الشيخ ما قولكم في مفشّـر الأحلام الذي قال إن الثوب الإماراتي من السنة و الثوب الكويتي ليس من السنة ، بناء على حديث ورد ( وعليه ثاب قطرية ) وفسرها بأنه التفصيل الإماراتي الذي بدون رقبة للثوب !!
 أحكام صدقة الفطر
 أحكام الأضحية ؟
 بمناسبة ضرب الأمن للمتظاهرين السلميين في الكويت ! التعليق على فتوى الشيخ العلامة بن باز رحمه الله في تحريم ضرب الأمن للناس .

جديد الصوتيات

 محاضرة الشيخ حامد العلي التي ألقاها في جمعية الإصلاح ـ الرقة عن دور العلماء كاملة
 محاضرة قادسية الشام
 محاضرة البيان الوافي للعبر من نهاية القذافي
 نظم الدرر السنية في مجمل العقائد السنية للشيخ حامد العلي الجزء الأول والثاني
 إلى أم حمزة الخطيب الطفل الشهيد الذي قتله كلاب الطاغية بشار بعد التعذيب

جديد الأدب

 فتح غريان
 مرثية محمد الأمين ولد الحسن
 مرثية الشيخ حامد العلي في المجاهد الصابر مهدي عاكف رحمن الله الشهيد إن شاء الله المقتول ظلما في سجون سيسي فرعون مصر قاتله الله
 قصيدة ذكرى الإنتصار على الإنقلاب في تركيا
 قصيدة صمود قطـر


عدد الزوار: 46703328