سرُّ فرحِ الهنـْد بأحداثِ موُمبـاي
حامد بن عبدالله العلي
تأمَّلـوا هذا الخبر الذي تمّت صياغته بكلِّ خُبث : (نيويورك ـ يو.بي.آي ـ ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنّ خريطة وُزّعت ، كتمرين نظري في أوساط المحافظين الجدد في واشنطن تظهـر باكستان مبتورة ومصغرة ، وصلت أخيرا إلى أيدي مسؤولين في الجيش الباكستاني ، وأثارت لديهم اعتقادا أنّ ما تريده الولايات المتحدة هو تفكيك باكستان الدولة المسلمة الوحيدة التي تملك أسلحة نووية.
وأشارت إلى أن الخريطة المعدلة كانت كافية لإعادة تأجيج المخاوف التي تولدت نتيجة اتفاق التعاون النووي بين الولايات المتحدة والهند ،والتقدم الذي تحرزه الأخيرة في أفغانستان.
واعتبرت الصحيفة أن كلام مسؤول حكومي عن أبرز مصادر القلق هو التعاون بين الهند وأفغانستان لتدمير باكستان ، بتواطؤ من الولايات المتحدة، لا يمكن تجاهله.أ.هـ.
لم تكد تنتهي هذه المؤامرة (الإعلامية) ، حتى وقعت أحداث مومباي ، ولم يكد يتصاعد الدخان في سماء مومباي ، حتى اتجهت أصابع الإتهامات الهنديـة إلى باكستـان
وقد اعتادت الهند على أن تلعب دائما ـ بعكس أفلامها العاطفية! ـ أقذر الأدوار ضـد الحالة الإسلامية في باكستان ، وأفغانستان ، بل ضد العالم الإسلامي بأسره بوقوفها بصورة سافرة ، ووقحة ، مع الكيان الصهيوني ضد القضية الفلسطينية ، وهـي تستعمل كلّ وسائل الإجرام ، والوحشيـة ، لتحقيق أطماعها.
وتعالوا لنستحضر بعض التاريخ ، فالهنـد دولة محتلة لكشمير الباكستانية ، ورغم أنّ غالبة سكان كشمير من المسلمين الذين يرغبون الإنضمام إلى باكستان ، وأنّ الهند عام 1947م ، منعت إمارة جوناكره أن تنضم إلى باكستان بحجة أن أكثريتها هندوس ، كما الحال في حيدرآباد، غير أنها أصرت على إحتلال كشمير ، وجامو ،ذات الغالبية المسلمة ، ومازالت تحتلهما ، وترتكب أفظع الجرائم البشعة في حـقّ الشعب الكشميري المسلم هناك منذ عقود .
وكانت الهنـد تقـف وراء حرب "بنغلاديش" عام 1971 التي جزّأت باكستان إلى دولتين.
ثم مازالت الهند تحاول جاهدة أن تدمّر باكستان ، حتى استطاعت باكستان أن تفجّـر أول تجربة نووية باكستانية في أواخر التسعينات ، فرعبت الهند من ذلك .
وقد ازداد رعب الهندوس ، حكّام الهنـد ، بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانسـتان ، وتأييدها ودعمها لقضية كشمير المسلمة العادلة ، ولهذا لم تكد تقع هجمات الحادي عشر من أيلول ، حتى ألقت الهنـد بكلّ ثقلها فيمـــا أطلق عليـه ( الحملة الدولية على الإرهاب ) ،
ومكرهـا يتطلع إلى هدفين :
أحدهما : إختراق أفغانستـان تحت مظلـّة احتلال أمريكي ، والتعاون معـه و الكيان الصهيوني لتدمير الحالة الإسلامية والجهادية في أفغانستان ، ولهذا فإنَّ للهنـد نشاطا استخباراتيا هائلا مشتركا مع الصهاينة ، تحت غطاء عدة قنصليّات هندية منتشرة في أفغانسـتان .
الثاني : تدمير باكستان وتفكيكها ، تحت ذريعة أنها المطبخ الرئيس للجهاد الإسلامي في العالم الإسلامي بأسـره ، وأنهـا قلـب (المفاعل) الجهادي العالمي .
وقد دأبت الهنـد على تحريض الغرب الصليبي على أنَّه لامعنى لكلّ هذا الجهـد الهائل الذي تكبّدته أمريكا والغـرب ، لتقسيم العراق لأنّه منطلق تهديد للكيان الصهيوني ، والأطماع الغربية ، والضغط الهائل على السعودية لإحداث تغيير جذري في (البنية الثقافية والإجتماعيـة الإسلامية السعودية ) المتَّهمـة بأنها ( يورانيوم البعث الإسلامي ) ، وتحريض أثيوبيا على إحتلال الصومال خوفا من قيام نظام إسلامي فيهـا ، وخنـق غزة إلى درجة قتل الأطفال والمرضى ، وتجويع مليون ونصف فلسطيني فيها ، وملاحقة الإسلام في كلّ مكان ، بينما تُتـرك باكستـان على حالهـا ، وهي أشـدّ خطورة من العراق ، والسعودية ، والصومال ، وغـزّة ، وكل مكان فيه نهضة إسلامية.
وتقول الهند في تحريضها : إنَّ حركة طالبان ، لـم تنطلق إلاَّ من باكستـان ، وأخطر (الإرهابيين) اليوم منتشرون في وزيرستان الباكستـانية ، وباكستان متخمـة بالمدارس الدينية التي تملأ عقول المسلمين بالفكر الجهادي ، وأنَّ لأمتهم حقوقا ضائعة يجب أن يستردُّوها ، ومليئة بالحركات الإسلامية ، والجهادية ، التي تتحرّك بكلّ حريـّة ، وهو الشعب الإسلامي الأشـدّ تفاعلا مع القضايا الإسلامية ، وهي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تملك السلاح النووي ، ويمتلأ جيشها بالمتدينين.
وبإختصار .. لسان حال الهند يقول للغرب : إن كنتم تريدون القضاء على إسلام النهضـة الحضارية ، ولم تفكّكوا باكستـان ، فلن تصنعـوا شيئا .
ويحلو للهند دائما أن تذكر الغرب بقيادة أمريكا ، بخدماتها التي لا مثيل لها للكيان الصهيوني ، منذ سبتمبر 1950 ، عندما رحـبت الهنـد بتأسيس مكتب تجاري للصهاينـة في بومباي – وثمّـة أقلية يهودية – ليقوم بالإشراف على هجرة يهود الهند ، والعراق ،وأفغانستان ، إلى الكيان الصهيونـي ، ثم تحـوّل هذا المكتـب إلى قنصلية صهيونية في يونيو 1953 .
والهند هي أول دولة وقعت اتفاق نووي مع الكيان الصهيوني عام 1962م . وعرضت الهند تزويد الكيان الصهيوني بمادة الثوريوم ، واليورانيوم ، التي توجد باحتياطيات كبيرة في الهند ، مقابل أن يزوّد الصهاينة الهند بالتكنولوجيا النووية الجديدة ، والخبرات النووية .
ثـمَّ قام رئيس الأركان الصهيوني ديفد شالفيت بزيارة الهند عام 1963م ، ووقع اتفاقية عسكرية للتعاون الاستخباراتي والتدريبات المشتركة ، وتلبية احتياجات الهند العسكرية .
ثـمَّ عام 1965 م ، وعندما اندلعـت حرب الهند مع باكستان قدم الكيان الصهيوني للهند ، كميـّات ضخمة من الأسلحة ، والمعدات العسكرية لاسيما الصواريخ المضادة للدبابات ، وقذائف المدفعية ،وأجهزة الاتصالات. كما أرسلت الهنـد عام 1967 للكيان الصهيوني كميات ضخمة من قطع غيار مركبات القتال التي يحتاجها الصهاينة .
ثم بقي الإرتباط الصهيوني الهندوسي وثيقا جداً إلى مارس 1992 م ، إذ قام وكيل الخارجية الهندية جي إن ديكشت ، بزيارة لتل أبيب في أعقاب أحداث العنف في بومباي التي سقـط فيها أكثر من 350 شخصا، كما قام وزير الدفاع الهندي الأسبق شارا دايا وار بزيارة الكيان الصهيوني ، لمشاهدة معرض للتكنولوجيا الزراعية الدولية المقام هناك ، وشاركت فيه نحو 500 شركة هندية.
ثـمّ في أبريل 1997 ضبطت السلطات السريلانكية أربع حاويات تحمل 18 طناً من مواد كيماوية تستخدم في صناعة غاز الأعصاب، وكانت هذه الحاويات قادمة من بومباي إلى الكيان الصهيوني.
وفي يوليو 2001 وقّـع البلدان على عقد بقيمة مليار دولار يزود الكيان الصهيوني بمقتضاه الهند بنظام رادار متطور ، وطائرات بدون طيار ، ويُجـدِّد لها عددا من طائرات سلاح الجو الهندي, ثم في يناير 2002 وأثناء زيارة وزير الخارجية الصهيوني شمعون بيريز إلى نيودلهي ، تـم الإعلان عن صفقة قيمتها 250 مليون دولار لبيع طائرات رادار إسرائيلية من طراز فالكون.
كما يحلو للهند أن تعرض دعمهـا للغـرب لمساعدته في تطويق إيران ، ومساعدته في احتواء الصين ، وفيما يسمى الحرب الدولية على الإرهاب ، مقابل أن يحقق لها أمنيتها في تدمير باكستان ، وتفكيكها .
وأخيرا فالأيام القادمة سوف تشهـد تصعيـداً هندياً مدعوم أمريكيا ضـد المجاهدين في كشميـر ، ولا يستبعد أن تشن الهنـد حرباً عسكرية ضد الجهاد الكشميري خاصة ، وفي باكستـان بعامّـة مع أمريكـا، وأما زرداري فله تاريخ حافلٌ بالفسـاد ، فلقـد رضعـه ، وترعرع فيه ، فكيف لايبيع باكستـان ؟! وهل رأينا منذ أمد بعيـد ـ إلا من رحم الله ـ حكّاما إلاّ أسرع الناس في بيع الذمم في سـوق الدعارة السياسية الغربية !
ولكن مع ذلك فالأمل معقود بالله تعالى ، أن يرتد المكر الهندوسي على ماكريه ، ويرجع كيدهم إلى نحورهم ، وهذا ما نتوقعه بإذن الله تعالى ، كما خسف الله بأمريكا ، وأخزى كرزاي ، ورد أثيوبيا خائبة ، وعقـر شارون
،
ونسـأل الله تعالى الذي ثبَّت غـزة تحـت الحصار ، وشـدّة الأحـوال ، وربط على قلـوب المجاهدين في كلّ مكان رغم الأهـوال ، أن يزيد أهل الإسلام ثباتا في باكستـان ، وكشمير ، وأن يجعل عاقبة الهنادكة الخسران المبين ، ولن ينفعهم حينئذ الكيان الصهيوني ،ولا الغرب الصليبي.
والله حسبنا ، وحسب أمتنا ، عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلـون . الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 01/12/2008 عدد القراء: 11173
أضف تعليقك على الموضوع
|