انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  أنظروا هؤلاء الذين يشتمون عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، في شمال شرق إيران يزورون مقابر عليها الشواهد : أعضاء تناسلية وعلى بعض الأضرحة صورة الخميني !!  |  فيلم غربي يفضح عنصرية الصهاينة  |  المرجع (الحسني الصرخي) واقتتال أتباع المرجعيات الشيعية في جنوب العراق - ظاهرة جديرة بالاهتمام والتحليل..!   |  بربكم ماذا أقول للإمام الخميني يوم القيامة؟ هذا ما قاله عدنان الأسدي وكيل وزارة الداخلية لضباط شرطة شيعة خدموا وطنهم بإخلاص....!!!  |  (حسن نصر اللاة) يقول: مايحدث في حمص المنكوبة هو مجرد فبركات إعلامية..! - تفضل شوف الفلم يا أعمى البصر والبصيرة.. تحذير: مشاهد مؤلمة  |  شهادة شاهد عيان شارك في مذبحة حماة  |  
 الصفحة الرئيسية
 قـسـم الـمـقـــالات
 خـزانــة الـفـتاوى
 الــركـن الأدبــــي
 مكتبة الصـوتيـات
 مكتبة المـرئـيـات
 كـُتـاب الـمـوقــع
 مشاركات الـزوار
 مكتبـة الأخـبـــار
 مكتبـة المـوقـــع
 تحـت الـمـجـهــر
 خدمات عامة
 راســلــنــــــا
 محرك البحث
 مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali وهذا عنوان حسابه الجديد hamedalalinew

    لقاء الموقـع الدوري مع فضيلة الشيخ

حفظ في المفضلة
أرسل الموضوع
طباعة الموضوع
تعـليقـات الـزوار


لقاء الموقـع الدوري مع فضيلة الشيخ
حامد بن عبدالله العلي


السلام عليكم ورحمة الله فضيلة الشيخ ، ومساك الله بالخير ،
وعليكم السلام ورحمة الله ،، ومساكم الله بالرضا والعافية ..

نبدأ بتوفيق الله بالسؤال عن أضواءعلى المشهد العالمي والإقليمي؟

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

المشهد العالمي له ثلاث فصول :

صورة تخبط المشروع الأمريكي وبوادر انهزامه ، وهذا بفضل الله تعالى، ثم الجهاد العالمي ، وسنشرح هذا إن شاء الله .

وصورة التجاذب بين المشروع الصفوي الإيراني الذي يوظف التشيع ، والمشروع الصهوصليبي ، تجاذبهما على الأطمــاع في العراق والخليج ،

وصورة المؤامرة الصهوصليبية ، بالتعاون مع الأنظمة العربية الخائنة، تآمرهم على حقوق الأمة في فلسطين

وأقول حقوق الأمّة لأن الحقوق في قلسطين ، هي حقوق أمتنا ، فالشعب الفلسطيني جزءمن أمتنا ،

والأرض جزء من أرض الإسلام ،

ولها خصوصية وجود المسجد الأقصى ، حيث إرث الإسلام عبر التاريخ كله ، منذ إبراهيم عليه السلام الذي هاجر إلى بيت المقدس ، ثم صار مهاجر الأنبياء ، حتى صار مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم ، وصلّى هناك بالأنبياء لبيان وحدة الرسالة الإسلامية ، منذ أن نزل بها آدم عليه السلام ، إلى بلوغها خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، وكوننا نحن ، بعد ذلك ورثتها ، وعلينا مسؤوليتها التاريخية ، فليست هي مسؤولية الفلسطينيين وحدهم ، وإن كان لهم شرف المقدمة ، والإنجازات والتضحيات ، وقد أبلوا في ذلك بلاء حسنا جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا .

طيب فضيلة الشيخ : دعنا نستعجل ـ قبل أن ننسى ـ موضوع دور الجهاد العالمي في هزيمة المشروع الأمريكي؟

هذا المشروع أخطر مشروع مــرّ على أمتنا ، حتى إنه صرح بعزمه تغيير مناهج التعليم ، وأنماط الثقافة ، وهدد الهوية تهديدا مباشرا ، بل فرض على بعض الدول تغيير تفسير القرآن فأطاعته! وتدخل حتى في خطب الجمعة ، ودروس المساجد ، ليفرض ثقافته بقوة السلاح والتهديد ، وقد حشد من قواته ، وعتاده، وجيوشه في بلادنا ، ما ظن أنه يرهبنا فينجح في هزيمتنا عن عقيدتنا !

وقد أنعم الله تعالى على أمتنا بهزيمة هذا المشروع في العراق على يد المجاهدين الأبطال ، وهذا واضح جدا ، ولا يحتاج إلى بيان ، فعندما جاءت الجيوش الصليبية ، أطلق زعيم الحملة الصليبية بوش خطبته الصليبية المشهورة ، معلنا أنها حرب صليبية ،

وسماها العدالة المطلقة ، مستعيرا نفس الإسم ، للحملة الصليبية ، الـــتي هزمها الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله جزاه الله عن أمتنا خير الجزاء ،

ثم انطلق أركان حكومته البروتستانتية المتصهينة ، في التجوال حول العالم ، و التبشير بتغيير عالمي على وفق نظرية ( الدومينو ) الـــتي ستبدأ بإرساء نموذج ( موديل ) للمشروع الأمريكي في العراق ،

ثم إشاعته في المنطق كلها ، ثم يكتسح العالم ، وقد نُشر هذا المشروع على الملأ ، وبدأت العصابة الصهيوصليبية متفاءله، بغرور طاغ ، للسيطرة على العالم في إمبراطورية غربية جديدة ، متشبعة بالروح الصليبية ، والمكر الصهيوني .

وأذكر أن بوش قال ( سنقاتل العدو بكل قوتنا وعظمتنا ) ، وانطلقت الآلة الإعلامية الأمريكية توزع صور الجيوش الأمريكية بصورة مهيبة ، لإظهار صورة القوة العظمى الـــتي لاتهزم .

ولا يخفى أيضا ما وراء ذلك ، من هاجس الرغبة الجامحة في إعادة الهيبة الإمبراطورية ، بعد حادث الحادي عشر من أيلول .

لكن ما إن تهاوى جيش البعث العلماني ، كما تهاوت كلّ الشعارات العلمانية من التأثير في الأمة ،

حتى أذن الله تعالى برفع راية الجهاد ، فأثبتت وجودها ، كما أثبت الخطاب الإسلامي أيضا قوته في الأمة ،

واستطاع الجهاد الإسلامي في العراق ، أن يمرغ أنوف الصليبيين في التراب ، ويذيقهم كؤوس الذل ، ويضرب للأمة أروع الأمثلة في التضحيات الجهادية ، الــتي تثمر النصر ، مهما كانت الظروف قاسية، والعدو هائلا في العدد ، والقدرات .

لكن ما مفهوم النصر هنا ، فالقوات الأمريكية لازالت تحتل العراق ، وتسيطر عليه ، وتشكل الحكومات فيه ؟

أي سيطرة ؟!

الأمريكيون كانوا أكثر سيطرة على العراق أثناء الحصار في زمن البعث منهم الآن ، يكفي أن نتذكر جنودهم استغاثوا أمام رامسفيلد لزيادة تحصين المدرعات ، الــــتي تحمل الجنود فهم لا يشعرون بالسيطرة حتى وهم داخل دروعهم ،

إنهم أشد ما يكونون خوفا وذعرا في العراق ، من أي مكان آخر في العالم ، ونزف القتلى والجرحى من الجيش الأمريكي لايتوقف ، والشوارع في المدن العراقية مليئة بالموت يتربص بهم .

وثانيا الحكومات الـــتي نصبها المحتل كلها كانت ولازالت فاشلة وخائنة ،لان المحتل لايهمه سوى تحقيق أطماعه ، والدليل واضح للعيان ، الفساد مستشر في العراق إلى حـد لايمكن وصفه ، حتى لقد تمت فيه أكبر عملية نهب في التاريخ ، بدأت من بريمر ولم تنته حتى الآن ، وأما متطلبات الحياة فتكاد تكون معدومة ، وكذلك الأمن ، وكل ذلك بسبب المحتل وأولياءه ، فقد سجل الفشل على جميع الأصعدة بامتياز .

وثالثا أعظم نصر هو إيقاف هذا المد الصليبي ، وتحطيم المشروع الصيهوصليبي ، وإفشاله ، لاسيما إذا نظرنا إلى أن قدرات المقاومة لهذا المشروع متواضعة جدا في موازين الحياة الدنيا ، فلهذا كان تعثر المشروع الأمريكي في العراق بعدما احتلتها أشبه بالمعجزة ، وهو كذلك آية من آيات الله تعالى لمن تدبر .

ورابعا أعظم من هذا كله فضح شعاراته ، وإظهار إفلاسه الحضاري ، فالحرب ليست غاية ، إنها وسيلة والحرب الحقيقية هي حرب المفاهيم والعقول ، تماما كما قال وزير الدفاع الأمريكي ذات مرة .

لو تشرح لنا فضيلة الشيخ هذه النقطة بإسهاب بارك الله فيك .

معلوم أن المشروع الأمريكي انكشفت سوءته ، وظهرت أكاذيبه ، وتبين كم هو زائف ما يزعمونه عن حملهم قيم الحرية ، وحماية حقوق الإنسان للعالم ، هذه هي الهزيمة الحقيقية .

وأما الجهاد في العراق ، فانتصر، فقد حقق جميع أهدافه ، لقد أوجد أرضا جديدا للجهاد فكريا وعسكريا ، ورموزا جديدة ، وجند أعدادا كبيرة جدا ، ونشر أهدافه في العالم ، وأثبت قدرته الباهرة على النجاح في أحلك الظروف ، لقد أثبت ذلك عمليا وليس بالخطابات الــــتي ملت منها الأمة ، فهم يتكلمون قليلا بألسنتهم ، ويتحدثون عاليا وبقوة وإنجازات باهرة بأفعالهم ، وهذا هو سر النجاح الأكبر ،

وهم مستمرون في زخم النصر ، وتتابع الإنجازات بحمد لله تعالى رغم قلة الأنصار ، وكثرة الخاذل والمتخاذل ، وضعف الإمكانات ، وعظم الإخطار حولهم ، وشدة الحصار عليهم ، إعلاميا وماديا ومعنويا ، ومع ذلك ماضون لايقف أمامهم شيء بحمد لله تعالى

وأما المشروع الصليبي، فقد فشل في جميع أهدافه ، بل تحول مشروعه إلى هزائم متتابعة لإدارة بوش ، وكوابيس لا تنتهي ، وسقط مع بوش بلير ، وبدأ بوش يحصد بدل المكاسب من العراق ، المصائب ، حتى غوانتنامو تحول إلى مصيبة على أمريكا ، وفضيحة الخسائر في العراق ، والتعذيب ، وفضائح الفساد في حكومات المحتل ، وفضائح الفشل العسكري ، وفضائح الفشل الاستخباراتي ، والفضائح السياسية كبيرة جدا ،

ولهذا فقد أصبح هم الإدارة الأمريكية الحالية هو إنقاذ بوش والجمهوريين من وراءه ، من سلسلة الهزائم السياسية فيما لو نجح الديمقراطيون في انتخابات الكونغرس القادمة ، فهم سيفتحون كل ملفات إدارة بوش ، ويحققون فيها وربما يطلبون عزله ، وهذا ليس ببعيد من رئيس وصل مستوى شعبيته إلى 31% فقط .

بينما في المقابل رموز الجهاد المعادين لأمريكا ، يحصدون أعلى نسب للشعبية في الدول العربية ، فشتان بين قادة صاروا أبطالا في قلوب الناس ، من غير أن يدفعوا رواتب للناس ولا يرهبونهم بهروات الأمن ، ولايحملون نياشين ، ولا تصفق لهم وسائل الإعلام ، وبين قائد استحوذ على كل ذلك ثم فشل !

والخلاصة إن أمريكا أعلنت إفلاسها الحضاري في هذه الحرب ، وانكشفت أمام الناس كلهم أنها لاتستحق قيادة العالم ، وأنها سبب تعاسته أصلا ،

وهذا هو النصر لنا ، و الهزيمة لأمريكا ومشروعها بحمد الله ،

ولهذا كنت أقول ولازلت تقريبا لقد وصلنا إلى نهاية المهمة في المعركة ضد الغرب ، وألحقنا به الهزيمة المعنوية ، وبقي فقط حفل الإعلان ،وهذا قريب بإذن الله تعالى .

هذا تفاؤل كبير فضيلة الشيخ ، وسأسالك عن حكم الذهاب للجهاد لمناسبة الحديث ؟

التفاؤل مطلوب وإيجابي ، الخطر من التشاؤم فهو هزيمة نفسية مبكرة.

والجهاد حكمه معروف ، لايحتاج إلى فتوى جديدة، هو فرض عين على بلد غزاها الكفار ، وعلى من يليهم ما تقوم به الكفاية ، وهذا اتفق عليه الفقهاء ، وإن أراد مسلم أن يقوم بفرض الكفاية ، أو يتطوع بالجهاد ، فهو على ذروة سنام الإسلام ، والحدود السياسية لا عبرة لها ولاتنبني عليها أحكام الشريعة ، فالمسلمون جميعا أخوة ، يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم .

دعنا ننتقل إلى عنوان آخر فضيلة الشيخ ، وهو المشهد الفلسطيني.

الأفضل ننهي الملف ثم ننتقل إلى آخر، فإذا كنت جمعت الأسئلة في الملف العراقي والإيراني وما يتعلق بهما فقدمها ؟

حسنا ، ما هي حقيقة النزاع الإيراني الأمريكي ؟

هو نزاع إقليمي ، فالمشروع الإيراني الإمبريالي مشروع قديم ، والنظام السياسي الحالي في إيران ، الذي يطلق على نفسه الثورة الإسلامية ، له أطماع توسعية إمبريالية معروفة ، وهو يوظف التشيع لها أعظم توظيف ، حيث تمتزج العنصرية الفارسية وعقيدة الرافضة ، وهذا لايخفى على أحد فهو منشور ومعلن وواضح وكتب فيه كتاب كثيرون .

عفوا فضيلة الشيخ حول موضوع تكفير الشيعة ؟

لو تركتنا نكمل ثم نعود لهذه النقطة ، على أية حال هنا نقول إن الأمّة تعايشت مع الفرق التـي ضلت في تأويل التنزيل ، وكان العلماء يفرقون بينهم وبين الذين ضلوا في إنكار التنزيل وهم الزنادقة ، ولهذا لم يحدث قط أن المسلمين ـ وإن كانوا يمنعون البدع من الظهور ـ استأصلوا الفرق الضالة التـي تعيش بينهم ، وإن كان بعض الفرق فعلت بأهل السنة جرائم عظيمة ، في أزمنة مضت فالصفيون قتلوا مئات الآلاف من السنة في إيران حتى حولوها إلى التشيع ، واليوم في العراق يحدث ذلك لأهل السنة ،

أقصد إن الأمة تعايشت مع الشيعة فرقة عقائدية ، وتكفير كل من منتسب إليهم غلط ، كما تكفير الخوارج ، والمعتزلة ، والمرجئة والقدرية ، غلط أيضا ، ولكننا هنا نتحدث عن واقع آخر ، نتحدث عن عدوان ، وخيانة ووقوف مع المحتل ، ونتحدث عن أحقاد لاتوصف ، وإبادة لأهل السنة ، وجرائم شنيعة يرتكبها نظام صفوي عنصري حاقد يوظف التشيع ، وينبغي أن ننتبه إلى أمر مهم هنا ، وهو أن في الشعب الإيراني ، وفي النخب الثقافية أيضا ـ في الاغلبية الشيعية ـ من يرفض توجه السلطة الحاكمة ، ويتطلع إلى تواصل ودّي مع الجيران ، ويدعو إلى كبح جماح عنصرية النظام ، لكنهم مضطهدون وملاحقون من قبل النظام .

طيب يا شيخ نرجع إلى النزاع الإيراني الأمريكي ؟

نعم ،، الأمريكيون يرون في النظام الإيراني أو إيران نفسها من جهة ، أنه رقم قوي ، ومفيد في معادلة إدارة الأزمات ، لصالح الأطماع الأمريكية في المنطقة .

ومن جهة أخرى ، هو منافس لاينبغي تجاهله ، ولا يصح تركه ، حتى يتمدد ، ويتضخم ن فيصبح أكبر من قدرة الأمريكيين على استعماله في تلك المعادلة .

وقد تقاطعت المصالح الأمريكية مع النظام السياسي في إيران في إسقاط الإمارة الإسلامية في أفغانستان بقيادة حركة طالبان ، وإسقاط النظام البعثي في العراق ،

وكل منهما كانت إيران تكن له عداوة شديدة ، وقــد استفادت إيران من الآلة العسكرية الأمريكية ، وكانت تظن أنها تستثمرها لصالحها ، كما كانت الأمريكيون يرون أنهم يستثمرون الإيرانيين أيضافي مشروعهم ، وكذلك فعلوا .

ولكن لايخفى أن من عادة الأبالسة المتآمرين أن يتآمرون مع بعضهم ، ثم على بعضهم ، بل أثناء تآمرهم مع بعضهم يحيكون المؤامرات على بعضهم أيضا ، كل يعــدّ للفصل الأخير من المؤامرة ، يريد أن يرسمه لصالح أطماعه.

وهكذا عالم السياسية غير الشرعية ، سياسة الأطماع والمصالح الدنيوية ، قائمة على الدسائس ، وفقدان الثقة، والخيانة، والتآمر، والكذب ، والخداع .

وهذا لايعنينا منه سوى أننا يجب أن نردك أن الإمبريالية الصفوية ، لاتقل خطورة عن المشروع الصهيوصليبي .

وهنا يجب أن نتوقف وقفة مهمة وخطيرة جدا ، فهنا مفصل استراتيجي يجب أن نعيه جيدا .

تقصد وقفة ضـد الإمبريالية الفارسية الصفوية ، وكيف ؟

أقصد أن الأزمة الحالية بين الشيطانيين ، الصفوي والصليبي ، ستنتهي إلى مواجهة كبيرة ، وهذا مؤكد لا ريب فيه ، وستكون حربا عظيمة ، هدفها تحجيم النظام الإيراني ، تمهيدا لتغييره ، وتغيير النظام السوري ، وعزل الجيوب الشيعية وإبقاءها كما كانت دائما مادة احتراق لمشاريع أمريكا .

فأمريكا بقدر ما تريد دعم الجيوب الشيعية في دول أخرى ، بشرط إحراقها في مخططات سياسية تصب في صالح أمريكا ـ كما يفعل المحتل بالأقليات دائما ـ تريد أن تبقي إيران في حدود نفوذ ، وهيمنة ، تفرضها هي عليها .

لأن لكل دولة حدود سياسية ، وحدود مصالح ، وحدود نفوذ ، وحدود هيمنة ، وحدود أمن .

والمشروع الإمبراطوري الأمريكي ، معناه أن يكون لأمريكا اليد العليا في تحديد هذه الحدود لكل دول العالم ، وفي إبقاءها تدور في فلكها ، ثقافيا وسياسيا وإقتصاديا ،

والمقصود أن المواجهة ستؤدي إلى سقوط النظام الإيراني ومعه حلفه عبر سوريا و(حزب الله )، ولكن ذلك سيمر عبر فوضى كبيرة ، وأحداث دامية ، تؤدي إلى تغيير في خارطة المنطقة ،، ونحن هنا لانتمنى الفوضى ولا الفتن ، غير أن كل المؤشرات تدل على أن عنوان المرحلة القادمة الكبير هو الفوضى والله المستعان .

ولكن هل ستقدم أمريكا على هذه الخطوة بعد فشلها في العراق ، كأنه انتحار ؟!! وهل الفوضى هذه ستكون مفيدة للإسلام أم لا؟

لاريب السياسية الأمريكية قـد تلجأ إلى الفوضى لجوء اليائس ، ولهذا تسميها الفوضى الخلاقة ، أعني أنها تريد الفوضى إذا فشل مشروعها ، وتريد أن تبقي الفوضى والصراعات الإقليمية بديلا يحقق مصالح أخرى بديلة ،كما يريد الصهاينة ذلك ، فإن اليهود يفضلون إدخال المنطقة حولهم في حروب ليبقوا آمنين .

كما أن الأمريكيين يدركون جيدا أن إيران استغلت ظروف أمريكا القاسية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، في إيجاد دور إقليمي قوي ، فلهذا لم تعد قادرة على الانسحاب ، تاركة وراءها هذا الدور يتعاظم .

ولكن الحقيقة أن أمريكا ستقدم من خلال حماقتها ، خدمات جليلة لأعدائها وهم المجاهدون ، وهكذا لقد صدق من قال إن أكبر داعم (للإرهاب ) ـ أرجو أن لاتنسى الحاصرتين ـ هو إدارة الرئيس الأمريكي .

والحقيقة أن هذا ليس مختصا بهذه الإدارة، بل أمريكا أصلا مشهورة بالفشل السياسي الخارجي ، ولها تاريخ طويل بامتياز بهذا الفشل ،

وهي تقع في أخطاء تولد أخطاء أكبر هكذا ، وهذا ما حدث لها في العراق ، ولهذا هم أكثر الناس جهلا بما سيفعلون فيه الآن.

ولكنهم سيجدون أمامهم اتجاها جبريا لحرب جديدة ، فالخيار الثاني هو ترك المحور الإيراني السوري يتمدد وينتصر بعد خطاب المواجهة والتحدي ، ويحصد كثيرا من ثمار الحملة الأمريكية في العراق .

وهذا شيء لاتقبله العقلية الأمريكية بنعرتها الصليبية وحمق رعاة البقر ،

لكنه سيكون مفيدا هذه المرة .

والخلاصة أن إتساع دائرة الفوضى إلى خارج العراق ، بحماقات أمريكية جديدة ، أشبه بتخبطـات الغريق في المستنقع ، سيكون لصالح الإسلام بإذن الله تعالى ، فالله تعالى يجعل تدبير أعداء هذا الدين تدميرا عليهم .

هل هذا يؤكد التحليل الذي يقول إن القاعدة أدخلت أمريكا في حرب استنزاف طويلة ستنتهي بإضعافها وطردها من الهيمنة على النظام العالمي ؟

نعم هذا هو الطريق الذي تسير فيه أمريكا شاءت أم أبت ، تسير فيه كما سار فرعون في البحر الذي شقه موسى عليه السلام ، وهو يرى بأم عينه أنه يسير إلى هلاكه ، فالذي شق البحر قادر أن يطبقه عليه ، ومع ذلك سيق إلى حتفه وهو يراه ، وهكذا الطغاة يضرب الله تعالى بهم المثل في الغباء وهم في أوج كبرهم وغرورهم .

لكن متى تتراجع القوة الأمريكية العملاقة ؟

والله أعلم ،، والأمر كلّه بيد الله ، لكن المتوقع فيما بين عشر إلى عشرين سنة ، وقد بدأنا نرى كيف أن العالم بدأ يبرز فيه قوى أخرى تنازع أ مريكا ، حتى طغاة روسيا بدؤوا يفكرون بإعادة الحرب الباردة، وكذلك الصين ،

وثمة تحالفات تتمرد على واشنطن في أمريكا اللاتينية، وهذاما سيأذن برجوع الإسلام قوة عالمية بإذن الله ؟

متى ؟

عندما نتكلم على الصراع الحضاري فهذا يعني أننا سنعبر جيلا أو أكثر .

دعني أصارحك فضيلة الشيخ : إن هذا أشبه بالحلم ؟!

سبحان الله ! أنظر هذا الدين أول ما بدء ، كانت عوامل نجاحه لاشيء ، غير أن الله تعالى تكفل بنصره ، فانتشر حتى حكم نصف الكرة الأرضية في أقل من نصف قرن ،
وكانت الظروف أشد قسوة ، فنبينا صلى الله عليه وسلم كان لوحده ، وكلّ العالم ضده ، فانتصر ، وكذلك اليوم سينتصر لان النصر كان لرسالته ، ورسالته موجودة بيننا ، كما كانت في عهده صلى الله عليه وسلم ،

واليوم نرى إرهاصات النصر ، الجهاد ماضي وقوي ويزداد كل يوم ، ويحقق انتصارات باهرة عظيمة أشبه بالآيات والمعجزات ، وقادته يتصدون لأعداء الأمة بقوة وعزيمة وعزة الماضين ، والخطاب الإسلامي يكتسح الآمة ، والصحوة تنتشر انتشار النار في الهشيم ، حتى لاتوجد نشرة أخبار ليس فيها أنباء الإسلام ، إما انتصارات أو أنباء معركته ،

هذا كله لايعني سوى أن الأمة في طريق النهضة ؟

طيب فضية الشيخ ، النهضة ما هي متطلباتها ؟

الإخلاص لله ، والتمسك بحيل الله تعالى ، كما قال العلماء ، الإخلاص والمتابعة ، قال تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) .

فلابد من اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ( واعتصموا بحبل الله جميعا) والانقياد لشريعته ، ولابد من التخلص من حظوظ النفوس ، وإخلاص العمل لله تعالى ، ( ولاتفرقوا ) ، والتفرق يأتي من حظوظ النفس ، ويأتي من ترك طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ، والإخلاص علاج الداء الاول ، والتجرد لإتباع الشريعة علاج الثاني

هذا على سبيل الإجمال ، ولكن ماذا عن التفصيل ؟

على مستوى التفصيل لابد من الإعداد الإيماني، والعسكري ، والسياسي ، والفكري ، وعلى جميع المستويات ، وكله يرجع إلى سبيلين :

العلم والجهاد ،

والعلم يشمل كل ما تحتاجه الأمة اليوم من علوم بدينها الذي هو هويتها ، وما يلزم من علوم النهضة كلها ، بما فيها من وسائل العصر ، حتى السياسية منها ، فالإسلام حركة تغيير عالمية تواجه الواقع وتغييره بوسائل مكافأة ، فهو إذا عجز عن فهم الواقع الذي يعيشه سيفشل ، وإذا عجز عن تحصيل ما يلزم من معارف النهضة اللازمة للمنافسة مع الأمم الأخرى سيفشل أيضا .

ومن أسباب النهضة المهمة أيضا استثمار الإسلام معطيات الواقع المعاصر لصالحه .

والجهاد يشمل كل أنواع الجهاد ، وتحصيل السلاح ، وفهم الحروب المعاصرة كلها ،وأنواعها ، وكيفية استثمارها لصالح معركته .

فضيلة الشيخ قلت استثمار معطيات الواقع لصالحه ؟ كيف يكون هذا ، لأن بعض الناس يرون في هذا تنازلا أو أنه لايمكن إلا بتقديم التنازل ؟

ثم فرق كبير بين استثمار الوضع القائم ، ودعنا نقول : البيئة السياسية ، والاجتماعية ، مثلا بما فيها من قوانين وأعراف ،لصالح الإسلام ، وبين السماح للوضع السياسي بتوظيف الإسلام ، في خدمة شعارات الجاهلية .

الذين سمحوا لأنفسهم أن يتم توظيف حركاتهم الإسلامية سياسيا لصالح شعارات جاهلية ، قـد جنوا على أنفسهم ، وعلى الإسلام ، وانتهى أمرهم إلى الإفلاس والفشـــل ، وقد كتبت في هذا كثيرا ،

فعالم السياسية فيه من المكر ، والخبث، ووسائل الكيد ، ما يعجز الواصف له عن وصفه ، وقد قال تعالى ( وقد مكروا مكرهــم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) لكن من توكل على الله تعالى ، واستعان به ، وصدق ينصره الله تعالى وعد الله لايخلف وعده ، ولهذا قال بعد الآية السابقة ( فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام ) .

وفي عالم المكر السياسي ، ومنه : السماح للحركة الإسلامية بدخول اللعبة السياسية ، حسب شروط الجاهلية ، لأن طبيعة اللعبة أحيانا تستلزم وجود رقم إسلامي فيها! ليتم توظيفه فقط ، فالمشهد الشعبي يتطلب ذلك أحيانا .

وتجد الحركة الإسلامية نفسها في النهاية ، تماما مثل موضع تلاوة الآيات القرآنية في عمل الساحر!! فهي جزء من عمله كما يقال عندنا في العامية : ( لزوم الشغل ) ، يقرأها لخداع الناس ويعمي أبصارهم عن عمل السحر .

وهنا تكمن الخطورة ، وللأسف وقعت فيه بعض الجماعات إلى العظم ، أنظر مثلا إلى تجربة الحزب الإسلامي في العراق ، مأساة بل كارثة بمعنى الكلمة !! فقــد حولت خطاب الحركة الإسلامية إلى أحد العازفين في لحن المشروع الصهيوصليبي الذي جاء لإستئصال الأمة !

مهلا يا شيخ هنا خطر على بالي سؤال قبل أن نكمل ما رأيك في استفادة بعض القنوات الفضائية الفاسدة من جهود شخصيات إسلامية بارزة ؟

القضية متشابهة ، فنحن نحمل رسالة ، يجب أن ننتبه إلى أن تكون استفادتنا من وسائل العصر لخدمة رسالتنا في الإصلاح ، أرجح من استفادة غيرنا منا في الفساد ،

بعض القنوات الفضائية فاسدة ، ومفسدة ة ، قد أسست لهدف خبيث ، فهي ليست مجرد قناة إخبارية ، وأحيانا تكون بحاجة إلى وجه ديني لكي تنجح ، فيكون الشيخ كأنه أحد (البراغي) أو ( التروس ) الذي لزم لإدارة هذه الماكنة الإعلامية ، فيسارع بعض الشيوخ لسد موضع هذا (البرغي )، أو يتحول إلى ترسك في آلتهم الإعلامية ، يجذب بعض المشاهدين ، دعاية للقناة فحسب ، مع أنه ليس بحاجة إليها لينقل رسالته ولاصوته ، فالبدائل متوفرة بحمد الله .

وللأسف هذا ينطلي على من همّه الظهور الإعلامي ، فهذا إضافة إلى كونه غير مشروع هو أيضا نوع من السذاجة ، بينما لوكان العكس أعني أن الدعاة يسخرون القناة لمصلحة رسالتهم ، فهو مشروع في الجملة ،

مع ملاحظة ـ كما ذكرت قبل قليل ـ أن توفر البدائل الإعلامية ، الـــتي يمكن أن يستغلها الخطاب الإسلامي ، بدون تقديم خدمة لمنابر الفساد ، يجب أن يستفاد منه ، أقصد هذا التوفر مع ثورة الاتصالات ، يجب أ ن يستفاد منه لمحاضرة منابر الفساد وكشفها بمقاطعتها ، هذاهوالموقف الشرعي في الجملة ،

ولكن الالتزام به مع تشتت الآراء صعب جدا على أية حال .

نرجع إلى القضية الأولى الاستفادة من الأوضاع السياسية في المشروع الإسلامي ؟

نعم أقصد أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، قد خطت منهجا واضحا ، فرّق بين استثمار الواقع السياسي لصالح الإسلام ، وبين التنازل عن قيم الإسلام من أجل أن تقبله الجاهلية ،

فكان في الثانية شديد الحزم ، كما حذره الله تعالى عن أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله إليه .

وكان صلى الله عليه وسلم في الأولى أعظم قدوة لأمته ، في توفير جميع أسباب نجاح الدعوة ، حتى لو كانت من وضع بيئة تعيش فيها الدعوة ،

ولهذا استفاد من نصرة عمه الكافر ، ومن نهوض عشيرته للدفاع عنه حتى كافرهم ، واستفاد من جوار المطعم بن عدي ،فيما هو أشبه بالحلف السياسي ، وأمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مستفيدا من عدالة ملك لم يدخل في دينه بعد فيما هو أشبه باللجوء السياسي.

وعلى مستوى التنازل الشكلي الذي يحقق مصالح أكبر مع الحفاظ على الثوابت ، سمح بديباجة عقد صلح الحديبية أن لاتحول دون تحقق ثمار العقد ،

ودخل في عقده ذالك من خزاعة من لم يكن مسلما ، فاستفاد من ذلك في الفتح ،

واستثمر النظام القبلي في الجزيرة ، وكان يعطي رأس القبيلة من سهم المؤلفة قلوبهم ليسلم طمعا في المال ، فيتغاضى عن نيته ترجيحا لمصلحة إسلام قبيلته باسلامه ،

كما استفادت دعوته من صراع فارس والروم ، وإنهاك بعضهما بعضا في الحروب ، وكان ذلك الصراع العالمي مهما لصعود الإسلام ، حتى فرح المسلمون بهزيمة الفرس كما في مطلع سورة الروم

والخلاصة أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سخـّـر كل هذه الأوضاع القائمة لرسالته ، ولم يتجاهلها ، ولم يضرب حول نفسه عزلة عن البيئة ، فأثمر نهجه النصر والعزة لها ، والغلبة لأمته ،

والسبب أنه تمسك بما أنزل الله تعالى إليه، وثبت عليه ، ولم يحد عنه، في أحلك الظروف ، وكان يصدع بالحق ويجاهد به جهادا عظيما ، حتى قال للكفار وهو في ذلك الحين مستضعف مع المؤمنين ، قال لهم : لقد جئتكم بالذبح ، وصدع بما أمر الله تعالى أن يصدع به ، وثبت على الحق الذي أرسله الله به ، ولهذا نصره الله تعالى

أما ما يفعله بعض الناس اليوم من الافتراء على الله تعالى لإرضاء الطواغيت ، والكذب على الدين لئلا يغضبوهم ، وتوظيف الدعوة لفائدة سلطات محاربة للإسلام ، ووضع الفتوى الشرعية في خدمة بطش البوليس في الدعاة والمجاهدين ، وكل ذلك باسم المصلحة الشرعية ، فهذا هو منهج بلعم بن باعوراء عينه نسأل الله العافية والسلامة

ودخول البرلمانات ؟

نفس الحكاية ، وإضافة إلى كون هذه البرلمانات مبنية على ما يناقض الشرع ، هؤلاء أيضا يكرسون الواقع السياسي المزيف ، ويلبسونه رداء الشرعية ، ثم في النهاية يخرجون بمكاسب وهمية، مع أنها تزيد خلافاتهم ، وانقساماتهم ، وصراعاتهم ، لأنها في الحقيقة مكاسب حزبية شخصية ، وليست للأمة ، ولهذا وجدت السلطات إن إقحام الحركة الإسلامية في اللعبة السياسية الــــتي خيوطها بيد السلطة ، يشغلها أولا عن مشروعها ، ويوقع بينها العداوة والبغضاء ثانيا ، ويفقدها الصدقية عند الناس ثالثا ، ويحولها إلى (لحى مستأجرة ) في خدمة أطماع السلطة رابعا ،

وهذا واقعها واضحا لاتخفى منه خافية .

حسنا يا شيخ بالنسبة لمشروع النهضة ، يأتي دائما الحديث عن السلاح سبيلا للوصول إلى نهضة الامة؟

لن تنهض الأمة من غير السلاح ، الجهاد هو سبيل عزها ، لكن السؤال هو متى وأين ؟ وقد ذكرت سابقا غير مرة أنه يجب أن نفرق بين نهج التعامل مع الاحتلال ، ونهج التعامل مع السلطات المنحرفة الـــتي ابتليت بها أمتنا .

الخلط بين النهجين خطـأ بل خطر ، وضابط الأمر أن الجهاد وسيلة تغيير في مشروع أمة تحمل رسالة رحمة وإصلاح وخير ، ولهذا كانت عناوين الإسلام كلها عناوين السلام ، والإيمان ، والإحسان ، والرحمة، والخير ، والجهاد وسيلة لتحقيق هذه الغاية ، ولهذا إذا تحول مشروع الجهاد إلى مستنقع دم لامخرج منه ، فهذا مؤشر يجب أن يحدث يقظة ، ولاعيب في استيقاظ الاجتهاد بعد اكتشاف الانحراف.

ويجب أن ننتبه إلى أن العدوّ قد يكون قتاله مشروعا لكن يترجح نقل المعركة عن البيئة ، كما في مؤتة مثلا ، فالجهاد ليس خبط عشواء ، إنه مشروع لاينجح إلا بتوفر عومل النجاح .

والمقصود أنه لابد له من بيئة تحتضن الجهاد ليحقق تلك الغاية ، الصلاح ،والرحمة ، والخير ،والسلام ، والأمن ، ودخول الناس في الدين ، وإعلاء كلمة الله تعالى .

،وهذه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم دلالتها واضحة على هذا ، فقد أُمر بكف الأيدي في العهد المكي ،

واستنصر أهل المدينة فنصروه ، وبث الدعاة فيها ، حتى قال جابر رضي الله عنه ، عن ذلك العهد ، لم يبق دار من دور الأنصار إلا ودخله الإسلام ،

فلما أعد المحضن وهاجر إليه ، انطلق الجهاد من بيئة تتبناه ، ولو انطلق في العهد المكي لم ينجح .

بل أخطر من هذا قد يتحول إلى فائدة للعدو يستثمره ، وقد يكون أعظم هدية تقدم له !

وأنا هنا لا أتكلم عن واقع ارض معينة ، فأهل مكة أدرى بشعابها، وأهل الجهاد في كل بلد أعرف بأحوالهم ، ونحترم إجتهادهم ، ونقدر تضحياتهم .

ولكن في الجملة ، يجب الأخذ بعين الاعتبار ، هذه القضية ، وهي أن البيئة، التــي تحتضن مشروع الجهاد هي سر نجاحه ،

وهي لاتحتضنه إلا إذا آمنت بمشروعه السياسي ،هذا واقع لايجوز إغفاله ، ولهذا يجب أن تعتني الحركة الجهادية بتقديم مشروع سياسي شرعي واضح المعالم ، مستبين الخطوات ، وتكون قادرة على دعوة الناس إليه .

ولهذا تكون عوامل نجاح المشروع الجهادي في مقاومة المحتل أوفر ،

ومن هنا نرى جهاد المحتلين استمر ناجحا في فلسطين ، والشيشان، وكشمير، والفلبين والعراق ..إلخ ، بينما كانت ولازالت مشاريع التغيير المسلح الذي يصصدم بسلطة قابضة على شعوب مغلوب على أمرها ، ينتهي إلى طريق مسدود .

وما الحل إذن ؟

أولا يجب أن نعلم أنه لايمكن للأمة أن ينطلق توجهها الحضاري ، من غير نظام سياسي شرعي سليــم ، يقوم على أنقاض هذه الأنظمــة الحالية ؟

بمعنى ؟

بمعنى أن طاقات الامة الحضارية تتحول إلى أصفار من غير نظام سياسي مرشد ، يوظفها ويجمعها ، ويصهرها في بوتقة التوجه الحضاري لها ،

وسبب تخلف أمتنا وتحول الشعوب حتى العلماء والمفكرين إلى تأثيرهامشي ، أن نظامنا السياسي المتعفن ، قائم على جاهلية تحارب الإسلام ،

ومع ذلك فليتها جاهلية تحمل شيء من العدالة تفيد شعوبها مثل الغرب ، بل النظام السياسي العربي العفن كله قائم على ركنين فقط : ـ

نظام يسرق ، وينهب ، ويسخر ثروة الأمة ، ومكتسباتها له ، وللأجنبي ، والضمير في له يعود إلى العوائل الحاكمة حتى لو كانت جمهوريات في الظاهر ، فإنها سرعات ما تتحول إلى عوائل ومن يدور في فلكها !

ومنظومة أمنية ، متوحشة ، وقاسية على شعوبها ، تحقق له هذا الهدف .

ألا يوجد استثناء ؟

ياليت !

لكن بعض الدول لديها مؤسسات تقول إنها تحمي المواطن والرقي بالشعوب ؟

كل شيء مزيف ، الحقيقة هي ما ذكرت ، لكن لانه لابد من مظاهر خداعة تستر هذه الحقيقة ، ولهذا تأتي الديكورات التي يسمونها دولة المؤسسات ، وفصل السلطات ، والمجالس النيابية ،وحرية الصحافة !

حتى المفــتي الرسمي ، وهيئات الفتوى الرسمية ، وشيخ الديار! كلهم ديكورات في الحقيقة ، فلايمكن للمفـــتي أن يصدر فتوى إلا بعدما يأذن رئيس جهاز الأمن ، حتى لو كان في حال سكر أو عهر ـ عفوا ـ تلك الليلة ينتظرونه حتى يفيق فينظر في الفتوى!!

هذا هو واقعنا شئنا أم أبينا ؟

هل سمعت بمفــــتي حصل بينه وبين رئيس الدولة صدام مثلا ، ثم أصبحت مشكلة سياسية ، مثل ما يحدث في مثلا بين بعض الحكومات والمعارضة على سبيل المثال .

ياليت

هــا ،، أنت الآن تقول ياليت؟

ليس المقصود طبعا مجرد المعارضة ، لكنه واقع مرير مشاهد .

لكن يوجد تفاوت في الانظمة في الظلم وهامش الحرية للشعوب ؟

نعم يوجد تفاوت هذا لاينكر ، لدينا مثلا يوجد ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني تعيق يد الظلم قليلا ، وتمنح هامشا من الحرية ، كما يوجد أعراف أجتماعية تفرض نوعا من العدالة النسبية ، وتحامي الظلم ، وثمة قوانين تمنح حقوقا ما ، تخفف كثيرا من التعسف في استعمال السلطة .

بعض الناس يقولون هذا الظلم في النظام العربي من الشعوب نفسها هي السبب ؟

لانخليها من المسؤولية بلا ريب ، لكن لاينبغي أن ننسى أمرا مهما ، إن إبقاء الشعوب لدينا في (ثقافة الرق للحاكم ) ، أعني تكريس شعور الإنسان بأنه مجرد رقيق للدولة ، مراقب في كل تحركاته ، ومعاقب إذا خالف ( ولي الأمر ) على معنى أن ( الأمر ) هنا هو أمر المواطن التابع ، كما الطالب في المدرسة ، وليس أمر الأمة ولا الإسلام!، وللأسف نقول حتى إن النظام ليس وليا لأمر من جعلهم رقيقا له ، بل صار وليا لأمر الأعداء !

ولهذا حتى لو دمّر الحاكم أمر الأمة والإسلام ، يبقى (ولي أمر ) ! فما أدري عن أي (أمر) يتحدثون ؟!!

أقصد إبقاؤه الشعوب في هذه الحالة مقصود ، ومدروس ، حتى من الغرب نفسه ، فهم يريدون أن تبقى شعوبنا تعيش ( ثقافة الرق للدولة ) لأنها بذلك تتحول إلى أصفار ، ولايمكن لها أن تتحرك إلا كالقطيع .

فاذا تمت السيطرة على رأس السلطة ، فإن الشعوب تسير كالقطعان .

هذه الشعوب، صارت هكذا ، لأنها ضحية ، فيجب أن لاننسى هذا فنقسو عليها في الحكم ؟

ضحية ؟!

نعم ضحية للسلطات بقبضتها الأمنية ، الـــتي ربتها على طاعة الهراوات وانتظار المعاشات وشكر طويل العمر!

وضحية أيضا للعلماء والمفكرين المزيفين الذين يقولون لها : هكذا هو المواطن الصالح ، أو هذا هو الدين المنزل !

لكن قلت لانخليها من المسؤولية ؟

نعم ، الشعوب إذا سكتت عن الظالم ، وطأطأت رأسها ، كانت من الظلمة ، فعوقبت بدوام الظلم عليها ، كماقال تعالى ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ) .
ولكي تخرج من حالة الرق التـــي هي فيها ، يجب أن تثور في وجه الظلم ، فحينئذ تستحق أن تصبح حرة .

ويذكر الناس قصة معبرة عن هذا ، أن أحد بطانة ملك طاغية اقترح عليه أن يضع على الناس ضريبة للمرور في طريق ما ، فخشي أن يثور الناس ، فقال : فلنجرب ونرى ، وأقامت الشرطة حاجزا ، وشرعوا في أخذ الضريبة ، فبذلها الناس ومضوا ، فحينئذ فرح الملك بنشوة السيطرة .

فقال الوزير : مارايك أن نضرب كل واحد منهم صفعة ،، مع أخذ الضريبة !!

فقال : لا ،، إنهم سيثورون حتما علينا ،

قال : نجرب ، فنجحت الخطة ،

فكان المواطن يمر فيعطي درهما ، ويأخذ صفعة على رقبته من وراء ،، ويمضي ،

ثم قال الوزير : لنطأ على رقبة كل واحد منهم ،، فوق الدرهم والصفعة ،

فقال الملك أما هذه ، فسيثورون حتما،

قال : ما أرى ذلك أيها الملك ،، إنهم قد استمرءوا الذل ،

ففعلوا ما رآه الوزير ، فلم يفجأهم إلا وأحد الناس يأتي مسرعا إلى الملك ، فخشي الملك أنها أول الثورة ، فلما وصل اللاهث تعبا منهكا ، إلى الملك، حياه وطأطأ ، ثم قال أيها الملك المعظم ، لقد ازدحم الناس بسبب قلة الشرطة الذين يطؤون رقابهم عند أول الطريق ، فلو زدتم عدد الشرطة !

وهكذا إذا سكت الشعب عن الظلم ، واستنصره المظلوم فخذله ، سلط الله عليهم الظلمة .

فضيلة الشيخ ـ قبل أن أنسى ـ النصوص الـــتي تحرم الخروج على الحاكم ألا تفيد أن هذه القصة الطريفة يعني في سياق ـ عفوا تحمّلني يا شيخ ـ مقبول على الأقل ؟

معاذ الله ، لايمكن أن يكون الإسلام الذي جاء لإكرام الإنسان ، يعلمه الذل والخنوع والمهانة ، تلك النصوص جاءت في سياق واضح ، وهي دفع المفسدة الأعظم باحتمال الأدنى ، فظلم السلطة الجزئي فساد يتحمل في جانب فساد شق وحدة الامة بالثورة المسلحة، فهذا معنى شرعي واضح، ومقبول عقلا ،

لكن إذا كان النظام نفسه تحول إلى مفسدة عامة ، وأعظم مفسدة تبديل الشريعة ، وهو كفر أكبر مخرج من الملة ، فكيف إذا أضاف إلى ذلك الظلم العام ، وإسلام الأمة لأعدائها ، والسعي في إفسادها، فهذا الفساد ليس أمرا جزئيا يتعلق بالأفراد ، فالنصوص لاتتناول هذه الصورة لا بمنطوقها ، ولا بمفهومها ، ولا بمعقولها .

وما رأيك بمن قال تبديل الشريعة ليس كفرا أكبر حتى يستحل ؟

أولا هذا في غاية الضعف ، وقد بينت هذا في فتوى سابقة ، ولم يزل العلماء يوضحون هذه المسألة ودلائلها واضحة في الكتاب والسنة ، وثانيا عامة هذه الدساتير الوضعية تستحل التحاكم إلى غير الشريعة أصلا هذا منطوقها الواضح ،

فالقول بأن الدساتير الوضعية الحالية لاتستحل التحاكم لغير الشريعة ، كمن يغطي الشمس عن عينيه ، إضافة إلى أن معايير الشريعة الإسلامية أصلا استبعدت من نظام الدول اليوم ، في علاقاتها الخارجية ، وتحالفاتها ، وموقفها من الأمة ، وفي أنظمتها وقوانينها الداخلية ، لاتكاد تذكر الشريعة أصلا ، بل ذكرها يستغرب عندهم ،

وهذا الواقع لاتخفى منه خافية ، وهو يزداد سوءا ، يوما بعد يوم ،

حتى أجازت بعض القوانين الشذوذ الجنسي أو هي في طريقها إلى ذلك ،

فالذي ينكر أن هذه الأنظمة لاتنظر أصلا إلى الشريعة ولا تعبأ بها ، إما جاهل ، أو يقول كلاما يريد به التزلف للسلطات فحسب ، فلامعنى لشرط الإستحلال أصلا في واقع هذه الدساتير الوضعية الطاغوتية .

كثيرا ما نسمع كلمة ( التكفيريين ) لو توضح الموضوع فضيلة الشيخ ؟

هذا أقرب إلى المصطلح السياسي منه إلى المفهوم الشرعي ، فالقرآن فيه مئات الآيات الـــتي تذكر الكفر ، وتذمه ، وتبين احكامه ، وتحذر منه ، وتأمر بجهاد الكافرين ، وتذمهم ، وتلعنهم ، وكذلك مئات الأحاديث ، فهل يطلق على القرآن كتاب (تكفيري) ، من قال هذا فهو زنديق ،

بل يبدو أن هذا هو الهدف أصلا من إشاعة هذا المصطلح ، فالهدف منه إزالة الحد الفاصل بين الإيمان والكفر ، وتمييع تميز المسلمين عن غيرهم ، ولهذا يقولون ( نحن والآخر ) مثلا ، لايريدون استعمال اللفظ ا لقرآني، ولا يخفى أن دوائر علمانية مرتبطة بالسفارات الأمريكية وراء هذه الشعارات المشبوهة . فإنا لله وإنا إليه راجعون .

والتكفير منه فرض وهو تكفير من كفره الله ورسوله ، بل لايصير المسلم مسلما إلا إذا كفر من كفره الله ورسوله وإلا يكون مكذبا للقرآن.

ومنه محرم وهو تكفير المسلم الذي لم يتركب ناقضا .

فكيف يصح إطلاق وصف (التكفيري) على أحد ؟!

فهو مثل إطلاق وصف المصلي ، والصائم ، والمزكي ، فكما أن كل مسلم يجب أن يصلي ، ويصوم ، ويزكي كما أمره الله ، ثم إذا صلى خلاف ما أمره الله ، أو صام ، أو زكى خلاف ما أمره الله ، يكون مبطلا واقعا في محرم ،

كذلك يجب عليه أن يكفر من كفره الله ورسوله ، وإذا خالف ذلك كان مبطلا واقعا في محرم .

غير أن المقصود بإطلاقه إعلاميا إنقاذ الكفار وأذنابهم من حكم الله تعالى عليهم بالكفر ،

وأيضا محاصرة من يريد حماية الدين والعقيدة ، محاصرتهم نفسيا وعزلهم ، وهي خدعة مزيفة ساقطة .

والعجب أن أمريكا الـــتي تشجع مثل هذه المصطلحات هي اكبر دولة (تكفيرية) ، فهي أول دولة استع


الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 07/12/2006
عدد القراء: 6791

أضف تعليقك على الموضوع

الاسم الكريم
البريد الإلكتروني
نص المشاركة
رمز الحماية 8014  

تعليقات القراء الكرام
 

اعلانات

 لقاء الشيخ حامد العلي ببرنامج ساعة ونصف على قناة اليوم 28 نوفمبر 2013م ـ تجديد الرابـط .. حلقة الشريعة والحياة عن نظام الحكم الإسلامي بتاريخ 4 نوفمبر 2012م
 خطبة الجمعة بالجامع الكبير بقطر جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب بتاريخ 8 ربيع الآخر 1433هـ 2 مارس 2012م ... كتاب حصاد الثورات للشيخ حامد العلي يصل لبابك في أي مكان في العالم عبـر شركة التواصل هنا الرابط
 كلمة الشيخ حامد العلي في مظاهرة التضامن مع حمص بعد المجزرة التي ارتقى فيها أكثر من 400 شهيد 13 ربيع الأول 1433هـ ، 5 فبراير 2012م
 لقاء قناة الحوار مع الشيخ حامد العلي عن الثورات العربية
 أفلام مظاهرات الجمعة العظيمة والضحايا والشهداء وكل ما عله علاقة بذلك اليوم

جديد المقالات

 بيان في حكم الشريعة بخصوص الحصار الجائر على قطـر
 الرد على تعزية القسـام لزمرة النفاق والإجرام
 الدروس الوافيـة ، من معركة اللجان الخاوية
 الرد على خالد الشايع فيما زعمه من بطلان شرعية الثورة السورية المباركة !!
 خطبة عيد الأضحى لعام 1434هـ

جديد الفتاوى

 شيخ ما رأيك بفتوى الذي استدل بقوله تعالى" فلا كيل لكم عندي ولا تقربون " على جواز حصار قطر ؟!!
 فضيلة الشيخ ما قولكم في مفشّـر الأحلام الذي قال إن الثوب الإماراتي من السنة و الثوب الكويتي ليس من السنة ، بناء على حديث ورد ( وعليه ثاب قطرية ) وفسرها بأنه التفصيل الإماراتي الذي بدون رقبة للثوب !!
 أحكام صدقة الفطر
 أحكام الأضحية ؟
 بمناسبة ضرب الأمن للمتظاهرين السلميين في الكويت ! التعليق على فتوى الشيخ العلامة بن باز رحمه الله في تحريم ضرب الأمن للناس .

جديد الصوتيات

 محاضرة الشيخ حامد العلي التي ألقاها في جمعية الإصلاح ـ الرقة عن دور العلماء كاملة
 محاضرة قادسية الشام
 محاضرة البيان الوافي للعبر من نهاية القذافي
 نظم الدرر السنية في مجمل العقائد السنية للشيخ حامد العلي الجزء الأول والثاني
 إلى أم حمزة الخطيب الطفل الشهيد الذي قتله كلاب الطاغية بشار بعد التعذيب

جديد الأدب

 فتح غريان
 مرثية محمد الأمين ولد الحسن
 مرثية الشيخ حامد العلي في المجاهد الصابر مهدي عاكف رحمن الله الشهيد إن شاء الله المقتول ظلما في سجون سيسي فرعون مصر قاتله الله
 قصيدة ذكرى الإنتصار على الإنقلاب في تركيا
 قصيدة صمود قطـر


عدد الزوار: 48219911