| 
 حقيقة ما جرى ويجري في فلسطيــن
 حامد بن عبدالله العلي 
 في العام 1871 أرسلت بريطانيا بعثة مساحية لفلسطين ، عملت فيها 4سنوات ،  ثم أكملـت في لندن 4 سنوات أخرى ، ترصد النتائج وتنظمـها ، حتى أصدرت العام 1888 م ،  عشرة مجلدات عن قرى فلسطين ، بكل شيء فيها ، حتى طيورها ، وزهورها ،  وعن القدس كذلك ،  ومعها  26 خريطة تفصيلية عن كل فلسطين. ، 
 كانت هذه الخرائط بحوزة الصليبي اللنبي في بداية إحتلاله لفلسطين عام 1917م ، وهو الذي وُضعت تحت صورته كلمتـُه المشهورة في الصحف البريطانية إذْ ذاك ( اليوم انتهت الحروب الصليبية ) ، ومعها إعـلان وزير الخارجية البريطاني في مجلس العموم ، أنّ حملة اللنبي هي الحملة الصليبية الثامنـة ! ، 
 ثـم بعد ذلك كان وايزمان الصهيوني ، يلحّ على حكومة الاحتلال البريطاني ، لتوثيق كلّ شيء على أرض فلسطين ، فسجّلت حكومة الإحتلال كلّ قطعة أرض ، بهدف استيلاء حكومة الاحتلال البريطاني على كلّ مالا يثبت لدى مالك الأرض أنـّه صاحبـها ، حتى يتم تحويلها للإستيطان اليهودي وفق المادة السادسة من صك الانتداب . ، 
 ثم جـرت بعد ذلك  أكبر عملية نهب منظمة بريطانية لوطــن ،  وكانت بريطانيا تجمع ما تنهـب لتسلمها في النهاية للصهاينة ،  ،  ثم إنطـلقت الخطوة الأولى للغزو الصهيوني لفلسطين ، في مارس 1948م ، وانتهت بعد عام في مارس 1949م ، وأسفـرت عن احتلال الصهاينة 78% من فلسطين ، إنطلاقا من قواعد تحت سيطرة الاحتلال البريطاني ، وكانت المساحة اليهودية قبل ذلك 5% فقط . ، 
 وأما الخطوة الثانية فكانـت التطهير العرقي ، بالإستيلاء على ممتلكات الأهالي ، تـمّ فيها تهجيـر أهالي 675 مدينة وقريـة فلسطينية، كانت تدمر فيها أكثر من ثلثي القرى المهجّرة ،  وارتكـب الصهاينـة ما لايقل عن 73 مذبحة ، وعشرات جرائم الحرب ، بما فيها من حرق المحصولات ، وتسميم الآبار ، وقتل كل من يحاول العودة إلى بيته . ، 
 ثم جاءت الخطوة الثالثــة وهي عندما أمر بن جوريون قواته ، وخبراءه العسكرييين ، والجغرافيين ، أن يمحـو كلّ أثـر للأسمـاء الفلسطينية سواء كانت عربيةإسلامية ،  أو لنصارى فلسطين ،  أو حتى ما كان من أسماء من كنعانيـة قبل ذلك ، ووضع أسماء عبرية مكانهـا . 
 ، لكنّ الأعجـب من هذا كلّـه ، أن نابليون عندما غزا بلاد الشام عام 1801 ـ وهو  الذي وجـه نداءً دعا فيه اليهود في آسيا ، وأفريقيا ،  للالتحاق بجيشه من أجل دخول القدس ـ  كان برفقته ضابط مساح اسمه ( جاكوتان ) ، وهـو الذي تعد خريطته هـي أول خريطة مفصلة لفلسطين ، وقد مسح فيها كلّ فلسطين ، وكان الهدف المعلن هـو تتبع خطوات السيد المسيح ، غـير أن ما تبع ذلك من حملات لجواسيس وخبراء طيلة القرن التاسع عشـر ، قـد كشف الوجه غير المعـلن ، وهو الإستيـلاء على هذه الأرض ونهبها في أكبر عملية سطو في التاريخ الحديث. ، 
 وفي هـذه الفترة بين ( جاكوتان )  وما بعده ، جاء ما ذكرناه في أول المقال أنه في العام 1871 أرسلت بريطانيا بعثة مساحية لفلسطين ، عملت فيها 4سنوات ،  ثم أكملـت في لندن 4 سنوات أخرى ، ترصد النتائج وتنظمـها ، حتى أصدرت العام 1888 م ،  عشرة مجلدات عن قرى فلسطين ، بكلّ شيء فيها ، حتى طيورها ، وزهورها ،  وعن القدس كذلك ،  ومعها  26 خريطة تفصيلية عن كلّ فلسطين. ، 
 ثـم استمـر الصهاينة في عدوانهم ،  ومجازرهم ، ونهبهم الوطن الفلسطينـي ، واستـمرت الهزائم العربية ، بسبب الخيانات والموالاة للأعداء ، ، 
  حتى أخـذت القضية الفلسطينة منحى جديدا ومذهلا في أواخر 1987 بقيام الإنتفاضـة الأولى ،  وقـد بدأت الإنتفاضة الأولـى في 8 ديسمبر/كانون الأول 1987 في قطاع غزة ،  بعد حادث مروري متعمّد قتل 6فلسطينيين كان مدبرا من جهاز الأمن الإسرائيلي للإنتقام لطعن إسرائيلي الأسبـوع السابق ، قتـل  نـحو 1,300 فلسطيني و80 صهيوني ،  حتـى نهايـة 1991. ونسـف العديد من المنازل الفلسطينية . ، 
 ثـم بعـدما انكشف الغطاء عن الخداع الصهيوني في مسيرة الإستسلام في أوسلو ، انطلـقت الشرارة الأعظـم في تاريخ الجهاد الفلسطيني ، في أيلول 2000م ، بالإنتفاضة الثانية التي فجرت العمليات الإستشهادية ، وصـعّدت المواجهة في فلسطين المحتلة إلى مستوى بالغ الخطـورة بالنسبة للكيان الصهيوني. ، 
 مـن هنا دخل الخـط الإسلامـي على الجهاد الفلسطيني بقـوة ، وبدأ يخوض تجربـة فريـدة في تاريخ الحركة الإسلامية . ، 
 صحيح أن هذه الإنتفاضة كانـت تقاد من ثلاث جهات ، السلطة الفلسطينية التي لم تكن سوى نموذج لأحد الأنظمة العربية بأمراضها المعهودة ، فقد أتخمت بالفساد ، وكانت السلطة قد أرغمت على الإنجرار وراء الإنتفاضـة ، لكنها بقيت متعلقة بإستجداء رضا أمريكا والصهاينة أيضا للبقاء في مشروع أوسلو البائـس ، ولهذا لعبت أدوارا متناقضة ، بين رغبتها الزائفة في الظهور بمظهر حركة تحرير وطني ، وبين إملاءات الخيانة وحب السلطة التي كان يستحوذ عليها. ، 
 والجهة الثانية ، تنظيـم فتح ، الذي أراد الإستفادة مـن الإنتفاضـة ، لرفع أسهمـه ، وتحسين موقـعه ، لحصـد المكاسب في حال اتفاق مستقبلي مع الصهاينة ، ولهذا دخل في منافسة حتى في العمليات الإستشهادية مع التنظيمات الإسلامية ، وهي الجهة الثالثة والأقوى والقيادة الأعظم للإنتفاضـة الثانـية . ، 
 غيـر أن الجهة الثالثة : وهـي التنظيمات الإسلامية وعلى رأسها حركة حماس ، قـد تربعت بجـلاء على عـرش الإنتفاضة ، وقادت القضية الفلسطينية عبـر جهاد باسل أثبتـت فيه أنهـا قادرة على التعبئة ، والتنظيم ، والصمـود ، ، 
 ثم إنهــا وجـدت نفسها بين شعـب يقدّر تضحياتهـا ، ويعجـب ببرنامجها ، في وقـت قـد بلغ بـهذا الشعـب اليأس مبلغه بين خداع الصهاينة ، وخيانة النظام العربي وعجزه ، وفساد السلطة ،  وفشل التنظيمات الأخرى . ، 
 فأسلم إليها هذا الشعـب الباسـل السلطة ، وتفاجأت بعد قرارها ـ الذي قادهـا لمأزق تكلمنا عليه في مقال سـابـق ـ الدخول في الإنتخابات ، تفاجأت بأنها أصبحت على مسرح المشـهد بكامل تعقيداته ، الداخلية ، والخارجية ، وقـد وضعـت بيدها ، أسلاك الألغام التي إذا تحركت بهـا انفجرت ، وإذا بقيـت بيدها بقيـت في أزمـات متلاحقة ! ، 
 ولاريب أن أخطـر هذه الأزمات المؤامرة الداخلية التي يقودها دحلان وزمرته تحت غطاء السلطة ، وبدعم من بعض الأنظمة العربية الخائنة ،  وهدفـه هـو ذات الهدف الذي تقوده الحملة الغربية الصهيوصليبية على الإسلام ، وهـو تحطيـم أي نهضة إسلامية للشعوب في بلادنا ، ووأد أي تجربة ناجحـة في هذا الإطار ،  ، 
 وهو نفس هدف اللنبي ، في حملتـه الصليبية الثامنة ، إنها الحملة الصليبية التاسعـة ، أو العاشـرة ، أو ..إلـخ ، 
 ولسـنا في ريــب أن الحركة الإسلامية في فلسطين ، إنـما تخـوض اليـوم هذه المعركة ، كما يخوضها الإسلام مع أعداءه في كلّ بقاع الأرض ، وأنها ابـتُليـت بخونـة الداخـل الذين يجنّدهـم الأعداء ، ويحرّكهم ويسلّحهـم خونـة الخارج ، وأنها قـد تكون اضطُرّت إلى ما اضطُرّت إليــه من الصـدام الأخيــر الذي ربما سيتفاجؤون بثماره . ، 
  ومع درايتنا أيضـا أن في أبناء الشعب الفلسطيني الشامـخ من المنتمين إلى التنظيمـات الأخرى من غـَررت بهم قياداتهـم ، وتحت وطأت الحاجة بل الضرورة ، آلت بهم الأحوال البائسـة ، إلى وجودهـم منضوين تحت تلك القيادات الفاسدة ، وأن الحركة الإسلامية تعـي هذا الوضع المعقـّد وتضعـه في حسبانهـا . ، 
 غيـر أننـا أيضـا نؤكـد أن الخطـأ الإستراتيجي الذي وقعت القيادة الإسلامية للإنتفاضـة في دخول الإنتخابات ، هو الذي أخـذ ينقلها من مأزق إلى مأزق ، حتى آل بها الحال إلى صـراع مجهـول العواقـب ، محفوف بغموض النتائج بل خطورتـها . ، 
 وأخشى ما نخشـاه أن تجد نفسها ـ إن لم يكن قد وقع ـ في النهايــة بين وعـود المشروع الإستعماري الصفوي الكاذبـة المخادعة ، هذا المشروع الذي يفعل بالعـراق ، ويستعـد أن يفعل في غيـره ، ما فعله بن جوريون في فلسطين حتى تغيير الأسماء العربية إلى فارسية ! ، وبين أنياب المشروع الصهيوصليبي وأذنابه الذين ينفذون مخططاته سواء في فلسطين ، أو العراق ، أو أفغانستان ، أو الصومال ، أو غيـرها. ، 
 ومن نظـر إلى ما هـم فيه في فلسطين الحبيبة ، في ظــل  وعورة الطريق ، وصعـوبة المرحلة ، وقسوة الأحوال ، وشدة المعاناة ، مع عظـم مكايد الأعداء ، وضعف الأمـة ، وشتات أمرها،. ، 
  لم يملك مع شفقة الأخ على إخوانـه ، والمحـبّ لأبنـاء أمّتـه ، إلاّ أن يدعـو لهـم بأنّ يرشدهم لمعرفـة أخطاءهم ، ويبصّرهم بطريق الخروج من مأزقهـم ، وأن ينجيهـم مما هـم فيـه ، ويأخذ بأيديهـم إلى العاقبة المحمودة ، وينصـرهم كما ينصـر الإسلام على أعداءه. ، 
 وأن يخـرج هذا الشعب المسلم المضطهد من محنتـه ، ويعـيد إليه ما استلبه الأعداء منه ، في عـزّة تعـمّ بلاد الإسلام ، ونصـر ينهض بهذه الأمـة إلى الأمـام . آمين  الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
 التاريخ: 14/06/2007
 عدد القراء: 19641
 
 أضف تعليقك على الموضوع
 
 |