بيان في وجوب قيام الشعب المصري لإبطال الإنقلاب الغادر ، وأنّ الواجب على الأمّة نصرتهم حتى يسقطوه
الحمد لله القائل ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) ، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد القائل ( أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر ) ، وعلى آله وصحبه وبعد :
قال الحقّ سبحانه : ( والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) .
وقال : ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل )
وقال صلى الله عليه وسلم : ( فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل ) حديث صحيح رواه مسلم
تشتعلُ في مصر هذه الأيام انتفاضة شعبٍ ينشد الخلاص من عصابة إنقلابية مجرمة فاسدة ، وثَبَت على الدولة وثْب قطّاع الطريق ، واستولت عليها استيلاء اللصوص على المسروق في جنح الظلام ،
بُغْية إعادة مصر إلى ما كانت عليه في عهد فرعونها المخلوع ، بعد أن قامت علي ذلك الفرعون ، ثورة 25 يناير ، ثورة الحق ، والعدل ، والكرامة ، فأطاحت به ، وبعصابات الشر التي أقامها على مصر وشعبها ، تعيث فيهم فسادا ثلاثة عقـود .
بُغية إعادة ذلك العهد البائس المظلم ، بكلّ ما فيه من فساد للبلاد ، وإفساد للعباد ، وانتهاك للكرامة ، وهتك للحرمات ، ونهب للدولة ، واستنزافٍ لثروتها في أطماع أعداء الأمة ، وتسخير مقدّراتها في مخطّطات المتربّصين بالإسلام ، والعروبة ، وإلقائها في شباك الصهاينة ، وإخضاعها لعصا التآمر الصهيوغربي .
ثـمّ إن لهذه العصابة الإنقلابية المجرمة ومن معها ، وراء ذلك ، هدفاً أدهى وأمر ، وأخبـث ، وأخطر ، وهو إجهاض نهضة الأمة في ظلال ربيعها العربي ، الربيع الذي انطلق ليحرّر شعوبنا من العبودية للطغاة ، ويعيد لها سلطتها على أوطانها ، ويحقق لها فيها العزة ، والكرامة ، ويبسط العدل ، ويحفظ الهوية.
هذا .. وقد خطّط لهذا الإنقلاب المجرم في أرض الكنانة ، التحالف الصهيوغربي ، مع المُطاح بهم من فلولِ النظام السابق ، مع دولٍ خليجيةِ وظيفيّة تخدم التحالف الصهيوغربي ، وتحقق أطماعه ، مع أقباط مصر الذين مازالوا يعادون الإسلام ، ويتمنّون زواله من مصر.
وقد استحلُّوا _ كعادتهم في سبيل تحقيق مكرهم الشيطاني _ أقذر الوسائل من القتل ، وسفك الدماء ، والإعتقالات التعسفية ، وتكميم الأفواه ، وإهدار الكرامة ، وانتهاك الحريّات ، والكذب ، وقلب الحقائق ، وإشاعة الفِرى.
وعاملوا الشعب كأنه قطيـعٌ لهم ، فألغـوْا أصواته التي أتت بالرئيس المنتخب ، والمؤسسات التي بُنيت على ذلك ، ونصبوا أنفسهم فراعنةً على مصر ، وشعبها ! يفعلون فيه ما يشاؤون ، من وراء رئيس ( طرطور ) وإجراءات زائفة مضحكة ، لاتخفى سخافتها على الأطفال !
هذا وإن أبشع التداعيات الخطيرة التي ستثمرها هذه الحرب الصهيونية على مصر _ فيما لو نجحت وستفشل بإذن الله _ إعادة خنق الحق الفلسطيني ، ومحاصرة غزة ، والتآمر على الجهاد فيها ، ووضع مؤسسات الدولة المصرية في خدمة الكيان الصهيون!
فضلا عن بثّ الإحباط في نفوس الشعوب العربية ، وزرع الشعور باليأس من الخلاص من حكامهم الطغـاة ، فكأن الإنقلابيين ومن وراءهم يقولون للشعوب العربية : لقد فشل ربيع مصر ، وسيفشل ربيعكم كلُّه ، ألم تعلموا أنه قد كُتب عليكم أن تكونوا قطعانا نقودها ، وننهب ثروات أوطانها ، ونفعل فيها ما نشاء ، فليستحوذ عليكم اليأس من الخلاص ، ولتقطعوا كلّ رجاء من الخروج من حظيرة العبودية!
كما أنّ من تداعيات هذا الإنقلاب لو نجـح _ لاقدر الله _ محاربة الدين في مصر ، وملاحقة العلماء ، والدعاة ، ومؤسسات المشروع الإسلامي ، كعهد الفرعون المخلوع ، وأشـد ّ.
وقد بدأت بوادر التضييق على الجهاد السوري أيضا ، فأعلن مكتب الثورة السورية في دمشق أن العصابة الإنقلابية في مصر قد سلّـمت ناشطين سوريين من القاهرة إلى نظام بشار ، وهم الآن في معتقلاته ، كما أعلنت العصابة الإنقلابية في مصر ، إجراءات تضيّيقيه على اللاجئين السوريين بعدما كانت مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تسمح للاّجئين بالتنقل بحريّة ، والعمل ، والدراسة ، وتخفّف إجراءات دخولهم مصر ، بتسهيلات مميزة ،
ولهذا فرح بشار وعصابته ، وحزب اللاّت _ الذي وزع الحلوى في لبنان يوم الإنقلاب !! _ بالإنقلاب الغادر على الرئيس المصري ، إذْ كان مرسي _ نجاه الله من القوم الظالمين _ أوّل رئيس يقيم مؤتمرا للإنتفاضة الأحوازية ، ومكتباً دائما لهم ، وأول رئيس عربي يعقد مؤتمرا عاما حضره مئات العلماء يمثلون أكثر من 70 حركة ، ومؤسسة في العالم ، لإعلان الجهاد في سوريا ،
كما أعلن الترضّي على الخلفاء في طهران في مؤتمر عام ،
فجنّ جنون النظام الإيراني ، وثار الهلع في صدر بشار وعصابته ، من توجه مصر تحت حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي !
ولهذا فرحت إيران بالإنقلاب ، وندّد خطيب جمعة طهران بالإخوان بعد عزل مرسي !! وكلّ ذلك خشية أن تنهض مصر ، فتصبح قوة إقليمية تنافس فتزيح إيران من المنطقة ، وتسحب البساط من تحت أقدامها ، وتخرج من يدها القضية الفلسطينية ، وتتحدّ مع الثورة السورية ضدّها .
هذا .. ولاريب أن التصدّي لهذه المؤامرة الخبيثة ، التي وارء الإنقلاب المجرم في مصر ، وذلك بإسقاط هذا الإنقلاب الأسود المشؤوم على الأمة ، من أعظم الواجبات ، وأفرض الفرائض ، في دين الله تعالى ، شريعة الحقّ ، والعدل ، والكرامة ، والعزّة ، شريعة جهاد الطغاة ، والمفسدين ، ونصرة المظلوم ، وإغاثة المضطهدين .
ولئن كانت كلمة الحق أمام سلطان جائر أفضل الجهاد _ كما صح في الحديث عن طارق بن شهاب رواه أحمد وغيره _ لما تُحدثـُهُ من إحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، وتغييرٍ إيجابيِّ يصبّ في مصلحة الأمة ، وكان قتيلها أفضل الشهداء عند الله تعالى ،
فإن الإنتفاضة السياسية السلمية التي يقودها الشعب المصري ضد الإنقلابيين الخونة ، ولمحو آثار إنقلابهم الغادر ، ودرء تداعياتهِ بالغة الخطورة ، ليس على الشعب المصري فحسب ، بل على الأمة الإسلامية بأسرها ،
إنهـا أعلى درجة في الإيمان ، وأعظم مكانة في الإسلام.
وإنّ الواجب على الأمّة الإسلاميِة، أعانة الشعب المصري ، على قيامهم هذا بالحق ، لإرجاع الأمـر إلى أهله ، والحقّ إلى نصابه ، وجعل كلمة العدل هي العليا ، ولقمع أهل الفساد ، والظلم ، والطغيان ، وجعل كلمتهم هي السفلى.
ويجب على العلماء ، والدعاة ، والمثقفين ، أن يبيّنوا بطلان الإنقلاب وما يترتب عليه ، وأن يُظهروا حقيقة العصابة التي دبّرتـهُ ، وقامت به ، وأنهم الطغاة بعينهـم ، مصّاصو دماء الشعوب أنفسُهـم ، ولكن بلباسٍ ، وقناعٍ جديدين .
وأن يعلنوا أن نهوض الشعب المصري لإسقاطهم جهادٌ شرعيُّ مفروض ، تكليف ديني واجـب ، المفرّط فيه آثم ، و المتآمر عليه خائن للدّين ، والأمة .
كما يجب عليهم عزل الفكر المنحرف _ المتمثّل فيما يسمّى حزب النور _ الذي رضي أن يجعل الدين غطاءً لإضفاء الشرعية على مشروع العدوّ لحرب الأمة ، ولإذلالها !
كما يجب في كلّ البلاد الإسلامية ، عزلُ أمثالهم ، وفضحُهم ، وتعريتُهم ، من المتاجرين بالدين ، فإنّ هذا الفكر الذي خرج من رحم المخابرات ! قـد أصبح ظهـراً _ بإسم التدين _ لكل باغٍ على الأمة ، ومركوباً _ بلحى زائفة _ لكلّ طاغية يريد إهلاكنـا ، وإفسادنا ، وإخضاع أمتنا لأعدائها !
كما يجب على سائر الأمّة كلٌّ بحسب قدرته أن يمـدّ نهوض الشعب المصري في وجه الإنقلاب الغادر بكلّ ما يقدر عليه ، محتسبا أجر الجهاد في نصرة الإسلام ، ابتغاء عزّتِهِ ، وطلباً لرفعتِهِ ، وسعياً لإعلاءِ كلمتِهِ .
هذا ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى ، وصفاته العليا ، وباسمه الأعظم الحي القيوم ، ذو الجلال والإكرام ، أن يكلّل إنتفاضة الشعب المصري على الإنقلاب الغادر بالنجاح ، وأن يُسقط الخونة ، وأن يقطع دابرهم ،
وأن يجبرَ كسرَ هذا الشعب المتآمر عليهِ ، ويداوي جراحاته ، وينهي عذاباته ، ويُعقب له النصر، والظفر على أعدائه ، ليعيش بكرامة ، وعزّة ، وعدل.
كما نسأله سبحانه أن يخسف بقائد الإنقلاب السيسي ، وعصابته ، ومن أعانه ، وأن يرينا فيهم عجائب قدرتـِهِ ، بأن يحيق بهم مكرهم السيئ ، ويردّ كيدهم إلى نحورهم ، ويُفشل كلّ مساعيهم الشيطانية ، حتى نراهم تحت أقدام الشعب المصري أذلة صاغرين .
ونسأله جل وعزّ ، أن ينهض بمصر إلى العلياء ، في نظام الكرامة ، والعدالة ، والحريّة ، في ظلال الإسلام الوارفـه ، وعدالته العظيمة النائفه ، لتنهض الأمة بنهضة مصر ، فترتقي سلّم العزّة الأمجد ، وتعتلي مدارج المجد الأعلى .
والله أعلم ، وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .
حامد بن عبدالله _ الكويت
30 شعبان 1434
9 يوليو 2013م الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 09/07/2013 عدد القراء: 38594
أضف تعليقك على الموضوع
|