بيـــان
إلى الأمـة الإسلامية بمناسبة الشهـر الكريم
لتهنئوا بإنجازاتـكم.. وامضـوا إلى النصـر
وإلى المجاهـدين ،، أصلحوا ذات بينـكم ..واصبروا وأبشروا
حامد بن عبدالله العلي
الحمد لله قياما بحقـّه ، ووفاء بنعمه ، واستجلابا لرضاه ، والصلاة و السلام على النعمة المسداة ، والرحمة المهداة ، نبي الله، ومصطفاه ، محمد بن عبدالله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعـد :
إلى كلِّ مسلم حـرّ يقف اليـوم موقف الشرف الأعظـم ، مجاهـدا بالحـقّ ، دفاعا عن أمّته لئلا تستعبدها قِوى الظُّلم والاستبداد العالمي ، ولئلا تُسـتلب حضارتها من قِبل طغاة العالم ، ولئـلا تُطمس هوّيتها ، وتُخـرَّب ثقافتها من قِبـل مُخربـي الأرض وقراصنتهـا ، ولئـلا تُسرق ثروتهـا من قِبـل عصابات اللصوصية العالميّة .
إلى كـلّ الذين لم ينخدعوا بزيف الشعارات الكاذبة التي يختفي وراءها عصابات الإبادة الجماعيّة للشعـوب ، وسفكة الدم الحرام ، وسُـرّاق النفط ، ومنافقوا العولمة ، وسدنـة مواخير العهـر السياسي العالمي
إلى الذين شرَّفوا الأمّـة بصمود الجبـال ، وعزائم الأسود ، وبأس الحديـد ، ليهزمـُوا أكبر مشروع إستعماري استهـلّ به القرن موجِّها إلى نحـر الأمّة الإسلامية ، فأرتـدّ على أعقابه خاسئا ذليـلا.
اذكروا قول الحق سبحانه :
(وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم إلاّ أن قالوا ربّنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ) .
واقبلوا تحيـّة إجلال وإكبار ، على ما حققتموُه من إنجازات عظيمة في العام المنصـرم ، بين رمضان إلى رمضان ، من إنتصار إلى إنتصار ، ومن عـزّ إلى عـزّ ، ومن شموخ إلى شـموخ.
وتذكَّروا أنّ العدوّ لمـّا عجز عن مواجهـة حصونـكم المنيعـة التي حفظتم بها الإسلام ، فاعتـزّ بكم وعلا ، وارتد عنه عدوّه ، وانجلى.
لجأ إلى محاولات شقّ الصفوف ، وبذر الفتنة ، وإفساد ذات البين ، باذلاً الوعـود الكاذبة ، ومستغلاّ بعض الخلافات التي أورثت حظوظا للشيطان في النفوس ، وممُتطيا ظهـور الخونـة .
فالحذر ، الحذر ، من مكائده ، وامتثلوا ما أمر الله تعالى به من إصلاح ذات بينكم ، تقديما للمصلحة العامة ، وتساميـا على الجراح والخلافات الشخصية والحزبية ، ولا يتعاظمـنَّ منكم أحـدٌ أن يراجع الخطأ ، ويعتصم بالحـق ، ويلين بيد إخوانه ، كما أمر الله تعالى ( أذلِّة على المؤمنين أعزِّة على الكافرين ) .
(يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * وأطيعوا الله ورسوله ، ولا تنازعوا ، فتفشلوا ، وتذهب ريحكم ، واصبروا إن الله مع الصابرين).
فكونوا يداً واحدة ، تشاوروا فيما بينكـم في شؤون جهادكـم ، متآخين ، متحابّين ، متعاونين ، وشدُّوا سواعدهم المباركة ، بحملة صادقـة واحـدة ، على عدوّ الإسلام وعدوّكـم ، ولاتقيلوا بيعتكـم لله أن تنصروا دين ربّكـم ، أو تموتوا دونه.
(قل هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين ، ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده ، أو بأيدينا ، فتربّصوا إنا معكم متربّصون).
فلاتهنـوا لعدوّكـم ، ولا تنخدعوا بمكره السياسي ، ولاتقبلوا منه الصفقات السياسية المريبة التي تهدف إلى إجهاض ثمار جهودكـم ، وإبطال جهادكم ، وتضييع دماء شهداءهم..
(ولا تهنوا ، ولا تحزنوا ،وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسْكم قرحٌ فقد مسّ القوم قرحٌ مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وليعلم الله الذين آمنوا ، ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين).
وإيّاكـم أن تستعجلوا ثمـرة جهادكم المبارك ، غير مقدّمين هدف تطهير البلاد من الإحتلال على سواه ، ولا متخاذلين عن هذه الغاية العظمى ، ولا طامعين في متاع الدنيا الفاني .
ونذكّرهم جميعا بأنّ الأيام القادمة حاسمة في مسيرة الجهاد ، والعدوّ قاب قوسين أو أدنى من الهزيمـة ..
(فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم).
واعلموا أن هذا الشهر الكريم ، موسم النفحات الإيمانية ، وسوق اللطائف الربانية ، ومهبط العطايا الإلهية ، فتعرضوا فيه للدرجات العلا عند ربكم ، بجهاد النفس ، والشيطان ، وأعداء الله والإسلام .
وإنّ النصـر الحقيقي هو إنتصار النفس بتجاوز عوائقها إلى الله تعالى ونيل رضوانه ، وأنّ من مات نائلا رضا الله تعالى فهو المنتصـر ناله ما ناله في سبيل ذلك ، ومن عاش مسخوطا في الملأ الأعلى فهو المنهـزم حاز ما حاز من متاع الدنيا الفاني.
فأنتم أيها المجاهدون بألسنتكم ، وسلاحكم ، وأقلامكم ، الذين شرفكم الله بأن استعملكـم درعا للإسلام ، وسهاما في صدور أعداءه .
القائمون بالقسـط ، الحامون حمى الدين ، المعظـّمون شعائـره ، الذابُّون عن هداه.
حول الأقصى المبارك ، وبأرض الرافدين ، وبأرض الأفغان ، والصومال ، وفي غابات كشمير ، والفلبين ، وجبال الشيشان ، وعلى كلِّ منبـر يصدع بالحـق ، وخلف كلِّ مؤسسة إسلامية دعويـّة أو خيريّة ثبتـت على الصراط المستقيم ، تمـدّ هذا الدين العظيـم ، بما تقدر عليه من الدعم ، والنصـر ، والتأييّـد.
أنتــم ، و الله ، المنتصرون حقا ، شهداؤُكم أبـرار ، وأحياؤُكـم أطهـار ، وآثاركـم خير الآثار.
فاصبروا ، وصابروا، ورابطوا ، وابشروا ، واستبشروا ،
(إنّا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار).
والله أكبـر ، و العاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين.
غرة رمضان 1428هـ