فقد كثر سؤال الناس عن شركة (هبتكو) ، ومقرها في الكويت ، وقد عرض علي عقد الشركة فوجدت فيه مخالفة شرعية هي كون الشركة تعطي المساهم نسبة محددة من رأس ماله ، وليس من الربح ، وهذا يقتضي أنها تجعل للشريك دراهم معلومة ، ولهذا ينص العقد على أن الشريك يأخذ 10% من المبلغ الذي ساهم فيه بعد شهر ، نسبة من رأس ماله الذي ساهم فيه ، وليس جزءا مشاعا من الربح ، فإذا ساهم بمائة دينار مثلا ، يأخذ عشرة دنانير بعد شهر ، وخمسة وعشرين دينارا بعد شهرين ، وهكذا ، حتى يأخذ مائة بالمائة نسبة إلى راس ماله بعد ستة أشهر ، وتحديد النسبة من المبلغ الذي ساهم فيه الشريك ، يعني أن الشركة تجعل له دراهم معلومة ، مقابل بقاء مال المضاربة في حوزتها مدة محددة ، وكلما طالت المدة ، زيد له في تلك الدراهم .
وقد قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني شارحا قول الخرقي في شأن شركة المضاربة ( ولا يجوز أن يجعل لاحد من الشركاء فضـــــــــل دراهم ) قال ابن قدامة ( وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة أو جعل مع نصيبه دراهم ، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم بطلت الشركة ، قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة وممن حفظنا ذلك عنه : مالك والاوزاعي والشافعي وأبو ثور واصحاب الرأي ) المغني 5/38
ولا يخفى أن المضاربة إنما تقوم على تقاسم الربح كما قال الفقهـــاء في تعريفها ( دفع مال وما في معناه لمن يتجر فيه بجزء معلوم من ربحه ) وذلك كنصفه أو عشره ، فإن كان العقد يتضمن أن يعطي الشريك المضارب لصاحب رأس المال مبلغا محددا منسوبا إلى المال الذي ساهم فيه ، لا الربح ، فليس هذا من المضاربة ، بل هو أشبه بالقرض بفائدة ، كما تعطي البنوك الربوية فائدة قدرها 10% مثلا على المال المودع عندها ، فهذه الشركة صنعت نفس صنيع تلك البنوك سواء ، وقد قال صلى الله عليه وسلم (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وهم فيه سواء ) رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .
وبهذا يعلم أنه لا يجوز التعامل مع الشركة المذكورة بالشرط المذكور، بالإضافة إلى أنها لا يعلم لها أصلا تجارة تضارب فيها في الواقع تفسر ما تعطيه من أرباح خيالية ، وأرباحها ليس لها مثيل في نظائرها من شركات المضاربة مما يثير الريبة في أمرها ، كما أن القائمين عليها لا يلتزمون أحكام الشريعة ، وأموالها مودعة في بنوك ربوية ، وقد تبين لنا ذلك من شأنها ، فأجبنا من يسأل عنها بحرمة التعامل معها ، لما مضى من الأسباب ، وننشر هذه الفتوى بيانا وبذلا للنصيحة لعامة المسلمين ممن اغتر بكونهم يعطون نسبة ، بينما واقع الحال أنها نسبة من رأس المال تؤول إلى مبلغ محدد ، وليست نسبة من الأرباح ، ولو كانت نسبة من الأرباح لما تكالب عليها الناس في زمن لم يعد يبالي أكثرهم بأكل الحرام والله المستعان وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتب : حامد بن عبد الله العلي الكويت غرة محرم 1422هـ