حامد بن عبدالله العلي
في الأسبوع الماضي وجهنا نداء إلى الهيئات والمنظمات الشعبية في الكويت من أجل أن تقوم بدور مـا لمساندة الانتفاضة ، وتمنينا أن يستجاب للنداء ولو بالإعلان عن مؤتمر شعبي ـ حتى لو كان ليوم واحد ـ على غرار مؤتمر نصرة الشيشان الذي دعا إليه النائب الفاضل وليد الطبطبائي ، وذلك لبحث الدور الذي تؤديه الشعوب ، ومنها الشعب الكويتي ، في الوقوف مع إخوانهم مسلمي فلسطين في محنتهم والبلاء العظيم الذي يتعرضون له ، تحت وطأة الاحتلال الصهيوني لبلادهم وتهديده لمقدسات المسلمين هناك ، بعد أن بلغ الطغيان الصهيوني إلى حد لا يسكت عليه .
واليوم نكرر النداء ، متمنين أن يصدر عن هذا المؤتمر الذي ينبغي أن يكون في مقدمته نواب مجلس الأمة ، وأعضاء المؤتمر الشعــبي لمقاومة التطبيع ، وجمعيات النفع العام والجمعيات الشعبية ، يصـــدر عنه توصيات بما يلي :
1ـ مطالبة وزير الإعلام بتخصيص بث تلفزيوني يومي كل ساعتين ، وعلى مدار الساعة ، عن أخبار الانتفاضة ، بالإضافة إلى برامج متنوعة تثقيفية عن العقيدة اليهودية ، والخلفيات التاريخية للكيان الصهيوني ، وفضح الأطماع السياسية للحركة الصهيونية ، وتطعيم هذه الرسالة المستمرة على مدار الساعة ، بلقاءات مع أهم الشخصيات المطلعة على هذا الشأن ، ويكون هذا البث بديلا عن الفيديو كليب ، والتمثيليات والمسرحيات والبرامج الساقطة .
2ـ مطالبة وزير الأوقاف بتعميم خطب الجمعة حول الانتفاضة ، ومنزلة الجهاد بالمال والنفس في الإسلام ، وتنظيم محاضرات وندوات في المساجد عن واجب الشعب الكويتي لنصرة أخوته من مسلمي فلسطين ، وعن واجب ولاء المسلم لأخيه المسلم ، وعن الخطر اليهودي ، وتكليف أئمة المساجد بالقنوت في الصلوات حسب السنة الشريفـــة .
3ـ مطالبة نواب مجلس الأمة بتبني إصدار بيان يطالب دول مجلس التعاون الخليجي بإلزام الدول التي تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني بمقاطعته ، ويطالب الدول العربية بإنهاء معاهدات السلام مع الكيان الصهيوني ، ويطالب بتفعيل المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني .
4 ـ ودعوة الشعراء لعقد مهرجان شعري برعاية وزير الإعلام للتنويه مكانة الجهاد ، ووجوب الانتصار لكرامــــة الأمة ، والدعوة إلى الوقوف مع الانتفاضة المباركة ، وبثه على الفضائية الكويتية .
5ـ إلى جانب تنشيط حملة التبرعات للانتفاضة .
ومع أن هذه التوصيات أقل الواجب ، وهي مع ذلك جارية في نسق الالتزام بالواقعية ، فلا نريد من المؤتمر الدعوة إلى إعلان حالة الحرب مع اليهود ، فقد خلق الله للحروب رجالا ، ورجال لقصعة وثريد !! ولا السماح بإرسال المتطوعين إلى الجهاد في فلسطين ، لانهم لن يصلوا إلا أشلاء ممزقة ، ولا نطالب بمقاطعة الدول التي تقيم معه الكيان الصهيوني علاقات سياسية ، لأننا نعلم أن تلك الدول ليست في دائرة الاختيار أصلا !! ، بل طالبنا بما هو مقدور عليه في حدود الواقع لا المثالية.
مع ذلك كله غير أن نداء الانتفاضة الذي أطلقناه من هذه الزاوية ،وعبر الإنترنت ، لم يتم قبوله ، ولم يحرك ساكنا ، فهل أصبـــح الشعب الكويتي ـ ومثله شعوب الخليج والشعوب العربية ـ خارج منطقة التغطية بالنسبة لشعوره بالانتماء العربي والإسلامي ، وهل بدأ الموت التدرجي للعقيدة ـ لاقدر الله ـ يسري في جسد هذه الشعوب ، مع استقبالها للتبشير الغربي بما يسمى عصر ( نهاية اليوتوبيا ) أو ( نهاية الأيدلوجيات ) ، وإدعاء انتصار التعددية والليبرالية وعولمة التجارة وتوحيد الأسواق العالمية ، لتكون المادة والثراء والمال ومباهج الحياة الدنيا هو إله العالمين الجديد ؟؟
كلا .. فالــحق أن الخير في الأمــة الإسلاميــة كامــن لا يزول ، وسيأتي ـ لا محالة ـ حين تثب وثبتها الكبرى ، وما حكاية التبشير بعصر نهاية الأيدلوجيات ، واستبدالها بالتعددية التي تبسط السلام بين الشعوب ، فتعيش العقائد المختلفة في وئام ، وأن ذلك هو نهاية التاريخ ، ما هي إلا حديث خرافة ، يُضـل به ضعاف العقول من أبناء المسلمين ليتخلوا عن عقيدتهم الحقة ، بينما يستمسك أعداؤهم بأديانهم الباطلة .
فالكيان الصهيوني قائم على التعصب الديني الموروث عن تخريفات كفرة بني إسرائيل الذين حرفوا كتب الله المنزلة على أنبياءهم ، كما أن الأصولية النصرانية قائمة على قدم وساق عبر مؤسسات عملاقة ، تبشر في الغرب بالإيمان بحق إسرائيل بنبوءات توراتية مزعومة ، وتحلم بعودة المسيح وحكم العالم ، كما بينا في مقال الأسبوع الفائـــت.
وفي هذا المقال نكرر الدعوة إلى عقد مؤتمر شعبي تصدر عنه التوصيات المقترحة ، ونعيد إطلاق النداء ، فلعل النداء يتم قبوله هذه المرة ، والله المستعان .