علّميهم يا مصر
حامد بن عبدالله العلي
يا أيّها الناس ضُرب مثل في مصر فتعلَّموا منه.. إنّنـا نشهـد تحوّلاً هائـلاً في تاريخ أمـّتنا ، ومفصـلاً من مفاصل التاريخ البشري.
.
إنـّه شعب بأسره يزحف لنيل حقوقه ، وبكلّ فخـر وإعـتزاز ، يسمّى الذين سقطوا في طريق ثورتـه شهـداء .
.
الحمد لله الذي أفسد على الغرب المتصهين فرحته بتقسيم السودان ، بما أصلح من أحوال أمتنا في تونس ، ومصر ، و( إنّ الله بالغ أمره ) .
إنَّ أعظـم إنجاز للثورة المصرية ، إشاعة ثقافة جديدة على المشهـد العربي بأسره ، أحسبها ستقود المرحلة القادمة من نهضة الأمّـة ، وقـد صارت هذه الثقافة الجديـدة بمثابة إعـلان فوق كلِّ باب أسـرة من أمّـتنا ، وشارة على صدر كـلِّ رجل ، وامرأة ، كبير، وصغيـر .
إنها ثقافـة : إنَّ الكرامة أوّلا ، وتحرير الشعوب من الطغيان ولو بثـورة الدمـاء غاية عظمى ، وإعادة السلطة إلى الأمـّة ، ورفض حيـاة الإذعـان للإستبداد هدف أسـمى.
لقد أخـذ الشعب المصري يكـرِّر هذا الدرس كلَّ يوم ، ثـم يعيده درسا خصوصيا مجانيـّا في كلِّ بيت من بيوت الأمـّة ،
وقـد خـَطَّ حروفه بدمائه ، ورسـم لوحـته بتضحيـات نظر إليها التاريخ ، فأحنـى لها جبهـته تقديراً وإعجـابـا
نعم إنّ ما يجري هذه الأيام ، ماهو إلاّ دروس تلقيها مصر أقدم حضارة في التاريخ ، وعلى الهـواء مباشـرة على العالـم ، حيث يجلس في الصفوف الأولى في مدرستها الشعوب العربية ، ثـمَّ الشعوب الإسلامية ، ثم شعوب العالم أجمـع .
وهذا هو برنامج مدرستها العظيمة :
أولا طابور الصباح .. الهتاف : تحيا الشعوب الحرّة ، يحيا العدل ، تحيا الكرامة ، يسقط الطغاة ، تسقط الأنظمة المستبدة .
ثانيا.. نشيد الطابور :
إنّا لمَِـنْ مصرَ الأبيّة ، لن يرَى ** منّا الطغاةُ سوى الصوارمِ والقنا
أَوَ ما أُمرْنا في شَريعةِ ربِّنــا ** بالسَّيفِ نضْربُ من يجورُ ليذْعنا
تبّا لمن يرضى المهانةَ خانِعــاً ** للظَّالمـينَ الخائنيـنَ الموْطنــا
ثالثا .. الحصّة الأولى : درس في أنه لاقيمة للشعب إن رضي بالذلّ للطغاة ، ولا يستحقّ الحيـاة ، ولاميزة له عن القطعان السائمة ، ولا فرق بينه وبين البهائــم .
وأنَّ الشعوب الحـرّة أقـوى من الطغيـان بإذن الله تعالى ، وفي هذه الحصـّة تعلـّم مصـر ، أنَّ الشعوب قادرة على أن تصنع أروع أحداث التاريخ إذا تخلَّصت من قيود الـرقِّ ، وأنها مهما طال عليها أمـد الإستبداد ، فستبقى جذوة عشـق الحرية متّقدة فيها ، ومع أول نسمة من رياح التغيير ستشتعـل ، فتثور ، لتحول عهود الإستبداد هشيـما تذروه الريـاح.
وفي أثنـاء هذا الدرس تعلّـم مصـر العالم كيف أنّ الشعوب قادرة أيضا على أن تأخذ زمام المبادرة بنفسها ، فتصنع الأحداث العالمية ، لتترك ردّات الفعل على غيرهـا ، وتجبـر حتّى القوى العظمـى كأمريكا على أن تجري خلفها لاهثة خائفة مما ستصنعه ، وبذلك تسقط ذلك الوهـم الذي يسيطر على روع الشعوب العربيـّة ، أن الغرب هو المهيمن على كلِّ شيء ، الذي لايمكن لأحد أن يتجاوز إرادتـه !
وتختم مصر هذا الدرس بأن لايمكن فهمـه إلاّ عمليـَّا ، وتأملوا كيف أنَّ كلَّ تلك المؤلفات ، والخطب ، والتنظيـرات ، لم تفعل ما فعلته الثورة التونسية من إشعال جذوة الشعـوب في أيـّام معدودات .
رابعا .. الحصّة الثانية : درس في أنّ عروش الطغاة هشّـة كبيت العنكبوت ، ما أن يأذن الله تعالى للشعب ليتحرَّك بروح الثورة العاصفـة ،حتى يفاجأ الناس بأنَّ تلك الأنظمة لم تـكن سوى نمـورٍ من ورق ، إنمـا تقتات على تخويف الشعوب ، وإرهابها فحسـب ، زاعمـة أنهـا تستطيع أن تسحق من أمامها في لمح البصر ، حتَّى إذا جاء إعصار الحق ، تهاوت عروشها متحطمـّة ، كأمس الذاهب .
سكت الدهـر زمانا عنهـم ** ثـمَّ أبكاهـم دمـاً حين نطـق
وتأمّلـوا كيف أنّ نظام الطاغية اللامبارك أرتبك بأسرع مما توقع جميع المراقبين ، وتعطّلت أجهزة نظامـه كلمحِ البصـر ، وأخذ يتخبـّط كالأعمـى لايدري أين المخرج ، واستطاعت الجماهير الغاضبة أن تضطرُّه إلى مضايق بـدا فيها كالفأر المذعـور يسرع خطا الهرب متراجعا فلا يبصر الطريـق ، حتى أخذت الجماهير ، تلاحقـه وتشير إليه نحـو مخـرج الفــرار !
.
وسبحان الذي أتاه من حيث لم يحتسب ! فقد كانوا يراقبون اللِّحى ، ويلاحقون المنقبات ، ويعذِّبون المصلّين ، ويضيِّقون على هؤلاء بكلِّ سبيل ، خوفا من أن يأتي الأمر منهم ، فخرج عليهم من شباب مصر ، من حيث لايشعرون ، من ليس لهم ملفات أمن ، ولا يُعرف من أين أتـوا ! فخرجت في إثرهم الأمواج البشرية ، رافضة الطغيان ، حتى زلزلوا الأرض تحت نظام الطاغية ، فسبحان الذي لايعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو العزيز العليـم .
.
خامسا .. الحصّة الثالثة : درس في خباثة الغرب ، وخبث نواياه ، وكذب دعاواه ، ونفاق خطابه ، فهاهو لم ينطق ببنت شفة في شجب ما كانَ يصنعه النظام من جرائم طيلة أكثـر من ثلاثة عقـود ، جرائم تعجز الكلمات عن وصف بشاعتها ، وتتأبّى الحروف أن تجتمع لتكتب نعتها من شناعتها ،وقد ذكرنا طرفا منها في البيان الذي نشرناه عشية الثورة المصرية ،
ورأى العالم أجمـع سـوء جرائمه عندما كانت مدرّعاته تدهس المتظاهرين سلميّا في هذه الثـورة العظيـمة ، ويقذف الماء الحار على المصلّين وهم في صلاتهـم خاشعـون ، ويطلق رصاص القنّاصة على الشعب الأعـزل ، ويقتـل الأبرياء بغيـر حـقّ ، وما هذا سوى اليسير جـداً من فظائع كانت ترتكب طيلة فترة الطوارىء الذي امتدت ثلاثة عقـود ، تُغتصـب فيها الأعراض ، وتُسفك الدماء ، وتُعـذب الأجسـاد أشـدّ التعذيب ، وتـُذلّ النفوس ، وتُسرق الأمـوال، وتصادر الحقــوق .
ثم لما انتفضت الجماهير المظلومة تطلب خلاصها ، جاء الغرب يتنصّل مما هو عـار يلوح على جبينه ، لايمكنه إخفاؤه ، لاتمحوه الدهور ، ولاتغسله البحـور .
والحقيقة أنّ التغيير في مصر جاء من حيث لم يحتسـبوا أيضا ، ولهذا هرعوا خائفين على نظام لايحمي المشروع الصليبي الإستعماري الصهيوني في المنطقـة العربية إلاّ هـو ، ولا يعتمـد الغرب أكثـر من إعتماده عليه في تمريـر مخططاته .
وهم يعلمون أنه إن سقط هذا النظام ، ومُنحـت مصر حرية الإختيار ، سيقرر الشعب المصري أن يضطلع بدوره القياديّ في الأمّـة ، فتسقط معاهدة السلام المصرية الصهيونية ، ويصبح غاز مصر ، وثروة مصر لشعبها ، وخبزهـا من أرضها ، وسترجع مصر دولة إقليمية لا يجرؤ أحـد أن يقف في وجهـها .
ولهذا السبب وحده ، سيحاولون إنقاذ هذا النظام ،
ووالله الذي لا إله إلا هو ، لولا أنّ ما يجري في مصر مرئيُّ جـدا في العالم ، لسمحوا للنّظام المصري أن يبيد الشعب المصـري ، ولا تتغيـّر السياسة المصرية القائمة على إرضاء الحلف الصهيوغربي.
ولكن نسأل الله تعالى أن يخيـّب ظنونهـم ، ويردَّهم على إعقابهم خاسرين.
سادسا .. الحصّة الرابعة : درس في أنَّ التغيير للإطاحة بالمستبدِّين ، يبدأ من كسر حاجز الخـوف ، وأنّه ما إن ينكسر حتَّى يتبين كم كان ذلك أيسـر مما تهوَّلته النفوس، ثـم إنه إذا إنكسر فلا تسل بعد ذلك عما يمكن تحقيقه من الإنجازات السياسية السامية ، والأهداف الحضارية العالية .
وهو لاينكسر إلاّ مع التضحيات ، ولكنها ما أن تبذل ، وتسقط أولُ قطرة دم على أرض الثورة ، حتى تتحـول إلى مفاخر يتسابق إليها المتسابقون ، وشرف يسارع فيه المسارعـون ، ولـذّة غامرة يلتـذّ بها المضحُّـون .
سابعا .. الحصّة الخامسة : درس في أنَّ التغيــير للإصلاح يبدأ ببث الوعي السياسي السليم ، بأنّ الأمـّة هي صاحبة السلطة ، وهي معقد الحكم ، وهي صاحبة القرار النهائي في مصيرهـا .
وإزالة ما على عقول الشعوب من الأغطية التي يضعها الطغاة ، ويجددها علماء السوء ، بأنّ مقاليد أموركم كلَّها بيد الطاغيـة ومن يسبّح بحمده ، وإنما أنتم عبيدٌ له !
كما يبـدأ بتعليمهم أنهم هم السلطة الحقيقية ، وأنهم هم الوطـن ، وهم الدولة ، وهم النظـام ، وأنهـم هم وحدهـم الذين يحدّدون خيارهـم السياسي كلَّه ، وأنه ليس ثمـة مخـلوق ، له الحـقّ أن يسلب إرادتهـم الحرّة ، في إختيار من يوكّلونه سلطة خادمـةً لمصالحهم ، حارسـةً على حقوقهم ، ثم محاسبتها على عجزها عن الكفايـة ، فعزلها عن منصب الولاية.
ثامنا .. الحصّة السادسة : درسٌ في ضرورة الإستفادة من وسائل العصر ، وآخـر ما توصلت إليه البشريـّة من ثقافة التطويـر السياسيّ التي تنال بها حريتها ، وتنتزع حقوقها ، وتفرض الضمانات التي تحـول بين الأمّة وأن تقع فريسة للطغيان .
وأهم هذه الوسائل هو الإعلام ، فقد تبيّن بوضوح ، أنَّ الإعلام هو السلاح الأمضى في إحداث التغيير في تونس ، ومصر .
وأنّ قناة فضائية واحدة هي قناة الجزيرة _ تتمتـّع بقدر كبير من الحرية _ عملت ما عجـز عن فعله ملايين الخطباء ، فنقلت الثورتين التونسية ، و المصرية ، نقلات سريعة في عدة أيام من درجة إلى أرقى ، تنيـر لها الطريق ، وتدلهُّـا على فخاخ الطغيان ، وتحذّرها من شِراكـِه ، وتجمع جهود الثورتين ، وتركزهما نحـو الهدف حتى استقرتا على الجوديّ ، وهو إسقاط الطغيان ، وتحطيم أغلالـه.
هذه قناة عربية واحـدة ، فكيف لو كانت كلّ قنواتـنا الإعلاميّة حـرَّة ؟!!
تاسـعا .. الحصّة السابـعة : درس في أنّ المشاريع الحضارية الكبرى ، لا ترتقي إلى أهدافها إلاّ على _ بالإضافة إلى مافي الحصة السادسة _ سلَّم سياسة المراحـل ، وفي مدرج إرادة الشعوب ، ولهذا فشلت كلّ مشاريع التغيير التي فقدت أحد هذين ، فإنتهت المشاريع التي لم تقنع الجماهير إلى العزلـة ، واستقرت مشاريع التوثـُّب المستعجـل ، والحماس المتعجـّل ، إلى المحرقـة .
وقد كتبت في عدة مواضـع ، وفتاوى سابقة ، محذّرا من مشاريع التغيير السياسي التي تفتقد لمقوّمات النجاح منتهجةً العنـف ، وأنها في حيـّز المحرمات في شريعتنا ، إذ هي تعقب كوارث على المشروع الإسلامي ، طالما أرجعته القهقرى ، فأضاع من المكاسب مالايحصى عدده ،
على العكس تماما من التغيير الذي تتبنّـاه وتقوده الشعـوب ، وتندمج معها النّخـب ، وتمتـزج بتطلُّعـات الجماهيـر .
فإن كانت هذه الجماهير مسلمة ، فإنَّ نجاح ثورتها العامـة التي لاتحسب على حزبٍ بعينـه ، إن لم يدفع بالمشروع الإسلامي إلى المقدمة ، فلن يُعدم منه هذا المشروع المبارك خيرا ، مع هذا التطوُّر السريع الذي تفجر فيه وعي الشعوب بحقوقها ، وضعفت السيطرة عليها .
لن يُعدم خيرا حتى لو نقلهم من الأسوء إلى السيّء فـي أقـلّ تقديـر ، مع أنَّ النقلة لن تكون بهذه الصورة السوداء إن شاء الله ، في ظلّ ما يُنتشر في العالم من مناخ الحريات التي بعثتها ثورة الإتصالات والمعلومات ، فالحرية التي تطلقها هذه المشاريع وحدها كفيلة بأن تقفز بالمشروع الإسلامي خطوات ، إن لم توصله إلى المقدمـة ، كما ذكرنـا .
وقديمـا كنـّا نقـرأ ، ونحن صغار ، ما قاله جلال العالم في ذلك الكتاب البديع ( قادة الغرب يقولون : دمـّروا الإسلام ، أبيدوا أهله ) ، عندما كان الفكر الإسلامي نقيـَّا من جرثومـة الإنبطاح لمن يسمُّونهم ( ولاة الأمور ) ، بريئا من لوثـة مشايخ ( الملاحق الدينية للإستخبارات ) ، الذين أفسدوا الدين ، والعلم ، والغيرة الإسلامية .
كنا نقرأ ما نقله عن المستشرق الأمريكي و.ك. سميث : ( إذا أعطي المسلمون الحريّة في العالم الإسلامي ..وعاشوا في ظلّ هذه الأنظمـة ، فإنَّ الإسلام ينتصر في هذه البلاد ، وبالدكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعـوب الإسلامية ودينها ) .
وبعد إنتهاء الحصص السبع ، خرجت الشعوب العربية من مدرسة مصـر العظيمـة ، تبني لها صروح التغيير ، وتشقُّ طريق الخلاص من الطغاة ، وتنشـر أجواء الإصـلاح .
لتبعث هذه الأمّة من جديد ، أمـةً تكفـر بالطغـاة ، وتدين لله تعالى وحده بالعبودية ، أمـّة أبيـّة على الطغـيان ، تختار من يحكمها بإرادتها الحـرّة ، وترسم علاقتها بغيـرها وفق مصالحها هـي ، وتبعث رسالتها الحضاريـّة ، التي تقوم على ( كنتم خير أمّة أخرجت للناس ) ( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ) ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكـر والبغي )
وبعـد :
فإنَّ الشَّعب المصري البطل ، في هذه الثورة العظيمة ، لم يدّخـر شيئا تضحّي به الشعوب الحيـّة ، إلاّ وقد بذله رخيصا في سبيل خلاص أمـّته .
لأنه يعلم قدر مـا أُلـقي على عاتقه ، ويقـدِّر عظـم المكانة التي يتبوأ بهـا في العالم العربيّ ، وفي الأمّة الإسلاميّة ، وأنه إن نهض نهضـت الأمّة معه ، وإن تقاعس فعليه تقع المسؤولية العُظمـى.
وقد أعطى دروسه بإخلاص ، وصدق ، وتفانٍ ، يندر مثله في التاريخ ، وقدم دماءه ، وأجسـاد أبنائه ، وجازف بكلِّ مايملك .
من أجـل أن يضع أمّتـه على سبيل النهضة الشامـلة ..
وأما ما يحدث في المستقبل ، وما تحمله الأيـام ، فعلمه عند ربي في كتاب ، لايضلّ ربي ولاينسى .
ولاريب أنّ ثمة خططا بالغة المكر تعـد لإجهاض الثورة ، وسرقة جهودها ، وتحويـر أهدافها ، وتخريـب مشروعها .
لكن هذا لايمنع أنَّ الشعب المصري قد أدى الذي عليه ، وقام بمـا أُوكل إليه ، غيـر هـيّاب ، ولا وجـل ، فأستحق ما قلناه.
فيا أيتها الشُّعـوب قفي جميعا اليوم فحيّي هذا الشعب الخارق .
ثم امضـوا إلى مثـل ما مضـى فيه ..
ثـم ..أخـتم هذا المقال بتوقــُّع ، ونـداء..
أما التوقع _ والله أعلـم _ فهو أن يتعـمَّم _ ولو على مدى سنوات _ النموذج التركي في البلاد العربية ، أعني أنظمة سياسية فيها مزيد من الحريـّة السياسية ، وإحترام الحقوق ، وتقييد السلطة ، مطعَّمـة بثقافة إسلامية مقاربـة _ وخيـرٌ فيه دخـن ، أهـون من هذه الشرور التي نراهـا اليوم _ لكن دون النظام الإسلامي النموذج ، وسيكون في ذلك خيرٌ كثيـر للأمـة بإذن الله تعالى ، يسلك بها إلى فضاء أرحب ، تكون فيه إلى الوحدة الإسلامية العظمى بإذن الله أقـرب .
أمـّا النداء فهو إلى الحالة الثقافية في السعودية والخليـج ، حيث الثقل الإقتصادي للأمـّة الذي يوازي في أثره ، الثقـل الثقافي ، والسياسي لمصر ، والذي به مع التغيير في مصـر ، تتـم الإستدارة الحضارية الكبـرى للأمـّة بإذن الله تعالى.
نداءٌ لإحـداث نقلة كبيرة في التغيير الإصلاحي السياسي الذي يتجنَّب عثرات التجارب السابقة ، وينهض بالحالة المزرية البائسـة التي تعيشها شعـوب المنطقـة بأسـرها ، من مهبـط الوحـي ، إلى أطراف جزيرة العروبة الأصيلة ، ومحضـن الإسلام العظيـم .
حيــث _ في مناخ يملؤه النفـاق السياسي ، ويعصف به إعصار الفساد ، وتهيـمن عليه ثقافـة المهانـة ، وأخلاق ( التسـوُّل الجماعـي للشعوب ) مقبّلي الأيدي ، والأكـتاف ! وحالة ( اللاّوجود واللاّعدم ) و( اللاّبشـر واللاّبهَـم ) ! _ يُهـدر من مقدَّرات الأمـّة ، ما عُشر معشاره كفيـلٌ بأن يغيـر خارطة العالـم بأسـره .
وتُغيـَّب إرادة الشُّعوب بالكليـّة ، وتُنتهك الحقوق بلا رحمـة ، وتهان العقول ، ويُستهان بكلِّ القيم الإنسانية بلا كرامـة ، وتُسلَّم ثروات وكنوز أمّـتنا إلى التحالف الصهيوغربي ، ليستمر في طغيانه العالمي ، وفي إستبداده الذي ضاقت به البشرية ذرعـا ، وساقها إلى المهالـك .
فعليكم أيها المثقفون الشرفاء ، وعلماء الشريعة ، تقع مسؤولية عظيمة ، ومهـمة جسيـمة ، وقد بدأت أعناق شعوب الأمـّة تلتفـت متطلعـةً لكـم ، وعيونهـم تنظـر إليكـم ، وتنتظـر منكـم دوركـم في التغييـر المنشهـود .
فمـا أنـتم صانعـون ، ومتى يسمع صوتكم ، ويُرى حراكُكم ؟!!
والله المستعان ، وعليه وحده التوكـّل ، هو حسبنا ، ونعـم الوكيـل ، نعم المولى ، ونعـم النصيــر الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 31/01/2011 عدد القراء: 38783
أضف تعليقك على الموضوع
|