خطبة عيد الفطر لعام 1429هـ
بشائر النهضــة الإسلامية الظافرة ، ومبشــرات العودة الحضارية الباهرة
الحمد لله والله أكبر كبيرا ،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاالله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد،
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة ، وأصيلاً،
سبحان ذي الجبروت ، والملكوت ، والعظمـة ، والكبرياء ، والله أكـبر عدد الأموات والأحياء ، وعـدد ما في الأرض ، وما في السـماء.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، المتفرِّد بالخلق والإنعام ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ...
الحمد لله علمنا الهدى والقرآن والإسلام ، وهدانا للصلاة والزكاة والصيام ، وأتم لنا هذا الشهر الكريم ، ورزقنا فيه من فضله العظيـم.
وها هو رمضـان قـد ارتحـل ، ولكنه في قلوب الصالحين لم يزل ، وذهب وهـو في قلوب المؤمنيـن أغلى من قناطيـر الذهـب
ارتفع رمضان وقـد حمل معه حسنات المحسنين ، وبكاء التائبين ، وأنين المنيبين .
ورحـل وقد طوى فيه قصصَ القائمين ، وتقلبَ العاكفين ، واستغفارَ المستغفرين ، وتلاوةَ التالين ، وجودَ المتصدقيـن ، وشكر الشاكرين .
ذهب وقد حمل معه الأعمال الصالحـات ، وآثاره الباقيات .
ترحَّلَ الشَّهرُ –وا لهفاهُ – وانصَرَمَا *** واختُصَّ بالفوزِ في الجنَّاتِ من خَدَمَا
والفائز فيه من سجل في الرابحين , والخاسـر فيه قد خسر الخسران المبين .
ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ما آتانا فيه من العمل ، ويغفـر لناولكم ما وقع من التقصير والزلل .
أيها المسلمون ، يطـل علينا هذا العيـد بمبشِّـرات النهضة في أمّتنا ، وبشائر العودة لديننا ووحـدتنا ،
في وقـت نرى عدوَّنا يألم ، أشـدّ مما نألـم ، وقد أثقلته الأزمات ، وعادت عليه مكائـدُه بالنكـبات ، فالأزمة الإقتصادية به تعصـف ، وعدوانه قـد عاد عليه يقصـف.
غير أنَّ أمَّتنا بحاجة إلى أن تتذكـَّـر ثلاثة أمـور ، لا مناص لها من التمسك بها ، إن أرادت عودة مجدها ، ورجوع عـزّها ،
أحدها : الإستمساك بالعروة الوثقى التي وصفها الله تعالى بقوله : ( فمن يكفر بالطاغوت ، ويؤمن بالله ، فقد استمسك بالعروة الوثقى لاإنفصام لها ،والله سميع عليم)
وإذا كانت لاانفصام لها ، فلا تنفصـم أمّـة عن العـز إنْ تمسّكـت بها .
فهذه الآية الجليلة قد بيَّنت ، أن أعظم أسباب الفلاح ، هـو الكفر بالطاغوت ، والطاغـوت : اسـم لكلِّ معبود من دون الله تعالى ، ولكلِّ منهج لايتحاكـم إلى الله ، ولكلِّ راية ، أو كيان ، أو فرد ، أو جماعة ، تتنكَّـب شريعة الله تعالى .
وهذا الكفر بالطاغوت لازم لنظام التوحيد والإيمـان ، لايصـح الإيمان بالله تعالى إلاَّ معـه ، الإيمان بالله تعالى ربا لا ربَّ سواه ، ومعبوداً لامعبودَ غيرُه ، ومتحاكما إليه لاحكمَ إلاَّ هـو سبحانه .
هذا واعلموا أن أعظم الهجوم الشيطاني ، من شياطين الإنس والجن ، في كلِّ عصـر ، وفي هذا العصـر ، إنما هو على هذا الأصـل الأكبر ، والركن الأخطـر ، فهم يحاولون إلغاء الكفر بالطاغوت من عقيدة المسلمين ، لإزالة الإيمان بالله تعالى من قلوبهم.
والثانـي : إجتماع الأمّـة كلُّها تحت راية واحدة ، وشيجتها الأخوَّة الإسلامية ، ورابطتها العلاقة الإيمانيّة ، لاتفرِّق بينهم الوطنيّات ، ولا الجنسيّات ، ولا القبليّات ، ولا الحزبيات ، ولا سائر التعصّبات ، كما قال تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ) .
وذلك إنمّـا يتم في نظام الخلافة الإسلامية الذي كان سور الأمة الحصين ، ودرعها المتين ، فإعادتها فرضٌ على المسلمين ، وعودتها هـي عـزُّ المؤمنين .
والثالث : امتثال قوله تعالى ( واعدُّوا لهم ما استطعتم من قوّة ، ومن رباط الخيل ، ترهبون به عدوّ الله ، وعدوّكم ، وآخرين من دونهم ، لاتعلمونهم ، الله يعلمهم )
فلا عـزَّ لأمِّة هـي عالة على غيرها في الدفاع عن نفسها ، ولا كرامة لها وهي تستجدي مصادر قوِّتها من سواها .
هـذا ..وإن أسباب القوة أربعة أسباب :
أحدها : النظام السياسي العادل الذي ينبثق من إرادة الأمة الحـرّة ، وينوب عنها في تحقيق أهدافها ، وضـدّ هذا : الأنظمة البوليسية المستبدَّة ، المتسلِّطة على أمّتنا ، التي تحكم بوسائل التخويف ، والإذلال ، فأضاعت أمتنا ، وسلطت عليها أعداءها ، وربت فيها الذل ، والخوف ، والهوان ؟
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أخوف ما أخاف على أمِّتي حيف السلطان ) رواه الإمام احمد وغيره .
والثاني : الأمّـة الشجاعة الحيَّة ، المعـتزَّة بخصوصيِّة الهويـَّة ، وضدها الأمة التي استمرأت الذل ،ورضيت بهيمنة الأجنبـي ، وزهدت في الكرامة ، وأخلدت إلى شهوات الدنيـا ؟
وقد قال تعالى : ( ولاتهنوا ، ولا تحزنوا ،وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).
والثالـث : الإستقلال التام عن الأجنبـي ، وضـدُّه الخضوع له ، أو الإرتباط بتحالفات ظاهرها المعاهـدات ، وحقيقتها الرقُّ والعبودية .
وقد قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تُلقون إليهم بالمودة ) ، وقال : ( يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا آباءكم ، وإخوانكم ، أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ) .
والرابـع : القوة العسكرية الرادعة المعتمدة على عقيدة الجهاد الإسلامي، وضدها الركون إلى الضعـف ، والوهن ، ونشر المياعة ، والفساد ، والتخويف من ثقافة المقاومة، والجهـاد .
وقد قال تعالى : ( وكأيِّن من نبيِّ قاتل معه ربون كثير ، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ، وما ضعفوا وما استكانوا ، والله يحب الصابرين ).
هذا .. ونحن نرى بحمد لله تعالى أمَّـتنا في طريقها إلى تجميع أسباب قوتها ، وقد انتشـرت فيها أخوة الإسلام ، بعد أن تساقطت شعارات الجاهلية ، واستعلنت فيها عقيدة الإيمان بعد أن تهافـتت عقائد المادية الملحدة ، واشتعلت فيها جذوة الجهاد بعد أن ولـَّت روح الإنهزامية .
وأما وجود العوائق والمعوِّقات ، والفتن والمثبِّطات ، فهذه لازمة لكلِّ تجـديد ، ومحنة لابد منها في طريـق الإصلاح والتسديد ، وقد كانت في زمن الأنبياء ، وجهاد كل المخلصين الأصفياء .
فنسأل الله تعالى أن يـتم هذه النهضة الإسلامية المباركة ، فينقلها من مرحلة النهضة الواعدة ، إلى مرحلة النهضة الموجهة ، ثم إلى النهضة المنظمة ، ثم إلى القيادة الشاملة للأمة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم : (بشر هذه الأمة بالسناء و الرفعة و النصر و التمكين في الأرض ) رواه الإمام أحمد وغيره .
الله اكبر ، الله اكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر
ولله الحمد
***
الله اكبـر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ،وسبحان الله بكرة وأصـيلا .
الله أكبـر العظيم المجيد ، المبدىءُ المعيد ، كلَّما هلَّ العيد ، واستجد جديد ، وأمدَّ الله الشاكرين على نعمـه بالمزيـد .
أيها المسلمون ، تذكروا الموت والآخرة في كلِّ حين ، واجعلوا أوقاتكم بالخير عامرة فإنَّ ذلك هـو النجاة يوم الدين .
واحذروا الذنوب فإنها أشــدّ المصائـب ، وأقبح المعايـب ، وبها تذهب النعم ، وتُجلـب النوائـب .
واغتنموا العمر بالطاعـة إحتسـابا وإيمانا ، والزموا عمل الصالحات إحسانـا ، وتحلوا بمكارم الأخلاق والعادات ، وكونوا عباد الله إخوانـا.
وقـد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : " رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ،وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله " وقال " الصلاة نور ، والصوم جنة ، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار "،
أيها الاخوة الكرام ، استمعوا لموعظة الصحابي الجليل عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال : " إنكم في ممر الليل والنهار ، في آجال منقوصة ، وأعمال محفوظة ، والموت يأتي بغتة ، فمن زرع خيرا فيوشك أن يحصد رغبة ، ومن زرع شرا فيوشك أن يحصد ندامة ، ولكل زارع مثل ما زرع ، لا يُسبق بطيء بحظه ، ولا يُدرك حريص مالم يقدَّر له ، من أُعطى خيرا فالله أعطاه ، ومن وُقي شرا فالله وقاه ، المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم زيادة ، إنما هما اثنتان ، الهدى والكلام ، فأفضل الكلام كلام الله ،وأفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشـر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، فلا يطولن عليكم الأمد ، ولا يلهينكم الأمل "
أيها الأخوة الكرام ، استصحبوا هذه الأيام مراقبة الله تعالى ، ولا ينسـينّكم العيد طاعـة الحميد المجيد ، فإنما العيد لمن خشي يوم الوعيد ، وليس العيد لمن لبس الجديد ، فافرحـوا بغير معصية ولا بطـر ، ولايشغلنكم عن صلاتـكم ، وذكركم ، وطاعة ربكـم ، اللهو والسهـر .
وقوموا على أنفسكم وأهليكم بالأمر بالصالحات ، وإجتناب المهلكات ، ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعـلون ما يؤمـرون ) .
أيها المسلمون ، إن أمـة الإسلام كالجسـد الواحـد ، ولاخير في شعب مسلم يبيت شبعان ، وجاره المسـلم جائع ، فكيف يحل لنا أن نفرح بالعيد ، وإخواننا المسلمين في بقاع الأرض تحـت بلاء الإحتلال لاسيما في فلسطين ، وفي مصيبة الحصار لاسيما في غــزة .
فنهيب بكم دعـم شعوب المسلمين التي هي تحت نير الإحتلال الأجنبي ، بكلِّ ما تملكون ، حتى يرحل الإستعمار الجديد عن بلادنا ، وتذهب هذه الغمّــة عن أمّتنـا ، وخاصة خاصة خاصة أهـل غـزة ، فاعملوا جهدكم لفكِّ الحصار عن أهلنا في غزة .
ونقترح تشكيل قافلة من الجمعيات الخيرية ، والشخصيات المؤثـرة ، تتوجـه من الكويت إلى قطاع غزة ، لفكِّ الحصـار عنها .
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ألله أكبر ، الله أكبر
اللهــم إنا أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، و موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وشكر نعمتك، وحسن عبادتك، وقلوبــا سليمة ، وألسنة صادقة ، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم؛ إنك أنت علام الغيوب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معاصيك، و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك، و من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، و أبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، و اجعله الوارث منا، و اجعل ثأرنا على من ظلمنا، و انصرنا على من عادانا، و لا تجعل مصيبتنا فى ديننا، و لا تجعل الدنيا أكبر همنا، و لا مبلغ علمنا، و لا تسلط علينا من لا يرحمنا
اللهم انصر أمتنا ، وردّها إلى دينها ، ووحّدها أمة واحدة ، خلافتهــا فيمن خافك واتقاك وطلب رضاك .
اللهم انصر المجاهدين في فلسطين ، والعراق ، وأفغانستان ، والصومال ، وكشمير ، والفلبين ، و الشيشان ، وفي كلِّ مكان .
اللهم كن لهم ولاتكن عليهــم ، وانصرهم ولا تنصر عليهم ، وانصرهم على من بغى عليهم ، اللهم خذ عنهم العيون ، واملأ قلوبهم رضا بك وبدينك ونبيك ، واشرح صدورهم للجهاد ، وثبت أقدامهم ، اللهم كن لهم عونا ونصيرا ، واجمع كلمتهم ، وألف قلوبهم ، وسدد رميهم ، واجعل عاقبة جهادهم خيرا ورشدا ، اللهم اجعلنا من جنودك ، وارزقنا الشهادة في سبيلك ، واختم لنا بها حياة الصالحين ، اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين إماما ، الله آتنا في الدنيا حسن وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، اللهم توفنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين ، آمين . الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 27/09/2008 عدد القراء: 8718
أضف تعليقك على الموضوع
|