السائل: سائل التاريخ: 13/12/2006 عدد القراء: 9279 السؤال: حماس والجماعات الإسلامية؟
جواب الشيخ: السؤال:
فضيلة الشيخ السلام عليكم ، نلاحظ هذه الأيام بعض الناس يشنون الهجوم والحملة على حركةحماس وبعضهم يتبع بها كل جماعات الدعوة والإصلاح ،ويصفها بالضلالة والعمى ، ويحكمون على مواقف وزلات فيعممون ، أو على كلمات فيشنعون ويتبرؤون منهم جملة وتفصيلا ويدعون إلى محاربة هذه الجماعات وتشويه صورتها ، فنريد توجيهكم بارك الله فيك بما عليه الشرع أحسن الله إليكم .
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
كل الجماعات الإسلامية الدعوية المعروفة ، فيها خير وبركة ، وقدمت للأمة نفعا عظيما ، وخيرا عميما ، فهم الدعاة إلى الخير ، وهــم القائمون على نشر العلم والدين يحثون فيه منذ عقود السير ،
إذا سألت الناس عنهم وفضلهم ** أشار إليهم بالمكرمات مشيـــر
وقد بارك الله في جهودهم ، فأثمرت المجاهدين في ميادين الجهاد ، والدعاة الداعين إلى الرشاد ، والكتاب ،والعلماء ،والجمعيات الخيرية التــي نفعت البلاد والعباد ، ودورالقرآن ، ومراكز الدعوة والإصلاح سواء في المساجد والمعاهد ، والإعلام الإلكتروني والتلفزيوني ،ولا يزال بحمد لله في بركة وازدياد .
وهذا كله من أنفع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأعظم شعائر دين الإسلام ، فكيف يكون القائمون عليه هم أهل الضلالة والعمى ?!
وأهل الجهاد هم خير هذه الأمة، والقائمون عليه على ذروة سنام الإسلام ، ولا يبغضــهم إلا منافق ، أو من في قلبه مرض ، مرض الجهل ، فانه داء وأيّ داء هو ! ولهذا ورد في الحديث ) شفاء العي السؤال ) ، ومرض الشهوة .
لكن مع ذلك هم ـ اهل الدعوة وأهل الجهاد ـ كلهم غير معصومين ، وقــد يقع منهم ما يقع من غيرهم من الزلل وحظوظ النفوس ،واتباع الهوى ، فيشهد لهم بما يجب أن تكون عليه الشهادة بالحق ، إقرارا بفضلهم وتقديمهم ، ونصحهم إذا غلطوا وتقويمهم .
ومعلوم أن حفظ الدين من التبديل ، وحراسته من الزلل وفاسد التأويل أعظم فرض وأولى الواجبات ،
فالواجب نصح من يخطئ من الأفراد والجماعات ، مع حفظ فضلهم ، والتحذير من زللهم ،مع الإقرار بحقهم .
هذا هو الواجب الشرعي ، فالخير قد يكون فيه دخن ، فلا ينفي خيره ، كما لايُقــر دخنه ،
ومن أصول أهل السنة، أن المسلم قد يجتمع فيه الطاعة والمعصية ، والضلال والهدى ، وشعب من النفاق ، وأخرى من الإيمان ، فيقام عليه العدل بالحكم بالميزان ،
وقد كتبت في هذا رسالة مستقلة بعنوان ( ضوابط ينبغي تقديمها قبل الحكم على الطوائف والأفراد والجماعات ) .
وقد بينت فيها من النصوص الشرعية ، ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم , وكلام العلماء الربانيين الهداة من السلف والسابقين ، ما يتبين به ما ذكرت .
وحاصله أن الله تعالى كما أمر بالدعوة إلى الحق ، أمر بالعدل بين الخلق ،
فالموفّق من امتثل الأمرين ، متخلصا من الهوى ، متساميا عن حظوظ النفس ، مبتغيا محض النصح ، ساعيا في الإصلاح ، شاهدا بالحق من غير تحيز .
كما قال الحق سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيْرًا )
وأما الإخوة في حماس ، فانما وجّهنا النصح بما أخذ الله من الميثاق ، إبراء للذمة ، وفكاكا للنفس من التبعة .
ونحن ندعو لهم بالسداد والتوفيق علنا ، وبظهر الغيب ، وأن يريهم الحق حقا ، ويعينهم عليه ، ويرزقهم الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد ،
كما دعوت في مقالاتي إلى وجوب نصرتهم ، وتحريم خذلانهم ، وأن فك الحصار عنهم واجب شرعي ، ومساندتهم في أهدافهم المشروعة ، فرض على الأمة ، وحتى لو غلطوا ، وزلوا ، فحق النصرة يبقى واجبا شرعيا متحتما.
وقد دعوتهم إلى أنه إذا وقعت منهم زلة تسيء إلى إخوانهم المسلمين المجاهدين في بلاد أخرى أو غيرها ، بسبب مناورات سياسية ألجأتهم إليها ضرورة ، فيجب أن يسارعوا إلى التصحيح والبيان ، فإنما نحن امة واحدة ، يد على من سوانا ، ويسعى بذمتنا أدنانا ، وان الكلمة يقولها العبد من سخط الله لايلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا ، والسياسيون ليسوا استثناء من هذا الحديث !!!ـ
ومع ذلك ـ كما ذكرنا ـ حتى لو وقع منهم الخطأ ، والزلة ، فهم ، وكل إخواننا الفلسطينيين من أمتنا ، بل من خيارها وأفضلها ، ففيهم ما في أهل الشام من الفضائل المشهورة ، والأعمال المبرورة ، مع ما في الفلسطينين من عزيمة الأبطال ، وهمم الرجال .
وقــد قدموا جهادا عظيما ، ويلاقون منذ عقود ، معاناة شديدة الوطأة لايعلم مداها إلا الله تعالى ، ويواجهون عدوا خبيثا ، وحصارا خانقا ، وخذلانا من طواغيت العرب المستبدة ، ويتصدون لمؤامرة على الأمة برمتها ، ليست على فلسطين فحسب ، ويسلكون طريقا وعرة ، ويتحملون مسؤولية جسيمة ، فاذا لم تقف أمتهم في صفهم فمن يُنتظر منه ذلك ؟!
والحاصل أن من حقهم دعمهم ، مقرونا بنصحهم إذا أخطأوا ، قياما بالقسط ، وشهادة بالحــق ، لنجمع بين الواجبين ، نصرة المسلم لاسيما المبتلى بالعدو ، بل أخبث عدو ، فنصرته من أوجب الواجبات ،
وثانيا حفظ الشرع من التبديل وإقامة الحجة على المخطئ وإظهار الحق المبين بائنا ساطعا لااشتباه فيه على أحــد ،
هذا ونسأل الله تعالى أن يجمع أمتنا على الخير والهدى ، ويجنبها طرق الزلل والردى ، ويذهب مــن النفوس الغل والحسد ، ويقيمها على الحق والرشد .
والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل .
|