واحتجوا بحديث ( إن الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ) رواه الترمذي وغيره ، وبحديث عائشة رضي الله عنها ( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) متفق عليه .
*ثانيا : وإن كنت متمتعا ، فإنك تنوي بطوافك أنه طواف عمرة .
وإن كنت قارنا نويت أنه طواف القدوم ، على أن تطوف طواف العمرة والحج ، بعدما تأتي من مزدلفة يوم النحر , ويجوز لك أن تسعى بعد طواف القدوم هذا ، وتنوي به أنه سعي عمرتك وسعي حجك في نفس الوقت ، وتكون في هذه الحالة قد قدمت سعي العمرة والحج على طوافهما الذي ستفعله يوم النحر ، ويجوز لك أن تؤجل السعي إلى يوم النحر عندما تطوف طواف عمرتك الذي تنوي به أيضا أنه طواف حجك ، فتسعى بعد ذلك سعي عمرتك الذي هو سعي حج ، وبذلك تقرن أفعال العمرة بالحج .
وأما إن كنت مفردا فإنك تنوي أنه طواف القدوم فقط ، ويجوز لك أيضا أن تقدم سعي الحج فتسعى بعد طواف القدوم ، ولا يكون عليك سعي أخر إذا طفت طواف الحج يوم النحر ، كما سيأتي بيان ذلك .
فإن طفت و لم تنو شيئا نسيانا أو جهلا ، فلاشيء عليك وطوافك صحيح .
*ثالثا : و معنى الطواف ببيت الله تعالى ، إظهار عظيم حبك له إذ تعلق قلبك بمحبته حتى قادتك تلك المحبة العظيمة إلى التطواف حول بيته مرارا في صورة الإلحاح عليه ، من أجل أن يقبلك في حضرته ، ويقربك من محبته ، ويتجاوز عن تقصيرك في حقه ، وكلما استحضرت هذا المعنى الجليل ، كان ثوابك أعظم عند الله تعالى
*رابعا : وتكون مضطبعا في هذا الطواف استحبابا ، ومعنى الاضطباع أي تجعل وسط ردائك تحت عاتقك الأيمن ، وطرفيه على عاتقك الأيسر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس كل طواف فيه اضطباع ، وإنما طواف العمرة وطواف القدوم للحج ، وأما طواف الإفاضة فحتى لو طافه الحاج وهو محرم ، لا يكون فيه اضطباع ، ويستمر الاضطباع إلى آخر الطواف .
عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت ، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى ) رواه أبو داود وغيره.
*خامسا : ويستحب هنا أن يرمل الطائف أول ثلاثة أشواط ، والرمل هو الإسراع مع مقاربة الخطى ، ويكون الرمل في كل طواف فيه اضطباع ، ولا يكون في طواف ليس فيه اضطباع ، وقد قال جابر رضي الله عنها في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم ( حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ) رواه مسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا ) متفق عليه ، والطواف الأول هو القدوم ، وخب أي رمل .
*سادسا : ويجب أن تطوف سبعة أشواط كاملة لاتسقط منها خطوة ، تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي بالحجر الأسود .
وتجعل البيت على يسارك ، واحذر أن تطوف وأنت مستقبل البيت أو جاعله عن يمينك ترجع القهقرى ، وحتى لو كنت محمولا يجب أن تجعل البيت عن يسارك .
*عاشرا : واحذر أن تطوف من داخل الحجر ، وهو الجزء الذي حوله حاجز رخامي يشبه شكل الهلال خلف أحد جدران الكعبة ، بل يجب أن تكمل طوافك من وراءه ، لانك لو أكملت الطواف من داخله ، فكأنك دخلت الكعبة في جزء من طوافك ، ولم تطف حولها ، ويجب على من فعل ذلك إعادة الطواف .
*حادي عشر : وإذا أقيمت الصلاة وأنت تطوف ، أو حضرت جنازة ، أو أردت شرب الماء ، ونحو ذلك فإنك تتم الطواف بعد ذلك من حيث وقفت ، إلا إذا أطلت الفصل بين الأشواط ، فإن فعلت فابدأ من جديد ، لان الموالاة بين أشواط الطواف شرط في صحته ، وكذا إذا انتقض وضوءك في أثناء الطواف فيجب عليك أن تعيده من جديد ، إذا قلنا بأن الوضوء شرط لصحة الطواف ، وهو الاحوط .
*رابع عشر : ويستحب إذا أردت أن تسعى بعد ذلك أن تعود إلى الحجر فتستلمه إن استطعت قبل أن تنطلق إلى المسعى .
*خامس عشر : وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعدما أنهى طوافه في حجته ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ثم رجع إلى الركن فاستلمه رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .
والدعاء عند شرب زمزم مستحب ومستجاب قال صلى الله عليه وسلم ( ماء زمزم لما شرب له ) رواه أحمد وابن ماجة من حديث جابر رضي الله عنه .
***السعي بين الصفا و المروة :
تتوجه بعد ذلك إلى الصفا ، لتسعي بين الصفا والمروة .
ويجوز لك إن كنت قارنا أو مفردا أن تعجل السعي بعد طوافك طواف القدوم ، فإذا كنت قارنا سيكون هذا السعي المعجل هو سعي حجك وعمرتك اللتين ستطوف طوافهما يوم النحر ، وإن كنت مفردا يكون سعي حجك الذي ستطوف طوافه يوم النحر أيضا ، وهذا أيسر عليك لانك ربما تكون مرهقا يوم النحر بعد وقوفك بعرفة وبياتك بمزدلفة ، فتكتفي بالطواف في هذه الحالة لانك قدمت السعي عند قدومك ، ويجوز لك أيضا أن تؤجل السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة يوم النحر ، فتسعى بعده سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا ، وسعي حجك إن كنت مفردا
مسائل السعــــــــي :
*أولا : إن كنت متمتعا ، أي تريد أن تعتمر ثم تحج بعد التحلل من عمرتك ، فهذا السعي هو سعي عمرتك ، وإن كنت قارنا أو مفردا ، فهذا السعي تنوي به أنه سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا ، وسعي حجك إن كنت مفردا ، هذا إذا أردت أن تقدم السعي ، ويجوز لك تأخيره كما أسلفنا .
*ثانيا : تبدأ من الصفا ، فإذا دنوت من الصفا يستحب لك أن تتلو قوله تعالى ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلاجناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) وتقول أبدأ بما بدأ الله به ، وترقى الصفا حتى ترى الكعبة إن استطعت ، فإن لم تستطع ذلك ، فالواجب أن تضع قدمك عند أول الارتفاع إلى الصفا ، لتكون بدايتك من أول الصفا ، لان قطع كل المسافة بين الصفا والمروة واجب لا يصح السعي إلا به .
*ثالثا : فإذا رقيت على الصفا فاستقبل الكعبة ، وارفع يديك للدعاء ، وابدأ قائلا الله أكبر ثلاث مرات ، ثم تقول لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم ادع الله بما شئت من خير الدنيا والآخرة ، ثم أعد هذا كله ثلاث مرات ، ويستحب أن تطيل في الدعاء ، فإنه موضع أطال فيه النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء .
*رابعا : فإذا فرغت من الدعاء ، انزل ماشيا ، إلى أن تصل إلى العلم الأول ، وقد وضع لذلك إشارة خضراء ، فإن بلغته ، فيستحب لك أن تسعى سعيا شديدا ، حتى تصل إلى العلم الثاني ، وقد وضع لذلك أيضا إشارة خضراء ، ثم تمشي بعد ذلك ، حتى ترقى على المروة ، فتفعل على المروة مثل ما فعلت على الصفا ، فإن لم تستطع ذلك ، فالواجب أن تنتهي عند أول ارتفاع من الأرض على المروة ، من أجل أن تكون قد قطعت كل المسافة بين الصفا والمروة .
وتستطيع أن تستدل على مقدار المسافة التي يجب قطعها بين الصفا والمروة ، بممر العربات ، فعند انتهاءه تنتهي المسافة الواجب قطعها ، ولكن يستحب أن ترقى على الصفا والمروة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
*سادسا : ويستحب لك أن تكون في أثناء السعي ، ذاكرا لله تعالى بأنواع الذكر من قراءة القرآن والاستغفار والتسبيح والتهليل ، كما يستحب الوضوء ولا يجب ، فإن كنت غير متوضأ جاز لك أن تسعى من غير وضوء.
*سابعا : ولا تجب الموالاة بين أشواط السعي ، فيجوز لك أن شعرت بتعب ، أن تستريح ثم تعود فتكمل على ما سبق ، حتى لو طال الفصل ، فلا بأس بذلك .
***الحلق والتقصير :
بعد ذلك يجب عليك إن كان حجك ، حج تمتع ، أن تقصر من شعرك ، وذلك بأن تقص من جميع الشعر ، لا من أطرافه كما يفعل الجهال ، والحلق أفضل ، ولكن لانك سوف تحلق رأسك عند التحلل من حجك ، فالأفضل هنا أن تقصر فقط إلا