السائل: زائر التاريخ: 23/10/2008 عدد القراء: 6828 السؤال: فضيلة المفتي لو أننا استعنا مثلا بغير مسلم في الجهاد في نعطيه من الغنيمة ، وهل يجوز ذلك أم يحرم مطلقا وما حكـم لو تحالف المسلمون على غير المسلمين لمصلحة قتال كفار أشد ضررا على المسلمين ؟!
جواب الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه يسهـم له إن غزا مع المسلمين ، قال ابن قدامة : وبهذا قال الأوزاعي،والزهري، والثــوري ،وإسحاق ،قال الجوزجاني: هذا مذهب أهل الثغور ، وأهل العلم بالصوائف والبعوث ..ثم قال :
. ولنا ما روى الزهري،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في حربه , فأسهم لهم ، رواه سعيد في سننه ، وروي أن صفوان بن اميـة خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر،وهو على شركه , فأسهم له، وأعطاه من سهم المؤلفة .
أما الإستعانة بالكافر في الجهاد ـ إذا ترجَّحت مصلحتها ـ ففيها خلاف مشهور ، ومذهب الشافعية ، والحنفية ، جوازه ، والحنابلة عند الحاجة ، قال في المغني : وكلام الخرقي يدل عليه عند الحاجة .
وفي رد المحتار ( جواز الإستعانة بالكافر عند الحاجة ، وقد استعان النبي صلى الله عليه وسلم باليهود على اليهود ، ورضخ لهم ) حاشية ابن عابدين 3/363
وقال في المنهاج وشرحه مغنى المحتاج ( وله ـ أي الإمام ـ الإستعانة على الكفار بالكفار ، من أهل الذمة ، وغيرهم ) 4/221
وحكى في نيل الأوطار عن أبي حنيفة وأصحابه ، أنهـا تجوز الاستعانة بالكفار ، واستدلوا بإخباره صلى اللّه عليه وآله وسلم بأنها ستقع من المسلمين مصالحة الروم ، ويغزونجميعًا عدوًا من وراء المسلمين.
ويشير إلى الحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن حسان بن عطية، قال مال مكحول ، وابن أبي زكريا ، إلى خالد بن معدان ، وملت معهم ، فحدثناعن جبير بن نفير، عن الهدنة، قال : قال جبير انطلق بنا إلى ذي مخبر - رجل من أصحابالنبي صلى الله عليه وسلم - فأتيناه فسأله جبير عن الهدنة فقال : سمعت رسول الله صلىالله عليه وسلم يقول " ستصالحون الروم صلحا آمنا فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم ،فتنصرون وتغنمون ، وتسلمون ، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول ، فيرفع رجل منأهل النصرانية الصليب ، فيقول غلب الصليب ، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه ، فعند ذلك تغدرالروم وتجمع للملحمة .
ومما يستدل به أيضا ما أورده ابن كثير في البداية والنهاية قال : ( فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن، ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعاً له سلاحاً ، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك فقال : ( ياأبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدونا غداً ) ، فقال صفوان: أغصباً يا محمد ؟ قال: (بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك) ، قال: ليس بهذا بأس، فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح ، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعــل) هكذا أورد هذا ابن إسحاق من غير إسناد ، وقد روى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، وعن عمرو بن شعيب، والزهري، وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم وغيرهم قصة حنين فذكر نحو ما تقدم، وقصة الأدراع كما تقدم أ.هـ قلت : الخبر صحيح، أخرجه أبو داود ،وأحمد ، والبيهقي ، والحاكم وغيرهم .
وكلُّ ذلك يدل أيضا على جواز التحالف مع طائفة من غير المسلمين ، للتفرغ لقتال طائفة أخرى ، إذا احتيـج إلى ذلك وأمن المسلمون مفسدته على أمة الإسلام ، والمسألة على أيـة حال اجتهاديـّة ، ولا يفتـي بها إلاَّ أهل العلم ، فمرجعها إلى أهل الفتيا ، فإن رأوا مصلحة الإسلام في ذلك فأفتوا بهــا ، فلاينكر على من أخذ بأحد قولي العلماء في المسائل الإجتهادية إلاَّ جاهـل ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . |