لماذا ازّم الكيان الصهيوني الموقف الان وكان عليه ان لا يفعل ؟؟, وجهة نظر مغايرة!

 

لماذا ازّم الكيان الصهيوني الموقف الان وكان عليه ان لا يفعل ؟؟, وجهة نظر مغايرة!


عبد الله الفقير



قبل عشرين سنة,كان العراق يشكل الخطر الاكبر بالنسبة للدولة الصهيونية,لذلك لم يأل جهابذة المكر الصهيوني جهدا من اجل الايقاع به وتدميره,في عام 1990 اثمرت مخططاتهم عن وقوع العراق في فخ احتلال الكويت,وكانت تلك بداية النهاية للخطر العراقي حسبما يظن الصهاينة, عشية احتلال الكويت,وامام رغبة اسرائيلية وغربية جامحة لتوحيد الصف العالمي من اجل انهاء "الاحتلال" العراقي للكويت,اقدم بوش "الاب" على تقديم عدة خطط ,وطرح على العرب والعالم عدة مشاريع اشهرها توعده بانهاء ازمة الشرق الاوسط وحل القضية الفلسطينية مباشرة بعد انهاء الاحتلال العراقي للكويت!!.

صدّق بعض المخدوعين (القشامر) هذه الوعود وراحوا ينساقون مع الشيطان الاكبر من اجل اخراج العراق من الكويت,او بالاحرى"تدمير العراق من اجل عيون اسرائيل ",وليس من اجل نفط الكويت كما يظن البعض!.

لقد كانت احد اهم اهداف الحلف الصهيوني في ذلك الوقت هو تحشيد الرأي العام العالمي من اجل تدمير العراق,ومن اجل تحقيق ذلك الهدف كانوا على استعداد لتقديم كل التنازلات واعطاء كل الوعود "المغرية" , وقد نجحوا في ذلك ايما نجاح,بعد ان اصبحت قوات الجيش السوري تقاتل بجانب قوات الجيش الاسرائيلي الذي يحتل الجولان من اجل القضاء على الجيش العراقي الذين كان اول من ذهب لمساعدة الجيش السوري لانقاذ دمشق من السقوط بايدي الجيش الاسرائيلي في حرب تشرين!!!.

مرت ثلاثة عشر سنوات ولم يتحقق اي من الوعود الامريكية بشان ما يسمونه انهاء ازمة الشرق الاوسط,

وبعد اقل من سنة من تولي بوش "الابن" لزمام الحكم في امريكا,وفي صبيحة يوم "جميل",شٌنت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في قعر الولايات المتحدة الامريكية, حينها وجد اللوبي الصهيوني ان الفرصة متاحة له من اجل حشد العالم من جديد لكن هذه المرة من اجل القضاء على المارد "الاسلامي" الذي بدأت بوادر نهضته وشيكة,وحيث كانت احد اهداف من قام بهجمات سبتمبر هو الانتقام للشعب الفلسطيني,لهذا وجد اللوبي الصهيوني ان عليهم تقديم بعض التنازلات بشان القضية الفلسطينية مقابل انجاح جهودهم في تشكيل التحالف الدولي المطلوب محاربة الارهاب(الاسلام),

وهكذا اعيدت من جديد الحياة الى مبادرات السلام في الشرق الاوسط ,واعيد تنشيط مباحثات "اوسلو" التي كانت العثة قد اكلتها بعد ان ركنت على الرف!!, واعيد الحديث عن ضرورة قيام دولتين اسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا الى جنب في سلام وامان!!!, وصدق بعض "القشامر" بهذه الوعود ثانية,وانساقوا مرة اخرى للرغبة الامريكية كالعميان,او كالبهائم بمعنى ادق,لانهم كانوا يبصرون ولكن لا يستبصرون!!!.

بعد سنتين او اكثر من انطلاق الحملة العالمية لمحاربة "الاسلام" او ما عرفت بالحرب على الارهاب,وبعد ان تم احتلال افغانستان بطريقة سلسلة وبدون اي اعتراض عالمي او اسلامي على المجازر التي اقترفت اثناء ذلك الاحتلال وما بعده,وامام هذا النصر الامريكي السريع ,وجد الوحش الامريكي شهوة اكبر في التهام دول اخرى ما زالت تتحرك خارج حدود سيطرته,وهكذا ظهرت النزعة الامريكية لاحتلا العراق, وامام الرفض الدولي الذي جوبهت به هذه النزعة الامريكية,وامام الحاح اللوبي الصهيوني والمجوسي الدافع نحو تدمير العراق كليا,وجد الصهاينة ان عليهم ان يعيدوا تمثيل نفس السيناريو السابق والمتمثل باعطاء الوعود الجديدة لحل القضية الفلسطينية ,

واعيد سيناريو عقد المؤتمرات الصورية الخاصة بتنشيط مقررات مؤتمر اوسلو للـ"السلام",

واعيد الحديث عن ضرورة اقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية جنبا الى جنب تعيشان "بثبات ونبات,ويخلفوا صبيان وبنات" !!!!!.

وحيث ان اغلب شعوب العالم وقادتها هم ليسوا من "المؤمنين",لذلك لم نستغرب ان يلدغوا من نفس الجحر وللمرة الثالثة على التوالي!!!,

وهكذا,وتحت حجة الوعد باقامة الدولة الفلسطينية وانهاء معانات الشعب الفلسطيني,انخرطت بعض الدول وبعض الشعوب في مشروع احتلال العراق و"تدميره",وحدث ما حدث, ودمر العراق واحتلت اراضيه,وسلم على طبق من ذهب لايران واسرائيل لينهشوا بما تصل اليهم اياديهم وانيابهم دون اي استنكار عالمي شعبيا كان او رسميا يوازي حجم الجريمة التي اقترفت باحتلاله!!.

من كل هذه التجارب السابقة,نجد بان خطة اللوبي الصهيوني لتحشيد الراي العام العالمي لضرب اي هدف او دولة, تتلخص في الاساس بثلاث مظاهر وهي :

اولا \تهدئة الجبهة الفلسطينية الى ابعد الحدود لاتاحة المجال للتحرك بعيدا عنها.

ثانيا\ اطلاق الوعود الوردية بخصوص حل القضية الفسلطينية وتسخير ماكنتهم الاعلامية من اجل التبشير بقرب حل تلك القضية .

ثالثا \عقد حملة مسعورة من المؤتمرات الدولية الخاصة والمهرجانات لحل القضية الفلسطينية واطلاق حزمة مما يسمونه "مبادرات السلام" والتي كان مشروع حل الدولتين احد اهم ركائزه والذي يتم العودة اليه في كل مرة !!.

ذلك هو ملخص السيناريو الذي يعاد تمثيله كلما ارادت اسرائيل تاليب الراي العام تجاه احد اعدائها,

واذا ما طبقنا مفهوم الهندسة العكسية بخصوص هذا "السيناريو", فاننا نستطيع ان نقول بانكم كلما وجدتم اللوبي الصهيوني يعود لتطبيق هذا المفردات الثالثة,فاعلموا انه يسعى للنيل من احد خصومه,ولهذا استخدمها من اجل اخراج العراق من الكويت واضعافه عام 1991,وكذلك استخدمها من اجل شن الحرب على الاسلام واحتلال افغانستان 2001,وكذلك استخدمها من اجل تدمير العراق واحتلاله في عام 2003.

لماذا الشذوذ الان؟!:

يروج اللوبي الصهيوني واعلامه اليوم الى ان ايران وتوابعها يمثلون العدو رقم واحد بالنسبة لامن اسرائيل , وانهم يسعون جاهدين للقضاء عليها.تلك هي اقوالهم وما يروجون,لكنا عندما نبحث على ارض الواقع فانا لا نجد اي فعل حقيقي وجاد من اجل مجابهة الخطر الايراني, او على الاقل لا نجد اي من ظواهر السلوك الثلاثة الواردة اعلاه من اجل القضاء على ذلك العدو "الصوري" !!!,

فرغم ان المنطق (وتجاربها السابقة) يقول بان من الواجب على اسرائيل ان تخفف حدة التوتر على الجبهة الفلسطينية الى اقصى درجة ممكنة من اجل حشد التاييد العالمي والعربي لاسقاط ايران وملاليها,الا اننا نشهد هنا سلوكا مغايرا تماما لما اعتادت ان تنتهجه اسرائيل مع اعدائها "الحقيقيين"!,

فبدلا من ان تهدئة الجبهة الفلسطينية,راحت تزيد من تسخينها وبطرق مصطنعة ومثيرة للاستغراب, فقد كان بامكان اسرائيل مثلا ان تسمح لقافلة الحرية التركية ان تصل الى غزة بدون اي ضجيج او عويل كما حدثت في مرات سابقة ,وكانت ستحصل من جراء غض طرفها عن تلك القافلة,كانت ستحصل على تاييد شعبي اكبر باعتبار انها ولظروف انسانية سمحت لتلك القافلة ان تصل الى غزة!!!!.

والمنطق يقول بانه كان على اسرائيل ان تسعى لزيادة التقارب مع تركيا ان كانت تريد فعلا ضرب ايران,وكان يمكن ان تزيد من ذلك التقارب من خلال السماح لقافلة الحرية ان تصل الى غزة بسلام,بل وتحت حماية اسرائيلية, بدلا من ان يتم قصفها بهذه الطريقة المستفزة!!!!.

الم يكن ذلك هو ادنى ما يمكن ان يقوم به "اغبى" سياسي لو اراد ان يحشد الراي العالمي لصالحه باتجاه قضية اخطر ينوي القيام بها كقصف ايران ومفاعلاتها النووية؟؟؟.

لقد اثار استغرابي هذا الموقف الاسرائيلي حتى من قبل ان تشتعل ازمة قافلة الحرية,

فقد راحت اسرائيل تثير المشاكل بينها وبين حلفائها منذ ا ن اوشك الراي العام العالمي على ان يتفق على ايران,حتى وصل الحال بها ان تثير المشاكل مع احد اشد حلفائها قربا لها, الا وهي امريكا,

فقبل اشهر, وبينما كان بامكان اسرائيل ان تقرر بسهولة ايقاف مشاريعها الاستيطانية ولو مؤقتا استجابة لرغبة اوباما ,الا انا وجدنا اصرارا غريبا منها على الاستمرار في مشاريعها الاستيطانية ضاربة بعرض الحائط كل وعود اوباما وتوسلاته لها بضرورة تاجيل تلك المشاريع او تجميدها على اقل تقدير من اجل عدم احراجه امام عملاءه (حلفاءه) العرب!!!!!.

كان بامكان اسرائيل ان تدعي ولو ظاهريا الغاء مشاريع الاستيطان او تجميدها من اجل السماح لتحشيد الراي العالمي وتكثيف جهدها لمجابهة ايران,لكنا وجدنا منها سلوكا مغايرا تماما لهذا المنطق ولما اعتادت عليه !!!.

الا يثير ذلك الشك والريبة في صدق النوايا الاسرائيلية تجاه ايران ومدى رغبتها الفعلية في تحشيد الراي العام ضدها؟؟؟؟.

ثم اين هي مبادرات السلام التي كانت اسرائيل تطرحها قبيل كل عملية غزو تديرها لتدمير احد اعدائها كما حصل في المرات السابقة؟؟,

واين حزمة الوعود "الوردية" التي كانت تطرحها بشان القضية الفلسطينية قبيل كل "هجوم" تشنه على احد اعدائها "الحقيقيين"؟؟

لماذا تخلت اسرائيل عن هذا المنهج في موقفها مع الملف الايراني الان؟؟؟.

لماذا لم تسلك اسرائيل سلوكها المعتاد ؟؟,

هل اصبح ساسة اسرائيل "اغبياء" الى هذا الحد الذي يفرطون به في اكبر فرصة لتوحيد الراي العام ؟؟,

ثم اليس غريبا ان تقوم اسرائيل بتاجيج الازمة عند اقتراب مجلس الامن من مناقشة الملف النووي الايراني؟؟,

في عام 2006,

وبعد ان امهلت الامم المتحدة ايران حتى الشهر الثامن (اب) كاخر موعد للموافقة على تفتيش مفاعلاتها النووية وايقاف التخصيب, قام حزب الله في الشهر السابع (اي قبل شهر من انتهاء المدة ) باسر جنديين من الطائفة "الدرزية"(ليسوا من اليهود!!) من العاملين في صفوف الجيش الاسرائيلي,

وحيث كان بامكان اسرائيل ان تستغل ذلك الحادث من اجل استقطاب الراي العالمي لصالحها,وشحن الامم المتحدة من اجل اتخاذ اشد القرارات صرامة بحق ايران باعتبارها القائد الفعلي لحزب الله, الا انا وجدناها تنتهج سلوكا مغايرا تماما تمثل بشن حربا "وهمية" على لبنان دمرت من خلالها بعض المنشات التابعة للحكومة اللبنانية متجنبة المساس باي من البنى التحتية الخاصة بحزب الله,ولتشعل ازمة دولية اشغلت العالم بها لاكثر من شهرين ,ولتنتهي المهلة التي امهلتها الامم المتحدة لايران دون ان يسال احد ماذا فعلت الامم المتحدة بعد انتهاء تلك المدة؟؟,

وما هي القرارات التي اتخذتها ضد ايران لعدم استجابة ايران لها؟؟!.

وفي العام الماضي, وبعد ان اعطيت ايران مهلة اخرى ,وقبيل انتهاء المدة المقررة,شنت اسرائيل حربها على غزة بحجة البحث عن الاسير الاسرائيلي "شاليط", رغم انه كان قد اسر قبل اشهر عديدة!!,

فلماذا لم تتحرك اذا الا حين اقتربت الامم المتحدة من مراجعة ملف ايران النووي؟؟؟.

واليوم تعيد اسرائيل نفس السلوك,

ففي الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التصريحات تجاه ايران,وفي الوقت الذي ابدت حتى الصين وروسيا موافقتها على تشديد العقوبات على ايران,وفي الوقت الذي كان على اسرائيل ان تخفف من حدة التوتر على الجبهة الفلسطينية,من اجل تسهيل عملية اتخاذ القرار ضد ايران وجدنا اسرائيل تقدم لايران فرضة ذهبية من خلال تسخين الجبهة الفلسطينية بالاعتداء الهمجي والغير مبرر على قافلة الحرية!!,

بل بدا المشهد وكان اسرائيل تتعمد اثارة الشغب فقط لابعاد الانظار عن حليفتها ايران وتركيز الاضواء تجاه بقعة اخرى ثانوية ومطمورة ولا تشكل ادنى خطر على الامن الصهيوني !!!!.

والغريب اكثر انها تسعى هذه المرة لان تخسر حليفتها القديمة "تركيا" من اجل انجاح مساعيها في التشويش على الامم المتحدة التي توشك دولها الكبرى (ولاول مرة وبعد جهد ولأي) على الاتفاق بشان تشديد العقوبات على ايران!!!.

سلوك غريب ومريب ومثير للشك,لا يدع مجالا لمرتاب من ان يوقن بان اسرائيل تسعى جاهدة للدفاع عن ايران ومشروعها النووي اضعاف ما تبدي من مظاهر العداء له!!,

سلوك اقل ما يمكن ان يقال عنه بانه صمم ليكون احد فصول مسرحية العداء الكاذب بين ايران واسرائيل!.

قد يقول قائل مرة اخرى يبدو انك موغل جدا في الايمان بنظرية المؤامرة,واجيبه مرة اخرى واقول :ومن هذا الغبي الذي لا يؤمن بان ما يجري بين بني المجوس وبني صهيون هو مجرد "مؤامرة" تحاك في سراديب المكر السيء ؟؟!.



fakeerabd@yahoo.com


الكاتب: ابومحمد العراقي
التاريخ: 05/06/2010