تعليق حركة الإصلاح على موضوع قيادة المرأة‎

 

تابعت حركة الإصلاح الضجة الدائرة حاليا حول قيادة المرأة للسيارة واعتقال السيدة منال الشريف،

وتحدث الدكتور سعد الفقيه حول الموضوع في قناة الإصلاح بتحليل وتعليق مطول وهذه أهم النقاط التي أشار إليها:


أولا: ليس غريبا أن قيادة المرأة للسيارة قضية بالغة الحساسية في بلادنا، ومن الطبيعي أن يكون هناك توتر

شديد بين طرفين متقابلين في هذه القضية، ومن ثم تمتليء منصات النقاش الحقيقية والافتراضية بالمواقف المتشددة من كل طرف ضد الآخر.


ثانيا: مع الحصار الاجتماعي والقمع الفكري الذي يمارسه النظام ومع إقفال قنوات الحوار بين شرائح المجتمع المختلفة،

فلن يستطيع أي من الطرفين إيصال وجهة نظره للطرف الآخر إلا أن تكون وجهة النظر مثقلة بالإسقاطات المتراكمة التي صنعها النظام.

ولهذا فإن طرح هذه القضية سيكون بالضرورة سببا في مزيد من التوتر الفكري والاستقطاب الاجتماعي الهائل.

ثالثا: لن يستطيع أي من الطرفين فهم الآخر إلا بعد إزالة هذه الاسقاطات وانتشار ثقافة حرية التعبير وتحول مؤسسات الدولة من مؤسسات تعكس الاستبداد إلى مؤسسات تمثل الشعب حقيقة، إضافة إلى إنهاء الإرهاب السياسي والفكري والقمع الأمني والملاحقة المخابراتية لأي ناشط سياسي واجتماعي.

رابعا: لا شك أن بعض من يطرحون هذه القضية سواء من هذا الطرف أو ذاك مخلصون في فكرتهم، لكن من الصعب إحسان الظن بالكثير ممن هم نتاج الاختراق المخابراتي والنفاق السياسي والاجتماعي والانتهازية.

خامسا: التيار المطالب بقيادة المرأة لن يكونوا منسجمين مع أنفسهم إلا إذا جاءت مطالبتهم بها من منطلق المطالبة بالحرية عموما والحصول على الحقوق بشكل شامل، وهذا يستدعي المطالبة بالحقوق السياسية وخاصة المشاركة السياسية والمحاسبة والشفافية وحرية التعبير والتجمعات واستقلال القضاء وسيادة القانون

والغاء المباحث السياسية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومصادرة الامتيازات من أصحاب النفوذ ومنع أي حصانة غير مشروعة. وبدرجة هم يفترض فيهم المطالبة بحماية المرأة بصيانة حقوقها المشروعة وخاصة حقها المالي مباشرة من الدولة حتى لا تلجأ للحرام، و تمكينها من حقوقها القضائية وتمكينها من اي نشاط تجاري أو ثقافي دون الاعتماد على المحرم، وسن الأنظمة التي تحميها من التحرش والاستغلال وتسهيل

أنظمة العمل وأبواب طلب الرزق أو كفايتها ماديا دون الحاجة للآخرين.


سادسا: للذين تحمسوا لمنع قيادة المرأة من منطلق ديني وجعلوا القضية مصيرية وكارثية فإن من الطبيعي أن يوجه لهم سؤال بسيط: هل قضية قيادة المرأة -على افتراض أنها مصيبة- أعظم من بقاء ثلاثين الفا من خيرة ابناء البلد ومشايخهم وعقلائهم في السجون؟

وهل هي أعظم من وجود حوالي 200 محطة فضائية تنشر الفجور والاانحراف الفكري والخلقي بحماية ودعم الحكومة السعودية؟

وهل هي أعظم من تمكين أهل الفساد والانحراف

من المناصب الحساسة وخاصة الاعلام والتعليم والمالية وصياغة الانظمة؟

وهل هي أعظم من شن حرب على الدعوة والاصلاح وما يمكن أن يصنف

من جنسها؟ وهل هي أعظم من التآمر مع أعداء المسلمين لقمع المسلمين ودعم قواتهم في تدمير

بلاد المسلمين؟ وهل هي أعظم من إقامة صروح الربا وحمايتها وإلجاء الناس للتعامل بالربا؟

وهل هي أعظم من صياغة القوانين الكفرية والمحاكم والمجالس التي تحكم بالقوانين الوضعية؟

وهل هي أعظم من تنفيذ مشروع إفسادي تخريبي للبنات والرجال ودفع النساء للحاجة وتمكين أهل النفوذ من التلاعب باعراضهن وحرمان النساء من الجو الآمن للعمل؟

وعلى كل حال لن تنتهي هذه الضجة إلا بزوال الاحتقان الاجتماعي والقمع الفكري وتشرذم المجتمع،

ولن يحصل ذلك إلا بتغيير سياسي تحل فيه حرية التعبير والمشاركة السياسية محل الاستبداد وتتوفر الفرصة الطبيعية للمجتمع أن يعبر بأغلبيته الطبيعية. وترى الحركة أن من المناسب في خضم هذه الضجة إعادة نشر البنود الخاصة بالمرأة في برنامج الحركة الإنقاذي والتي كان منها ما يلي:
أولا: تنفيذ برنامج توعوي كامل لوضع حد فاصل بين التراكمات الاجتماعية التي ألصقت بالدين وبين التعليمات الشرعية الصحيحة الثابتة.

وكذلك يبين هذا البرنامج التوعوي ما هو متفق عليه وما هو مختلف فيه وما يعتبر محرما تحريما صريحا وما يعتبر مكروها دون تحريم. ويقوم بتنفيذ هذا البرنامج مجموعة مؤهلة ومختصة بهذه القضية وتتقن الجانب المرجعي في تحقيق الصواب والجانب الفني في إيصال الفكرة. وبقدر ما تبدوا هذه القضية سهلة وإنشائية فإنها من الأمور الصعبة جدا ويجب أن يبذل تجاهها جهدا مضاعفا.

ثانيا: مراجعة كل اللوائح والأنظمة المتصلة بالمرأة وحذف ما يجرد المرأة من حقوقها في التنقل والتجارة والتواصل مع الآخرين أوغير ذلك من الحقوق بلا أساس شرعي وإعادة صياغتها من أجل أن تتمتع المرأة بحقها الشرعي كاملا. ولا بد من وضع الضمانات التي تحقق قدرة المرأة على التمتع بهذه الحقوق وممارسة ما تستطيع ممارسته دون تدخل من أحد.


ثالثا: مراجعة الإجراءات القضائية المتصلة بالمرأة وإزالة كل العوائق المبنية على التراكمات التاريخية والتي لا يوجد ما يبررها شرعا في تقييد فرص المرأة في التقاضي بنفسها، وإلزام القضاة بهذه الإجراءات المعدلة مهما كانت اعتراضاتهم. وإضافة لذلك وضع إجراءات إضافية تعوض عن ضعف المرأة في هذا الميدان.

رابعا: توفير الجو الآمن الذي يحقق للمرأة الطمأنينة في الميادين التي تحتاجها وذلك من خلال تخصيصها لها مثل المستشفيات والأسواق والجامعات وما شابه. كما تشجع الجهات الأخرى على توفير الفرصة لتوظيف المرأة في جو آمن يناسب الحماية الأخلاقية الكاملة لها مثل المصانع والشركات والدوائر.

خامسا: بذل جهد مضاعف في إغناء المرأة عن الحاجة للرجال وخاصة الأرامل والمطلقات وتسهيل إجراءات صرف الأموال وأشكال الدعم الأخرى لهن مع ضمان تحقق ذلك كما جاء في بند الفئات الضعيفة وذوي الاحتياجات الخاصة.


سادسا: توفير الحماية الكاملة للمرأة من أي نوع من أنواع التحرش أو الاستغلال، وذلك أولا بترتيب الاحتياطات التي تمنع ذلك من الحصول،

وثانيا بتوفير الوسائل السريعة والفعالة لاكتشافه، وثالثا بتسهيل الطريق للمرأة بالشكوى والتظلم منه، ورابعا بمضاعفة العقوبة على من يقوم به، وخامسا في فضحه والتشهير به.


سابعا: دراسة المشاكل الملحة المتصلة بالمرأة مثل العنوسة وبطالة النساء ووضع حلول عملية وواقعية بالاستفادة من توفر المال وإخلاص وصدق الجهات المعنية بعد زوال المستبد الفاسد. هذا مع أن كثيرا من هذه المشاكل ستكون أقل إلحاحا إذا نفذت البنود الأخرى في هذا البرنامج.

ثامنا: معالجة مشكلة فراغ الكثير من النساء بطريقة فعالة وإيجابية باللجوء إلى فكرة الدورات والأندية المنضبطة انضباطا أخلاقيا كاملا في ميادين أفكار تساهم في خدمة المجتمع والوطن وفي نفس الوقت تزيد من معارف المرأة وتجربتها في كثير من الميادين وتشغل فراغها بأمر مفيد.


الكاتب: منيرة بنت عبدالله
التاريخ: 24/05/2011