أبا خالد .. نم قرير العين .. لا غربة بعد اليوم (استشهاد محمود أبو ريدة) بقلم د. هاني السباعي

 

استشهاد الإسلامي محمود أبي ريدة في أفغانستان


أبا خالد .. نم قرير العين .. لا غربة بعد اليوم

بقلم د. هاني السباعي

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

يقول الله تعالى في محكم التنزيل:
(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) 169 آل عمران.

وبعد:
علم مركز المقريزي بتاريخ 8 من المحرم 1432هـ الموافق 14 ديسمبر 2010م من مصادر مقربة من عائلة الشهيد نحسبه كذلك؛ أنها تلقت اتصالاً من أحد أصدقاء نجلهم محمود سلمان أبو ريدة الشهير بأبي رسمي قد استشهد جراء قصف أمريكي أثناء تواجده بالأراضي الأفغانية وبدون تفاصيل.
وعلمنا أيضاً أن الشهيد محمود أبا ريدة الشهير بأبي رسمي والذي كان يحب أن يلقب أيضاً باسم ابنه خالد قد قتل وفاضت روحه مع كوكبة من المجاهدين رحمهم الله جميعاً.

بطاقة هوية الشهيد أبي ريدة نحسبه كذلك:

أولاً: محمود سلمان أبو ريدة ((38) سنة من أبناء قرية بني سهيلا شرق محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة ثم عاش مع أسرته في الأردن ومنها سافر وكان شاباً صغيراً إلى باكستان أثناء الاحتلال الشيوعي السوفياتي لأفغانستان.

ثانياً: خلف أرملة وخمسة أبناء أكبر أولاده الذكور خالد وكان يحب أن يلقب به.

ثالثاً: قدم إلى لندن عام 1995م وتقدم بطلب للجوء السياسي وحصل عليه عام 1998م.

رابعاً: كان رحمه الله شعلة نشاط ودائم الحركة في خدمة يتامى أبناء المجاهدين وعوئلهم وعمل في بعض الهيئات الإغاثية في باكستان وأفغانستان إبان الاحتلال السوفياتي لأفغانستان وبعده.

خامساً: وعندما لجأ إلى لندن عام 1995م استمر في العمل الإغاثي أثناء حقبة إمارة طالبان وقام بدعوة المسلمين لجمع تبرعات بغية إغاثة الفقراء والمصابين والأرامل في أفغانستان.

سادساً: كانت أفغانستان في فترة حكم طالبان تواجه موجة جفاف شديد فقام الشهيد محمود رحمه الله بحث المسلمين بتبني حفر آبار لاستخراج الماء الصالح للشرب وقد قام بحفر العديد من هذه الأبار التي لا يزال بعضها يعمل حتى كتابة هذا النعي أما معظم الآبار التي حفرت وكانت تعمل فقد دمرتها آلة الهدم الأمريكية وقنابلها الفتاكة التي تهلك الحرث والنسل!!

سابعاً: حث الشهيد أبو ريدة المحسنين من المسلمين بالتبرع لفتح بعض المدراس لتعليم الفتيات الأفغانيات وإنشاء مشروعات لتعليم أرامل المجاهدين الأفغان وغيرهم عمل الحياكة والخياطة وبعض المشروعات النسائية الصغيرة.. وكان يعطي كل سيدة ماكينة خياطة ومبلغ من المال لتساعد أبناءها وذويها..

ثامناً: كان محمود أبو ريدة الشهير بأبي رسمي أسرع المسلمين استجابة لخدمة عوائلهم فقد قام بدور بارز في مساعدة أسر الإسلاميين المعتقلين في السجون البريطانية حيث كان يقوم بنقل أسرهم وأطفالهم إلى السجون لزيارة المعتقلين.

تاسعاً: لقد ظل الشهيد محمود أبو ريدة ولا نزكيه على ربه حاملاً هم إخوانه نافعاً لهم ولأسرهم.. حتى ابتلي بعد ذلك بالاعتقال في سجن بيلمارش سيئ السمعة وواجه حملة تضيق ظالمة من قبل السلطات البريطانية مما اضطر إلى العودة إلى غزة لكن فرحته ويا للحسرة لم تدم كثيراً حيث قد أهين وضيق عليه من قبل حكومة حماس لدرجة التهديد!! مما دفعه للهروب من غزة ومنها إلى سوريا وإيران حتى فؤجئنا بخبر استشهاده في أرض أفغانستان التي ذهب إليها في ريعان شبابه وكأن حنين الهندكوش شده إلى قممها ثم كان القصف الأمريكي الهمجي الظالم الذي يحصد يومياً عشرات الأبرياء في أفغانستان وباكستان فصعدت روح محمود أبو ريدة زكية طاهرة نقية تشكو ربها ظلم العباد وهوان الأمة واستعلاء أعدائها عليها..

لقد ولد محمود من رحم المحنة الفلسطينية .. وعاش المأساة في مخيماتها .. وظلت الغربة ملازمة له وكأنه ولد بها .. حتى وهو في غزة عاش غريباً فخرج من غربة إلى غربة حتى قتل غريباً ..

نعم .. لقد عاش أبو ريدة غريباً وقتل غريباً عن وطنه المختطف!!
لكننا نحسب أن الله اصطفاه واختاره شهيداً ..
أبا خالد ! لا يزال طيف صوتك يحوم في أرجاء منزلي وأنت تودعني قبل رحيلك من لندن!!
أبا خالد! لا يزال طيفك صوتك يداعب أبنائي .. افتح الباب عمك أبو رسمي!!
أبا خالد! لا تزال أحضان الأخوة ودموع الوداع تثير أشجاني وأنت راحل عنا..
لقد عز علينا فراقك أبا خالد .. لقد كنت تملاً لندن حيوية وهمة وروحاً أبية..
لقد عز علينا فراقك أبا خالد.. لكن سلواناً أنك قد لحقت الأحبة!!
أبا خالد نم قرير العين ..
لا مطاردة بعد اليوم ..
لا قيود بعد اليوم ..
لا غربة بعد اليوم..
إنها حواصل طير خضر ترفرف في أرجاء الجنة ..
إن العين لتدمع .. وإن القلب ليخشع ..
ولا نقول إلا ما يرضي الرب..
فإنا لله وإنا إليه راجعون!
اللهم ارحمه وأسكنه الفردوس الأعلى .. وألهم أهله الصبر والسلوان.. اللهم آمين..



مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن



الخميس 10 من المحرم 1432هـ
16 من ديسمبر 2010م

www.almaqreze.net

 


الكاتب: متابع للشيخ
التاريخ: 19/12/2010