لماذا ثرنا؟ لماذا قمنا؟

 

وقفات من أجل سورية (8)
86- لماذا ثرنا؟ لماذا قمنا؟
ما كان يعيشه المصريون من الحرية الضيقة في ظل دولة الدكتاتور السيء الصيت حسني مبارك كان حلما بالنسبة للسوريين؛ حلما صعب المنال ولو نمنا نوما عميقا -نوم العروس-؛ فلهذا فنحن أولى وأحق بالثورة من أشقائنا المصريين! وقد فعلوها وثاروا!

87- لماذا ثرنا؟ لماذا قمنا؟
نقل لنا المؤرخون عن أيام اجتاح التتار بلادنا أن الجندي منهم كان يوقف الرجل في الزقاق فيقول له انتظر هاهنا حتى آتي بسيفي فأقطع رأسك! فما يكون منه إلا الانتظار!!! وما يكون من التتري إلا العودة بعد ساعة -أو يزيد- ليجده في انتظاره!! والرعب قد منعه من الحركة!!!! أتسغربون هذا؟! أتعجبون من هذا؟!
ألم يكن أحدنا يستدعى إلى فرع القمع ليس بدورية تقتاده ولا بهاتف يطلبه بل بموعد مسبق غير محدد "راجعنا بعد شهر" فيذهب بقدميه؛ -مختارا مقداما- لينال ما ينال عسى تفارقه كوابيس الموعد المرتقب؛ ليضرب حتى ربما يعطب! وليعتقل وربما لسنوات! وليعذب حتى ربما يموت أحيانا!!.... فما فرق هذا عن ذاك؟!

88- لماذا ثرنا؟ لماذا قمنا؟
في ظل البعث والأسد كان لزاما علينا لنكون وطنيين شرفاء! أو عسكريين عقائديين مخلصين لقضيتنا العادلة! ألا نتعرف لدين ولا لقبلة!!! بل نثبت أنا لسنا سلفيين ولا إخوانا مسلمين بل لسنا أصلا مسلمين؛ فلا نعرف مسجدا! ولا نتعرف إلى سجود! ونحمض مجالسنا ونفكه جلاسنا بكفرية عند أدنى الغضب!!! بل لغير سبب!!! وربما لتسلية عند الصباح بالكلام الوحيد المباح! ببساطة: خيرونا بين الله ودينه وبين القرد والبعث؛ فاخترنا الله ودينه.

89- لماذا ثرنا؟ لماذا قمنا؟
وإن لم تكن ذا دين ولكنك نازعت القوم أمرهم؛ بأن لم تسمع وتطع، ولم تبتسم وتصفق، ولم تهز رأسك وتصدق؛ فما نجوت منهم؛ ولو كنت تبعا لحليفهم الروسي وعدوا لعدوهم الغربي! كان عليك لتنفذ من سجونهم وتنال من نهيبهم أن تفهم لعبتهم وتؤمن بسخافتهم فتعرف أن البعث حمارا يركبوه والقومية جحشا يضربوه والإشتراكية عجلا ينهبوه والقضية بقرا يحلبوه والأسد شبه رب يعبدوه! إن لم تكن قد استوعبت هذا فأنت أحمق؛ لا دين ولا دنيا!!!

90- لماذا ثرنا؟ لماذا قمنا؟
بشار وماهر وبقية أفراد العائلة الحقيرة ورثوا الكرسي ويتبع الكرسي طبعا كل ما تحت الكرسي من أرض؛ من نهر دجلة وحتى البحر! ومن رأس العين إلى شلالات تل شهاب! وكان لا بد لنا من إفهام الورثة هؤلاء الحقيقة المرة؛ إن هذه الأرض أرضنا لا أرض القائد الملهم؛ فقد اكتفى منها بمترين في متر! ولكنهم بدل الاستماع إلى صوتنا الأعزل أسمعونا صوتهم المسلح؛ فاضطررنا إلى التحول من المظاهرات المطالبة بالحرية إلى الثورة القالعة لهم ولجذورهم الخبيثة.

91- لماذا ثرنا؟ لماذا قمنا؟
كان عند لص واحد -اسمه حافظ- يسرق ويوزع بعض المسروق على من حوله! ويبقى له نصيب الأسد على أساس أنه أسد! ولما مات (الأسد) اتسع الخرق على الراقع وبالكاد صارت سورية كلها تكفيهم إذ إن الأسد قد خلف قرودا ظنوا أنفسهم بحكم القرابة أسودا فسرقوا كلهم؛ كبيرهم وصغيرهم ذكورهم وإناثهم على أن كل واحد إنما يأخذ بحقه من تركة الأسد الهرم الهالك! وكل واحد منهم على يقين لا يساوره شك أن سورية كلها بقضها وقضيضها له؛ فإن ترك شيئا فلأخيه القرد الآخر لا لهؤلاء الجراثيم الذين يسكنون أرض سورية ويعيثون فيها فسادا وهم يظنون أنهم أصحابها؛ وإن هم إلا خدم وحشم لآل أسد وبني قِرَد!!!


الكاتب: منذر السيد
التاريخ: 01/01/2012