3-5 جماعة الجيش الإسلامي في العراق / الشيخ أسامة شهيداً حياً بإذن الله

 

بسم الله الرحمن الرحيم


الشيخ أسامة شهيداً حياً بإذن الله

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد طالعتنا وسائل الإعلام بالخبر الفاجعة، ألا وهو مقتل الشيخ أسامة بن لادن على يد قوة أمريكية في باكستان، وتعليقا على ذلك الخبر نقول:
إن الشيخ رحمه الله من عباد وزهاد هذا الزمان الذين لم تغرهم حياة النعيم والترف إذ ترك ملذات الدنيا المكدسة بين يديه، واتجه إلى قتال أعداء الله بنفسه وماله ولم يرجع منهما بشيء، في الصحيحين عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ رضى الله عنه قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ». وقد كانت سيرته الجهادية في مرحلتها الأولى شاهدة على خيريته وهذا الحال يعرفه الجميع ولا يخفى على بعيد أو قريب، إلى أن وقعت أحداث سبتمبر وما تبعها، وزاد الحال سوءا بالنهج الذي سلكه تنظيم القاعدة في العراق الذي عاد بالسمعة السيئة لتنظيم القاعدة العالمي بل وللجهاد والمجاهدين جميعا، ولا نزال ندفع ثمنا غاليا من الدماء الطاهرة على يد التنظيم في العراق، بيد أن العدل يجب أن يقف حائلا دون تحميل الرجل كلما فعله من انتسب إليه، وليس من العدل أيضا تحويل يوم مقتل شخص أيا كان إلى يوم محاكمة له أو لأفكاره.
إننا نشكك بالسيناريو المزعوم للعملية الذي يتغير بين ساعة وأخرى، ونرجح أن الأمر لم يأت بهذه البساطة وإنما هو أمر دبر بليال مظلمة في سراديب المخابرات الأمريكية والباكستانية، والخيانة ليست من شيم الأحرار وإنها لبئس الضجيع.
ورغم ما يلف الخبر من غموض وكثير من علامات الاستفهام والغرائب، إلا أن هذه النتيجة هي التي كان يتمناها الشيخ ويسعى إليها، فإن كانت فذاك وإن لم تكن فهي غاية ينتظرها، قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، نسأل الله تعالى أن يغفر ذنبه ويتقبله شهيدا عنده ويرفعه في عليين، ورغم اختلافنا الواضح مع الشيخ في كثير من السياسات وعدم وجود أي رابط تنظيمي أو منهجي بيننا، فإنه يبقى في نظرنا أحد أهم رموز الجهاد في هذا العصر، وقد أخذ النصيب الأوفر من قوله تعالى: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}
مساكين أعداء الله لا يعلمون أن أسعد الناس هو الشهيد وهو في أعلى المراتب ويغفر بالشهادة من الذنوب ما لا تغفره الأعمال الأخرى، روى الشيخان عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ بَعَثَ النَّبِىّ صلى الله عليه وسلم سَبْعِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ فِيهِمْ خَالِى حَرَامٌ بن ملحان يُعَلِّمُونَ الناس الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ. فَقَالُوا اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا خَالَ أَنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ. فَقَالَ حَرَامٌ: الله أكبر فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: «إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَإِنَّهُمْ قَالُوا اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا». وفي رواية: لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا، فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
وما أحد يتمنى أن يعود للدنيا ليقتل إلا الشهيد، والشهادة أمنية النبيين، قال سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ»، وقد قتل الكثير من النبيين والصالحين ومنهم من قدم الظالمون رأسه مهرا لبغي، وهو نبي الله يحيى عليه السلام، الذي يسمونه يوحنا.
إننا ندين هذه الجريمة البشعة التي بلغت الخسة بأصحابها أن قتلوا واعتقلوا النساء وألقوا جثة الشيخ في البحر، إمعانا منهم في النذالة والعداوة، وهذا ما لا يقره دين ولا عرف ولا قانون، وهذه هي شريعة الغاب التي تنتهجها أمريكا، إذ أن الواجب تسليم جثة الميت إلى أهله فإن لم يكن هذا ممكنا فتدفن، بيد أن الواضح أن الجثة فيها إشكال قد يكشف زيفا لا يريد الأمريكان إطلاع أحد عليه.
لقد أظهر أعداء الله من اليهود والنصارى وأذيالهم الفرح والسرور، فما دام أن الموت قدر الله وهو شامل لكل الخليقة وكل نفس ذائقة الموت فلا وجه لشماتة أحد بأحد في هذا. وإن كانوا يظنون أن الجهاد سينتهي بموت شخص فهذا أبعد من الثريا، فإن الجهاد ليس من اختراع بن لادن ولا هو ميراثه بل هو فرض من الله جل وعلا، وقد مات رسول الأمة المعصوم صلى الله عليه وسلم ولم ينته الجهاد وهو ماض إلى قيام الساعة، وليس متوقفا على أحد من الناس شخص أو جماعة، قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}، فلا يظن أعداء الله أنهم قد أوقفوا عجلة الجهاد والمقاومة بجريمتهم هذه.
ولبعض المنتسبين إلى الإسلام من الذين اختلطت عليهم الموازين فأظهروا الفرح ظانين أن القضية مجرد فرح بحادث معين، والحقيقة أنهم يفرحون بنصر أعداء الله وهذا مدخل خطير فإن شخص بن لادن وإن اختلف الناس عليه بين محب ومبغض فلا ينبغي أن يصل الأمر إلى محبة انتصار أعداء الله عليه، ومهما كانت المؤاخذات على الرجل فهل تقارن بما يفعله الأمريكان من قتل ودمار وظلم وتعسف وغدر وجرائم، أم أن الذي يسرق دينارا تقطع يده والذي يسرق البليون تحميه الجفون فما لكم لا تعقلون.
إن أمريكا هي التي زرعت العنف والإرهاب ورعته وطورته، ولم يمر في التاريخ شبكة إجرامية ارتكبت من المظالم بحجم ما ارتكبه ثلاثي الشر اليهود وأمريكا وإيران، وإن أمريكا بفعلتها هذه فقدت أقوى سبب للهجمة الظالمة على الإسلام فقد احتلت أفغانستان بزعم التخلص من ابن لادن وها هي القصة قد انتهت بحسب خبرهم، واحتلت العراق بزعم العلاقة معه وأسلحة الدمار الشامل وتبين أنها قصص مكذوبة لا أصل لها، وتبين أن أسلحة الدمار الشامل هي أمريكا وإيران وأعوانهم الذين احتلوا العراق، فعلى أمريكا الرحيل الفوري من بلاد المسلمين وهي ستغادر مأثومة مدحورة مهزومة إلى مكانها وراء المحيطات بقوة الله عز وجل.
ولقد خسرت أمريكا ما جعلته بعبعا تخوف به القريب والبعيد فماذا سيخرج الشياطين المكرة من قصص ليحاربوا المسلمين تحت ذريعتها؟.
وختاما نقول إن الموت حق على كل بني آدم، والله جل وعلا يقول: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}.
اللهم تقبل الشيخ أبا عبد الله شهيدا عندك، طبت أخانا حيا وميتا وأصلا وفرعا وبذرا وزرعا، أكرم الله مرجعك، ورحم مصرعك، وبرد مضجعك. اللهم اغفر ذنبه وخفف حسابه، واجعل فرطاته مغفورة وحسناته مشكورة، وألبسه رضوانك، وافسح له في جنانك واحشره في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، وتقبل قتلانا شهداء عندك وفك قيد أسرانا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصل اللهم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


جماعة الجيش الإسلامي في العراق


29 جمادى الأول 1432 لهجرة


3-5-2011 للميلاد


الكاتب: بغدادي
التاريخ: 03/05/2011