ثوابت ونوابت

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ..أما بعد :
فقد نبتت نابتة سوء نبذت الثوابت الشرعية وراء ظهرها وراحت تلهث بحمق ظاهر وسخف بين خلف سراب التجديد الديني ..ومن تدبر خطابها الدعوي أدرك بيقين أن هؤلاء القوم فقدوا الثقة بدينهم واحتقروا بعض مضمونه ففروا مما في قلوبهم من مرض وسقم وسوء ظن بدين الله إلى جناية التجديد والعبث والتحريف لدين الله تعالى ..كأولئك الذين ظنوا في نصوص الشريعة الدلالة على التشبيه ففروا إلى التأويل والتعطيل ..فمفاهيم الولاء والبراء والجهاد وإنكار المنكر وحد الردة بل والحجاب والتستر والعفاف والصيانة والفضيلة كل هاته المفاهيم عبثت فيها أيدي الجراحين - شل الله أيديهم - في عملية تجميل مدعاة هي في حقيقتها اغتيال للحق بوثيقة رسمية !..
ونفق سوق المتطببين وأدعياء العلم في إعلام متواطئ فاجر عميل ..واشتعلت الفتنة أمام العالم أجمع على قنوات التلفاز وصفحات الصحف ..وصرنا نقرأ لأقلام إسلامية مقالات مضللة لا يكتبها إلا خصم لدود وعدو حقود ..
ما معنى أن يكتب شيخ منسوب للعلم مقالا يحارب فيه التكفير والإرهاب الإسلامي في وقت المسلمون فيه سبايا وضحايا لبني الأصفر وأحفاد المجوس ...وما معنى أن يكتب كاتب إسلامي مدحا وثناء لحكام استدبروا الوحي وحاربوا أهله ..وما معنى أن يكتب منتسب للدعوة والإصلاح في نقد الإسلام الحركي والإسلام السياسي والسلفية الجهادية والتعصب الديني والطائفية ..أوليست هذه مصطلحات الأعداء ؟
وما معنى أن تقام ندوة في مناقشة حد الردة ؟ ..وما معنى أن يظهر لئيم معمم يهاجم العفة والنقاب ؟..وآخر يدعو للاختلاط وهتك الحجاب؟
هذه متفرقات من عملية سطو على العلم ومحاولة هدم للدين واختطاف بغيض للخطاب الإسلامي واغتيال بطيء للثوابت والمقدسات ...
و الطمع بتغطية تفاصيل هذه الهجمة طمع في غير محله لأنها هجمة شاملة متتابعة لا تهدأ ولا تستكين يعمل فيها المجرمون الآثمون ليل نهار متعاونين على الإثم والعدوان متآخين تحت راية الشيطان ..وكل مدخرات الدنيا تساهم بشكل أو بآخر في هذا الهجوم الكاسح فما من دولة إلا وإعلامها الرسمي أخذ نصيبه وقام بدوره ..وما من طائفة مناوئة للحق إلا وبذلت وسعها في محاربته ..وما من داخل في عملية العولمة إلا وناصب الحق العداء لأن العولمة الثقافية تقوم أصلا على إلغاء الإسلام الحقيقي وإحلال الإسلام الجديد محله ..
ومع هذه الهجمة الإعلامية هناك أجهزة أمنية تقوم بواجبها المقدس في محاربة الدعاة التقليدين والعلماء الجامدين ..ناهيك عن الحرب العسكرية المفتوحة على ما أسموه بالإرهاب ..وكل ذلك برعاية المؤسسات الرسمية وطنيا وإقليميا وعالميا ..فإلى الله المشتكى .
ومسؤولية الدعاة الصادقين تتضاعف أمام هذا الكيد والدهاء مع قلة الحيلة وقلة الأنصار وقلة المال وضعف الأدوات المتاحة تحت حصار الرقابة الإعلامية الموجهة سلفا ..
فيالله ما أعظم غربة الدين وما أعظم الكربة على المسلمين !
وما وقع من تثريب على العلامة الشيخ عبدالرحمن البراك مؤخرا ليس إلا حلقة في مسلسل كئيب ثقيل وقطعة من ظلام في ليل دامس طويل ومع هذا فأملنا بالله -تعالى - كبير كبير ويقيننا بنصر الله لا حدود له
وما هذه الفتنة إلا ابتلاء يبتلينا الله به ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه " أحسب أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون "