غاية الحياة في القرآن ... |
|
غاية الحياة في القرآن
إن القرآن حدد غايات الحياة و مقاصد الناس فيها فبين أن قوما غايتهم من الحياة الكل و المتعة
فقال تبارك و تعالى :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) (محمد:12) .
و بين أن قوما مهمتهم في الحياة الزينة و العرض الزائل فقال تبارك و تعالى :
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران:14)
وبين أن قوما آخرين شأنهم في الحياة إيقاد الفتن و إحياء الشرور , أولئك الذين قال الله فيهم:
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ , وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَالله ُلاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) (البقرة:204-205)
تلك مقاصد من مقاصد الناس في الحياة نزه الله المؤمنين عنها و برأهم منها و كلفهم مهمة أرقى , و ألقى على عاتقهم واجبا أسمى ذلك الواجب هو: هداية الناس إلى الحق , و إرشاد الناس جميعا إلى الخير , و إنارة العالم كله بشمس الإسلام فذلك قوله تبارك و تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ , وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ و َتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج:77-78).
و معنى هذا أن القرآن الكريم يقيم المسلمين أوصياء على البشرية القاصرة , و يعطيهم حق الهيمنة و السيادة على الدنيا لخدمة هذه الوصاية النبيلة و إذا فذلك من شأننا لا من شأن الغرب و لمدنية الإسلام لا لمدنية المادة .
وصاية المسلم تضحية لا استفادة
ثم بين الله تبارك و تعالى أن المؤمن في سبيل هذه الغاية قد باع لله نفسه و ماله فليس له فيها شيء و إنما هي وقف على نجاح هذه الدعوة وإيصالها إلى قلوب الناس و ذلك قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ) (التوبة:111).
ومن ذلك نرى المسلم يجعل دنياه وقفا على دعونه ليكسب آخرته جزاء تضحيته.
و من هنا كان الفاتح المسلم أستاذا يتصف بكل ما يجب أن يتحلى به الأستاذ من نور و هداية و رحمة و رأفة , وكان الفتح الإسلامي فتح تمدين و تحضير و إرشاد و تعليم , و أين هذا ما يقوم به الاستعمار الغربي الآن ؟.
أين المسلمون من هذه الغاية؟
فبربك عزيزي : هل فهم المسلمون من كتاب ربهم هذا المعنى فسمت نفوسهم و رقت أرواحهم , و تحرروا من رق المادة و تطهروا من لذة الشهوات و الأهواء , و ترفعوا عن سفاسف الأمور و دنايا المقاصد , و وجهوا وجوههم للذي فطر السموات و الأرض حنفاء يعلون كلمة الله و يجاهدون في سبيله , و ينشرون دينه و يذودون عن حياض شريعته , أم هؤلاء أسرى الشهوات و عبيد الأهواء و المطامع , كل همهم لقمة لينة و مركب فاره و حلة جميلة و نومة مريحة و امرأة وضيئة و مظهر كاذب و لقب أجوف.
رضوا بالأماني و ابتلوا بحظوظهم و خاضوا بحار الجد دعوى فما ابتلوا
و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تعس عبد الدينار , تعس عبد الدرهم , تعس عبد القطيفة)