لا تعتذروا .. قد نبأنا الله من أخباركم ..

 

لا تعتذروا .. قد نبأنا الله من أخباركم


لعلي لا أبالغ إذا قلت إن بين سفك دم المسلم وسلب ماله من جهة، وبين انتهاك عرضه من جهة أخرى برزخ إيماني يستمد أصله من رافد من روافد الإيمان أعني الحياء؛ إذ لا دنية في سفك الدماء ولا هوان في فقد المال فإن بذل الدم ونهب المال شيء وأما هتك العرض فشيء آخر، ولهذا لم يسأل رسول الأمة وقائد المجاهدين محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه شيئاً عن بني قينقاع ولا عن اعتذارهم ولا عن عواقب تجريد المجتمع المدني منهم عندما امتدت يدهم النجسة لهتك ستر امرأة مسلمة، فأطلقها صلوات الله وسلامه عليه مدوية حاسمة : والله لا يساكنوننا فيها أبداً...

لقد امتدت يد الإجرام الصليبية الأمريكية الخبيثة وأطلت أفعى الصهيوصليبية برأسها النتن لتنفح بسموم بني قنيقاع من جديد تحاول أن تمس العرض المسلم في أرض الخلافة ، بل أقول إنها قد مست بالفعل عرض أخي في العراق وعرض أبي في العراق وعرض ابني في العراق وعرض أختي في العراق وعرض أمي في العراق وعرض ابنتي في العراق وعرض زوجي في العراق، كيف لا ورباط لا إله إلا الله يهزني ويشدني ويؤرقني كلما تذكرت مشهداً أو تخيلت ما وراءه مما لم نشاهده من مآسي أهلنا في العراق على هذه الأيدي النتنة، ولربما زاد من كمد أحدنا أننا محبوسون عن نصرتهم محبوسون عن مد يد العون لهم محبوسون عن مواساتهم ونحن قابعون في سجن الزناقدة من أذناب الصليبية المتقيحة، ولكن ليس هذا تمام المشهد وليست هذه نهاية المعركة لا والله...

أقول ليس هذا تمام المشهد، بل إن تمامه عند قول الله تعالى :\" هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قُطعت لهم ثياب من نار يُصب من فوق رؤوسهم الحميم. يُصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد.

كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أُعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق\"(الحج19-22)، وإن تمامه عند قول الله تعالى:\" خذوه فغلُّوه . ثم الجحيم صلُّوه. ثم في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه\"(الحاقة 30-32)، وتمامه عند قول الله تعالى:\" إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب حهنم ولهم عذاب الحريق\"(البروج- 10)، والمشاهد في هذا المقام كُثُر، ولهذا فإننا نقول لكل من ينخدع بمحاولات فرض الذلة والهوان على الأمة بسبب جولة كسبها العدو أو كبوة تعثر فيها الفارس المسلم نقول شتان؛ شتان بين هوان الدنيا وهوان الآخرة،

وشتان بين قضاء الدنيا وقضاء الآخرة، نقولها بيقين مؤمني سحرة فرعون حين هددهم بالصلب والتقطيع فسخروا منه ومن عذابه حيث قال تعالى حاكياً عنهم:\" قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا\"(طه72)...
ولئن كان استحضار مشاهد الآخرة في هذا المقام فيه سلوى للنفوس وتثبيت لليقين بوعد الله ، فإن عظم الجرم وبشاعته لا يمكن أن يمر دون عقاب الدنيا أو دون طلب أسباب ومقدمات هذا العقاب على أقل تقدير، وأول الأمر أن لا ينشغل أحد منا في تتبع اعتذارات القوم الفارغة وتشدقاتهم المفضوحة، وليكن حسم هذه المادة بمثل قول الله تعالى في أسلافهم وإخوانهم من المنافقين :\" قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم\"(التوبة94)،

وليكن عنوان هذه الأخبار قوله تعالى:\"كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون\"(التوبة 8)، وقوله تعالى :\" إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون\"(الممتحنة
2)، وغيرها من النصوص سواء أكانت في المنافقين أم في أهل الكتاب فالكفر ملةٌ واحدة، وقد كفانا الله تعالى مؤونة استقصاء أحوالهم وكشف لنا عن خبايا صدورهم التي أخذت تتفتق بالقيح والصديد بعد أن أعياها حبس نتنها عن أمة الإسلام.

فإذا حسم العبد المسلم هذه المادة فليعلم أن المعركة اليوم قد أخذت بعداً جديداً يريد هتك برزخ الحياء الذي صدرنا الكلام به، وإني أقولها بكل وضوح اليوم وأجعلها بيني وبين كل مسلم أمام الله عز وجل : إن كل من يساهم اليوم في هتك عرض مسلم فإنه يجعل من نفسه شريكاً لكلاب الصليبية الشرهة التي تنهش في أعراض المسلمين، فكل من دلهم على مسلم أو ظاهرهم على مسلم أو أعانهم على مسلم فهو شريك في فاحشتهم،

ولئن كان هذا ألصق بمن يتواجدون في ميادين المجابهة فإن لباقي المسلمين حظ من هذه الشراكة ذلك أن سلالات قينقاع لا يكاد يخلو منهم مجتمع مسلم اليوم، فلا يتشدق مسلم اليوم بتأوهه على إخواننا في العراق في حين تسير زوجه وأخته وابنته سافرة متبرجة متبذلة تسلم نفسها طوعاً لما فُرض على إخواننا كرهاً، ولا يتشدق حاكم اليوم بانزعاجه لهتك حقوق السجناء العراقيين وخدش حيائهم وهو يرى أسباب الدعارة والعهر والخنا تستشري في المجتمع المسلم فيقف متلمظاً متلكئاً معطلاً لحدود الله الزاجرة وأوامره الساترة، ولئن كنتَ اليوم متألماً لما أصاب إخوانك فلتبادر إلى ستر كل عرض حولك مما لك عليه سلطة ولنوجه سهام الأمر بالمعروف والنهي!

عن المنكر جهة كل متربص بأعراض المسلمين قولاً أو فعلاً أو تقريراً، حتى تستقر محورية معركة العرض في ميدان الجهاد وتستقر في نفوسنا أن من قتل دون عرضه فهو شهيد... أما أنتم أيها المتشدقون بأعذاركم المتبجحون باستنكاركم الكاذبون بدعوى أن هذه تصرفات فردية لا تمثل قيمكم فلنا معكم في هذه الدنيا مقام آخر، واعلموا أن كل مسلم على وجه الأرض اليوم قد استقر في نفسه أن بغضكم من الدين وأن ودكم من الزندقة والنفاق بلا أدنى تردد، واعلموا أن محور إيمان المرء اليوم يدور حول نفرته من رجسكم ومن حربكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولئن شنت جحافلكم الغارة على دمنا ومالنا وعرضنا فجوابنا :

شاهت الوجوه، ومنهجنا : جئتكم بالذبح، ويقيننا : ألا إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب...

وأخيراً إلى كل من حُبست عن نصرته اعلم أخي في الله واعلمي أختي في الله أن من هو خير مني قد نصر من هو خير منكم يوماً بالكلمة والدعاء فقال صلى الله عليه وسلم لبني ياسر وهم يعذبون في الله وهم يقدمون أول دم وعرض انتُهك في الله قال : اصبروا آل ياسر فإن
موعدكم الجنة...

الفقير إلى رحمة ربه
وسيم فتح الله

الكاتب: د. وسيم فتح الله
التاريخ: 01/01/2007