بروتوكولات آل بوش .. |
|
أقدم لكم هذا الكتاب القيم إخواني ، بعد غياب طويل أشغلتني بسببه الشواغل ، وهو كتاب قيم جدا ، وحري بكل مسلم أن يقرأه جيدا ،،،،، اخوكم أسامة الكابلـــــــــــــــــــي
بعد أول ترجمة له بالعربية منذ قرنين
بروتوكولات قديمة لـ'حكماء' عائلة بوش تؤكد حقد 'العائلة' القديم علي العرب ونبي الإسلام
عرض: أحمد رفعت
الاسبوع
26\4\2004
ها هي 'بروتوكولات' جديدة تكشفها الأيام لتؤكد لمن يشككون في صحة الطرح القائل بأن ما يجري في العالم ليس إلا حربا صليبية جديدة يقودها اليمين المتطرف الحاكم في أمريكا .. نعم.. ليس في الأمر أدني مبالغة.. ليس في الأمر أي غباء سياسي أو تغفيل قومي أو غيرهما.. أبدا أبدا.. مرات ومرات قلنا 'العقيدة، هي التي تحكم وهي التي توجه وهي التي تقرر.
وما قاله 'ُورُ بوش' الابن من أن 'الحرب الصليبية بدأت' لم يكن زلة لسان أو علي الأقل كما يقول علماء الطب النفسي من أن زلات لسان كثيرة تفصح أحيانا عما بداخل أصحابها.. وقد كان.. إلا أن هذا التطرف لم يتوقف عند المسلمين ومن دينهم ومن رسولهم.. أبدا إنه طال هذه المرة الطوائف المسيحية الأخري التي يختلف معها بوش الابن الذي سأل أمه ذات مرة: 'هل سيدخل المسيحيون الأرثوذوكس الجنة يا أمي'؟!
إنه يؤمن بشعب الله المختار.. الناجي من الهلاك.. الدليل هذه المرة قنبلة .. نعم قنبلة.. ليس تصريحا لمسئول هنا أو قائد هناك.
هذه المرة جاء الدليل من وثيقة تاريخية .. لم يتركها ُورُ بوش الابن ولا سقطت من متعلقات 'ُورُ بوش' الأب.. إن تاريخ هذه العائلة ممتد وضارب بتطرفه في جذور التاريخ.. الوثيقة هذه المرة من ُورُ بوش الجد!! نعم .. إنه ُورُ بوش الجد الذي عاش في الفترة من 1796 إلي 1859 وقدم في عام 1830 كتابه الوثيقة الذي كان عنوانه 'محمد مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس امبراطورية المسلمين' الذي حصلت عليه بأعجوبة دار المريخ للنشر بالرياض، وترجمه وحققه وعلق عليه في زمن قياسي المفكر والمترجم الدكتور عبد الرحمن عبد الله الشيخ صاحب الخبرة الطويلة في هذا المجال وصاحب السجل الوافر في ترجمات مجال الأديان والعقائد لعل من أشهرها موسوعة الأديان الحية 'والاسلام والمسيحية' و'محمد في مكة' و'اليهود عقائدهم وشرائعهم'
كما اشترك في تكملة دائرة المعارف الإسلامية وموسوعتي المرأة والطفل وفي مجال التاريخ والحضارة وأدب الرحلات قدم قصة الحضارة وغيرها، إلا أن مؤلف الكتاب (ُورُ بوش الجد) كان واعظا بارعا في الجدال والمناظرة وراعيا في الوقت نفسه لإحدي الكنائس في أنديانا بولس واستاذا في اللغة العبرية والآداب الشرقية في جامعة نيويورك وله مؤلفات وأبحاث في شروح أسفار العهد القديم، ومن أهمها الكتاب الوثيقة الذي جاء عن حياة وسيرة محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم نبينا الكريم كما تناول فيه أمة العرب والمسلمين وقد تضمن بالضرورة بذاءات وادعاءات تصف العرب والمسلمين ونبيهم مما يوصف بأنه أشنع ما كتب عنهم في الغرب،
ويؤكد الناشر أنه بكشفه عن هذا الكتاب الذي صدر قبل قرنين كاملين إنما يكشف بذلك عن أحد أهم مصادر الفكر الغربي الأمريكي العنصري المتطرف الذي كان متداولا في دوائر البحث العلمي والأكاديمي ولا يزال، إنهم يطالبوننا الآن بشطب تراثنا ومرجعيته باعتباره دستورا للتطرف والعنف والارهاب ومحرضا علي كراهية الآخر.. ُورُ بوش الجد يقدم في كتابه هذا نموذجا صارخ لكراهية الأديان الأخري بل كما قلنا الطوائف المسيحية المخالفة لطائفته بل ويحرض تحريضا سافرا علي العنصرية،
حيث لم يكتف بمهاجمة الاسلام ونبيه صلي الله عليه وسلم وانما يهاجم كل المذاهب المسيحية الشرقية أليس لنا الحق أن نطالبهم بتصحيح نظرتهم تجاهنا؟ هل يفرضون يتساءل الناشر ونتساءل معه علينا أن نصبح هنودا حمر جددا؟! إنها الفكرة الأمريكية مع هنود القارة التي استعمروها.. فكرة استبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة .. إنهم يقرءوننا جيدا فلابد أن نقرأهم.. إنهم يخططون لنواياهم تجاهنا فلابد أن نقرأ ونمحص مصادر نواياهم.. إننا لا ندعو بحالي لتصادم أو صراع بين العقائد والاديان ولا إلي إذكاء أي نعرات دينية أو قومية أو طوائفية ..
إننا مع مواجهة الأفكار بالأفكار، وهذا لا يتأتي إلا بتعرية أفكار الآخر التي ظلت حبيسة أدراج مكتبة الكونجرس الأمريكي أو مكتبة عائلة بوش التي ورثته حاكما بعد حاكم وواحدا بعد الآخر.. تعالوا نكشف لكم كيف يروننا .. كيف إن للمسألة الكراهية جذورا ممتدة ليست من قريب.. تعالوا لتتأكدوا أن للأمر دستورا ومنهجا ولم يكن محض صدفة ولا ردا علي وجود أسلحة دمار شامل مزعومة هنا أو مزعومة هناك..لا علاقة بأحداث 11 سبتمبر أو أي يوم لأي شهر آخر .. القضية في الدماغ.. في العقول والكتب والمرجعيات تشكل هذه العقول وهذه الأدمغة بما يسيرها في اتجاهها الذي ترتئيه.. الكتاب يقترب من 700 صفحة من القطع الكبير..
يبدأ بتصدير من الناشر الذي يقتطع في أول سطوره مقولة للكاتب الباحث 'منير العكش' من كتابه القيم 'حق التضحية بالآخر.. أمريكا والإبادة الجماعية' حيث جاء قبل أن يصدر رمزي كلارك وزير العدل الأمريكي الأسبق كتابه عن جرائم أمريكا ضد الانسانية في حربها علي العراق وفيه تفصيل واف لهذه الجرائم التي توجتها الولايات المتحدة وشركاؤها الآباشي بقتل حوالي مليوني عراقي جوعا ومرضا بعد التدمير المتعمد لكل أسباب الحياة ومقومات البقاء.
كانت الفرقة الجوية القتالية السابعة والسبعون الأمريكية قد انتجت ووزعت كتاب أناشيد تصف ما ستفعله الفرقة في الخليج وتنذر هذا 'المتوحش القميء' 'خدن الأفاعي' بأنه يستعد للإبادة فيما ينتهي أحد هذه الأناشيد بخاتمة تقول 'الله يخلق اما نحن فنحرق الجثث' وهو بوصف 'كريستوفر هيتشنس' خليط من السادية والفحش ومعظمه تشنيع وتشهير وشتائم بذيئة للعرب والمسلمين باعتبار أنهم أعراق منحطة و 'حشرات' و 'جرذان' و 'أفاع' وهي بذاءات مقتبسة بالتأكيد من 'حياة محمد' لُورُ بوش الجد 'الذي بين ايدينا' ..
وهو الأمر الذي يريد عبد الله الماجد 'الناشر' اثباته خاصة وأن الكتاب ظل قرنين من الزمان دون ترجمة وظل مركونا بالنسبة لنا في مكتبة الكونجرس ضمن عشرات الكتب لُورُ بوش الجد في شروح أسفار العهد القديم كما يشير الناشر إلي أن كتابه 'وادي الرؤي : إحياء رميم إسرائيل' من أبرز محطات الصهيونية الداعية إلي ضرورة العمل من أجل تجميع يهود العالم في فلسطين وتدمير امبراطورية (السارازان) وهو الاسم الذي كان يطلقه الصليبيون وأوروبيو القرون الوسطي علي العرب والمسلمين، وكان الرومان يطلقونه علي بعض رعاياهم تحقيرا.
وقد يشكل ذلك حافزا للبحث في كتب ُورُ بوش الجد وإعمال النظر فيها لتقديمها للباحثين والقراء العرب بهدف الكشف عن المصادر الأساسية للكره والحقد والعنصرية التي يمارسها تيار متطرف في فكر الغرب الأمريكي يصف العرب والمسلمين بالتطرف ويخضعهم الآن لحملة ظالمة خاصة وأن 'ُورُ بوش الجد' كان مستبعدا في بحوث الاستشراق رغم قائمة مؤلفاته الخطيرة وكتابه الذي بين ايدينا طبع في حينه ثلاث مرات بما يبرز قًدîم التطرف ويبرز كذلك الاتجاه المبكر لتأسيس الخطاب الديني المتزامن مع تطلع الدولة الوليدة 'الولايات المتحدة' إلي تأسيس نفسها كإمبراطورية قائمة علي التفوق العرقي،
فقد كانت أدبيات الخطاب الفكري والديني الذي رافق تكوينها تركز علي مدلول عقيدة 'القدر المتجلي' و عقيدة 'الشعب المختار' وهو المسوغ الذي قدم لإبادة شعوب القارة التي استعمروها وأطلقوا عليهم 'الهنود الحمر' وقدموهم كشعب منحط تجب إبادته وسادت وقتها اعتقادات بأن الهنود الحمر وحوش لا تعقل ولا تفكر وتأكل بعضها البعض ويأكلون أبناءهم وزوجاتهم.
وليس غريبا أن يقول واحد من أشهر أطباء عصر ُورُ بوش الجد الطبيب 'أولي÷ر هولمز' في عام 1855 إن 'إبادة الهنود هي الحل الضروري للحيلولة دون تلوث العرق الأبيض وأن اصطياد الوحوش في الغابات مهمة أخلاقية لازمة لكي يبقي الانسان فعلا في صورة الله' وهو المعني فعلا الذي ترجمته أفلام السينما الأمريكية وقدمته للعالم وقدمه ُورُ بوش مؤلف هذا الكتاب منذ ..1830 إنه يصفنا بأننا أمة من الهوام والجراد ويتم تقديمه في آلة الخداع الاعلامي السينمائي الأمريكي منذ اوائل القرن الماضي بأننا أمة من الهوام والجراد ويتم تفعيله الآن علي الواقع بالاحتلال وفرض الهيمنة ومصادرة مقدرات هذه الأمة ومحاولة فرض الحظر علي معتقداتها وفكرها وتغيير انظمتها وتذويب النظام العربي.
الآن يقول الناشر وفي هذه الأيام بذر قرن 'الدمار الصهيوني' بذوره فأثمرت حيث كان ُورُ بوش الجد يفسر أسفار العهد القديم وفق توجه ديني وسياسي مدروس ومخطط له فها هو رئيس أركان الجيش الإسرائيلي 'موشيه يعلون' يبشر في تعليقه علي أحداث سنة 2003 وآفاق المستقبل الآتي بقوله: 'لم يعد هناك عالم عربي.. لم نعد نتكلم عن عالم عربي .. لا يوجد شيء اسمه تحالف عربي.. هناك لاعبون لكل منهم مصلحته الخاصة، والجميع يعرف أن في عالمنا الأحادي القطب كل من يريد أن يعتبر جزءا من القرية الكبيرة عليه أن يكون مرتبطا بالولايات المتحدة وليس له أي حلف آخر'.
لقد ترعرع ُورُ بوش الجد وشب مع بداية إعلان الاستقلال الأمريكي عام 1776 وكان الخطاب الديني طاغيا ومؤثرا ذا نبرة عالية وكأي ثورة لابد من أن يكون خطابها عقلانيا وتزامن بعد ذلك قيام الثورة الفرنسية التي نادت بأفكار لفصل سلطة الكنيسة عن السلطة السياسية كان أبرزهم 'الياهو بالمر' الذي اعتبر الدين التقليدي 'امبراطورية الخرافة' وجاء الرد عبر جهود جمعيات ومؤسسات وأنشطة مدنية مثل الجمعية الأمريكية للكتاب المقدس عام 1816 والاتحاد الأمريكي لمدارس الاحد 1824 لنشر وتوزيع الكتاب المقدس وبناء الكنائس والجماعات اللاهوتية وقامت جهود الوعاظ وعلماء الدين والأساتذة المتخصصين في العبرية بتفسير أسفار دانيال ويوحنا وحزقيال علي منهج حرفي تفكيكي بنيوي للنص يركز علي مجيء المسيح والبعث اليهودي.
إن ُورُ بوش الجد هو بروفسير وعالم من أعلام الاستشراق الانجلو ساكسون وأستاذ في جامعة نيويورك سيتي في اللغة العبرية ويلفت الانتباه التطابق طبعا في الاسم بينه وبين رئيسي الولايات المتحدة ُورُ بوش الابن والأب حيث يؤكد 'منير العكش' أنه الجد الأكبر لعائلة بوش.. لكن لا خلاف علي أن هذا الكتاب هو أحد مصادر الفكر الغربي اليميني الأمريكي المتطرف وهو الفكر المتوارث لعائلة بوش منذ فترة طويلة..
علما بأن الكتاب يحمل رقم 44027298 في مكتبة الكونجرس طبعة عام 37 وجاء في ستة عشر فصلا وخمسة ملاحق بدأ أولها بالحديث عن أصل العرب وثبت أنهم من نسل اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام وانتهي بالحديث عن معاملته صلي الله عليه وسلم لليهود والنصاري.
ويمكن اختيار المحاور التي ارتكز عليها المترجم في ترجمته للكتاب باعتبارها نقاط ارتكاز في فكر 'ُورُ بوش الجد' من أهمها 'التوراة والانجيل تنبأت بظهور محمد صلي الله عليه وسلم فعلا' لكن لسبب آخر سنتحدث عنه في السطور القادمة، ومنها أيضا أن 'النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن أميا بل كان يجيد القراءة والكتابة' وهي مسألة خلافية عند فقهاء المسلمين وسيأتي التعرض لها ..
لكن يبرز تناقض رئيسي كبير في فكر المؤلف مصدره حقده علي الإسلام ورسوله وهو اعترافه أن محمد صلي الله عليه وسلم نبي مرسل من الله لكن كما يقول لعقاب أصحاب الديانات الأخري التي انحرفت عن دينها الصحيح، وفي نفس الوقت يصف المؤلف ببذاءة نبينا صلي الله عليه وسلم بأنه 'مïدٌîعي' و 'دعي' وهنا نتساءل تساؤلنا المشروع هل هو 'نبي' ارسله الله لهدف محدد أيا كان هذا الهدف المحدد في نظر كل منا أم هو 'مïدٌîعي'؟
ولا تجد إجابة عند المؤلف الذي راح، بخلاف هذه المحاور الرئيسية، يكيل الشتائم والاتهامات لنبي الاسلام عليه السلام وراح يعطي تفسيره هو لكل الأحداث التي جاءت في سيرة محمد صلي الله عليه وسلم من وجهة نظره التي تقطر حقدا وغلا لا حدود لهما بل وغباء لا نجد له مثيلا عند أي باحث أو كاتب أو دارس.
'محمد' صلي الله عليه وسلم في التوراة والانجيل
يؤمن المؤلف أن التوراة والانجيل تنبأتا فعلا بظهور النبي العربي صلي الله عليه وسلم، حيث يتفق في هذه القضية مع ما جاء في القرآن الكريم في الآية رقم 157 من سورة الاعراف 'النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل' حيث يؤكد المسلمون صدق الآية مع ما جاء في سفر التثنية في التوراة وتحديدا في الإصحاح رقم 335 الفقرة 2 ونصها 'جاء الرب من سيناء وأشرف لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتي من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم..'
حيث نري المسلمون أن الإشارة إلي سيناء تعني تسليم الله سبحانه وتعالي الشريعة إلي موسي علي جبل سيناء والإشارة للقدس تعني نزول الانجيل علي عيسي عليه السلام، لأن سعير يعني جبلا في القدس وإن الإشارة إلي جبل فاران تعني نزول القرآن الكريم علي سيدنا محمد لأن فاران جبل بالقرب من مكة.. لكن المؤلف يعترض علي التفسير اعتراضا 'جغرافي' ليس إلا ويقدم دليلا في غير محله.. حيث يقول إن سعير جبل يبعد عن القدس مائة ميل وأن جبل فاران يبعد عن مكة بخمسمائة ميل لكنه يتفق في الوقت نفسه بصحة النبوءة في التوراة والإنجيل .. لكن ما الحل في هذه المعضلة؟
ما الحل لهذا التناقض؟ يورد هو نصا عن رؤيا النبي دانيال التي جاء فيها أن صاحب هذا الدين 'سيصل إلي جند السماء بل إنه سيتطاول حتي علي رئيس جند السموات'!!
لقد نبهنا ُورُ بوش إلي هذه العبارات في سفر دانيال بتفسير مختلف من عنده حيث يري أن جند السماء هم أحبار الكنيسة ورهبانها وهم سدنة المعبد اليهودي وربيبه' وإن كانت هذه الفقرة من الرؤية اقرب إلي تفسير حادثة الإسراء والمعراج!
لقد قدر الله سلفا انتشار الإسلام وانتصاره فيما يقول بوش إن الهدف من هذا الانتشار هو أن الإسلام يكون سوط عذاب للكنائس التي ضلت سواء السبيل ويدعو هذه الكنائس القائمة إلي العودة فعلا للدين المسيحي الصحيح عندئذ سينزاح عنها هذا العذاب الممثل في دين محمد عليه الصلاة والسلام الذي أرسله الله كما يزعم لفترة محددة ليبلو به المسيحية والعالم المتحضر.. وما من تفسير بشري عنده 'معقول' لهذا الانتشار والانتصار إلا ارادة الله السابقة عليه حيث لا يحطم حساب هذا الانتصار بحسابات البشر العادية يقول بوش المؤلف 'لقد وضع محمد أساس امبراطورية استطاعت في ظرف ثماني عشرة سنة فقط أن تبسط سلطانها علي ممالك وبلاد أكثر وأوسع مما استطاعته روما 'الامبراطورية الرومانية' في ثمانمائة سنة .
وتزداد دهشتنا أكثر وأكثر إذا تركنا هذا النجاح السياسي وتحدثنا عن صعود دينه وانتشاره السريع واستمراره ورسوخه الدائم والحقيقة أن ما حققه نبي الاسلام لا يمكن تفسيره إلا بأن الله كان يخصهما برعاية خاصة فالنجاح الذي حققه محمد صلي الله عليه وسلم لا يتناسب مع امكانياته ولا يمكن تفسيره بحسابات بشرية معقولة لا مناص إذن من القول إنه كان يعمل في ظل حماية الله ورعايته
ولا شك أنه يجب علينا أن ننظر للإسلام في أيامنا هذه بوصفه شاهدا قائما ينطوي علي حكمة غامضة لله سبحانه لا ندري مغزاها حكمة لا تفهمها عقول البشر أو علي الأقل لا تفهمها عقول البشر حتي يتحقق غرضها' لا يري بوش المؤلف غير رعاية الله لمحمد والمسلمين في أن قريشا ومن حالفها لم يقضوا قضاء مبرما علي المسلمين في أحد غير قدر الله وكذلك أيضا في غزوة الأحزاب التي قال عنها بالنص 'وسواء كان انسحاب الأحزاب عن المدينة المنورة بتدبير بشري أو بتدبير الهي فمن المؤكد أن قريشا تخلت بعدها عن كل أمل في وضع نهاية لقوة النبي المتنامية
فلم يعودوا من الآن فصاعدا يرسلون الحملات العسكرية ضده'' لكننا نقول مع المترجم إنه إذا كان عدم افناء المسلمين في غزوتي أحد والخندق مسألة غير مفهومة بالحسابات البشرية فهذا ادعي لنا أن يزداد يقيننا بديننا ويزداد يقيننا بأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لكن ُورُ بوش المؤلف يتساءل في نهاية الملحق الأول للكتاب قائلا 'وإذا كان ما يذكر بشأن ظهور الاسلام وتقدمه وسلطانه غير كاف وإذا كانت الأسباب الدنيوية التي عادة ما يجري ايرادها لشرح النجاح المذهل الذي حققه الادعاء الاسلامي مازالت تبدو لنا غير كافية .
وإذا كان أعظم ثورة علي الاطلاق واجهت الكنيسة المسيحية تبدو معضلة لا حل لها فلم نتردد في أن نعزو هذا مباشرة إلي الله ومشيئته؟ وبذا نجد الحل الذي يفسر كل هذه الأسرار؟ لماذا نحن تواقون للهرب من الاعتراف بالتدخل الإلهي في قيام هذه الهرطقة 'يقصد الإسلام' التي هي رأس الهرطقات؟ إن صح تفسيرنا لنبوءتي دانيال ويوحنا فإن الخداع المحمدي 'الإسلام' حقيقة تشهد بصحة محتوي كتبنا المقدسة وحقيقة تاريخية تشهد بظهور الإسلام وانتشاره ..
والآن فما معني أن نïصر علي أن العملية لا تعدو كونها ذات أسباب بشرية بينما هي حقا واردة في النبوءة فإننا بهذا حقيقة نكون قد نزعنا حكم الكون 'العالم' من يد الله وهذا المبدأ يدفع إلي تكذيب كلمات النبوءة المؤكدة لأنه يجعل الله مجرد متنبيء بأحداث ليس له سيطرة عليها وليس هو ضابطها هذا المبدأ لا يصمد أمام أي قدر من التمحيص ..
عندما تنبأ دانيال بمصير الامبراطوريات الأربع الكبيرة أو عندما تحدث أشعياء عن قورش 'كورش' واسماه بالاسم باعتباره سيحقق هدفا لله المحيط بكل شيء هل يمكننا بعد هذا أن نقول إن الأحداث التي جري التنبؤ بها تمت بعيدة عن المشيئة الإلهية؟ من الأسهل والأصوب أن نعترف بترسيم مسبق قضي الله بمقتضاه أن يظهر محمد الذي لايزال باقيا 'يقصد أمة الاسلام' بهيمنته المرعبة ودوامه المستمر وتأثيره القدري في أمور البشر كما انه مجال لنبوءات مؤكدة وهذا لا يعني عدم مسئولية الإنسان عن عمله ولا ينفي بالمرة الطبيعة الأخلاقية لهذه الأعمال .
فعلم الله السابق بما سيكون لا يعني استبعاد حساب الإنسان عما اقترفت يداه ولا يضعف من فكرة الثواب والعقاب والكتاب المقدس زاخر بالأمثلة التي تؤكد ذلك.
انتهي النقل النصي لكلام المؤلف لنتساءل: ماذا نفهم من هذا النص الخطير الذي يوضح فكر إحدي الطوائف المسيحية 'نختلف مع الكنيسة الشرقية' انه باختصار يريد أن يقول إن الأسباب البشرية أو العلمية لا يمكنها أن تفسر هذا النجاح المذهل لمحمد وأتباعه وبالتالي لابد أن نعزو هذه لإرادة الله.
إن الله سبحانه ليس مجرد مخبر بما سيجري وليس مجرد متنبيء بالأحداث التي ستحدث وإنما هو فاعل لها مريد لها فهو أراد أن يعذب المسيحيين الضالين بأيدي المسلمين.
دين محمد (صلي الله عليه وسلم) ضلال أراد الله سبحانه أن يزيد به ضلال المسيحيين واليهود الذين خرجوا عن دينهم الصحيح.
محمد (صلي الله عليه وسلم) رسول من الله بلا شك لكنه بمعني انه محنة أو مصيبة ليعود بعدها من آمن به إلي الدين الصحيح 'المسيحية وفق مذهبه هو' فبوش يتوقع حركة رد كبيرة وكاسحة بين المسلمين (1830).
وهنا نسأل: كيف يتحدث بوش المؤلف عن نبي مرسل بهذه الطريقة؟
وكيف يكون تصحيح مسار ديانات قائمة بارسال ديانة جديدة؟ وإذا
كانت الديانة الجديدة هي الأخيرة فكيف لها أن تصحح ديانات سابقة؟
كيف يختم الله سبحانه وتعالي سلسلة الرسالات بهرطقة؟
محمد (صلي الله عليه وسلم) هو إنسان الخطية!
وجورج بوش ومعه طائفة مسيحية (طائفة الرئيس الحالي) يعتبرون محمدا صلي الله عليه وسلم هو إنسان الخطية المشار إليه في النبوءات السابقة ومنها نبوءة بولس التي جاء فيها (أنه أي المسيح في مجيئه الثاني لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولا ويستعلي إنسان الخطية (أي يجهر بدعوته) ابن الهلاك المقاوم والمرتفع علي كل من يدعي إلها أو معبودا حتي أنه يجلس في هيكل الله كإله مظهرا نفسه انه إله. هذه نبوءة بولس الذي ليس هو المسيح طبعا.
إنما أحد الوعاظ أو الدعاة ويسمي في التقليد المسيحي رسولا بهذا المعني.. والمؤلف وطائفته يتوقعون عند بداية كل ألفية مجيء المسيح ثانية وعودة المسلمين إلي المسيحية ثانية (قلنا في موضوع سابق إن من شروط العودة عند هذه الطائفة جريان انهار الدماء في الأرض الواقعة بين فلسطين والعراق وهو ما يفسر كل هذا العنف ضد العراقيين والفلسطينيين.
وقلنا إن المسيحيين في مصر والشرق عموما لا يؤمنون بهذه النبوءة ولا يعترفون بما يسمي بالمسيحية الصهيونية بل ويعادونها. وبعيدا عن التفسيرات المختلفة التي لا تتفق علي تفسير واحد لهذه النبوءة إلا أننا نتوقف عند الرأي الذي اعتنقه الآباء القدامي والجدد والذي يلقي القبول عند الأكثرية وهو الذي يري إنسان الخطية فردا ستتجسد فيه الخطية قبل ظهور المسيح في أشد صورها فجورا ونكرانا لله..
والخطيئة في مفهومه هي رفض الإنسان الانقياد أثناء حياته لأوامر الله ونواهيه مثل الزنا والسرقة والقتل وهي كما في قانون الوراثة تنقل الشر إلي الأبناء والأحفاد.. لكن تعالوا نقرأ ما قاله جورج بوش في كل الأحوال دفاع الله عن الذين آمنوا كما تعهد بذلك فما بالكم بنبيه ورسوله؟! يقول بوش في كتابه أيضا: إن نبوءات العهدين القديم والجديد تؤكد أن محمدا صلي الله عليه وسلم أمر قواته بألا تقطع في الحروب شجرة ولا تهدم بيتا إلا لضرورة ولا تقتل امرأة أو طفلا أو شيخا (السيرة النبوية كلها تؤكد ذلك) .
ثم يضيف بوش: (إن كل النبوءات تؤكد أن جيوش النبي صلي الله عليه وسلم لا تعتدي علي راهب ولا دير ولا ناسك ولا موضع تنسكه ولا عابد في موقع تعبده سواء كان يهوديا أو نصرانيا..
لذا نتوقف هنا لنسأل:هل من يأمر بذلك يكون هو إنسان الخطية؟! هل هذه هي يا بوش صفات إنسان الخطية؟ فإذا انتقلنا إلي السرقة والزنا والقتل فقد جاء في قرآن نبينا الآمر بقطع يد السارق وتوعد هو صلي الله عليه وسلم بقطع يد ابنته فاطمة إن سرقت ضاربا المثل في مساواة الجميع أمام شريعة الله.. وفي الزنا جاء الجلد في القرآن والرجم في بعض قصص السنة والتحذيرات منهم في القرآن والسنة لا تنقطع أبدا.. وفي القتل ساوي الاسلام (رسولا وكتابا) بين قتل فرد واحد وبين قتل الناس جميعا.. فهل هذا دين انسان الخطية؟!
كما أن انسان الخطية وطبقا للنبوءة متأله.. يزعم نفسه إلها.. متكبر.. متعجرف.. يري نفسه فوق الكل.. فهل هذه صفات محمد صلي الله عليه وسلم الذي جاء في كتاب الإسلام أنه (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم) (آل عمران : 144) وجاء فيه (محمد رسول الله والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا) كما جاء علي لسان نبينا أنه ابن امرأة من مكة كانت تأكل القديد..
وكان صلي الله عليه وسلم في ظل الطاعة العمياء لأصحابه إليه حتي كان أحب إليهم من آبائهم وأمهاتهم وأبنائهم كان اكثرهم تواضعا واكثرهم رحمة وكان يقاتل بسيفه بينهم إذا قاتلوا ويحفر الخنادق معهم اذا حفروا وكان يدعو للصوم وإلي قلة الطعام (ما ملأ ابن آدم وعاء قط شرا من بطنه) و (نحن قوم لا نأكل حتي نجوع وإذا أكلنا لا نشبع) وكان فخورا بأنه عبد لله حتي أنه كان يكتب في كل خطاباته ورسائله (محمد عبد الله ورسوله) أو (من محمد بن عبد الله) إلي آخره وظل (وهو في مجتمع التعدد والنساء)
حتي تجاوز الاربعين متزوجا من امرأة واحدة تكبره بخمسة عشر عاما كاملة ثم تزوج بعدها بابنتي اقرب صاحبين إليه ولا تخفي السيرة سعي كليهما إلي ذلك ثم كانت أغلب أقوال أغلب زوجاته الباقيات من الأرامل ومنهن قواعد النساء اللائي بلغن من العمر أرذله وكان زواجه منهن تكريما لهن ورعاية لا أكثر ولا أقل.. أين هو انسان الخطية إذن الذي يري نفسه فوق الكل ويرتكب كل الخطايا ولا يقيم العدل ويقيم الظلم ويري بعين واحدة؟!
نقول ما نقله المفكر الكبير الدكتور مصطفي محمود عن أحد المفكرين الغربيين وتحديدا من بولندا الذي قال إن صاحب الخطية قد ظهر، ظهر فعلا لكن ليس في صورة إنسان وإنما في صورة دولة ..
إنها أمريكا التي ترتكب كل ذلك.. تقتل وتذبح وتسرق الشعوب.. لا تقيم العدل وتقيم الظلم وانظروا إلي ÷يتو مجلس الأمن.. وانظروا إلي انحيازها الدائم لإسرائيل .. ولا تري إلا بعين واحدة العين التي تريحها.. العين التي تتماشي مع أهدافها ومصالحها.. المجاهد في الافغان أيام الاتحاد السوفيتي.. جهاده الآن.. ضدها.. ارهاب.. المتمردون في جنوب السودان يسعون ويقاتلون من أجل الحرية.. لكن في فلسطين ارهابيون..
علي كل حال .. كتاب جورج بوش يمتلئ بالأكاذيب والأوهام بل وبالغباء ويتناول قضايا أخري هي من صميم الشريعة والفقة الاسلامي مثل أمية الرسول والناسخ والمنسوخ وبعض قضايا الحدود والسيرة النبوية.. لكنه يدين نفسه في كل سطر.. لقد بدا كالمسطول الذي تجاوز حدود الشرب.. لقد اعجبه الشراب أكثر مما ينبغي .. لكننا نري أنها إرادة الله كما قال هو التي تجلت في قلمه فخطت ما خطت.
الكاتب: أسامة الكابلي
التاريخ: 01/01/2007