رسالتنا إلى كلنتون وولاياتها من ورائها

 

أولا: الولايات المتحدة واهمة كل الوهم في اعتقادها أنها بالاتفاق والتنسيق مع بعض المعارضين ستنهي الثورة - كي لا تضرر حليفتها الدائمة دولة الكيان الصهيوني - فالثورة لم يبدأها هؤلاء ولا كل من يتسمى بالمعارضة ليوقفوها بل بدأها الشعب السوري بكل ما يحمله هذا الاسم من معنى.
ثانيا: الشعب السوري سياسي لا يخدع وعسكري لا يخاف وشديد الشوكة لا يكسر فإن مما ورط به النظام نفسه - عندما ادعى الممانعة والمقاومة وعندما سخر إعلامه وجيشه لحرب إسرائيل كما ادعى ولكي يكمل تمثيليته على الشعب والشعب يصدق بل ويعتقد - أنه:
جعل الشعب السوري سياسيا بامتياز لأن هم القضية يطرق بابه ليل نهار والتذكير بالعدو الصهيوني والخطر المحدق بالقطر بل بالأمة كلها يتحدث به في كل وقت والتنبيه على العملاء والمستسلمين والخونة والخائفين والمرجفين - من سوى النظام - هو فاكهة المجالس.
وجعل الشعب السوري عسكريا بامتياز أيضا فنحن - إلى ما قبل سنوات حين طرأ بعض التغيير - من طفولتنا نلبس لباسا عسكريا طفوليا موحدا ونتدرب على حياة عسكرية طفولية هي الطلائع وننتقل إلى المرحلة الإعدادية في المدارس فنلبس لباسا عسكريا أكثر جدية ونتلقى دروسا عسكرية ونتعلم على حمل السلاح وفكه وتركيبه والرماية به وفي المرحلة الثانوية يكون ذلك أكثر مع وجود معسكرات إلزامية وفي المرحلة الجامعية لنا يوم مخصوص في كل أسبوع للتدريب العسكري وفي الإجازات الصيفية معسكرات إلزامية تابعة للجيش النظامي وبعد التخرج من الجامعات لا بد من قضاء قريب السنتين في خدمة العلم ولا بد من انتظام إلزامي في الجيش لك مواطن - سوى المعاق طبيا أو وحيد أمه وما أقلهم في سوريا بحمد الله - سواء أكان متعلما أم أميا بل تشاركنا البنات في كل الحياة العسكرية التي نحياها كطلاب حتى نهاية المرحلة الثانوية وهذا ما يفسر مع وجود الإيمان في القلوب وقوف السوريين بصدورهم العارية أمام سلاح النظام وبطشه بما أثار دهشة الشرق والغرب فالسلاح شيء قد عرفوه وألفوه ولن يخشونه ولو وجه ضدهم!
وجعل الشعب السوري من أشد الشعوب الحية تحملا لشظف العيش فالظروف التي مر بها السوريون لو كانت في بلد آخر لانهار من جهة تضييق النظام عليه وحصاره ومحاربته في لقمة عيشه وتخريبه لأسس الصناعة والزراعة بل التجارة ونهب ثرواته والسيطرة على المشاريع الحيوية فيه وتجييرها لفئة من اللصوص الذين يبيدون المشاريع في مبتدأها! ولا ينتظرون لضيق أفقهم سرقتها أو جزء منها عندما تكبر وتينع فيذكر الاقتصاديون أن شعبا آخر لا يمكنه تحمل هكذا ضغوطات وقليل مما افتعل في سوريا من أزمات اقتصادية كان كافيا للقضاء على ثروة شعب وجعله يعيش تحت خط الفقر ومع ذلك ترى السوري لا يفتر يبحث عن فرص العمل وتدبير أمر معيشته ولا يستسلم أبدا فتراه لا يتكلم إلا أنه بخير ويظنه الجاهل غنيا من التعفف بل لا تفرق لحسن تدبيره للمال القليل بين يديه بين غني وفقير!
ثالثا: لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين فما صبر الشعب السوري على سفالة النظام وظلمه وعلى شظف العيش وقهره إلا تضحية لإمتداد شعبه على أرض فلسطين ولا تجد سوريا واحدا يتأفف مما تقدم سوريا للأقصى وأرضه ما علم أن ذلك يفيد في نصر القضية وإنهاء الصراع لصالح أهله في الأرض المحتلة والآن وبعد أن اكتشف الشعب كل الشعب أن الجولان مباع ومقبوض الثمن من الأسد الأب وأن قضية فلسطين برمتها ما هي عند النظام السوري بأسده الأب وأسده الابن وباقي عصابته إلا شماعة لاستغلال فداء السوريين لقضاياهم في تحرير الأراضي السورية والعربية إذ تقوم هذه العصابة ومن سار في ركابها بنهب الثروات وإفقار الناس وتدمير البلد ليبقى ضعيفا - إلا بالشعارات - خدمة للمشروع الصهيوني فاليوم وبعد أن انكشف المستور وظهر الحق واضحا وجليا وبان لكل ذي عينين حقيقة الأمر وجلاءه لن يقبل السوريون بهذه الإسطوانة المشروخة التي قد عفا عليها الزمن وكشفتها وفضحتها وعرتها أيام الثورة المئة بل تزيد.
رابعا: الخيانة لا تنتهي باعتذار بل بمحاكمة عادلة فلن ينطلي على شعب سوريا اعتذار الأوغاد عما فعلوه طيلة عقود كما يطالبهم الأمريكان وسواهم فنحن شعب طيب نعم طيب بمعنى نظيف القلب ولكن ليس بمعنى غبي وإن عولوا على أن الشعوب العربية تنسى فلن تنسى بعد اليوم لأن مثقفيها الشرفاء لن يتوانوا عن قول الحق وإعلانه والمحاربة لإيصاله إلى الجماهير العريضة الواعية سياسيا والمدربة ميدانيا والأكثر تحملا في العالم.
خامسا: ليس اليوم كأمس لقد خرج المارد السوري من قمقمه مئة يوم أعادت السوريين - مع احتفاظهم بمكتسبات الحضارة والمدنية العالمية - إلى أيام المجد أيام الحرية أيام الزخم الوطني يوم كانت المظاهرات لسان الشارع يوم كانت المظاهرات تؤدب كل خارج عن القانون وتسقطه إن لم يتأدب
لقد عادت للشعب في سوريا حيويته وابتدأت اليوم نهضته هي نهضة سياسية لها ما بعدها هي مفتاح الفرج وبداية الانعتاق من هذه السنوات العجاف.
فليقل الأمريكان ومن وراءهم ما يريدون وليخططوا ما يخططون وليقم الكيان الصهيوني الباطل بما يمكنه من مؤتمرات ومؤامرات وليفعل كل ما يحلو له فلن نهابهم ولن يوقف قطارنا شيء فلنا اللـه الكبير المتعال توكلنا عليه واعتمدنا عليه وشبت بلدنا سورية وشعبها عن الطوق وركبت فرس النصر لتسامي به الشجعان وتحمل راية الحرية والكرامة لتعود إلى موقعها الصحيح أرض الحضارات ومنبت الفتوحات.


الكاتب: نزار الشامي
التاريخ: 03/07/2011