ابرهة العصر وبشائر النصر .. بقلم عبدالله بن سالم الجهني
كم مرت من الأيام والشهور قبل أن أبدا بكتابة بعض الخواطر التي قد ارجع إليها في بعض الوقت ، والسبب يعود غالبا إلى معصية الله، وهذا التشتت عقوبة من الله سبحانه وتعالى ، وعدم تنظيم الوقت يعود إلى عدم معرفة حكمة الله من تحديد عباداته بأوقات محددة إلا ما قل .
فالصلوات الخمسة بأوقات محددة لا تتجاوزها، ورمضان والحج في
أوقات محددة ليعلم المسلم انه لا يمكن أن تسير سفينة المجتمع إلا بالجدية وبالدقة المتناهية في ضبط الوقت.
على كل حال الأيام التي نعيشها لم تمر على الأمة أيام مثلها، حيث لا تجد فيمن يقودها من يقول للكفر لا ويقف في وجهه بل كل ما يعمله هو الوقوف له وتذليل الصعاب له ، بل وتقديم القرابين من أبناء المسلمين له لعله أن يغض الطرف لا أن يرضى لأن رضاءه غاية صعبة الإدراك.
لا يهمنا الكلام إلا ما يحاك على المسلمين من مكائد وحيل وما يراد لهم من الخضوع لغير الله بل اجتثاثهم من الأرض لتنعم شراذم الأرض في ارض الله ، إن ما يحصل الآن من قوة وجبروت من أمريكا يذكرنا بأحداث عظيمة بارزة في تاريخ دين الله.
منها قيام ابرهة اللعين في نصر النصارى من أهل اليمن وقتل الملك اليهودي ذو نواس نصرا لدين عيسى عليه السلام فتمكن من حكم اليمن واستمر حكمه فيها حتى بدأت نفسه الخبيثة تتوق إلى التحكم بحكمة الله وإرادته ، وذلك بصرف الناس عن بقايا دين إبراهيم عليه السلام، وجعل الدين يتبع الدولة القوية المتمكنة .
أما أن تستقل الأمة الضعيفة بدين خاص خارج في تأثيره عن نطاق هذه الدولة القوية وهذا الدين يتحكم في قرارات أهله وتعاملهم مع الآخرين من خلاله بل ويكون تأثيره في بعض أفراد هذه الدولة العاتية بل ويدينون به فهذا قمة الزيغ والإرهاب الذي لابد أن يؤدب أهله على ذلك.
عندما شعر هذا الكريه بأن هناك انصراف عما قرره أو يريده في ملكه قام بإنشاء بناء مقابل للكعبة أي دينا جديدا ـ أي تغيير ثقافي ـ مكان الدين القديم ، فالمسألة لا تعدو عن تغيير بناء وإبداله ببناء غيره، بل قد يكون البناء الجديد اجمل والهوا ء الطف وابرد والماء متوفر .
ولكن ماالذي حدث؟ قام بعض أهل هذا الدين الذي يراد تبديله بالانتقاص من بنائه وسخروا منه بل أزالوا هيبته، طبعا لم تكن هناك طائرات للاصطدام به بل عوضهم الله عن ذلك ببطون تحمل متفجرات بيولوجية ملونة وملوثة، فقاموا باستخدام ما يستطيعون استخدامه
للتعبير عن احتقارهم لهذه القوة الغاشمة الداعية لتبديل بيت الشيطان ببيت الله .
وعندما علم هذا الكريه خاف أول الأمر من هذه الجرأة لأنه خاف أن يعمل به كما عمل ببنائه ، فالتزم الصمت قليلا ثم استشاط غضبا أعلنها حربا دينية على بيت الله ونصح على أن لا يفعل ولكن ماذا يعمل وقد أعمته وأطغته غطرسة القوة فقام بتجيش الجيوش واستخدم كل عتاده وقواته التي لم يكن للعرب فيها دراية أو قدرة .
فسار بجيشه وأمامه النذر من ليس معنا فهو ضدنا ومن لم يقدم الولاء قوتل .
فحصل قتال مع بعض القبائل ولكن لم تستطع الصمود ، وسار في طريقه يملؤه التعصب الديني والغرور بقوته متجها إلى مكة ، وقام في أثناء توجهه إلى مكة بحصار بعض العرب ، وقد استعان ببعضهم لا رشاده إلى مبتغاهن وفعلا ارشده بعض العملاء الى بيت الله ولكنه
ولله الحمد مات واصبح مكروها إلى قيام الساعة ، والدليل الآخر عند وصوله دخل في داخل العرب.
أول ما قام به هو محاصرة الناس والعبث بمقدر اتهم وسلب أموالهم التي تعينهم على حربه التي تمول الإرهاب ، فتم الحصار أخذت الأموال وعرف العرب انهم لا قدرة لهم في مجابهة هذا الطاغية فصار كل يطلب ماله وأما البيت فله رب يحميه.
خرج الناس ولم يبق أحد في البلد وبقي البيت الذي يمثل دين الله وحيدا أمام جيش جرار وبحساب البشر سيزال البيت ولكن الذي حصل معجزة عدم طاعة الفيل لأن الذي خلقه أمره أن لا يطيع ، ثم إذا بلغ الأمر مبلغه وظن أن الله لا يقدر عليه تدخلت قدرة الله بإرسال أسراب من الطيور الصغيرة التي لم يتوقع أن تنزل الهزيمة في هذا الجيش ، الذي اهلك ومات قائده وزالت دولته.
ما الذي حدث بعد ذلك ؟ حدث ما لا يتوقعه ذلك الطاغية _ وهو قد هلك فهو أراد محو البيت الذي تبقى تعظيمه من رسالة إبراهيم عليه السلام _ حيث ولد في ذلك العام نبي من العرب للعالم اجمع انسه وجنه بدين عالمي .
فالذي اخرج الطاغية هو القضاء على البيت الحرام والذي حصل هو قدر محتوم من الله وهو جعل دين عالمي يقوم على أكتاف العرب ومن دخل معهم في دين الله.
ما أشبه الليلة بالبارحة ابرهة العصر جاء وقد أغضبه سقوط قليسه وجاء بفيلته ومنجانيقه ، وهربت من أمامه شراذم الناس من عباد الدنيا ، ولم ينظر بعينيه إلا عداوة هذا الدين ، وجعل اشد الناس عداوة له أكثرهم التزاما بهذا الدين، فضيق عليهم في أرزاقهم وطالب بقتلهم وصلبهم وسجنهم .
حتى إذا ظن أن المواجهة محتومة و لا قدرة للخصم لمقابلة هذا الجيش ، أمر جيشه بقتل وإهلاك أهل هذا الدين تحت أي مبرر ليشفوا صدره بنكالهم بالمسلمين.
ولكن النهاية واحدة بأذن الله زواله وزوال جيشه وحكمه وحكومته، وولادة أمة على دين تجدد أمر دينها على جميع الأصعدة، وقد تكون في أول الأمر ليست بهذه القوة ولكنها ستكون بداية لتمكينها بإذن الله.
ومن أراد تتبع سنن الله في هذه الأمة فليرى ما فعل الله بالمغول حيث تمت هزيمتهم بعد سنتين من اجتياحهم لبغداد، وانظر إلى الصليبين ، والى إنجلترا التي زالت إمبراطوريتها عند تسلطها على العالم الإسلامي , وانظر إلى الاتحاد السوفييتي وغيرها من الدول التي ضعفت وزالت عندما حاربت الإسلام أهله في داره وكذلك أمريكا بإذن الله تعالى.
ولعل مما يقوي العزم قليلا انظر إلى اسم الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ، فهي دول تحمل من اسمها زوالها فهي ولايات متحدة وكل مخلوق له بداية له نهاية في الأرض واقرب مثال الاتحاد السوفييتي الذي اصبح دولا ، فالاتحاد لأسباب يزول بزوالها وكل متحد يتكون من ذاتين لا بد أن تنفصل لتتمايز، بل وحربهم باسم التحالف والتحالف لا يستمر .
وكذلك انظر إلى جيشهم في العراق من جميع طوائف الأرض وأبنائهم قلة فيه فلا يمكن أن يستمر الولاء والقتال وكل يحمل هما مختلفا ولعل ما حدث في الكويت على يد الجندي الامريكي المسلم دليل على ذلك بل أن أمريكا صرحت أنها تخشى من المجندين المسلمين في جيشها.
هذا أسال الله أن يعيد الأمة الإ سلامية إلى سابق مجدها قريبا وهذا الظن بالله وهذا ما تلوح بوارقه في الأفق وان ينصر أهل السنة في العراق وفي كل مكان انه القادر عليه واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. الكاتب: عبدالله بن سالم الجهنـــي التاريخ: 01/01/2007