الشيعة في العراق واستراتيجية تفريغ الجسد السني من عقله

 

الشيعة في العراق
واستراتيجية تفريغ الجسد السني من عقله
بقلم أحمد الظرافي

هناك سياسة منهجية منظمة تقوم بها إيران وأعوانها الشيعة الذين يحملون المشروع الإيراني في العراق، منذ سقوط بغداد وحتى الآن، وطبعا بالتواطؤ مع الإدارة الأمريكية وقواتها المحتلة للعراق، وهي سياسة تفريغ الجسد السني من عقله، وذلك باغتيال وتصفية كل الشخصيات السنية الوسطية، من قادة، ومفكرين، وأصحاب رأي، ووجهاء ، وشيوخ قبائل، وخواص، وكل من له مكانة أو كلمة أو نفوذ أو قاعدة شعبية في أوساط أهل السنة أو له قدرة على التأثير في المجتمع السني المحيط به أو الذي ينتمي إليه، أو له قدرة على التصريح والمطالبة بحقوق أهل السنة سواء بشكل صريح أو ضمني أو له جرأة على قول: لا ، للقرارات والسياسات التي تهدف إلى إلغاء دور أهل السنة العرب في العراق، أو يحاول المحافظة على ما أمكن المحافظة عليه من حقوق هذه الطائفة، التي قدر لها أن تدفع لوحدها ثمن الحقد الأسود المتراكم في قلوب الشيعة للسنة على مدى ألف وأربعمائة عام.
فهذه السياسة الخبيثة والدنيئة مستمرة بشكل منظم منذ سقوط بغداد، ولو أحصينا عدد العلماء والقادة والرموز والخواص وعلية القوم، من أهل السنة والجماعة، الذين لقوا حتفهم اغتيالا لوجدنا أنهم قد بلغوا عدة آلاف وعلى رأسهم خيرة رجال أهل السنة في العراق، وحتى منهم من المشاركين في الحكومة العميلة التي تم تشكيلها تحت حماية حراب المحتل، ومن القادة العسكريين والأمنيين في الفيالق العسكرية وقوات الأمن والشرطة، التي تم استحدثها وتشكيل جل عناصرها من الشيعة، بعد أن قامت الإدارة الأمريكية بتسليم العراق للأحزاب الشيعية الموالية لإيران، وتحالفها معها ضد المقاومة وضد العرب السنة، بعد الهزيمة الساحقة التي تعرض لها الجيش الأمريكي في معركة الفلوجة الأولى في إبريل 2004
1- بدؤوا أولا بالاستيلاء على مساجد وأوقاف ومؤسسات أهل السنة وتصفية رموزهم وقياداتهم الدينية والاجتماعية، في مدن الجنوب، ومدن الفرات الأوسط ذات الغالبية الشيعية في محافظات بابل والمثنى وواسط وذي قار والسماوة، وغيرها، بما في ذلك مدن الجنوب التي يشكل أهل السنة نسب هامة من سكانها مثل البصرة ( حوالي 35% ) والزبير، ( حوالي 45% ) والفاو ( حوالي 40% ) والناصرية ( حوالي 17% ) وفي النجف وكربلاء لا تقل نسبة السنة عن 5-10%، حسب التقديرات غير الرسمية، وهذا تم تدشينه بعد سقوط بغداد مباشرة في أبريل 2003، وكان هناك سباق محموم وتنافس من قبل أتباع المرجعيات الشيعية أيهم يستولي على العدد الأكبر من مساجد السنة وأوقافهم، في هذه المدن ليقوم بإدارتها والاقتيات منها باسم المرجع الذي يقلده. وشهدت هذه الفترة حملة تصفيات وتهجير واسعة وشرسة ضد السنة في هذه المدن، وأيضا ضد كوادر حزب البعث وخاصة السنة منهم، وتكالبت عليهم مختلف أنواع المليشيات والعصابات الإجرامية المعبأة بالحقد الأسود على السنة والناقمة على كل شيء يرمز لها، والمدججة بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والخفيفة في مقدمتها فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى، وجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر ومليشيات أخرى تابعة لحزب الفضيلة وحزب الدعوة، وحركة حزب الله العراق وغيرها، وأدواتها الاغتيالات والخطف ومساومة الأهالي السنة على أبنائهم المختطفين، ومصادرة المساجد والأوقاف السنية، وإدارة مؤسسات الدولة وعلى رأسها الأجهزة الأمنية على أساس مذهبي وحزبي. كما شهدت اغتيال عشرات من وجهاء السنة في جنوب العراق من شيوخ عشائر وأئمة مساجد ومثقفين وتجار وأطباء ممن لا صلة لهم بنظام صدام حسين, وبدأ مسلسل اغتيال الوجهاء باغتيال الشيخ علي نجم السعدون كبير مشايخ قبيلة السعدون السنية في المنتفق بجنوب العراق، مع اثنين من أفراد أسرته، في 5يونيو2003. وكان ذلك بداية لمسلسل استهداف الوجهاء من أبناء هذه القبيلة التي تشكل قاعدة كبيرة للسنة في جنوب العراق، وسبق لها أن حكمت جنوب العراق كله لعدة عقود من الزمن في العهد العثماني، بينما استهدفت أول موجة من حملة الاغتيالات الجماعية المنظمة المتدينين السنة من المنتمين للتيار السلفي، بعدما اصدر بعض المعممين القادمين من إيران فتوى بتكفير هؤلاء واستحلال دمهم، وتم تدشين ذلك بتصفية عائلة بأكملها من عشيرة بن حسين في مدينة أبو الخصيب مع أقرباء لهم من عشيرتي الغانم والدواسر. كما استهدفت التصفيات بعض الشيعة الذين تحولوا إلى المذهب السني باختيارهم. وكان هناك أيضا سجونا ومعتقلات أنشأتها هذه الأحزاب في بعض المحافظات الجنوبية، ومنها سجن الكوت في محافظة واسط الذي يوصف ببشاعته، وتشرف عليه عناصر مخابرات إيرانية، ومعتقلات في بعض الحسينيات، ومنها حسينية الإمام علي في قرية الحرية في المدائن؛ حيث يوجد محبس انفرادي فيها، وكذلك غرف مهجورة في أطراف المنطقة.
وبلغت أعداد المساجد السنية التي تم الاستيلاء عليها في جنوب العراق بحلول شهر ديسمبر2004 أربعين مسجداً، لعل أهمها مسجد الخطوة في مدينة الزبير الذي هو مسجد الحسن البصري وجدد بناؤه عام 2002, كما تم مصادرة مبنى الأوقاف السنية في البصرة وكثيراً من وثائقه. وتعرضت هذه المدينة لموجات من المليشيات الشيعية القادمة من إيران، وباتت مساجد السنة فيها ومن يرتادها من مصلين عرضة للترهيب والمداهمات والقصف اليومي المستمر. وفي الوقت ذاته هيمنت الميليشيات الشيعية على الدوائر الرسمية كافة وأقصت معظم القياديين السنة عنها، ولا سيما المدارس و الجامعات وخاصة في محافظة البصرة اضافة إلى الاكتساح الايراني وممارستة الاضطهاد الطائفي داخل المؤسسات الجامعية والمتمثلة بالكليات التابعة لجامعة البصرة والتي يبلغ عددها (14) وصبغت هذه المليشيات مدن الجنوب بساحاتها وشوارعها ومبانيها بشعارات وأسماء وصور " ذات لون مذهبي وحزبي فاقع" . وفرضت الرقابة الصارمة على كتب السنة، وأصبح كل من اسمه عمر حلال الدم ومشروعا للقتل، واستشرت حمى الإساءة للصحابة رضوان الله عليهم لاستفزاز أهل السنة الذين تحولت حياتهم في هذه المدن إلى جحيم لا يطاق، وصار ينظر إليهم كعنصر دخيل ينبغي استئصاله من جنوب العراق. وقد قوبلت هذه الأعمال بتشجيع ودعم ، من قبل الحكومة المركزية في بغداد وقوات الاحتلال الأمريكي، والدليل على ذلك هو استخدام سيارات وأجهزة الدولة لتنفيذ المجازر والمداهمات والاعتقالات، وتحت إشراف وزير الداخلية بيان جبر صولاغ، التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، بقيادة عبد العزيز الحكيم، الذي تولى وزارة الداخلية لأكثر من ستة أشهر في حكومة إبراهيم الجعفري، والذي أعطى المليشيات الضوء الأخضر لتدشين حرب الإبادة الجماعية والتطهير الطائفي المنظم ضد السنة في الجنوب والوسط، ولتعيث فسادا في أحيائهم وقراهم وتهلك الحرث والنسل، بشكل علني سافر بعد أن كانت تمارس عملها في السر، وذلك فوق المجازر والمداهمات والاعتقالات التي يتعرض لها أهل السنة على أيدي قوات الاحتلال الأمريكي. وبحلول نهاية العام 2006، كان الشيعة قد أجهزوا على كل شيء يتعلق بأهل السنة في مدن الجنوب، حتى أفرغت مدن من سكانها السنة، وتدنت نسبة أهل السنة في البصرة في منتصف العام 2006 إلى أقل من 3% بعد تهجيرهم منها ، بعد أن كانت نسبتهم حوالي 35% عشية سقوط بغداد، وتم تصفية خيرة علمائها من أهل السنة،
وهذه الجريمة لا تزال مستمرة للإجهاز على من كتبت له لحياة حتى الآن، ولكي يـأتي يوم لا يكون للسنة فيه موطئ قدم واحدة في جنوب العراق - خابوا وخسروا بإذن الله -وكل ذلك يتم دون ضجيج يذكر وبعيدا عن أي تغطية إعلامية من القنوات الفضائية.
2- تلى ذلك تصفية علماء التيار السلفي ومؤسساتهم ومساجدهم، في بغداد وضواحيها ومدن الوسط، وبشكل خاص في بغداد وديالى، لأنه كان هناك تركيز منذ سقوط بغداد على تحويل السنة إلى أقلية في هاتين المدينتين، بغداد لأنها دار الخلافة أي ترمز للإسلام، وهذا أولا، ولأنها عاصمة الرشيد أي ترمز للعرب وهذا ثانيا. وديالى لأنها متاخمة للحدود الإيرانية، وفيها نسبة هامة من الشيعة. وفي هذا السياق كان أول مسجد سني يتعرض للمداهمات ويعتقل المصلون فيه هو مسجد الإمام ابن تيمية معقل السلفيين ومقر للهيئة العليا للدعوة والإرشاد، في حي القادسية وسط بغداد في 1يناير 2004 ، ثم مسجد سعد بن أبي وقاص في الفلوجة، ثم تعاود بعدها مداهمة مسجد "ابن تيمية" وأول إمام سني يعتقل ويعذب بالحديد والنار، هو الشيخ مهدي الصميدعي، إمام هذا الجامع والذي اعتقل هو وعدد من زملائه وتلاميذه، في11 نوفمبر 2004 بحجة وجود مخبأ للأسلحة في المسجد، قبل أن تقوم المليشيات الشيعية الحاقدة في الشهر التالي بقصف الجامع بمدافع الهاون بمن كان فيه من مصلين، وتحطيم بعض أجزائه. وهذا الحادث والذي تم تبريره على أن تسمية الجامع باسم شيخ الإسلام ابن تيمية، يعتبر استفزازا للشيعة، تم في نهاية عام 2004 ، أي قبل أن تنفجر الحرب العدوانية الشرسة ضد السنة بشرا ومساجدا ومدارس ومكتبات ومؤسسات وحجرا وشجرا، بشكل رسمي وبشكل لم يعرف له التاريخ مثلا في الهمجية والوحشية والحقد الأعمى، وذلك في أبريل من عام 2006. بعد تفجير القبتين الوثنيتين في سامراء من قبل المخابرات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
3- تزامن مع ذلك تصفية العلماء المنتمين لهيئة علماء المسلمين التي تشكلت بعد سقوط بغداد برئاسة الشيخ حارث الضاري، والتي تولت حماية المنشآت العامة من النهب الواسع المنظم والتخريب المتعمد الذي ظلت تتعرض له لأسابيع بعد سقوط بغداد. وتمكنوا من أغتيال وتصفية خيرة علماء الهيئة، وشملت الاغتيالات علماء الهيئة حتى في مدينة الموصل التي لم تكن أصلا تحت سيطرة المليشيات وقد زادت وتيرة الاغتيالات والاعتقالات والمداهمات وأعمال الترهيب ضد علماء الهيئة بعد معركة الفلوجة الأولى في إبريل 2004، التي كان لهيئة علماء المسلمين دور مباشر في الانتفاضة الشعبية التي تزامنت معها، والتي عمت أرجاء وسط العراق وشماله وغربه.
4- وطبعا تزامن مع كل ذلك استهداف معظم الكوادر المنتمية لحزب البعث والطيارين العراقين والضباط الكبار المنتمين للجيش العراقي السابق، والأطباء والمهندسين واساتذة الجامعات وسائر أصحاب التخصصات وحملة الشهادات من أهل السنة..
وهذا فضلا عن مئات الآلاف من عامة أهل السنة. وهذه السياسة لا زالت مستمرة حتى اليوم وستستمر في ممارستها إلى أن يحولوا المجتمع السني إلى جسد بدون رأس أو إلى رأس بدون مخ أو إلى مخ بدون عقل . وبذلك يأمنوا أن العراق قد دان لهم واستقرت أقدامهم فيه.
وأخيرا وليس أخرا ليعلم كل قائد سني عراقي وكل مفكر سني عراقي أنه بات مشروعا للقتل من قبل المهيمنين على العراق اليوم الذين بيدهم الحل والعقد والمليشيات والمعسكرات وأدوات القتل والاغتيال، ولن ينجيه من ذلك المشاركة في الحكومة أو الدخول في مجلس النواب، فإن هؤلاء الأسياد الجدد الذين أكل قلبهم الحقد وأعماهم الثأر والانتقام لا يريدون من السني إلا أن يكون تابعا ذليلا مهمشا بلا إرادة وأدنى ما يطمح إليه هو الحصول على أقل القليل من الفتات ومع ذلك فالويل له إن تأوه أو تذمر أو اشتكى من سوء الحال.
هذه الاستراتيجية تبنتها الدولة الصفوية في إيران سابقا ومن خلالها استطاعت تحويل المجتمع الإيراني من مجتمع ذي أغلبية سنية إلى مجتمع ذي أغلبية شيعية - مع أعتبار أهل السنة عنصرا دخيلا يجب استئصاله - ويراد للعراق أن يكون كذلك.
وطبعا لا أعفي الحكام العرب من جريمة المؤامرة على أهل السنة في العراق


الكاتب: الزبيدي
التاريخ: 23/01/2010