أنت الضيـــاء وكلهــــم عميــــــان .. بقلم الكاتبة الأديبة |
|
أنت الضياء وكلهم عميان
الكاتبة : سعاد جبر
إهداء إلى الأسرى المعتقلين في سجون الظالمين
اجلس على طرقات الزمان المنكسرة ،
وقد طوتها ظلمات تلو ظلمات ،
فألمح من تنفسات مغارب الشمس ومشارقها ،
اشراقات قضبانك الحديدية البعيدة ،
وقد نبت فيك هناك ألف جناح مشرق بألف شعاع ،
و امتلأ وجودك بماس اشراقات الحرية والأباء ،
فأحيا ألف مرة عند كل دفقة روح تولد معك ،
ويولد معها ألف جناح ،
واحمل معها تذكار انكسار قلبي ألف مرة عند انكسار كل جناح لك ،
في أتون ظلمات القيد العتيد ،
فأناجي دقات الزمان وأرسل معها قلبي الغائب الحاضر ؛
فضاءات حب تشدو لك :
إنها انكسارات جدران عابرة
وستبقى روحك حرة ابية
أنت الضياء وكلهم عميان
فأرى روحك هناك تتجاوز الزمان من نافذة قلبي الحزين ،
وتتجاوز معها ليل الظالمين ،
وسحبه الدخانية المسعورة ،
وارى روحك سكنت غيمات السماء ،
ونادت نداء الأحرار ،
وانشودة الموت واقفا ،
فأرى في بحر عينيك السائحة بعيدا ،
وجودنا الأزرق البهي ،
ولغة الضياء كله ،
واسرار الإشراقات في ماسها اللامع ،
وارى الكون كله سحابة سوداء صامتة ،
لا فسحة نهار فيها ،
واحلم واهما بأختراقاتها للسحابة يوما ولو خيطا عابرا ،
في بطن وجودي الرمادي الداجي،
فأهيم في تذكار وجودك البهي ،
وتنفسات روحك في وجه الصباح ،
وارها مسيجة أمامي في بريق عيني أم هائمة حزينة ،
وطفل مشرد باكٍ ،
وزوجة كسرها باب الزمان ؛
فأرتمت في أحضان الألأم وحلم الانتظار ،
واسكن من نار اللوعة عند محراب باك ،
وقد نالته أيدي الدمار ،
فلم يبق منه إلا بضع لبنات ساجدات ،
فأحتضنها في قلبي الصغير ،
لأجد بردها وسلامها ،
في عمر اللوعات ،
وسعير القيود ،
وعذابات اجترها من حراك الظالمين على جسدي جنونا ،
فأخرج من جسدي ..
وجودي الرمادي ..
هائمة …
سائحة …
حالمة بأنفكاك القيد يوما ،
واندحار جمع الذئاب المسعورة ،
وزوال ليل الظالمين ،
وتنفسات الفجر البعيد ،
فأعلن الانسحاب من أبجديات الحياة ،
وأسافر بعيدا في ملكوت السموات ،
واسكن في مهد غيماتها اللؤلؤية ؛
لأشهد حضور خيل حرة ابية ،
على متن قلبها الملائكي فارس الملمات ،
وراهب الليل الداجي ،
وعلى وجهها شمس ضاحكة لا تغيب ،
حيث ينكسر معها القيد ،
واحتضن معها قلبي الغائب من جديد ،
واسكن جسدي الحاضر هناك ،
وارتاد عولم روحي العابقة في العمر حلما واهما ،
لحظة منتشية ،
فلا أجد ذاتي عند استلهام اللحظات الحالمة ،
إلا وقد غبرها الزمان باليأس لوعة من عد لحظاته على الطرقات ،
فكيف بك يا فارس الزمان وقد سيجتك قضبان الظالمين ،
واسرتك لحظاتها
فصبرا …
لا تبالي بالقيد ،
فاسرك فخار ،
وانت الروح الباقية فينا ،
في سفر الكرامة والأباء
وستبقى أنشودة عذبة ،
نستقى سلسبيلها غدوة وعشيا ،
وهي تشدو في حضرة أرواح الأحرار:
سيزول ليل الظالمين
وطاب مقامك الأبي
أنت الضياء وكلهم عميان
واشدو معها عند قوافل الشهداء الدامية
حر أبى تأبى الموت إلا وقفا
ولا بد من الثأر يوما ما
ولو بعد حين
الكاتب: سعاد جبــــر
التاريخ: 01/01/2007