عاجل-عاجل-عاجل-صرخات لأهل العزة في استنقاذ المهاجرة المجاهدة أم حمزة

 

صرخات لأهل العزة
في استنقاذ المهاجرة المجاهدة
أم حمزة


للشيخ
أبي همام بكر بن عبد العزيز الأثري
حفظه الله





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله اللطيف الرحيم, والصلاة والسلام على النبي الكريم, وعلى آله وصحبه ومن سار على الصراط المستقيم, وانتهج النهج القويم, أما بعد:
فلقد وردت أنباء عن أمر عظيم, أزمع عليه طاغوت العراق اللئيم؛ وهو أن الحكومة الرافضية هناك, تنوي زيادة رصيد الإجرام, بتنفيذ حكم الإعدام, على امرأة من نساء أهل السنة, خلال الشهر المقبل من هذه السنة, فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, وحسبنا الله على الباغي الأثيم.
ولا يستغرب من هؤلاء الأذناب, التعدي على أهالي الصالحين بالتنكيل والعذاب, فلا يزال هذا خُلقهم مع ذوي الصالحين قديماً وحديثاً -في التاريخ المعاصر-, ورثوه صاغراً عن صاغر؛ عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها, قالت: "لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم –أي مهاجراً مع أبيها-, أتانا نفر من قريش, فيهم أبو جهل بن هشام, فوقفوا على باب أبي بكر, فخرجت إليهم, فقالوا: أين أبوك يا بنت أبي بكر؟ فقالت أسماء: والله لا أدري أين أبي, قالت: فرفع أبو جهل يده –وكان فاحشاً خبيثاً- فلطم خدي لطمة خرَّ منها قِرطي..".اهـ [رواه أبو نعيم في الحلية 2/56].
بل أشد من ذلك؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كان أول من أظهر إسلامه سبعةٌ: رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأبو بكر, وعمار, وأمه سمية, وصهيب, وبلال, والمقداد, فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب, وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه؛ وأما سائرهم فأخذهم المشركون, وألبسوهم أدراع الحديد, وصهروهم في الشمس.." [أخرجه ابن ماجة, وأحمد, وقال الأرنؤوط: إسناده حسن].
قال الإمام ابن الأثير رحمه الله في "أُسد الغابة في معرفة الصحابة" في أثناء كلامه عن سمية رضي الله عنها: "كانت من السابقين إلى الإسلام, وكانت ممن يُعذب في الله أشد العذاب".اهـ
قال مجاهد رحمه الله: "أول شهيد كان في الإسلام استُشهد أم عمار سمية, طعنها أبو جهل بحربةٍ في قبلها".اهـ [أخرجه ابن أبي شيبة, وانظر: البداية والنهاية 3/65].
ولإن كان تنفيذ حكم الإعدام, على امرأة من عامة نساء أهل الإسلام, لحزنا عليها شهراً, وطلبنا ثأرها دهراً, فكيف إذا كانت هي المجاهدة العابدة: أم حمزة حسناء بنت علي اليمانية, زوج الشيخ المجاهد, وزير الحرب القائد: أبي حمزة المهاجر (عبد المنعم بن عز الدين) رحمه الله وتقبله في عليين؟!
فإلى شباب الإسلام في كل مكان –وأنا واحد منكم-: أترضون ذلك لأمكم؟! حاشاكم حاشاكم!
عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم, وما من رجل من القاعدين يخلف رجلاً من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء, فما ظنكم؟!) [أخرجه مسلم].
قال الإمام النووي رحمه الله: "هذا في شيئين؛ أحدهما: تحريم التعرض لهن بريبة, من نظر محرم وخلوة وحديث محرم, وغير ذلك.
والثاني: في برهن والإحسان إليهن وقضاء حوائجهن التي لا يترتب عليها مفسدة, ولا يتوصل بها إلى ريبة ونحوها".اهـ [شرح صحيح مسلم 13/63].
وقال الإمام أبو عبد الله الحليمي رحمه الله: "هذا -والله أعلم- لعظم حق المجاهد على القاعد, فإنه ناب عنه, وأسقط بجهاده فرض الخروج عنه, ووقاه مع ذلك بنفسه, وجعل نفسه حصناً له, وجُنة دونه, فكانت خيانته له في أهله أعظم من خيانة الجار في أهله, كما تكون خيانة الجار أعظم من خيانة البعيد".اهـ [المنهاج في شعب الإيمان 2/475, وانظر: مشارع الأشواق 1/308].
وأنّى لقلب أن يرتاح, ويبش في الأفراح, إذا عرف أن حب حبيبه خلف القضبان, يجابه الضيق والعدوان!
أشاب الرأسَ أني كلَّ يومٍ *** أرى لي خالةً وسْطَ (الحبالِ)
يشقُّ عليَّ أن يلقيْنَ ضِيماً *** ويعجز عن تخلصهن مالي
قال الشيخ أبو حمزة المهاجر رحمه الله في بيان عظيم حبه لزوجه: "إنا كما فطر الله الخلق نعرف النساء, ونحبّ في الحلال كما كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم, فلما سُئل: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة.
وما كتبته في الغزل العفيف قد يزيد على غيره, ولا يمنعني من ذكره إلا الحياء, إلا أني سأذكر أول قصيدة منظومة كتبتها في ذلك, وقلتها لما طلب مني أحد الإخوة طلاق أهلي ولامني على شدة محبتي لها على بُعد الدار وعدم القدرة على جمع الشمل رغم مرور السنين".اهـ ثم ساق تلك الأبيات العذبة, انظرها -إن شئت- في ديوان الشيخ؛ [هموم وآلام ص42].
واعلموا يا شباب الإسلام؛ أن خلافة أهل الغازي في مثل حالتنا, ليس من قبيل المندوبات أو المستحبات, بل هي من أوجب الواجبات, فويل ثم ويلات, لمن تركهن –وهو قادر- في أسر الكفار قابعات!
عن أبي أمامة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يغز أو يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة) [أخرجه أبو داود وابن ماجة, وحسنه الألباني].
قال العظيم آبادي رحمه الله: "(بقارعة) أي بداهية مهلكة, قرعه أمر إذا أتاه فجأة وجمعها قوارع".اهـ [عون المعبود 7/76]. رحماك رحماك ربنا, رحماك رحماك ربنا..
الخوفُ يملأ قلبي *** ماذا أقول لربي؟!
***
وإلى ليوث دولة العراق الإسلامية, رجال النخوة والمروءة والحمية؛ الله الله في أهل وزيركم الأسبق, لا تسلموهن للكافر الأحمق, وتذكروا أن نجدتهم من أفضل القربات, وأجل الأعمال والطاعات..
ولقد تكفل الله بالأجر العظيم, لمن بذل الغالي والرخيص, والنفس والنفيس, لمساعدة أهل الغازي, فكيف بمساعدة أهل وزير الغزاة؟!
عن زيد بن خالد الجهني قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازيا فقد غزا, ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا) [أخرجه مسلم].
قال الإمام النووي رحمه الله: "(في أهله بخير) من قضاء حاجة لهم, وإنفاق عليهم, أو مساعدتهم في أمرهم, ويختلف قدر الثواب بقلة ذلك وكثرته".اهـ [شرح صحيح مسلم 13/60].
وإنني لما نظرت في التاريخ, وجدته يحفظ مثل هذه المواقف لأصحابها وإن كانوا فجاراً, فكيف بهم لو كانوا أبراراً –كأمثالكم-؟!
جاء في تاريخ الطبري [5/251]: "وقد بلغني أن الحجاج بن يوسف غضب على صاحب السند في امرأة أُسرت من المسلمين وأدخلت إلى بلاد السند حتى غزا السند وأنفق بيوت الأموال حتى استنفذ المرأة وردها إلى مدينتها".اهـ
والكل يعرف موقف المعتصم لما "بلغه أن هاشمية صاحت وهي في أيدي الروم: وامعتصماه. فأجاب وهو على سريره: لبيك لبيك! ونادى بالنفير ونهض من ساعته فركب دابته واحتقب شكالا من حديد فيها رداؤه وجمع العساكر".اهـ [تاريخ ابن خلدون 3/327]. ثم سار إلى عمورية, فحرقها! [انظر: البداية والنهاية 10/299-301].
إذا الملكُ الجبارُ صعّر خده *** مشينا إليه بالسيوف نعاتبه
أحلتْ به أمُ المنايا بناتِها *** بأسيافنا, إنا ردى من نحاربه
وما زال منا ممسكٌ بمدينةٍ *** يراقبُ أو ثغرٍ تُخافُ مرازبه
***
وإلى الجماعات الجهادية على أرض العراق, الذين لم يكونوا مع الوزير رحمه الله على اتفاق؛ فكانوا يخالفونه في مسائل عديدة, إلا أنهم يتفقون معه في أصول العقيدة:
اتقوا الله, وكونوا مع إخوانكم في هذه الأوقات العصيبة, وانزلوا متواضعين لله تحت راية دولة العراق الإسلامية الحبيبة, لتنقذوا زوج الشيخ أبا حمزة, الذي كان يسعى للوحدة بين الموحدين والعزة..
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "ثم دخلت سنة أربع وستين وخمسمائة: فيها كان فتح مصر على يدي الأمير أسد الدين شيركوه, وفيها طغت الفرنج بالديار المصرية, وذلك أنهم جعلوا شاور شحنة لهم بها, وتحكموا في أموالها ومساكنها أفواجاً أفواجاً, ولم يبق شيء من أن يستحوذوا عليها ويخرجوا منها أهلها من المسلمين, وقد سكنها أكثر شجعانهم, فلما سمع الفرنج بذلك جاؤوا إليها من كل فج وناحية صحبة ملك عسقلان في جحافل هائلة, فأول ما أخذوا مدينة بلبيس وقتلوا من أهلها خلقاً وأسروا آخرين, ونزلوا بها وتزكوا بها أثقالهم, وجعلوها موئلاً ومعقلاً لهم, ثم ساروا فنزلوا على القاهرة من ناحية باب البرقية, فأمر الوزير شاور الناس أن يحرقوا مصر, وأن ينتقل الناس منها إلى القاهرة, فنهبوا البلد وذهب للناس أموال كثيرة جداً, وبقيت النار تعمل في مصر أربعة وخمسين يوماً, فعند ذلك أرسل صاحبها العاضد يستغيث بنور الدين, وبعث إليه بشعور نسائه, يقول: أدركني واستنقذ نسائي من أيدي الفرنج..".اهـ [البداية والنهاية 12/274].
والعاضد هو آخر خلفاء العبيديين؛ أبو محمد عبد الله بن يوسف الحافظ بن المستنصر القاهري, قال عنه الحافظ ابن كثير رحمه الله: "كانت سيرته مذمومة, وكان شيعياً خبيثاً, لو أمكنه قتل كل من قدر عليه من أهل السنة".اهـ [البداية والنهاية 12/284]. ومع ذلك نصر الملك العادل نور الدين محمود زنكي رحمه الله نسائه واستنقذهن!
فألبسَ الله هاتيكَ العظام وإن *** بلينَ تحتَ الثرى عفواً وغفرناً
سقى ثرى أودعوهُ رحمةً ملأت *** مثوى قبورهمُ روحاً وريحاناً
فهل يكون –عندكم- الشيخ المجاهد أبا حمزة المهاجر رحمه الله شر من العاضد؟! معاذ الله تعالى.
***
وإلى شعب العراق برمته, الذي لا زال يذود عن أمته؛ هلاّ نصرتم زوجة الشيخ الذي ما برح ينصر زوجاتكم؟!
إن الشيخ أبا حمزة, جاءكم من بلاد بعيدة, لينصر إخوة العقيدة, ويذب عن الأعراض والحريم, ثم انتقل إلى الغفور الرحيم, مجندلاً بالدماء, وقد تطايرت منه الأشلاء, وخلف أهله وذريته, في عراقكم وأبنيته, فـ: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)) [الرحمن]؟!
لقد روى التاريخ لنا عن صنيع أجدادكم في العراق, وكيف حفظوا نساء من نزل بهم من الأسر والوثاق؛ وذلك أنه قد استمر الملك بعد المنذر بن ماء السماء في عقبه, حتى كان النعمان بن المنذر, وهو الذي غضب عليه كسرى بسبب وشاية دبرها زيد بن عدي العبادي, وأرسل كسرى إلى النعمان يطلبه, فخرج النعمان حتى نزل سراً على هانئ بن مسعود سيد آل شيبان, فأودعه أهله وماله, ثم توجه إلى كسرى, فحبسه كسرى حتى مات وولى على الحيرة بدله إياس بن قبيصة الطائي, وأمره أن يرسل إلى هانئ بن مسعود يطلب منه تسليم ما عنده, فأبى ذلك هانئ حمية, وآذن الملك بالحرب, ولم تلبث أن جاءت مرازبة كسرى وكتائبه في موكب إياس, وكانت بين الفريقين موقعة هائلة عند ذي قار, وانتصر فيها بنو شيبان, وانهزمت الفرس هزيمة منكرة. وهذا أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم".اهـ [انظر: تاريخ خليفة بن خياط ص24, والطبقات لابن سعد 7/77, وتاريخ الطبري 1/478].
فهذا صنيع أجدادكم قبل الإسلام, فأروا العالم صنيعكم بعد أن أكرمكم الله بالتوحيد ونجاكم من درن الشرك والآثام.
ألم ترَ قومي إن دعاهم أخوهمُ *** أجابوا وإن يغضبْ على القومِ يغضبوا
بنو المجد لم تقعدْ بهم أمهاتهم *** وآباؤهم آباء صدقٍ فأنجبوا
***
وأخيراً: نسأل الله باسمه الأعظم؛ أن يحفظ أم حمزة وبنيها؛ أيوب وحمزة ومريم, بحفظ البعل والأب لدين الله من أن يهان أو يُثلم.
قال الله تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) [الكهف: 82].
قال ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: "حُفظا بصلاح أبيهما, ولم يذكر منهما صلاحاً".اهـ
وقال مقاتل رحمه الله: "كان أبوهما ذا أمانة".اهـ [زاد المسير 5/134].
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: "(وكان أبوهما صالحاً) فيه دليل على أن الرجل الصالح يُحفظ في ذريته, وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة, لتقرَّ عينهُ بهم, كما جاء في القرآن ووردت به السنة".اهـ [تفسير القرآن العظيم 3/127].
قلت: ومن العمل الصالح, بل ذروة سنام العمل الصالح؛ الجهاد في سبيل الله تعالى, ولأن سُئلنا لنصدقنّ, ولأن استشهدنا لنشهدنّ:
"بأن الشيخ أبا حمزة المهاجر رحمه الله كان من خيرة المجاهدين, في عددٍ من الميادين, وكان في ما تولاه أميناً حق أمين, حتى قُتل صابراً محتسباً دون الدين, ولقد روينا عن الصادق الأمين, أن مثله يشفع –بإذن الله- في سبعين, (وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)) [يوسف]".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين..
وكتب: أبو همام بكر بن عبد العزيز الأثري
6/5/1432هـ - 10/4/2011م


الكاتب: أبو عمـــر الفـــاروق
التاريخ: 28/04/2011