عندما تُضْحي الديموقراطية كابوسا للآمنين .. بقلم الاستاذة :
استوقفني قبل أيام خبر مفاده أن " سلطات احتلال الدولة الديموقراطية الوحيـــدة " في الشرق الأوسط سلمت للمواطن الفلسطيني عزمي الضميري إخطارا بهدم منزلـه المكون من طابقين والذي يقع خلف الجدار الفاصل في قرية الرأس جنوب طولكرم فـــي الضفة الغربية.
قد يمر الأمر ببساطة هنا , فالكثير مـن الفلسطينيين كان قد سبق هدم بيوتهــم بسبب أو بدون سبب سوى أنهم أعداء الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط , وأعداء حليفتها الأكثر ديموقراطية في أفغانستان والعراق وفلسطين معا !!!
ولكن الذي استوقفني بحق أن هذا الإخطار أمهل المنكوب عزمي الضميري مدة ثلاثة أيام، للاعتراض على الإخطار في مستوطنة "بيت إبل " اليهودية، وبعدها ستقوم سلطات الاحتلال، بهدمه على نفقته الخاصة.
إلى هنا , يحق لنا أن نتساءل كيف كان يعيش الفلسطينيون في أرض فلسطين قبل أن تأتي لهم اسرائيل بالديموقراطية التي يغرقون في كوابيسها منذ ما يزيد على الخمس وخمسين عاما !!!
لعلنا لا ننسى أن فلسطين هي الأرض المباركة للمسلمين ، ويعظمها النصارى أيضا , عربا كانوا أو عجما , وأنها احتوت الجميع في تاريخها بلا استثناء , بل وكانت مزارا ومقاما للنصارى على مر العصور , اللهم إلا حينما غزا الصليبيون بلاد المسلمين بدعوى أن " إخوانهم من النصارى العرب " هم ضحية المسلمين , وكان لهذه الدعاية السيئة من قبل إرهابيي الدول الأوروبية ساستها آنذاك أسوأ النتائج , حيث غرقت القدس في بحر من الدماء : دماء العرب من المسلمين والنصارى , والتاريخ يشهد أنه ما كان فتحـا للقدس، وإنما كانت مجازر أبادوا فيها أهلها , واستبيح المسجد الأقصى , وحولوا جزاءا منه إلى إسطبل لخيولهم والجزء الآخر حولوه إلى كنيسة !!!
ويحق لنا أن نتساءل أيضا : هل دخل النصارى " البيض " ( في إشارة إلى أنهم من عرق يختلف عن عرق النصارى العرب ) ، إلى كنيسة القيامة فوجودها قد دنست بالدماء أو استبيحت أو دخلها مسلم واحد وقتها ، و حتى حينما فتحت القدس في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه , وكان بإمكانه , وهو أمير المؤمنين في حينها وصاحب أكبر دولة وهي الدولة الإسلامية , كان بإمكانه أن يهدم كنائس القدس جميعها , فلا يجعل للنصارى أي ارتباط بأرضهم ويطردهم كما يفعل اليهود الآن بأصحاب الأرض , وذلك من منطق أن القوي يفاوض على ما لديه من أوراق ضغط " تماما كما يفعل الإسرائيليون والأمريكان الآن " .
ولم يكن للنصارى وقتها أي أوراق ضغط بل لم يكن لديهم قوة المقاومة أصلا ، ولكن كان للمسلمين دين رحيم ينص على أن الإسلام دين السلام والأمن والشورى , فلا مجال إذن لشلالات الدم ولا المجازر التي نراها يوميا على شاشات التلفاز , والتي إن جسدت فإنما تجسد حقيقة الصليبيين القدماء والجدد والذين لم يفلحوا في حملاتهم التي حملت معها أحلام الأمن والحضارة والرفاهية للنصارى في الوطن العربي , وتركت وراءها الأرامل واليتامى والمشردين الحاقدين على تلك الهمجية في التعامل مع الإنسان أينما كان ...
وها هم أحفاد الفاتحين الجدد في العراق وأفغانستان يطلقون النيران القاتلة يوميا بدم بارد بدعوى التوتر والإجهاد والخوف من المجهول على كل ما يمر في طريقهم , وليس يعنيني هاهنا أن أتساءل عن كيفية شعور الأمريكان نحو تصرفات جنودهم في بلاد المسلمين , فقد قلتها وكررتها قبل الحرب على العراق وإلى الآن : ففي اللحظة التي يطلق فيها النــار على أول جندي أمريكي , سوف يصنف كل العرب والمسلمين في خانة أعداء الحضارة الأمريكية.