التنبيه على خطأ مشهور في الأذكار بعد الصلاة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد
لقد إشتهر لدى كثير من المسلمين ووجدته مكتوبا في بعض كتيبات الأذكار وفي ما يوضع من لوحات في المساجد أنّ من السنة في الذكر بعد الصلاة ( قراءة المعوذات بعد كل صلاة مرة واحدة إلا الفجر والمغرب فتقرأ ثلاث مرات )
ولما كان هذا خلاف ما تدل عليه الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أعلم أردت التنبيه على ذلك فأقول مستعينا بالله وحده :
السنة الصحيحة في ذلك هو ( قراءة المعوذات بعد كل صلاة مرة واحدة ) من غير أن تستثنى صلاة الفجر والمغرب من ذلك لعدم ورود دليل في تثليث القراءة بعدهن فقد قال عقبة بن عامر رضي الله عنه : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة . وفي رواية بالمعوذتين . رواه أبوداود ( 1523 ) الترمذي ( 2903 ) والنسائي ( 1336 ) وأحمد ( 795 / الفتح الرباني )وغيرهم وصححه الألباني رحمه الله
فحديث عقبة ظاهر في أنه لا فرق بين الصلوات الخمس في قراءة المعوذات بعدهن
فمن قال بالتثليث بعد الفجر والمغرب فقد غلط ، ولعل ما حمله على ذلك هو حديث عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال : خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال : قل . فلم أقل شيئا . ثم قال : قل . فلم أقل شيئا . ثم قال : قل . فقلت : يا رسول الله ما أقول ؟. قال : قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء . رواه أبو داود ( 5082 ) والترمذي ( 3828 ) وحسنه الألباني رحمه الله
فقد جمع من قال بالتثليث بين الحديثين وجعل محلهما واحدا ، وليس الأمر كذلك ، فليس في حديث إبن خبيب ذكر الصلاة وإنما ذكر الصباح والمساء ، وظاهر أن حديث عقبة في الأذكار بعد الصلاة وفيها جعله المصنفون في الحديث وفي كتب الأذكار وعمل اليوم والليلة ، وأما حديث إبن خُبيب فهو في أذكار الصباح والمساء وفيها ذكره أبو داود في باب ما يقول إذا أصبح من كتاب الأدب في سننه ، وكذا من صنف في الأذكار وعمل اليوم والليلة
ومما يدل على ذلك أن محل أذكار المساء يبدأ من بعد العصر كما حققه إبن القيم رحمه الله وهو قول شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله ، فالمشروع هو قراءة المعوذات ثلاث مرات في ذلك الوقت وليس بعد صلاة المغرب
وكذلك على قول من قال إن المساء وأذكاره يبدآن بعد غروب الشمس فإن من جمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير كان له قراءة المعوذات بعد الغروب وقبل الصلاة لأن حديث إبن خبيب فيه ( حين تمسي )
وكذا المرأة إذا لم تصل كان مشروعا لها تثليث المعوذات صباحا ومساء
فالذي يدل عليه الحديثان أن السنة قراءة المعوذات بعد كل صلاة مرة واحدة فقط لا يُستثنى من ذلك صلاة الفجر والمغرب ، وأن السنة في أذكار الصباح والمساء أن تُقرأ المعوذات ثلاث مرات
فمثلا من قرأ المعوذات بعد صلاة الفجر مرة واحدة سُنّ له أن يأتي بعد إنتهائه من أذكار الصلاة بقراءة المعوذات ثلاث مرات ، وكذا من قرأ المعوذات ثلاث مرات في وقت المساء من العصر كانت السنة له أن يقرأهن مرة واحدة بعد صلاة المغرب
وأما التلفيق بين الحديثين وبين السنتين وجعلهما سنة واحدة فهو غلط
هذا ما تبين فإن يكن صوابا فمن الله وحده
وإن يكن خطا فمني ومن الشيطان
والله ورسوله بريئان منه
والله أعلم


الكاتب: صالح الشمري
التاريخ: 20/04/2009