العلاقة بين الجهاد و النفاق

 

http://www.9ll9.com/up/uploads/4b3fad10ac.gif



العلاقة بين الجهاد و النفاق
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
المتتبع لكتاب الله بتفهم و تدبر يجد أن هناك رابطا قويا بين وجود الجهاد و ظهور النفاق و بدوه .
قال تعالى {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ }محمد20
و قال تعالى {وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ }التوبة86
و قال تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً }النساء77
و في الحديث الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق ) .
و الحق أن ترك الجهاد ليست العلامة الوحيدة التي تقوم بالمنافق فهناك علامات أخرى ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم كما قال {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء142
و في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع من كن فيه فهو منافق خالص ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ) .
و في الحديث الصحيح الآخر عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان "
و لكن ترك الجهاد هي أعظم علامة على الإطلاق فاضحة للمنافقين و كاشفه لسترهم و مبديه لسرائرهم .
و السبب أن الجهاد هو أعظم سبب على الإطلاق يفضح الله به المنافقين أن الجهاد هو ذروة سنام الإسلام و الوصول إلى الذروة يحتاج جهد و تعب لا يوازيها تعب و لا يصل إلى هذه الذروة إلا من تيقن بأن هذه هي الذروة لا غيرها فيسعى إلى الوصول لها مهما كلف الثمن حتى لو كان الثمن حياته و ماله كله ثم لا يصل إلى هذه الذروة إلا من كملت إرادته فهذا هو الذي أبكى الصحابة كما قال تعالى عنهم {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ }التوبة92
فهؤلاء علموا علم اليقين حقيقة هذه الذروة و ما يترتب على الوصول إلى هذه الذروة و كملت إرادتهم للوصول إلى هذه الذروة و لكن لم تكمل قدرتهم فعذرهم الله تعالى {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً }الفتح17
و مع ذلك لهم الأجر لكمال هذه الإرادة كما في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال إن بالمدينة لقوما ما سرتم من مسير ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم فيه قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال وهم بالمدينة حبسهم العذر ) .
فالله تعالى لما علم ما في قلوب هؤلاء من الصدق و أنهم لو وجدت عندهم القدرة لخرجوا للجهاد أثبت لهم أجرهم مع أنهم لم يقاتلوا مع المسلمين .
و المنافقون مع أن بعضهم خرج مع النبي صلى الله عليهم و لكن لما علم الله تعالى منهم أنهم ما خرجوا إلا خوفا من سيف المسلمين أو رياء و سمعة لا إرادة وجه الله كما قال تعالى عنهم ( وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) التوبة .
و قال عنهم {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }التوبة47
جعلهم الله تعالى من أهل الدرك الأسفل من النار قال تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }النساء145
فهذه الذروة لا يصل إليها خبيث النفس و المعتقد خنيث الهمة مع كمال غناه و قدرته فهؤلاء ليسوا بأحق بها و لا أهلها فهؤلاء أهل الحضيض من الدنيا قال تعالى عنهم {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الأعراف176
قال تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة216
و الكراهه هنا الكراهه النفسية لا الشرعية فالنفوس تركه ما يشق عليها خاصة إلا تعلقت المشقة بإزهاق الأنفس و بذل الأموال .
فالله تعالى هو خالق هذه النفس و يعلم ما يشق عليها و ما تستطيعه فأمرها بالجهاد و هو يعلم أنه يشق عليها و لكن تستطيعه و رتب على العمل بهذا الأمر أعظم الأجر كما قال تعالى ( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70) النساء
ففي هذه الآية ذكر الله تعالى من الفضل العظيم من الله تعالى المترتب على الخروج في سبيل الله و قتل النفس من أجل إرضاء الله تعالى و من عدل الله أن من لم يعمل بهذا الأمر لا يستحق هذا الفضل بل مفهوم هذه الآية أن من لم يعمل بهذا الأمر ليس من أهل الثبات على هذا الدين و ليس من المهتدين ولا هو رفيق للنبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين فلم يبق إلا أنه رفيق للمنافقين و الكافرين .
فهؤلاء المنافقون همهم متعلق بالسفول بالدنيا التي هي كاسمها لذا لما كان الجهاد يقطعهم عن هذه الدنيا كان أكره شئ لهم الجهاد قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }التوبة38
و قال {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }التوبة81
و قال {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }الفتح11
و إذا رأوا المؤمنين رجعوا سالمين غانمين أرادوا أن يشاركوهم غنائمهم لأن هذا همهم و لو لم يخرجوا معهم لقتال الكفار {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً }الفتح15
و قال ( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) النساء .
و قال {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }النساء141
فهذه حقيقة المنافقين لا يريدون أن يجاهدوا بأنفسهم و أموالهم إما لأنهم حقيقة لا يعتقدون ما يعتقده المسلمون من وجوب قتال الكفار طلبا و دفعا أو أنهم يعرفون هذا حق المعرفة و لكن بخلوا بذلك ظنا منهم أن هذا هو انفع لهم و أصلح قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد
و قال تعالى {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }آل عمران180
و هذه الآيات في النفقات الواجبة و من أعظمها الإنفاق في سبيل الله .
فهؤلاء المنافقون لما رأوا أن الصولة اليوم للكفار و المرتدين وقفوا في صفهم و حزبهم و هذا هو دأبهم و حالهم و ليس بغريب عنهم و لكن العجب ممن يدعي الجهاد و نصرته بلغ به من السذاجة مبلغها و لا يزال يحسن الظن بمثل هؤلاء المنافقين و لا عجب فإن هذا الصنف كذلك وجد في زمن النبي صلى الله عليه و سلم كما قال تعالى {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }التوبة47
ففينا اليوم من يسمع لرؤوس النفاق اليوم و غره كبر عمائمهم و تلاوتهم لآيات الله و زخرفة الإعلام لهم فلنحذر أشد الحذر من الوقوع في هذا المنزلق الخطير فنجعل هؤلاء المنافقين من أهل العلم الذين يرجع لقولهم و يأخذ برأيهم فهم و الله كالغربان فلا يدلون قومهم إلى على الجيف و الميتات .
فهذه الدول أعرضت عن دين الله كله منذ أمد بعيد و هؤلاء المنافقون يعلمون هذا علم اليقين فتركوا ما أمرهم الله تعالى من بيان الحق و الصدع به كما أمرهم الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159
فلعنهم الله تعالى و طردهم من رحمته فما كان منهم إلا أن كانوا من حزب الشيطان فعاقبهم الله تعالى بأن أعقبهم نفاقا في قلوبهم لتركهم ما أمرهم الله تعالى به من الصدع بالحق و إظهاره ثم أنهم بدأوا يسوغون للمرتدين باطلهم و يدافعوا عنهم بما لا تستطيع الجيوش الجرارة الدفاع عنهم بهم فلبسوا على الناس دينهم و كتموا الحق فأصبحوا من المغضوب عليهم الذين يعرفون الحق و يكتمونه و يظهرون خلافه {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }البقرة146
و قال {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }آل عمران71
فأصبحوا يدافعون عن الطواغيت بما لا يحسن الطواغيت الدفاع به عن أنفسهم .
فمن السفه اليوم السكوت عن مثل هؤلاء بل من السفه عدهم من أهل العلم الموثوق بهم الذين يرجع لقولهم و رأيهم في دين الله بل من الواجب وصفهم بما وصفهم الله تعالى من النفاق و الكفر الأكبر رضي من رضي و أبى من أبى .
فمثل فمثل هؤلاء كانوا في زمن النبي صلى الله عليه و سلم مدحورين صاغرين يظهرون الإسلام و يبطنون الكفر فمن ظهر منه شئ من كفره أخذه سيف الإسلام و منهم من يرجع إلى الإسلام بتوبة أو لا يثبت عليه مع نفاقه و يتخذ يمينه جنة للدفاع عنه نفسه قال تعالى {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ }المائدة53
و قال {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }المنافقون2
و قال {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }المجادلة16
و هؤلاء اليوم يظهرون نفاقهم جهارا نهارا لما علموا أن الصولة للكفار و المرتدين و إن طالت بنا حياة لنرين هؤلاء يفعلون كفعل إخوانهم في زمن النبي صلى الله عليه و سلم .
و الكلام عن هذه الطائفة البغيضة يطول و هو من الأهمية بما قد يغفل عنها كثير من المشايخ و طلبة العلم بل عامة المسلمين فهذه الطائفة هي التي قال الله تعالى عنها {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }المنافقون4


--------------------

لا يعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف رجاله
أخوكم / عبد الرحمن بن طلاع المخلف


الكاتب: ابو عبيدة
التاريخ: 07/02/2007