ما نريده من الثورة |
|
ما نريده من الثورة
بقلم : محمد كساح
من الطبيعي أن نقول إن الحراك الشعبي الذي قام به شعبنا الأبي ، في كل أنحاء سورية ، ليس مجرد انتفاضة مؤقتة ترضى فقط بإسقاط نظام القمع و الاستبداد والسعي لإزالته و رموزه ، من الحكم و إنما هو ثورة 0000 بكل ماتحمله هذه الكلمة الكبيرة من معان الاستيقاظ و الانتفاض و النهضة ، النهضة أيضا بكافة مجالاتها الدينية و الدنيوية ، السياسية و الاجتماعية ،العلمية و التربوية ،العسكرية و الاقتصادية0
إن مانريده من الثورة لا ينحصر في نقطة الإصلاح السياسي و الديمقراطي ـ وإن كان هذا الهدف من أعظم أهداف هذه الثورة ـ بل يتعدى إلى الإصلاح المعيشي و الاقتصادي و العلمي و الصناعي و الزراعي ، إلى آخر هذه القائمة الطويلة العريضة ، من مرافق الحياة و مجالاتها الدنيوية و الدينية ، و التي امست منذ خمسة عقود، وسوس الفساد ينخر فيها ، فيهد قواها ويميت عزيمتها و يشل أركانها ، حتى آضت إلى ما نحن عليه اليوم من ويلات الاستبداد و امراض الفساد و التحكم برقاب العباد0
إن ما نريده من الثورة أن تحيي القلوب الميتة ، و تزكي النفوس المتعبة ، و تزهر في قلوبنا الأمل ، و تغرس في حياتنا الجد و العمل، حتى ( ننهض ) كلنا ، يشد أحدنا بعضد أخيه و نبني مستقبلنا الذي أراده الله لنا و أردناه 0000 ذلك المستقبل الذي يحيا فيه الإنسان بجنب أخيه الإنسان ، حياة كريمة عزيزة يملؤها الحب و الرضا ، و تكون فيها الحرية بكافة أنواعها ( الصحية ) عامة لكل إنسان 0
إن مانريده من الثورة أن تكون الدرجة الأولى من سلم صعودنا إلى القمة ، و ارتقائنا نحو العلياء ، فهي كانت و ستبقى المشعل الذي ينير لنا الطريق ، و النجم الذي يهدينا نحو الدرب 000 درب التقدم و النجاح0
إن ما نريده من الثورة أن تكون النافض عنا غبار الذلة ، الذي بتنا نعيش فيه منذ خمسة عقود ، و الناهض لعزيمتنا التي خارت منذ ذلك الحين ، و جبنت عن لقاء المصاعب و مناجزة الاعداء 0
ما نريده من الثورة حقا أن تكون لنا ككل الأمم المتطورة ، صناعة قوية ننافس بها الأمم حولنا 0000 و مصانع نبنيها ( بسواعدنا ) تنتج سلعا نصنعها ( بأيدينا ) و لكم تقر أعيننا ، حين نقرأ على السلعة ، و نحن نقلبها بين أكفنا هذه العبارة ( صنع في سورية ) أجل و بكل فخر صنع في سورية 0
إن ما نريده من الثورة أن يكون لنا جيش وطني نصارع به الأعداء ، و نحمي بهمته الديار، و فيثق الناس بإخلاصه و وطنيته ، و يخاف العدو قوته و بطشه ، لقد مل شعبنا الجيوش التي بنيت لا لشيء إلا لاضطهاده و تعذيبه ، و إذاقته من كؤوس الهوان ، و سياط الذل ، و هو يتطلع إلى جيش حر وطني، مدرك لوظيفته التي أناطها به الشعب ، و قادر على تحمل المسؤولية التي حمله الله إياها و الأمانة التي وكله بها 0
ما نريده من الثورة إصلاح الحياة النفسية و الروحية التي أمرضها نظام الاستبداد ن فأذهب رونقها ، و أزال نضارتها حتى استحالت إلى حياة تعيسة 0000 بائسة 00و حتى اصبحنا نعيش في شقاء ما بعده شقاء 0
ما نريده من الثورة ان ننهض جميعا 0000 أجل جميعا 000 لا يتخلف عن هذه النهضة أحد ، فنصلح أنفسنا ، و نصلح مجتمعنا ، و نصلح اقتصادنا و سياستنا و مرافق حياتنا الدنيوية و الأخروية ، حتى نغدو امة قوية متماسكة ، تنشر الخير في الأرض ، و تبث في هذا العالم ( البائس ) روح الأمل و نور الأخلاق 0
و كما كنا من قبل أذلة مستضعفين ، نعيش في مستنقع ـ بل مستنقعات ـ من الجهل و الظلم و الفساد 00000 سوف نصبح بإذن الله أعزة أقوياء ، ننعم في حياة قوامها : الخير و النور و الحرية ، وصدق الله العظيم ( و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة ، و نجعلهم الوارثين )