هل تنصر ثروت الخرباوي؟! 2 |
|
هل تنصر ثروت الخرباوي؟! 2
المفكر الإسلامي الدكتور محمد عباس
نعود إلى هذا الكتاب العجيب.." سر المعبد" لثروت الخرباوي والذي فاز بالجائزة الأولى لمعرض الكتاب فكان تعليقي لا يمكن أن يحدث هذا إلا إذا كان من يتخذ مثل هذا القرار حمار...!!
شككت على الفور أنه قد يكون من نوع كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين والإسلام وأصول الحكم لعلي عبد الرازق.. وأن مؤلفي هذين الكتابين قاما بأداء دور البطل بينما كانا مجرد كومبارس كُتب الكتاب لهما لأن من كتبه لا يجرؤ على المواجهة..
وربما كان في الأمر ابتزازا بفضيحة أو غواية بمنصب أو مال.. وربما كان عداء مجردا للإسلام ففي مثل هذه الحالات تضيع الحقيقة في ضباب الشبهات وأضابير المباحث وأروقة المخابرات..
***
وعلى سبيل المثال كان قاسم أمين مجرد الواجهة الضعيفة لحركة تحرير المرأة.. رجل العصابة الأضعف الذي يضعونه في المقدمة كي يحمل وزر الفضيحة والعار بل و يسجن إذا تأزمت الأمور بدلا من الزعيم الحقيقي..
لقد نبتت أفكار كتاب تحرير المرأة في رأس الشيخ محمد عبده. (راجع كتاب المؤامرة على المرأة المسلمة د. السيد أحمد فرج وكتاب عودة الحجاب الجزء الأول، د.محمد أحمد بن إسماعيل المقدم)..
بقية أفراد العصابة من الأقوياء الذين تستروا خلف قاسم أمين كانوا سعد زغلول، زعيم حزب الوفد المصري، الذي أعان قاسم أمين على إظهار كتبه وتشجيعه في هذا المجال ..
وأيضا لطفي السيد، الذي أطلق عليه أستاذ الجيل وظل يروج لحركة تحرير المرأة على صفحات الجريدة لسان حال حزب الأمة المصري في عهده.
ثم صفية زغلول، زوجة سعد زغلول وابنة مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء في تلك الأيام وأشهر صديق للإنكليز عرفته مصر.
بعد ذلك تأتي هدى شعراوي، ابنة محمد سلطان باشا الذي كان يرافق الاحتلال الإنكليزي في زحفه على العاصمة وزوجة علي شعراوي باشا أحد أعضاء حزب الأمة (حالياً الوفد) ومن أنصار التحرير.
ثم يأتي بعد ذلك مجموعة من الفاشلات التي انتهت حياتهن نهايات فاجعة مثل سيزا نبراوي واسمها الأصلي زينب محمد مراد، وهي صديقة هدى شعراوي في المؤتمرات الدولية والداخلية وهما أول من نزع الحجاب في مصر بعد عودتهما من الغرب إثر حضور مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923م.
ودرية شفيق، وهي من تلميذات لطفي السيد، رحلت وحدها إلى فرنسا لتحصل على الدكتوراه، ثم إلى إنكلترا، ولما عادت إلى مصر شكلت حزب بنت النيل في عام 1949م بدعم من السفارة الإنكليزية والسفارة الأمريكية .
يتكلم الدكتور محمد إسماعيل المقدم في كتابه العمدة:"الحجاب" عن قاسم أمين فيذكر عنه أنه
.. سافر إلى فرنسا ليتم تعليمه هناك، وتأثر جداً بالإقامة في فرنسا، حتى إنه صرح بأن أكبر الأسباب في انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة والتمثيل والتصوير والموسيقى، فبعدما كان الناس يقولون: مصر أم الدنيا.
أصبح في باريس يقول: مصر خادمة الدنيا يعني أنها تستحق أن تسمى خادمة الدنيا، وتعرف على صديقة فرنسية تدعى سلافا ، فكانت تصحبه إلى المجتمعات الفرنسية، وتقرأ معه في كثير من الكتب ومن هنا بدأ يضطرب قاسم أمين ، ويدافع عن الإسلام دفاعا هو للذم أقرب، فيقول له: إن الإسلام دين خلقي لا يقل عن المجوسية ولا عن المسيحية، وإن روح القرآن لا تختلف عن الروح الإنجيلية! ويقول: ولهذا كان أمام مصر طريقان: العودة إلى تقاليد الإسلام، أو محاكاة أوروبا، وقد اختارت الطريق الثاني، إنها قد خطت اليوم بعيداً في هذا الطريق حتى ليصعب عليها الارتداد عنه، ولكن قاسم أمين كتب ما أغضب نازلي فاضل في صالونها الشهير وكان من رواد هذا الصالون سعد زغلول والشيخ محمد عبده وغيرهم.
وقد غضبت جداً من قاسم وقالت قولاً شديداً بعد أن تهددت وتوعدت، وأمرت جريدة المقطم الناطقة بلسان الإنكليز أن ترد على قاسم أمين وتفند أخطاءه، لكن اقتنع قاسم أمين بضرورة تصحيح خطئه، واتفق معه سعد زغلول و محمد عبده على أن ينشر كتاباً يصحح فيه خطأه، ويؤيد فيه الدوق داركير ، ويواصل مناصرته لكتاب (المرأة في الشرق) لمرقص فهمي.
فهذه هي الظروف التي ولد فيها كتاب قاسم أمين (تحرير المرأة)، وكان الذي توسط بين الأميرة وبين قاسم أمين هو -للأسف الشديد- الشيخ محمد عبده ! فتقدم قاسم أمين بالاعتذار إلى الأميرة وقبلت اعتذاره، وظل يتردد على صالونها، ووضع كتابه الأول الذي هو (تحرير المرأة)، وفي هذا الكتاب ألغى الأفكار الدفاعية التي دافع فيها عن الإسلام في كتابه (المصريون) واتجه منحىً آخر، فيقول مثلاً: فالتركي نظيف صادق شجاع، والمصري على ضد ذلك، إلا أنك تراهما رغماً عن هذا الاختلاف متفقين في الجهل والكسل والانحطاط، إذاً لابد أن يكون بينهما أمر جامع وعلة مشتركة هي السبب الذي أوقعهما معاً في حالة واحدة، ولما لم يكن هناك أمر يشمل المسلمين جميعاً إلا الدين ذهب جمهور الأوروبيين وتبعهم قسم عظيم من نخبة المسلمين إلى أن الدين هو السبب الوحيد في انحطاط المسلمين وتأخرهم عن غيرهم! وقد تناول في كتابه مسألة الحجاب، واشتغال المرأة بالشئون العامة، وتعدد الزوجات، والطلاق، وفي كل هذه المسائل يأخذ بما يذهب إليه الغربيون!.
وظل يتكلم كلاماً فقهياً، غير أنه من المعلوم والمشهور أنه كان ضحلاً جداً في الناحية الشرعية، ولم يكن عنده أي علم على الإطلاق، ولذلك اتفق كل من أرخ للكتاب على أن الفصول التي تناولت مناقشة القضايا الشرعية كتبها له الشيخ محمد عبده !
وقد علق الشاعر أحمد شوقي على دعوة قاسم أمين فقال:
ولك البيان الجذل في أثنائه العلم الغزير..
في مطلب خشن كثير في مزالقه العثور..
حتى لنسأل هل تغار على العقائد أم تغير
ما بالكتاب ولا الحديث إذا ذكرتهما نكير
والغريب أن في نهاية كتاب قاسم أمين "تحرير المرأة" شاء الله تعالى أنه ختم آخر سطر في الكتاب بقوله: تم كتاب (تجريد المرأة)، وهو خطأ مطبعي، لكن معناه صحيح.
***
نفس هذه المعاني تنطبق على كتاب علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم..
ولقد قال الكاتب المصري محمد عمارة في ندوة (في الفكر النهضوي الإسلامي) عقدت مؤخرا بمكتبة الإسكندرية إن الكتاب «شركة بين طه حسين وعلي عبد الرازق.».
وأضاف في إحدى جلسات الندوة أن هناك عدة قرائن على أن عبد الرازق ليس مؤلفا للكتاب منها قول طه حسين إنه قرأ مسودة الكتاب ثلاث مرات، وأضاف إليه وحذف منه وهذا في رأي عمارة كاف لإثبات أن عبد الرازق «ليس وحده مؤلف الكتاب» الذي أدى إلى فصله من عمله عام 1925 وخروجه من «زمرة العلماء» بعد محكمة تأديبية عقدها له الأزهر.
***
في ظلال هذه الأفكار وما سواها في كهوف التاريخ المظلمة للعداء للإسلام وما تحويه من خسة البعض وغرابة الخيانات والكفر والردة والتنصر وألاعيب الكنائس بدأت أقرأ كتاب ثروت الخرباوي الثاني "سر المعبد" بعد قراءتي لكتابه الأول :"قلب الإخوان" وإدراكي من المقارنة الأسلوبية أن كاتب الكتابين لا يمكن أن يكون واحدا..
وأن الكتاب الأول يحمل ركاكة فكر وأسلوب ثروت الخرباوي أما الكتاب الثاني فيحمل بصمات محترفين أغلب الظن أنها الورشة المعروفة حيث يكتب كتاب غير مشهورين لكتاب أكثر شهرة أو لصالح أجهزة الأمن التي تستدعي عملاءها لوضع أسمائهم على الغلاف.
ولقد كتبت عن مثل هذا عندما أخبرني به العقيد محمد الغنام فك الله أسره. لكن الملحوظة الثانية هي عدم تجانس الكتاب من ناحية ووجود تناقضات صارخة به من ناحية أخرى.. مما يدل على أن أصابع كثيرة عبثت في هذا الكتاب (أصابع..أقولها نكاية في كل داعر أو داعرة أخذها من خطاب الرئيس مرسي وشوه معناها بطبيعته الخسيسة القذرة) ولقد اختزلت الأمر اختزالا قد يكون مخلا حين حصرت المشاركين في الكتاب بأفكار الخرباوي وأصابع الورشة ولمسات ضابط أمن دولة وقسيس..كما أن تاريخ نشر الكتاب لا تخفى دلالته..
لقد حدثت أحداثه كلها قبل عشرة أعوام وأكثر.. فلماذا تأخرت طبعته الأولى إلى نوفمبر 2012.. وهل هذا التاريخ وليد صدفة عمياء أو مؤامرة حمقاء..
من الجلي أن الكتاب نشر على عجل لمواجهة الإخوان المسلمين عموما ولتشويه الحركة التي يرأسها رئيس الجمهورية المسلم والذي طبع الكتاب بعد انتخابه على الفور إذا قدرنا أن أعمال الورشة ومراجعة القسيس ولمسات الضابط تستغرق ثلاثة شهور على الأقل..
ومن هنا أنشب التساؤل مخالبه في قلبي: هل هذا الكتاب مثل سابقيه: تحرير المرأة والإسلام وأصول الحكم..
هل هو جزء من المؤامرة الخسيسة ضد الإسلام..
ثم أن مستوى الكتاب بسبب أخطائه المنهجية شديد التسفل والتدني.. فإذا حصل على مركز أول فربما يكون هذا –بعد
هذا كان تصوري للأمر.. وربما أكون مخطئا لذلك أرجوكم يا معشر القراء مشاركتي في قراءته..
***
"في صفحة 11 من كتاب سر المعبد يصف الخرباوي حالته بعد أن ضربه رجال الأمن ضربا كاد يزهق روحه.. ويلاحظ أن وجوههم تشبه وجوه أهله الطيبة في الريف لكنهم يلبسون أقنعة وحوش .. تحت وطأة الضرب تنفصل روحه عن جسده.. تعلو في السماء لتراقب ما يحدث من أعلى..فترى جسده يتلقى ضربات لا يشعر بها..أليس هو الموت؟!.. لكنه يشعر أن روحه ما تزال مرتبطة بجسده ويشعر بصفاء غريب ورأى نفقا انفتح في السماء فجأة وأطل منه نور غير النور الذي نعرفه(صـ12) يقترب من النفق النوراني الغريب..."
بيد أن ثروت الخرباوي لا يموت في المظاهرة وليته فعل!!....
إنه يعود إلى الحياة مكرسا ثقافات اللاهوت عن الاحتضار والموت والآخرة.. فهنا نفق نور غريب وليس ملكين يحاسبان وعذاب قبر وطلوع روح في كبد.. وهو يشرف على الآخرة ثم يعود متجاهلا آيات القرآن..(فكرت أن أورد الآيات الدالة لكنني نكصت.. لأن من لا يعرف جدول الضرب لن يفيده أن تستشهد بجداول اللوغاريتمات الأرقى والأعقد من جدول الضرب
*** ).
يظل الخرباوي مقعدا بعد العملية الجراحية التي أجراها بسبب إصاباته شهورا .. هذه الإصابة التي هشم فيها ركبتيه جنود من خير أجناد الأرض (تذكروا أن ثروت الخرباوي وليس زكريا بطرس هو الذي يكتب)
ويواصل الخرباوي عليه من الله ما يستحقه السخرية من الحديث النبوي الشريف فيقول: إن الخيرية التي قصدها الرسول صلى الله عليه وسلم ليست خيرية القوة أو القسوة أو البراعة أو الذكاء ولكنها خيرية الطاعة العمياء للأوامر حتى عندما تخالف طبيعته الإنسانية.. إنها خيرية لا فضل لجندي على جندي إلا بالطاعة وإنه كالميت بين يدي مغسله يقلبه كيف يشاء..ص 13.. مرة أخرى هو الخرباوي وليس زكريا بطرس.
كبرت كلمة تخرج من فيه إن يقول إلا كذبا..
يواصل زكريا بطرس.. عفوا ثروت الخرباوي أن جنود الإسلام مثل أولئك الجنود كل واحد منهم بين يدي مرشده كالميت يقلبه كيف يشاء..
هل أدركت أيها القارئ إذن أن ثروت الخرباوي يسخر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
لكن هناك فارقا مهما بين مشاعر الخرباوي تجاه الجندي الذي يعذبه وتجاه جنود الإسلام الساعين إلى الخلافة..
يقول فض فوه وبورك لاعنوه: سترغمك مشاعرك الطيبة على أن تحب جندي الأمن المركزي الذي انهال عليك ضربا وجندي الشرطة وأمن الدولة الذي أطلق عليك الرصاص فهم يسمعون ويطيعون لأنهم ليس لهم في الأمر حيلة (إنه هنا يكرر بالضبط ما يقوله المنصرون لحثالة المتنصرين) ويواصل صـ14 : وبقدر قسوتهم معك سيكون حبك لهم وستعذرهم حتما فهم يظنون أنهم يصلحون حال البلد وينقذونه من تلك الطغمة الشريرة(...) سيرغمك الحب على أن تحبهم لأنك إنسان وقد خلق الله الإنسان لكي يحب، فإذا زادوا في كراهيتهم زد في حبك وذات يوم سيعلمون أن الإسلام هو الحب..
يا خرباوي خلقنا الله لكي نعبده لا لكي نحب.. خاصة عندما يكون مفهوم الحب الذي يقصده أصحابك قذرا وملامسا للفسوق أو الكفر.. ..
يا خرباوي.. لماذا لم تبدأ كتابك بتمجيد الثالوث كي يعرفك الناس؟
***
صفحة 15 يدخل الخرباوي عالم الأساطير الوثنية والمسيحية فيشرح من خلالها كيف دخل وكيف خرج من الإخوان.. وأنبه القراء هنا أن أمريكا وأحمد شفيق ومباحث أمن الدولة حينما كانت تهاجم الإخوان لا تهاجمهم لصالح السلفيين مثلا.. وإنما هي تخدع الآخرين وتوهمهم أنها لا تهاجم الإسلام بل فصيلا منحرفا منه.. إنها تقنع الثور الأسود أن يوافق على التضحية بالثور الأبيض كي يخلو له الجو...
يشبّه الخرباوي تنظيم الإخوان بأنه وسيلة لتكبيل العبيد.. مثل كونتا كونتي.. إن عبودية الإخوان أقسى من عبودية كونتا كونتي..إنها تشبه الشيطان في قصة فاوست (ولاحظوا أن معظم استشهادات الخرباوي من الأساطير الإغريقية والمسيحية).. لقد دفعته –أي الخرباوي- عاطفته الدينية للانضمام لسلاسل العبيد لكي يسوقه الراعي بعصا الدين وما أحكم طاغور حين انتقد من يرفعون رايات الفضيلة ليجعلوها حائطا بينه وبين حريته..
مرة أخرى.. ثروت الخرباوي وليس بوذيا هو الذي سيكتب..
إنه يستشهد بـستيفن كينج: في روايته وداعا شاوشنك والتي تحولت إلى فيلم سينمائي بطولة (فلان.. وفلان.. وفلان حيث ظل البطل مثله سجينا عشرين عاما فظن أن السجن هو الحياة ولا توجد خارجه حياة.. كذلك جماعة الإخوان المسلمين سجن بشري لا يحفل كثيرا بقيمة الحرية لا يحفل كثيرا بقيمة الحرية.. يستحقون الرثاء من عاشوا في الظلام ويخافون من النور..من يقبعون في أقبيتهم وسراديبهم الضيقة وهم يحسبون أن الطريق إلى الدين والفضيلة لا يكون إلا من خلال الأقبية والسراديب المغلقة..!!! ص 18
***
تصورت أنني سأجد توقيعا لجبهة الإنقاذ تحت الفقرة السابقة.. أو أن مرجعها فيه محمد أبو حامد أو أحمد شفيق أو عمر حمزاوي أو على الأقل عمار على حسن!!!
***
لاحظوا أن الخرباوي لا يستدعي القرآن والأحاديث إلا قليلا.. ويستدعيها استدعاء النصارى ليغلفها بالسخرية المستترة والاستنكار..(راجع تفسيره لخيرية الجندي المصري) ..في نهاية نفس الصفحة يستدعي لامارتين صـ18.. ومن الواضح حتى في بداية الكتاب أنه :"قص ولصق" وأنه من عمل مجموعة:"الورشة" وليس من عمل فرد واحد.
في صفحة 22 وما قبلها يروي الخرباوي كيف طرده المستشار مأمون الهضيبي من مكتبه.. ولن يصارحنا إلا بعد صفحات عديدة أن ذلك تم بسبب علاقات مشبوهة ذكرت فيها أسماء مباحث أمن الدولة وعادل حمودة ومجلة روز اليوسف ومقالات نشرها الخرباوي فيها يهاجم الإخوان المسلمين..
***
لنعد الآن إلى إسلام غريب يصفه لنا ثروت الخرباوي أو علماني في ورشته ربما كان قسيسا .. يقول:
يعبدون الله بالفطرة حتى ولو لم يسجدوا أو يركعوا أو يقرءوا القرآن أو يعرفوا أحكام الصيام والحج....
فياله من إسلام طريف بلا صلاة ولا صيام ولا حج وأيضا بلا قرآن..
ياله من إسلام خرباوي غريب..
وهؤلاء لا ينتقدهم الخرباوي.. إنه ينظر إليهم بعين الحب..ألم يخلقه الله لكي يحب.. لكن كمية الحب هذه لا تكفي لكي ينال الإخوان المسلمين نصيبا منها ..
ولذلك فإنه في صفحة 22 يصفهم بصفات لا يمكن أن يقولها إلا ضابط أمن دولة أو قسيس أو نصراني.. يقول:
الآن واحسرتاه..أرى جماعة بلا قلب..هذا هو قلب الإخوان.. مكانه فراغ.. تبخر القلب وتناثر.. لم أظل أسيرا في حبائل تلك الجماعة التي فقدت قلبها..لا خيال ولا إبداع.. أنا من تاقت نفسه إلى سماء بلا حدود مثل طائر الباتروس ...
صفحة 18 و19 يواصل: الإصلاحيون لا يستطيعون التنفس داخل جماعة كتم النفس هذه.. عبد المنعم أبو الفتوح يظن أنه يستطيع الإصلاح ويحاول أن يجمع معه جيل الوسطيين مثل ابراهيم الزعفراني وآخرين لكنهم جميعهم يعيشون على وهم لن يتحقق.. إن الفريق الذي سرق الجماعة يقوم بدوره بنجاح ملحوظ وهم يسحبون الآن كل الملفات التي كان أبو الفتوح مسئولا عنها ..أصبح عبد المنعم يجلس الآن بلا عمل..وأظنه سيستيقظ ذات يوم من حلم الإصلاح هذا على قطار الإخوان وقد ابتعد عنه وتركه وحيدا بلا جماعة..
لن يخبرنا الخرباوي عن أسرار التحولات الخطيرة..لا في داخله ولا في داخل عبد المنعم أبو الفتوح..
لكن المذهل حقا..
المذهل حقا..
المذهل حقا..
أن عبد المنعم أبو الفتوح سوف يتتبع خطوات الخرباوي بعده بعشرة أعوام..
***
عام 2002 يقابل الخرباوي المستشار مأمون الهضيبي بناء على توصية من عبد المنعم أبو الفتوح كي يخففوا من وطأة الهجوم ضده من داخل الجماعة.. ولنلاحظ التاريخ : 2002.. سنعود لذلك فيما بعد.. لكننا نقرر أن الهجوم الإخواني عليه كان بسبب مقالات نشرها في الأعوام الثلاثة السابقة وبسبب تحالفه مع سامح عاشور في انتخابات نقابة المحامين.. وضد قائمة الإخوان المسلمين!!!!!!!!!!!!!!
هل وضحت الرؤية قليلا يا قراء؟؟!!
سامح عاشور..
مقالات طيلة أعوام ثلاثة..
وسوف نفاجئكم بعد ذلك بأسامة سلامة رئيس تحرير روز اليوسف وعادل حمودة وإبراهيم عيسى وسعد الدين إبراهيم.. فلا تتعجلوا!!
***
لا يذكر الخرباوي في البداية موضوع الحوار مع المستشار الهضيبي الإبن بل يخفيه أو يؤجله كأنه عورة.. لذلك يقفز فجأة إلى استيائه مع احتداد النقاش فيقوم الخرباوي لينصرف فيقول له المستشار الهضيبي –طبقا لرواية الخرباوي المشكوك فيها أو عضو الورشة أو ضابط أمن الدولة أو القسيس أو أي واحد من الذين شاركوا في كتابة "سر المعبد":
- - اقعد.. هل تظن دخول الحمام مثل الخروج منه.
كلمة يفهمها أي ابن بلد مصري! ولا يحملها ما لا تطيق.. فهي تعني التحذير أو التنبيه أو الإعزاز والتمسك.. لكن الخرباوي .. لكن القسيس الذي كتب هذه الفقرة يتعمد أن يهين بها جماعة الإخوان ومرشدها ..
يقول القسيس:
- ما دام الرجل يعتبر بيته حماما فكان المفروض أن أدخل بقدمي اليسرى وأقول وأنا داخل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.
من الواضح أن قرار الخرباوي بترك الجماعة كان مسبقا.. منذ بدأ يهاجم الجماعة بضراوة في الصحف.. خاصة الصحف التابعة لأمن الدولة! وربما يكون ضابط أمن الدولة هو من كتب تلك الفقرة أو أخرجها.. بدلا من الخرباوي.. بعد فشل محاولات المستشار الهضيبي في احتواء نشوز الخرباوي يهب واقفا بعصبية كما يصفه الخرباوي قائلا:
- اتفضل يا أستاذ المقابلة انتهت..
***
- أليس غريبا أن أبي الفتوح سيترك الإخوان بعدها بعشرة أعوام..
- فيا للبذور السامة الكامنة في أغوار التربة!!
***
في صفحة 23 يكتب ضابط أمن الدولة –الذي شارك الخرباوي في كتابة الكتاب- عن الإخوان:
.. جماعة فقدت قلبها.. أسوار عالية تمنع الرؤية وتحجب الرؤيا فلا خيال ولا إبداع (تذكروا أن عمرو حمزاوي وصف الجماعة بنفس الوصف منذ شهور.. والمنبع واحد والمصبات تختلف..)
***
يتحول الخرباوي أو من كتب له إلى كاتب حداثي.. والحداثة تعرّف في كلمتين مبهمتين خطيرتين وهما القطيعة المعرفية.. هي القطيعة مع كل الماضي بمقدساته وثقافاته وتاريخه.. هي الضياع في النهاية عندما تتطور إلى "ما بعد الحداثة".. يقول الخرباوي: لم أرضى بالحبس في أسوار عالية تمنه الرؤية وتحجب الرؤيا فلا خيال ولا إبداع..أين كنزي الذي كنت أبحث عنه؟ أين الطريق الذي سيقودني إلى أسطورتي؟؟ أأظل رهينة في محبسهم الوهمي مكبلا بأغلالهم وأنا من تاقت نفسه إلى سماء بلا قيود وأرض بلا حدود.. كطائر الباتريوس الذي يقضي حياته محلقا فوق مياه البحار والمحيطات.. طر أيها الطائر.. غادرهم.. واذهب إلي سمائك.."
هذه الأرض التي بلا حدود هي الحداثة.. بلا حدود ولا مبادئ ولا قيم ولا دين!!
***
في الفصل الثاني وهو بعنوان إيكاروس لم أتمالك نفسي من الهتاف: صدقت يا سيدي ويا حبيبي ويا مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم.."وإذا خاصم فجر"..
ص 26 يقول الخرباوي أو من كتبوا للخرباوي أنه اكتشف أن الإخوان بنوا تنظيمهم على منوال الماسونية.. ولا يقتصر الأمر على هذا لأن سيد قطب نفسه كان ماسونيا (!!!) وكذلك الأستاذ مصطفى السباعي مراقب الإخوان في سوريا.. كان هو الآخر ماسونيا!! ويكتب (ص 28 و 29) حيث يهاجم الجمود..ليس في الإخوان بل في الإسلام كله ولا يستثني إلا واحدا كالإمام الشافعي رضي الله عنه لأنه بدل فقهه ما بين العراق ومصر.. لم يدرك الخرباوي المسكين.. الفقير في العلم أن الإمام الشافعي لم يغير فقهه.. وإنما تغير الواقع فتغير الحكم لأن الفقه تنزيل حكم على واقع. لكنه لا يترك هذا المعنى دون أن يشيد بالنصارى..الذين انقسموا إلى فرق وطوائف وتلك هي طبيعة البشر(!!!)..
لا مجال لأن تناقش الخرباوي بالفقه والتوحيد والربوبية والألوهية والأسماء والصفات.. الخرباوي في ملكوت آخر.. ملكوت يجعله ينظر إلى اختلاف طوائف النصارى بانبهار.. أما الإخوان (لاحظ الحيلة.. فهو يقصد المسلمين جميعا ليستتر خلف كلمة الإخوان) فهم كتماثيل الشمع التي تشبه الحقيقة لكنها ليست هي.. تماثيل شمع كتماثيل مدام تيسو!!
***
هل الخرباوي عبقري؟! أم مجنون؟! أم عميل؟! أم أنه لا يوجد خرباوي.. يوجد ورشة وقسيس وضابط!!
حتى ص 31 لا توجد حقائق ولا أحداث حقيقية بل ترانيم صليبية صهيونية..
هل ألجأ إلى التحليل النفسي كمنهج لفهم ما كتبه الخرباوي؟
هل أفكر في الشيزوفرينيا والبارانويا والشخصية ثنائية القطب..
أم أن الأمر أبسط من هذا بكثير.. وأنني لا أحتاج إلا لمن يكشف لي سر الورشة والضابط والقسيس..
***
الهضيبي كذاب والإخوان ماسونية وسيد قطب والمرشد السوري كلهم ماسونيون!!
هكذا كتب الخرباوي في صحف أمن الدولة مثل روز اليوسف وصوت الأمة..
كان هذا عام 99!! وقبل طرده بثلاثة أعوام..
نعم سوف نفاجأ أن الخرباوي كتب هذا الكلام عن الإخوان عام 1999.. ثم راح يكتب مثله بعد أن توطدت علاقته بالملاك الطاهر ( بالطاء لا بالعين) عادل حمودة..
ينقلب السؤال.. فبدلا من أن نقول لماذا طرده المرشد عام 2002 أصبح السؤال لماذا لم يطرده قبل ذلك بكثير..
***
لماذا لم يطرده مثلا عام 95 وهو يتحدث عن عرض كريم من ملاك طاهر آخر هو اللواء عمر سليمان(!!) بأن تمنح للإخوان حرية الدعوة مقابل التعهد بعدم دخول الانتخابات في دورة واحدة.. وكان الدكتور محمد سليم العوا طرفا مساعدا في هذا العرض وكان يراه عرضا كريما وفرصة نادرة لا تتكرر.. كان سعيدا جدا به.. لكن العبقري –الخرباوي- يهمس له كاشفا سر المعبد أن المستشار الهضيبي لن يوافق.. ويذهل الدكتور العوا حين يأتي رد المستشار الهضيبي بالرفض!..
يريد الخرباوي أن يتهم المستشار الهضيبي.. لكن السؤال لابد أن ينفجر في وجهه كبصقة مفاجئة: ولماذا لم تستقل يومها؟!(ص 39)..
***
لا تقتصر المصائب(!!!!) على المستشار الهضيبي وحده .. لأن الخرباوي العبقري يكتشف أن محمد بديع أيضا كان على علاقة بالأمن..
كان الدكتور محمد بديع معتقلا عام 95.. ومن داخل القفص سأل الخرباوي عن شخص لا يعرفه.. وأجابه الخرباوي أنه المحامي عمرو البليسي.. وهو من الإخوان.. وأجاب الدكتور بديع: الحمد لله أن الضابط لم يتعرف عليه وإلا لكانوا قبضوا عليه هو الآخر.
كان الملاك الطاهر (بالطاء) ثروت الخرباوي يحمل سرا خطيرا.. وهو أن عمر البليسي هذا متعاون مع أمن الدولة ولذلك لم يلق القبض عليه.. لكنه يفاجأ في نهاية الجلسة بالدكتور بديع يصدر له أمرا تنظيميا من داخل القفص
- أنا طلبت منهم أن يكون الأخ عمر البليسي مفوضا من قسم المهنيين..للحضور معكم وتوصيل طلباتكم لمكتب الإرشاد وللمرشد..
- ولا يطيق الملاك الطاهر (بالطاء) صبرا فيصرخ معترضا.. لكن الدكتور بديع يجيبه في حزم:
- ماله البليسي يا ثروت ؟هو أخ فاضل وخبرته كبيرة..
- الفضيحة أن الخرباوي نسي أن الدكتور بديع لم يكن يعرف البليسي أول الجلسة.. فكيف يسند إليه هذا العمل ويمتدحه آخر الجلسة..
- ويعلق الخرباوي بتذكرات مسيحية عن تكرر قصة يهوذا الإسخريوطي..
***
يواصل من كتب للخرباوي هجوما غير منظم لا يعرف الفرق بين السلفيين وأهل السنة والجماعة والإخوان منتقدا أولئك الذين يحرمون الصلاة في مساجد أولياء الله وآل البيت.. وبدون مناسبة إلا أن القلم انتقل ليد القسيس نجده يهاجم استعلاء الإخوان على الآخرين والتباهي بالكثرة وذم كل من هو خارج على الجماعة وكأنهم ليسوا مسلمين والنظر للمسيحيين على أنهم أنصاف مواطنين (ص56)..
لا يستشهد الخرباوي بحديث ولا آية إلا فيما ندر فإذا فعل لا يحقق حديثا..
لا يذكر لنا أمثلة..
لا يواجهنا بأحداث..
الأحداث في ملفات ضابط الأمن وهو يعرفها فلماذا يقولها لنا..
***
ص 55 سوف تواجهنا مفاجأة مذهلة قد تفسر الأمر كله.. فبدلا من أن يقوم المحامي الإخواني الشهير بتعليم الإسلام لضباط الشرطة نفاجأ بالعكس.. إن ضابط الشرطة العميد حسنين يدعو الخرباوي للتعلم منه ..
وفي ص 56 يواصل وصفه لضباط الشرطة بطريقة تؤكد أن العلاقات العامة في وزارة الداخلية هي التي صاغت تلك العبارة: كان الرجل(العميد حسنين) يهز رأسه هزا خفيفا وهو يجري بأصابعه على حبات المسبحة ( قارن ذلك بالوصف الوحشي للمستشار الهضيبي ولزملائه في الإخوان المسلمين) ويفاجئه الشيخ الرباني العميد محسن بسؤال معجز:
- لماذا انحرف حسن البنا عن طريقه الصحيح.
وبعد هذه الجملة الصادمة درس طويل من عميد الشرطة الرباني إلى المحامي الإخواني..
***
في الستينات كان العميد صلاح محيسن هو الذي جند العشرات الذين يحتلون صدارة الصحف والإعلام الآن.. انتقاهم من الحثالة وأقسام الشرطة وعيادات المقاولون العرب ومصانع السجاد بل وأحيانا من المساجين الجنائيين كي يكون ولاؤهم كله له..
***
ص 69 وهي بالتأكيد تالية لصفحة 22 إلا إذا قرأت الكتاب من اليسار لليمين!! يبطل العجب حين نعرف سبب الموقف الذي سيحدث للخرباوي مع المرشد المستشار مأمون الهضيبي عام 2002.. ففي عام 1999 يكتب الخرباوي في مجلة صديقه العزيز المحترم عادل حمودة (!!!!!!!!!!!!!!!!!) الذي عبر عن شهامته ونبله بأنه يختلف مع الإخوان جدا لكنه مع حقهم في الحرية.. وأثبت المقدس عادل حمودة وفاءه لمبادئه على الفور فرحب بنشر مقالات الخرباوي التي يهاجم فيها الإخوان بل والمرشد شخصيا!!
***
يكيل الخرباوي المديح لأشخاص من الإخوان زاعما أنهم يؤيدون فكره حتى لتحسبهم من الملائكة لا من البشر.. وما أن ينشر الخرباوي في الصحف ما تعلمه منهم حتى يكذبون الخرباوي و يستنكرون ما يقوله بشدة فيسقط في غياهب الدهشة والإحباط مستدعيا أساطير الإغريق والنصارى..
على سبيل المثال يتحدث عن عبد الحفيظ سعد وعن جابر حمدي وعن محمد البدراوي وكيف تعلم منهم كل شيء ثم تنكروا لما علموه إياه.. يقول في صفحة 74:
"على قدر حبك لصديقك يكون ألمك فما بالك عندما تكون الضربة الموجعة من صديقين هما الأقرب إلى قلبي..
إن أعز أصدقائه يعكسون اتجاههم ويتنكرون لما قالوه له وينشرونه في الصحف ويرسلون إليه رسالة مهينة مدينة لكنه من فرط الألم يعلن أنه لن يقرأ رسالتهم إليه..يقول:
(ظل الرد عندي مطويا لليوم لم أفضه أو ألمسه صفحة 75 السطر 12) ..
و في نفس الصفحة 75 السطر 17 فإننا نقرأ: (قرأت الرد انغرست كلماته في ذاكرتي.. كانت الكلمات حادة قاسية غاضبة.. ثم يستطرد : إنهما يردان ليدرءا عن أنفسهما )..
خمسة سطور فقد بين النفس والإثبات..
ص 12 لن يقرأ ولن يفتح..
سطر 17 فتح وقرأ!..
***
وفي الصفحات التالية يسرد الخرباوي محتويات الرسالة التي لم يقرأها..!! هذه الرسالة كما قلنا كتبها أعز أصدقائه وأحبابه وهم الذين وافقوا على أفكاره قبل أن ينشرها في روز اليوسف.. ومع ذلك يكتبان له:
".........ماهي الجهة التي دفعتك لكتابة هذا المقال؟ ما سردته في مقالك يصب في مصلحة أعداء الإسلام..أفكارك هي أفكار من ظلوا يحاربون الإخوان لحاجة في أنفسهم.. نقدك غير صحيح.. وقد حركه الهوى والغل..وأنت تتجنى على إخوانك أصحاب الفضل عليك.. ما نسبته لأخينا المستشار الهضيبي محض كذب....توقيع محمد البدراوي وجابر حمدي"
ويعقب الخرباوي:
- حتى أنت يا بروتس..
- لم يبسمل ولم يحوقل..
- لم يهمس حسبي الله ونعم الوكيل..
- لكنه قال: حتى أنت يا بروتس..
***
بعد ذلك سنعرف أصدقاء الخرباوي الجدد.. ابراهيم عيسى وجمال فهمي وعاطف عواد وأيضا المحامي الناصري ياسر فتحي.. يذكر أيضا قيادات حزب الوسط..
ويستشهد الخرباوي برأي الفقيه الطاهر (بالطاء وليس بالعين) إبراهيم عيسى في جماعة الإخوان:
- " طول عمري أقول إن هذه الجماعة جسد ديناصور وعقل عصفور"..
***
في صفحة 82 يواصل الخرباوي اتهام المستشار الهضيبي الابن باتهام لا يمكن أن يرد إلا على لسان ضابط أمن دولة تعود طول عمره على حديث الإفك..
يزعم من كتب هذه الفقرة أن الهضيبي قال في مواجهة فرج فودة عام 1992: "نحن نتعبد لله بأعمال النظام الخاص لإخوان قبل الثورة".. وهذه الجملة يمكن أن تكون صحيحة في سياق أعمال النظام الخاص ضد اليهود في فلسطين وضد الوكالة اليهودية في مصر وضد الانجليز في قناة السويس بل ومساعدتهم البطولية للجيش المصري في حرب فلسطين ..
لكن يبدو أن الخرباوي يحاول أن يجرف معنى الكلمة لبعض التصرفات الشاذة التي استنكرها الشهيد بإذن الله حسن البنا والمستشار الهضيبي الأب والذي تآمر عليه النظام الخاص بعد أن سيطر عليه عبد الناصر عن طريق السندي الذي انقلب على الهضيبي بعد أن فصله من النظام الخاص.
الجملة إذن ليست كارثة لمن يلقي السمع وهو شهيد..
(ومع ذلك كله فإن تفريغ المناظرة الذي قامت به هيئة الكتاب حيث وضعت المناظرة كلها في كتاب نشرته وطرحته في الأسواق وأن تفريغ هيئة الكتاب لم ترد فيه هذه العبارة: سر المعبد ص 82)
وفي هذه المرحلة المبكرة يشك الخرباوي في أخونة الهيئة العامة للكتاب ما جعلها تحذف هذه الفقرة من وثائقها.. فيذهب إلى كل أصدقائه يسألهم عن تسجيل للمناظرة ترد فيها هذه الجملة لكنهم لا يجدون ما يطلب.. حتى أعدى أعداء الإخوان كحلمي النمنم..
لكن الوحي الشيطاني يهبط على الخرباوي فيلجأ إلى مرشده الحقيقي.. ليس المستشار الهضيبي بالطبع.. بل العميد محسن الذي يحصل له على الشريط المطلوب في خلال دقيقة..
ولكن.. يا للأسف لم يجد الخرباوي تسجيلا لهذه الجملة حتى عند العميد محسن.. ليجدها بعد ذلك عند واحد آخر..
ولست أدري لماذا اعترف بهذه الواقعة الفضيحة التي تقول الكثير.. تقول مثلا أن هذا الأخير ليس إلا تغطية للعميد محسن.. ومن يعرف أمن الدولة يعرف كيف يمكن تزوير شرائط الفيديو..
***
في صفحة 83 أيضا يشبه الخرباوي المستشار الهضيبي برواية تاييس لأناتول فرانس! حيث ذهب راهب ليهدي غانية للإيمان فجذبته هي للكفر..
أستغفر الله العظيم..
***
أستغفر الله العظيم..
أشعر بالاشمئزاز والغثيان..
كان من الممكن أن أكتب مقالا ثالثا ورابعا في هذا الموضوع لكنني أشعر بالاشمئزاز والغثيان..
كما أنني أكاد أراكم معشر القراء تشعرون نفس شعوري..
كتاب فاسد كبيضة فاسدة لا ينبغي عليك أن تأكلها كلها لتدرك أنها فاسدة..
ورغم أنني قرأت الكتاب كله لغرض الدراسة والحكم عليه إلا أنه لا داعي أن أقدم للقراء وجبة كاملة من بيض فاسد بعد أن استعرضت بعضا من هذا الكتاب القذر الوضيع..
لذلك أختم هذه الدراسة بهذه الصورة التي رسمها الخرباوي والتي تعبر عن فكره كله إزاء الإسلام والمسلمين واللحية التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم..
كان قد فكر أن يكتب لبعض إخوانه أو من كانوا إخوانه .. أولئك الذين هاجموه بضراوة مشككين في انتمائه وولائه وفيمن يحركه ضد الإخوان ..
حاول أن يكتب فلم يستطع الكتابة فرسم..يقول:
" رسمت شخصا بلحية طويلة..أخذت أطيل لحيته إلى أن أوصلتها لصدره.. ثم رسمت قلبه خارج صدره وكأنني انتزعته من مكانه ثم قمت بتكثيف اللحية حتى جعلتها تغطي على القلب وأخذت أملأ اللحية سوادا بالقلم الرصاص فاختفى القلب خلف اللحية.."
***
هل يشعر القراء أنهم محتاجون للمزيد..
هل أحكي لهم عشرات المتناقضات وأذكر كيف يكذّب الكاتب نفسه وكيف يدعي على زملائه بالإسم أنهم عملاء مباحث أمن دولة .. و... و...
هل أدلكم على مستنقع الحقد الأسود والغضب المدنس الذي لا تبرير له أبدا من واحد يزعم أن الله ما خلقنا إلا لنحب..
هل أقرأ لكم من ص 90: "انتهت الأسطورة وتلاشت الصورة وما زال الإخوان يكذبون..
هل نقترب قليلا من منابع المجاري الطافحة عندما يصل بعد رحلة طويلة في المستنقعات المدنسة بالكراهية إلى الدكتور محمد مرسي حيث يقول في صفحة 99: كان الحاج مصطفى مشهور قد عاد إلى البلاد عام 1985 بعد رحلة هروب استمرت عدة سنوات ( وكأن الهروب من الطاغوت المجرم جريمة.. وكأن الدعوة في الخارج جريمة.. ولكن لاحظوا كلاب النار التي تتهم الدكتور مرسي بالهروب من السجن يوم 29 يناير.. لاحظوا.. فالمنبع الشيطاني واحد).. وكان أخطر من حط رحاله من رجاله في مصر قبل وفاة عمر التلمساني هم محمد مرسي خيرت الشاطر محمود عزت محمد بديع.. كانت وجوه هؤلاء غريبة على مجتمع الإخوان.. إلا أن الحاج مصطفى مشهور أعطاهم منديل الأمان ( لاحظ أن العرب والمسلمين لا يقولون ذلك.. بل يقولون أعطاهم الأمان فقط.. دون منديل هذه.. لا أقول ذلك تزيدا بل بحثا من خلال النص عن اختلاف وتعدد كتاب النص)..فجعل من محمود عزت مسئولا عن قسم أساتذة الجامعة بدلا من السيد عبد الستار المليجي ( هاهي ذي الرؤية فوق بحر الحقد وأمواج المصالح تتضح) ..
هل انتهت مآرب الشيطان من الكتاب عند هذا؟
لا.. فشفيق وقضاة النار يريدون أدلة على أن الإخوان يزورون الانتخابات..وهذا ما يتطوع به الخرباوي في صفحة 103.. وفي صفحة 104 يقول: "...... كنت أفول أن هذه ليست أول مرة في التزوير.. وما خفي كان أعظم.." و" ...... التزوير له صور متعددة يا صديقي"و"... هؤلاء ليسوا الإخوان المسلمون.. هؤلاء الإخوان المزورون" ..
بقيت أشياء تريد مباحث أمن الدولة والكنيسة والمستشرقون والبرادعي وصباحي وإعلام العهر إلصاقها بالإخوان.. لا تقلقوا.. سيقدمها الخرباوي على الفور في صفحة 113"...الولاء مقدم عندهم على الكفاءة"..
هل تريدون المزيد من ثمار حدائق الشيطان يقدمها لكم ثروت الخرباوي الذي يقول أن الله ما خلقنا إلا لنحب وأنه أحب حتى من جلده بالسياط وأطلق عليه الرصاص.. أحب الجميع.. إلا إخوانه..
انظروا إليه يصف واحدا من إخوانه في صفحة 129:
" صاحب مثل هذا القلب لا ينبغي أن أقترب منه فهذه القلوب تحترق من الغل فتحرق من حولها.."
وماذا عن قلبك أنت يا خرباوي..
ولكن أبشروا.. فهاهو طائر الكراهية بجانحيه الأسودين يوشك أن يقلع ليحط طائر الحب عندما يترك الكلام عن الإخوان ليتحدث عن الفقيه العابد الصوام القوام سعد الدين إبراهيم..
هيا اسمعوا بأنفسكم خفقات الحب وهو يقول: " بيت الدكتور سعد من البيوت ذات العراقة والأصالة.. صالة الاستقبال كبيرة بها مجموعة من الصالونات التي تتميز بالذوق الرفيع وعلى الحوائط مجموعة من اللوحات الفنية...... والأرض مفروشة بمجموعة من الطنافس التي تعتبر في حد ذاتها تحفا فنية" ..."رأيت على حائط الصالون الذي جلسنا فيه صورة على الحائط للسيد المسيح وبجوارها آية الكرسي.. على حائط واحد تتجاور لوحة السيد المسيح وآية الكرسي.. من أي واد هذا الرجل؟!"
كنت أقرأ مذعورا من أن أجده يتبع اسم سعد الدين إبراهيم بـ:رضي الله عنه أو ما هو أكثر...
في بحثنا المضني هذا وأقسى ما فيه أمواج الكراهية ومستنقعات الكذب وبراكين الحقد وأعاصير الافتراء سوف نجد في صفحة 133 ما يفك بعض مفاتيح اللغز.. ويبدو أن من كتب هذه الفقرة لم ينتبه إلى زمن الفعل..
يقول:"....رأيت خاصة مع تطور الأحداث في المنطقة أن الإخوان كتنظيم له أهدافه وفكرته سيسعون إلى استخدام هذه المنافذ لا ليبحثوا عن حريتهم ولكن ليصلوا إلى حكم البلاد فيكون التنظيم الحديدي الذي يطوي في داخله أسرارا لا يعلم أحد عنها شيئا قد وصل إلى الحكم لا بالاستقواء بالشعب ولكن بالاستقواء بأمريكا"...
***
تبقى بعض اتهامات لابد أن يسوقها ضابط أمن الدولة.. يقول الخرباوي صفحة 185:
"... أنا الآن على يقين أن الجماعة لها تنظيم يعمل داخل الجيش يعمل منذ فترة"
***
يملؤني إحساس مقزز .. وأشعر أنه عليّ أن أغتسل ..
منذ ما يقرب من خمسين عاما كنا متوجهين إلى الامتحان الشفوي بأفخم ملابسنا.. كنا ثلاثة.. وفجأة وجدتنا أصبحنا اثنين فقط.. تبادلت وزميلي نظرات الدهشة.. أين ذهب زميلنا الثالث؟ وفجأة تنبهنا إلى استغاثته.. كان قد سقط بجسده كله في بالوعة مفتوحة للمجاري.. وكان يستغيث بنا أن نشده.. وكنا محتارين.. فإذا شددناه تلوثنا وربما لا ندرك الامتحان.. وإذا تركناه أثمنا..
هل كنا نحتاج إلى أي دليل على تلوث زميلنا وتدنسه.. أم أن مجرد النظر إليه يكفي..
كذلك لم أكن محتاجا إلى دليل أثبت به فساد كتاب :"سر المعبد""..كان مجرد النظر إليه يكفي..
فهل كان عليّ أن أحاول إنقاذ ثروت الخرباوي أم كان عليّ أن أتركه لمصيره..
***
وأتساءل:
هل كان عليّ أن أقرأ هذا الكتاب المقيت حقا..
... أتساءل عن التهويمات الصوفية في شقها المنحرف والتي تتلامس مع النصرانية..
أسأل نفسي هل تنصر ثروت الخرباوي..
وأجدني محاولا الإنصاف أجيب بالنفي فلا يوجد دليل على ذلك..
ولكن هذه السلسلة لا تؤتمن أبدا وهي تبدأ بمزالق الشيطان وتنتهي بمحمد أبو حامد الذي يشك شيخنا الحويني في تنصره..
***
سلسلة سيلاحقها العار عبر التاريخ.. أبادر بتحذير شخص كان حبيبا من الوقوع فيها فإنه يوشك.. وهو الدكتور محمد حبيب..
***
أما عن ثروت الخرباوي فلن أتكلم عن ذرة احترام أو تعاطف..
لكنني أود من أعماقي أن تدركه النفس اللوامة فيتوب.. ويعترف..
اعتراف المسلمين.. لا الآخرين..
وأشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله عليها أحيا وعليها أموت..