جامعة الدول العربية و أزمة المهلات الدموية

 

انقضت إذن المهلة التي وضعتها جامعة الدول العربية للرئيس السوري بشار الأسد والتي دامت خمسة عشر يوما و طرحت الجامعة من خلالها على النظام السوري مبادرة عربية تقضي بسحب هذا الأخير لقوات الأمن و الجيش من الطرقات و إطلاق سراح المعتقلين و السماح بدخول وسائل الإعلام إلى الداخل 0000 انتهت هذه المهلة بنتيجتين اثنتين كلتاهما ليستا من حظ الشعب السوري و لا من مصلحته و بالتالي لا تقدمان للشعب السوري فائدة تذكر فهما لاتفكان معتقلا و لا توقفان دما و لا تحلان أزمة 0
النتيجة الأولى هي الفاتورة الكبيرة التي دفعها الشعب السوري من دماء أبنائه و من أرواحهم حيث أن المهلة العربية سمحت للنظام السوري بارتكاب أعتى الجرائم من قتل و سفك للدماء و اعتقالات و تعذيب0
النتيجة الثانية هي قبول الرئيس السوري للمبادرة بكافة نقاطها وشروطها ، و من هذه النتيجة الثانية نبدأ الحديث:
قبل الرئيس الأسد المبادرة العربي بجميع نقاطها و موادها بمعنى أنه وافق على كل ما جاء فيها من سحب للجيش و إطلاق للمعتقلين و دخول الإعلام و من ثم يعقد مؤتمر بين النظام و المعارضة للحوار لحل ما يسمى بالأزمة السورية00000000هذه الموافقة التي يصفها البعض بأنها موافقة ملغومة و ينعتها آخرون بأنها من قبيل السياسة الكلامية القائمة على بيع الكلام و يقولون: نحن أدرى الناس بالنظام السوري و مكره و ما هذه الموافقة الظاهرية إلا لعبة سياسية جديدة للمتاجرة بالمزيد من دماء الشعب السوري 00000000
في حين تقول الجامعة العربية : إن الأشقاء في سوريا قد و افقوا على مبادرتنا و نحن نسعد بهذه الموافقة و نطلب منهم أن ينقلوا هذه الموافقة من الورق إلى حيز التنفيذ فورا و من دون مماطلة 0
هذا – والله - ما حدث وهذا ما فعله بشار الأسد و ما أكدته الجامعة العربية مثنية على الأشقاء في سورية و الذين استجابوا لنداء الجامعة العربية و وافقوا على مبادرتها 0
و يحار المرء و يقف متفكرا و تبرز من رأسه علامات استفهام كثيرة مثارها الجدل حول الجامعة العربية و تاريخها النضالي في إحقاق الحق و الوقوف بجانب الشعوب العربية ( واسمحوا لي أن أضع هذا بين قوسين ) و بين بشار الأسد و نظامه القائم على العنف و الأمن و تغييب عنصر الثقة بينه و بين الشعب السوري0000و بإمكاننا طرح هذه الأسئلة :
أولا :ما هو السبب الذي دعا زعماء الجامعة العربية إلى إعطاء الرئيس الأسد مهلة مدتها خمسة عشر يوما ؟؟
هل لأنهم لا يملكون ورقة عمل أو خطة عملية يقدمونها للشعب السوري لحل قضيته و يؤيد هذا القول التاريخ المؤسف للجامعة العربية 0000 مع العلم أن هذه المهلة التي أعطتها للرئيس السوري سوف تبرز نتيجة حتمية و هي فاتورة كبيرة من الدم السوري سوف يدفعها الشعب من أبنائه و قد حصل هذا بالفعل كما شاهدناه و شاهده العالم0
ثانيا: هل قبول الرئيس الأسد للمبادرة هو قبول جدي بالفعل أم هو لا يتجاوز المهاترات الكلامية و المكر السياسي حتى لا يظهر الأسد بموقف الرافض لمبادرة هي في صالح شعبه فيكون موقفه موقف الرافض لصوت شعبه و لوفي ظاهر الأمر وكذلك من أجل أن يخرج (زعماءنا العرب ) من مأزق رفضه لهذه لمبادرة حيث إن عليهم في تلك الحال إبداء موقف عملي و جاد إزاء الوضع في سورية 0
ثالثا : أليس تصريح الجامعة العربية في أنها أمهلت الأسد بعد قبوله للمبادرة أسبوعين لإتمام تنفيذها بالكامل إنما هو بمثابة مهلة أخرى لهذا النظام الدموي سوف تكون نتيجتها كنتيجة سابقتها أعني المزيد و ليس غير المزيد من الدماء السورية؟؟؟
ربما أوردنا الإجابة على هذه الاسئلة في غضون الأسئلة نفسها و لذلك يتبين لنا أن النتيجة الظاهرة للعيان حاليا إنما هي كالتالي:
لن ينفذ الأسد أي بند من بنود المبادرة و سوف يوغل كالسابق في القتل و سفك الدماء 0000 و بعد انقضاء المدة أو(المهلة) الثانية سوف تجتمع الجامعة العربية و تحتال على الشعب السوري في خطوة ظاهرية كالخطوة السابقة لإعطاء النظام السوري مهلة ثالثة و ربما ترتفع القضية مرة أخرى إلى الأمم المتحدة و مجلس الأمن و هناك ينتظرها الفيتو الروسيو و الصيني و يبقى الشعب السوري بين مبادرة فاشلة للجامعة العربية و فيتو روسيا و الصين يعاني كل يوم من القتل و الاعتقال و التعذيب على يد مجرم سفاح لا يعرف رحمة ولا يرجو لله نوالا و يبقى هذا الشعب المقهور يسير في طريق شائكة مجهولة لا يعلمها إلا الله 00000

بقلم محمد الشامي


الكاتب: محمد الشامي
التاريخ: 10/11/2011