هستيريا كونية

 

هستريا كونية

الكاتبة : سعاد جبر

وقفت بثوبي الكوني ، الملم أشرعته شيئاً فشيئا ، وهي في رحلة الذوبان تمزقاً على جسدي فأعيد ركامها البنفسجي جسداً على جسدي وعند لحظة الغروب انهالت علي صفعات كونية تتمايل بوجهي الشاحب شرقا وغربا وقد غاب عن وجهي بريق الفجر المتلألئ وبدأت تدب أنامل متوحشة على جسدي لتنزعني من ذاتي وتأد روحي في مقبرة الزمان وتعيرني جسدا غريبا من بهرجة قشورها الباهته فتمحي عني بقايا بريق البنفسج ولؤلؤ الفجر وأرجوانية العطر المخبئة في قارورة قلبي ...

وقد حفظت بعضا من ماء وجه الأجداد على المحيا في رحلة العمر العاصفة، فما زال بين يدي بعضا من نهايات انسامها الأخيرة ، فاسلي بها الروح لأدفع بها بعضاً من مرارة العذابات ، وانفخ منها بعض روح متبقية من صلابة الأجداد ، لتسكن جسدي المنكسر فلعله يقوى بها على المواجهة في رحلة الوأد الأخيرة ...

و في آتون رحلة المقاومة الحارة الباردة ، مضت تلك الأنامل المسعورة تدفع بي بين بساط الإغراء تارة والقهر تارة أخرى لأغدو حرفا في سريانية حروفها وقطعة " بيتزا " على مائدة سعارها النهم وحقيبة جسد ممزقة في لغة " أثوابها الجينزية" وعملة تائهة في بوصات دولارها المجنون ...

وعرض ينهب بلغة سادية في وضج النهار وعلى مرأى شاشة العرض الكونية ، وتتوالى علي المشاهد الكونية في سلة المفأجات، وتتسارع علي في ظل متتاليات قهـــر ...

فيضانات صباحات سوداء لنهر أحادى ولد للتو في عمر الحضارات وها هو يشتدد جنوناً وهوساُ سادياً في سلب ذاتي الممزقة دون الترك ، فأحترت في أي حال ادراي ذاتي الجريحة بين سطوة حماقات أبنائي من الذوات في التخلي عني وتركي وحيدة الفكر في لغة هوية الأنام أو بين نهر السعار الأحادي في عمر الكون الخاوي من نبض الإنسانيات ...

وعند لحظة التو في برهة الأمل السارح البعيد وقعت فريسة في قبضة نسر اعرج بعين واحدة ، لا يعي لغة التحليق الحضارية فأخذ يعيث فسادا في مساحات ذواتي المشتتة لأغدو قطعة خبز ممزقة في نهره الكوني المسعور واخذت أعشاش تتساقط تترى من أغصان كبرياء جسدي الجريح ...

فغدوت بلا أغصان كرامة تذود عني وشجرة خاوية بلا مأوى وجودي ، وكنت لسان حال أسيرة الزمكان ، واللأسماء في شتات الهوية ، واستلاب الروح في آتون ذهنية مركبة أليه لا تعي إلا لغة الانقياد تحت مسمي التحضر وتعايش الأرواح ...

وأخاطب ذاتي الممزقة في متعرجات أزقة الكون المظلمة في تنهدات قاتلة ..

ـ ما هذا الانفلات الكوني في بوحات إعصار واحد في لحظة الحاضر الواحدة ..

وتمضي منظومة التساؤلات في سلة المبهمات ..

ـ ما كنه تلك اللغة السادية في بوصلتها الوجودية العرجاء ...

فتهجم علي هناك اعاصر سمومها السادية في كنه قيمها الحمقاء في إعلاء القشور الزائفة وموكب الشر الباهت المرتمي في أحضان الحماقات فأكتشف في ظل جنون التساؤلات دقات ساعة تطرق برقصات مجنونة ...

وتغني بنشاز بشع ملحمة اللاتفكير في عوالم فناء الحقيقة وأسطورة الاستجابة الشجاعة في أبجديات امتهان الحال كل ذلك يطرق صيحاته المسعورة في هذه العالم السادر ظلمة وجنونا ، فأجد ذاتي في أرجوحة ممزقة في أجواء قاموس ما اعي وما لا اعي من كنه المتضادات في فقه الملمات ....

فالملم ذاتي من جديد واهوي على الساعة المجنونة واطرقها بعقلانية مسعورة من آتون الأنكسارات لعلها تولد في ساحة العقلاء من جديد ....

فأصرخ من وراء سراب بعيد بعيـــــد ...

ـ ليس لي إلا أن أكون بالإمكان والإطلاق في ساحة جسدي المفقود او افجر ذاتي المختزنة في درر الأعماق المجهولة في عوالم الميلاد في الميلاد فأكون إعصارا كونيا يلف الكون بعالمية إنسانية جديدة وروح ملائكية محلقة في سماءات الجمال وعز الهوية ، فأواجه مصيري الحاضر، في معادلة البقاء في سلم البقاء للأفضل فكرا وقوة ...

وانأى بذاتي أن تمضي بامعية عمياء على نهج أعشاش خربت ذاتها بذاتها ووأدت ميلاد فراخها التي لو أوتيت قدرا من العمر لأنقضت على النسر وهدمت بقايا عشه المنتحر في حكم الطبيعة لأنه شتات عش لا يقوى على الصمود عشاً واحدا ولا في يفقه لغة التحليق في نهارات الحضارات في انطلاقة واحدة ..

فأعاود استرجاع اكسجيني الغائب وأبوح بسري البعيد للعمر الجديد ..

ـ فهلا كنت خاطبي في ذلك الزمان المجهول ، فاقتنص ماس ماضيك العريق في الذوات ، وانال زفافك الميمون في الوصال ، فأمضي بك ذاتا تليق بي في هذا الكون المسعور ..

فأصعد بك من ظلمات بعضها فوق بعض إلى نور اليقين واحلق بك إلى سماءات أبهة الوجود فترتسم على محياك العطش ابتسامة إنسانية طالما اشتد الشوق إليها في هذه العمر الجريح . وتنال بي أجيالا أبية في رحلة الكون البعيدة وتذكار الحضارة الخالد ...

فهلا تواعدنا معا عند غيمات الفجــر البعيــد ..

الكاتب: الأديبة سعاد جبر
التاريخ: 01/01/2007