تحكموا فاستطالوا في تحكمهم ***وعما قليل كان الأمـر لم يكن ِ .. لو أنصفوا أنصفو لكن بغوا *** فبغى عليهم الدهر بالآهات والمحن.. فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم *** هذا بذاك ولا عتب على الزمن

 

لا وصاية لمدخلــي على حلبــي بعد اليوم ......؟؟؟؟!!

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعــــد : فإن من عادة الله سبحانه في أهل الباطل ؛ مهما علا شانهم وسرى في الأمصار ذكرهم ، ومهما تظاهروا به من التوافق والانسجام ؛ أن يجعل عاقبة أمرهم إلى التناكر والانقسام ، طال الزمان بهم أم قصر ، وتقاربت الديار أم تناءت ؛ سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا .

ففي الأمس القريب كانت آيات الثناء والتزكية من لدن [ربيع ألمدخلي؟؟؟] تسبغ آناء الليل وأطراف النهار على [علي بن حسن الحلبي!!!] وتمدح منهجه في المجالس العامة والخاصة ، وتبارك جهوده في محاربة المبتدعة من (القطبيين والخوارج وغيرهم..) الذين فارقوا منهج السلف الصالح وانحرفوا عن الصراط المستقيم . وفي المقابل لم يدخر [الحلبي] جهدا في أن يقارض [آخاه الأكبر!!] نفس المجاملات والثنآءت الحارة ، ويوصي طلابه وأحبابه بالاستفادة من كتب [العلامة ربيع!!] التي تمثل الخلاصة الخالصة لمنهج أهل السنة والجماعة .

ولقد أدى هذا التشاكل والتشابه في المواقف والقرارات بين [الحلبية والمدخلية] إلى أن يجعل مذهب القوم - عقيدة ومنهجا وسلوكا - نارا على نار بدلا من أن يكون نورا على نور . وفي كنف هذه الأجواء من ممارسة السلطوية بادعاء حق الوصايا على الدعوة السلفية تخلقت في هذه الأرحام الحنظلية بذرة الطلاب والمريدين في ظلمات ثلاث ؛ ظلمة الجهل والهوى والتعصب ؛ فجاءت مخلوقا غريبا مشوها يحمل بيد لواء الجرح والتعديل ، وبالأخرى ختم السلفية وصك الغفران ؛ يلوح به يمينا وشمالا ويهدد به كل من تسول له نفسه أن يشب عن الطوق ، أو أن يشق عصا السمع والطاعة عن منهجهم وطريقتهم .

 فقرارات الحكم معدة ، والتهم [بالسرورية والقطبية والحزبية والإخوانية..] حاضرة ، وأخذ الناس بالتخمين والظن يجوز ، والخوف من المساءلة منتفي ؛ فهذا [الحلبي] هو الوارث الشرعي لصحاب المقولة المشهورة (حامل لواء الجرح والتعديل وبحق في هذا الزمان هو أخونا المحدث ربيع) فالمجروح من جرحوه ، والعدل المزكي من عدلوه ، والسعيد من قربوه ، والشقي من أبعدوه .

وبعد صبر وتصبر واصطبار ، ولأسباب بعضها معلوم وبعضها لازال مجهولا ، ولشهوات النفس الخفية من حب الظهور والزعامة ، وبعد مهاترات ومساجلات بين [ألمدخلي والحلبي] ملاءة الجو غبارا ، وزكمت الأنوف بعفنها المتفسخ ،

 أذن الله تعالى بأن ينفرط عقد هذا المنهج [الأهوج الأعوج] الذي لم يزل سكينا بيد هولاء يذبحون به السلفيين قبل الخلفيين ، والمتبعين قبل المبتدعين .

وفي ليلة ظلماء لا قمر فيها ينقلب [الحلبي] على [ألمدخلي] وينكره ويجحده ويخطئه ومنهجه وقواعده في (الجرح والتعديل) .

 ويضعه في زاوية ضيقة ومأزق حـرج يتطلــب الرثاء والشفقة :

وكان يجير الناس من سيف مالك *** فأصبح يبغي نفسه من يجيرها

فتحامى أبناء المدخلية كالعتبيبي والبازمول - أمام هذا الانقلاب المفاجئ - بنعرة جاهلية ممقوتة مذمومة حمية لشيخهم ؛ وأخذتهم العزة بالإثم ؛ فاستبسلوا للذب والذود عن (إمام أهل السنة وحامل لواء الجرح والتعديل) الذي بدا لأول مرة في صورة المجني عليه ، فهاجموا[الحلبي الجاني] وموقعه [كل السلفيين] هجوما عنيفا حادا أقذعوا له فيه وأغلظوا ، وأمطروه بوابل من السباب والشتائم والاتهامات (كالضال والجاهل والمرجئ والمفتري والسارق والكذاب والمتلاعب بكلام العلماء المثني على أهل البدع) عله يرعوي فيعود إلى صوابه .

مع أن الواجب يحتم عليهم أن يدافعوا عن منهج (السلف الصالح) وعقيدتهم ، لا عن منهج [ألمدخلي] وعقيدته ؛ الذي دافع عن [الحلبي] وزكاه يوم طعن فيه كبار العلماء واللجنة الدائمة . الأمر الذي زاد [الحلبي] نفورا وتمردا ، فاستحث أنصاره ومؤيديه بردة فعل مغايرة لا تقل سفاهة وبذاءة عن خصومهم . وهكذا لم يكتفي الرجلان بإخراج هذه الخلافات من دائرة السر إلى دائرة العلن ؛ بل وسع كل منهما رقعة المعركة لتشمل دائرة الأتباع والرعاع والمحبين والمعجبين من مرضى العقول وصرعى الجهل ؛ بدافع النفاق العلمي تارة والرياء الديني تارة أخرى . وبلاد المسلمين من حولهم تؤكل قطعة قطعة ،

وقد نزل أهل الصليب بين ظهرانيهم ، والمجندات من بنات اليهود والنصارى يعسفون بالناس عسفا على مـرمى حجر منهم . مع أن الأجدر بهم بدل هذه المهاترات والمفاضحات أن يفكر كل منهما بحزم وجدية لخلق حلول صحيحة ترقى إلى مستوى المواجهة والثبات في التعامل مع الجشع الأمريكي الصليبي ، والطمع الرافضي ألصفوي .

لقد عرف سلف الأمة الصالح (منهج الجرح والتعديل) يوم كانت رايته بيضاء نقية ؛ لم تكدرها الدلاء ، ولم يدهمها سيل النائبات والمحن ، علما بقوانين يميزون به بين الصالحين والطالحين ، والمهتدين والضالين ، وقسطاسا مستقيما يهتدون به في ظلمات الشهوات والشبهات ؛ التي يوحي بها الشيطان الرجيم إلى أولياءه زخرفا من القول غرورا ، ليصد الناس عن السبيل والسنة .

فانبرى لهذا العلم الشاق العسر العلماء الأعلام الأمناء الذين جردوا أنفسهم لهذا الشأن - خدمة لدين الله - فضبطوه بقواعد وأصول متينة ينبغي إنعام النظر والتأمل فيها طويلا - لفهم مقاصدهم ومراميهم - عند تنزيلها على الأفراد .

أما (منهج الجرح والتعديل) اليوم ؛ فقد سلك دروبا مظلمة ، وشعابا وعرة من التفلسف والتنظير ، والمحاباة والمصانعة ، واللف والدوران خرج به عن الحد المرسوم له ، فبات من اكبر أبواب الولوج في الغيبة ، وأسهل الطرق لإيقاع العداوة بين الذين امنوا وتفريق كلمتهم ؛

فتحت دعاوى نقد المخالف كم هتك من عرض وأهدرت من حسنات لدعاة مبرزين كانت لهم اليد الطولى في نشر الدعوة إلى الله ، وبحجة الدفاع عن السنة اسقط العشرات من طلبة العلم الذين كانت لهم جهود ومشاركات مشكورة في خدمة السنة وبيانها للناس ، لا لشئ إلا لأنهم اختلفوا مع (حامل لواء الجرح والتعديل!!) في مسالة من مسائل العلم التي اختلف فيها علماء السنة وأئمة الإسلام ؛ فتبنى قولا من أقوالهم وبني عليه منهجه ؛ فاستحال هذا (العلم الشريف) بهذا العمل غير الشريف من العطية إلى البلية ، ومن الرحمة إلى النقمة ؛ فشقي الناس بهذا الخطاب الهستيري المتشنج وضاقوا به ذرعا .

 ومن كان في ريبة مما أقول ، أو ظنة مما ادعي فلينظر إلى قائمة المجرحين من أهل الفضل والخير الذين طالتهم الأيادي الآثمة بالتجريح والتـفسيق والتبديع ؛ ليدرك حالهم فيندب مآلهم ،

واليك بعضا منها : [ الحويني من الخوارج القعدية / محمد حسان والعرعور من القطبية / محمد يعقوب إخواني / نبيل ألعوضي والمغراوي تكفيريان / الحوالي والقرني والعودة حزبيون /إبراهيم اللاحم وعبدالله السعد وعلي الصياح وحاتم ألعوني دسيسة مليبارية صنعتها القاديانية للطعن في اصح دواوين الحديث والسنة ] .

 وهكذا في قائمة طويلة عريضة متى ما ترق العين فيها تسّـفل ، لا يتطرق إليها الخطأ ، وليس لأحد أن يعترض عليها طالما عليها ختم القوم وتوقيعهم .

وبعد :

فيا أيها المدخليون حتى العظم ، والحلبيون حتى القدم مسنا ضركم : قرحت أفعالكم منا الأجفان والأكباد ، وكسرت أياديكم منا المعاطف والفقار سننتم سنن الغي ، وفتحتم أبواب الشر قطعتم أرحاما كانت بحبال التوحيد موصولة ،

وأخليتم ديارا كانت بأهل السنة مأهولة ولقد آن الأوان الآن أن تشربوا من نفس الكأس الذي شرق به المؤمنون ، وغصّ بقيحه وصديده المخلصون .

ولا أجمل من ننشدكم قول القائل :

تحكموا فاستطالوا في تحكمهم *** وعما قليل كان الأمـــــــــر لم يكن ِ

لو أنصفوا أنصفو لكن بغــــوا *** فبغى عليهم الدهر بالآهات والمحن

 فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم *** هذا بذاك ولا عتب على الزمــــــن


الكاتب: حســن العراقـــي
التاريخ: 02/07/2011