قوائم محمد بن مسلمة ..للشيخ الشهيد عبدالله عزام |
|
قوائم "محمد بن مسلمة"
بقلم الشيخ الشهيد
عبد الله عزام رحمه الله
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع ليقتلوه، فانطلق رجل منهم فدخل حصنهم، قال: فدخلت مربط دواب لهم، قال: وأغلقوا باب الحصن، ثم أنهم فقدوا حمارا لهم فخرجوا يطلبونه، فخرجت فيمن خرج أريهم أنني أطلبه معهم، فوجدوا الحمار فدخلوا، ودخلت، واغلقوا باب الحصن ليلا، فوضعوا المفاتيح في كوة حيث أراها، فلما ناموا أخذت المفاتيح، ففتحت باب الحصن ثم دخلت عليه، فقلت: يا أبا رافع، فأجابني، فتعمدت الصوت؛ فضربته، فصاح، فخرجت ثم رجعت كأني مغيث، فقلت: يـا أبا رافع - وغيرت صوتي - فقال: مالك لأمك الويل؟! قلت: ما شأنك؟ قال: لا أدري من دخل علي فضربني، قال: فوضعت سيفي على بطنه ثم تحاملت عليه حتى قرع العظم، ثم خرجت وأنا دهش، فأتيت سلما لهم لأنزل فيه، فوقعت فوثئت رجلي، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما أنا ببارح حتى أسمع الناعية، فما برحت حتى سمعت نعايا أبي رافع؛ تاجر أهل الحجاز، قال: فقمت وما بي قلبة مد، حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه)( ).
وفي الرواية الأخرى؛ أن الذي دخل عليه هو عبد الله بن عتيك.
وكان أبو رافع؛ يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤلب عليه الناس.
قال ابن حجر في "الفتح"( ): (وفيه جواز التجسس على المشركين، وطلب غرتهم، وجواز اغتيال ذوي الأذية البالغة منهم).
مصرع كعب بن الأشرف:
روى الإمام مسلم في صحيحه( ): (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لكعب بن الأشرف؟ فإنه آذى الله ورسوله"، فقال محمد بن مسلمة: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: "نعم"، قال: ائذن لي فلأقل - أي شيئا عنك - قال: "قل"، فأتاه، فقال له وذكر ما بينهما، وقال: إن هذا الرجل قد أراد صدقة وقد عنانا - أتعبنا - فلما سمعه قال: وأيضا والله لتملنه - لتسأمنه - قال: إنا قد اتبعناه الآن ونكره أن ندعه حتى ننظر إلى أي شئ يصير أمره، قال: وقد أردت أن تسلفني سلفا، قال: فما ترهنني؟ قال: ما تريد؟ قال: ترهنني نساءكم، قال: أنت أجمل العرب أنرهنك نساءنا؟! قال: ترهنون أولادكم؟ قال: ينسب ابن أحدنا فيقال: رهن في وسقين - كيلين - من تمر، ولكن نرهنك اللأمة - يعني السلاح - قال: فنعم، وواعده أن يأتيه بالحارث وأبي عبس بن جبر وعباد بن بشر، قال فجاءوا فدعوه ليلا فنزل إليهم، قالت امرأته: إني لأسمع صوتا كأنه صوت دم، قال: إنما هذا محمد بن مسلمة ورضيعه وأبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة ليلا لأجاب، قال محمد: إني إذا جاء فسوف أمد يدي إلى رأسه فإذا استمكنت منه فدونكم، قال: فلما نزل نزل وهو متوشح، فقالوا: نجد منك ريح الطيب، قال: نعم تحتي فلانة هي أعطر نساء العرب، قال: فتأذن لي أن أشم منه؟ قال: نعم، فشم فتناول، ثم قال: أتأذن لي أن أعود؟ قال: فاستمكن من رأسه، ثم قال: دونكم فاقتلوه).
هذان نصان واضحان قاطعان في دلالتهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أزال من طريق الدعوة رأسين من رءوس الكفر بالقوة اغتيالا، وذلك لأن الصارم لابد من استعماله لإماطة الرؤوس المدبرة والعقول المفكرة، التي لا تكف عن نصب الاحابيل ووضع العراقيل أمام هذا الدين، وكعب بن الأشرف وأبو رافع؛ من زعماء اليهود، ومن أئمة الكفر لديهم.
وإذا أضفت إليهما قوله عز وجل: {واقعدوا لهم كل مرصد} [التوبة: 5].
قال أبو بكر بن العربي في أحكامه( ): (قال علماؤنا: هذا دليل على جواز اغتيالهم قبل الدعوة - قبل الإنذار -).
وقال عند آية: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة: 194]: (قال علماؤنا: هذا دليل على أن لك أن تبيح دم من أباح دمك، وتحل مال من استحل مالك).
وقد أجمع العلماء: على جواز الدفاع المشروع، ودفع الصائل على الأعراض والدماء والأموال.
فأما الدفاع عن العرض: فهو فرض - واجب - بإجماع العلماء، فمن أراد أن ينتهك العرض؛ فلا بد من دفعه بالزجر، ثم باليد، ثم بالعصا، فإن لم يكن بد من استعمال السلاح فلا بد من استعماله، وقتل الصائل ولو كان قائما صائما.
وأما الدفاع عن النفس والمال: فهو واجب عند جمهور العلماء، وأما جوازه؛ فقد انعقد الإجماع عليه، ولو كان استعمال هذا الدفاع ضد خيار المسلمين المخبتين الخاشعين.
ولنرجع إلى الحكم الشرعي لاغتيال رؤوس الكفر، التي لا تكف لحظة عن التدبير ضد هذا الدين، محاولة منهم لاطفاء نور الله بأفواههم:
وهذا أمر تقتضيه الضرورة، إذا أن هذا الدين جاء لتخليص البشرية من نير العبودية ولا نقاذهم من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ولا يمكن أن تخلص الطريق إلى الله من طواغيت يستعبدون الناس لأنفسهم من دون الله، ويقفون أمام هذا النور المبين، لتبقى الجماهير تتضور في دياجير الظلام، ليس لهم من هم سوى ارواء الشهوات واشباع النزوات.
وكما قال "زويمر" - زعيم المبشرين المنصرين -: (لقد أنشأنا جيلا همه الشهوات، ويعيش من أجل الشهوات، وفي سبيل الشهوات يجود بأغلى ما يملك).
لابد من إزالة العوائق التي تعترض سبيل هذا الدين القويم، ولا بد من تحطيم العقبات التي تحول دون وصول النور إلى الناس، وهؤلاء الطواغيت الذين يقول فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له)( ).
وإزالة أئمة الكفر وقادة الفتن؛ حق طبيعي، وحكم شرعي رباني، وضرورة منطقية عقلية.
ولذلك فعندما قال أحد الجالسين في حضرة معاوية رضي الله عنه وبوجود محمد بن مسلمة - قاتل كعب بن الأشرف -: (والله ما قتل كعب إلا غدرا)، فغضب محمد بن مسلمة وقال لمعاوية( ): (أيقال هذا في مجلسك وتسكت؟! والله لا أجالسك، ولئن خلوت به لأقتلنه).
وقد اعتبر محمد بن مسلمة؛ دم هذا المسلم هدرا، لأن قوله يشي وينم أن حكم اغتياله لكعب بن الأشرف إنما هو غدر لا يليق بطبيعة هذا الدين، وهذا مساس بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سن هذه الشرعة وأمر بهذه السنة، وهذا يعني نسبة الغدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أمر لا يختلف عليه اثنان؛ أنه خروج من الملة، يوجب القتل ويهدر الدم.
ضابط:
ولا بد من العلم أن هذا الأمر - اغتيال أئمة الكفر - راجع إلى العلماء الذين يقودون مسيرة الجماهير المتجهة إلى الله، وليس راجعا لاجتهاد فردي.
بل مصلحة الجماعة التي يقدرها القائد، ويحددها العالم المسؤول؛ ببيان حكم الشرع وتوضيح الحكمة من هذا الأمر.
سنة مهملة:
ولقد سبب اهمال هذا الحكم الشرعي - اغتيال قادة الكفر - من الظلم الكبير والشر المستطير للأمة الإسلامية، التي عانت الويلات ودفعت الضرائب الفادحة من أعراضها ودمائها وأموالها مالا يعلمه إلا الله.
وكان تطبيق هذه السنة النبوية والشرعة الإلهية - بين الحين والآخر - من قبل أفراد يغامرون بأرواحهم ويخاطرون بأنفسهم وأموالهم؛ تخليصا للأمة بكاملها من حياة السوائم إلى حياة الإنسان، وانتشالا لها من مستنقع الطين ووحل الجنس إلى قمة سامقة مضيئة، يستروح فيها الناس نسمات الحرية والعزة.
فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
فسليمان الحلبي قتل "كليبر"، فخلص الناس من جيش عرمرم من الفرنسيين.
إن نفسا ترتضي الإسلام دينا ثم ترضى بعده أن تستكينا
أو ترى الإسلام في الأرض مهينا ثم تهوى العيش؛ نفس لن تكون
في عداد المسلمين العظماء:
وشاب متحمس خلص لبنان من غطرسة "المارينز" وجبروت ذوي الوجوه الحمر.
إحياء هذه السنة:
ولقد جاء الشعب المسلم الأفغاني ليحيي هذه السنة بنماذج لسان حال أحدهم يقول:
وإني لمن قوم كأن نفوسهم بها أنف أن تسكن اللحم والعظما
فقتل زعيم الماليشيا؛ شير أغا وتوران غلام رسول، وحاجي سلطان محمد في "بغلان" ودليلي من "غزني"، واختطاف السناتور عبد الرزاق من "قندهار"، واختطاف زرغون - الضابطة الشريرة - على باب "كابل" ومن مركزها وقتلها، وقتل محافظ هرات ومستشاره بباب وزارة الداخلية في كابل... كانت عملية مذهلة في الجرأة والإقدام والشجاعة والاقتحام.
قتل مولوي جل أحمد بشتون العميل:
في "فارياب"، حيث الثلوج تكسو الأرض ولا تكاد الأصابع تضغط على الزناد لشدة البرد، قال القائد علاء الدين: (من لهذا الرجل الذي {آتاه الله آياته فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين}؟ يسخر دين الله لخدمة الشيوعية ومحاربة المجاهدين؟)، وانطلق ثمانية - من بينهم الحاج أحمد العراقي - وتسوروا على الرجل جدار بيته، بعد أن تخطوا أكثر من خمسين مركزا للشيوعيين، حتى وصلوا إلى بيته الواقع في وسط مركز "فارياب / ميمنة"، عندما دخلوا ساحة داره طلبوا المولوي - العالم - فانتفضت زوجته تدافع عنه، وتقول: (أنتم من الأشرار)، فحاولوا أن يغيروا هويتهم ولكنها قالت: (أنا أعرفكم من جماعة علاء الدين)، وأقبلت على رشاش أحدهم وأخذت مخزن الذخيرة وشب أولاده وبناته من فراشهم مذعورين، وساد الهرج وعلا الصراخ، ولم يجد المجاهدون بدا من قتله في أسرع وقت، فقتلوا رأس الفتنة – بشتون - وانسحبوا في الوقت الذي تحركت فيه الدبابات والطائرات للقبض على المجاهدين، وفتحت الرشاشات من كل مكان، وصوب أحد المجاهدين مدفعه نحو دبابة وأحرقها، ونجا المجاهدون، وعادوا قبل الفجر، وعلاء الدين قائم يصلي ويتضرع لربه أن ينقذ المجاهدين.
خلاصة:
1) لابد أن يقف المسلمون الموقف الذي تتطلبه عقيدة البراء والولاء، فلا يتزعزع ولا يتأرجح تجاه أعداء الله البارزين، وأقلها مقاطعة البضائع الروسية واليهودية والأمريكية، لأن الأمريكان أولياء اليهود وأنصارهم ومؤيدوهم وداعموهم.
2) أن ترتب قوائم نسميها "قوائم محمد بن مسلمة"، ندرج عليها سدنة الكفر وأئمة الشرك من الطواغيت الذين ينازعون الله في ألوهيته وربوبيته في الأرض.
- ندرج عليها أولا؛ كل يهودي يمد إسرائيل أو يتعاطف معها.
- وندرج عليها؛ أئمة الكفر وزبانية تعذيب البشرية من الروس والشيوعيين.
- وندرج عليها زعماء الأحزاب الملحدة والعلمانية التي تتبجح بالحادها ومناوأتها للإسلام.
- وندرج عليها؛ كل من يعلن وقوفه بجانب اليهود من أي الأصقاع ومن سائر البقاع.
ألا من فتى يورد الهندي هامته كيما تزول شكوك الناس والتهم
فيا خيل الله؛ اركبي، ويا جند الله؛ أقبلوا، ويا سيوف الله؛ ابرقي، ويا سماء؛ ارعدي ورددي...
أسد فرائسها الأسود يقودها أسد تصير له الأسود ثعالبا
وسبحانك اللهم وبحمدك
أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
عن مجلة الجهاد
العدد الرابع والأربعون
ذو القعدة/1408 هـ