قف يا زمان قصيدة رائعة |
|
قفْ يا زمانُ أبوحُ بالأشجان **** فلعلَّ في الشكوى دواءَ جناني
قف يا زمانُ أقصُّ ما حَفِلَت به **** أيامُنا من ذلّةٍ وهوانِ
قفْ يا زمانُ لكي تُقارنَ حالنا **** بالصِيدِ من آبائنا الشجعانِ
قفْ يا زمانُ أبُثُّك الشكوى التي **** من هولِها يتحدثُ الملوانِ
نطق الرويبضُ يازمانُ فقل معي **** آهٍ على الآثارِ والقرآنِ
قوم تلوكُ الفقهَ لوكَ « لُبانةٍ » **** في كلِ مسألةٍ لها قولانِ
يتهافتون على شِقاقِ نبينا **** والمصلحينَ تهافتَ الذُّبانِ
لا يأبهونَ بما أتى عن مالكٍ **** والشافعيِّ وأحمدِ الشيباني
بل ما أتى عن سيد الثقلين ضد **** شذوذِهم يُرمى بدون تواني
يُرمى بتأويلٍ سخيفٍ بارد **** من باردِ النظراتِ والإيمانِ
وتجاوزَ الأمرُ الحدودَ جميعَها **** حينَ استباحوا حرمَةَ القرآنِ
تُصغي لواحدهم فتعجبُ عندما **** يتأولُ القرآنَ بالهذيانِ
فيقولُ عند الشافعيِ وعندنا **** من أنتَ يا مسكينُ في الميزانِ
حُبُ النصارى واليهودِ فريضةٌ **** في فقهِ طائفةٍ بذي الأزمانِ !
والملحدون وكلُ صاحبِ بدعةٍ **** أضحوا وأصحاب الهدى سيانِ
ماذا الجفاءُ لغيرنا كلٌّ له **** دينٌ يدينُ بهِ بلا نُكرانِ
إنْ قلتَ قد جاء الكتابُ ببغضهمْ **** نصٌّ صريحٌ من عظيم الشانِ
قالوا لنا تتبدل الفتوى على **** مرِّ الزمانِ تبدلَ القمصانِ
أمّا الغناءُ فقام شهمٌ حاذقٌ **** فأباحَهُ بالنايِ والعيدانِ
وتعسّفَ الآثارَ دون هوادةٍ **** وتأولَ المقصودَ بالتبيانِ
وأتاكَ من هذا اللفيفِ جماعةٌ **** ببواقعٍ يندى لها الخدانِ
قالوا لنا :تليَ الرئاســةَ طَفْلةٌ **** فرعاءُ من عدنانِ أو قحطانِ
وتدينُ آلافُ الفحولِ لأمرها **** بلْ والشعوبُ تُساقُ كالقطعانِ
ويجوزُ أن تليَ القضاءَ خريدةٌ **** في جِيدها شَبَهٌ من الغزلانِ
في حينها لا تأتِ سُــدَّةَ حاكمٍ **** واهجرْ حِماهُمْ أيّما هِجرانِ
ولتأتِ قاضيةَ النساءِ فإنها **** تُذكي الغرامَ بثديها الفتانِ
واسمعْ مقالةَ جهبذٍ منهم أتى **** بمصيبةٍ تربوا على ثهلانِ
لا تتبعوا إن مات منكم مسلمٌ **** هديَ النبيِ المُصطفى العدناني
لُفّوه في كيسٍ وواروه الثرى **** من دون تغسيلٍ ولا أكفانِ
قالوا : وكلّ مصيبةٍ في أرضنا **** من هيئةِ المعروف والنكرانِ
دوماً يصيحون « الصلاةَ» أما لهم **** شغلٌ بغيرِ أذيةِ الجيرانِ
وفقيهةٌ أُخرى تنادي قومنا **** الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ
يا مجلس الشورى تنحّوا واتركوا **** ثُلُثَ الكراسي السودِ للنسوانِ
والدورةُ الأُخرى تكون ُ جميعُها **** محجوزةً لخديجةٍ وحنانِ
وهنا يكون الرأيُ رأياً ثاقباً **** يرضى به القاصي ويرضى الداني
وأتاك جمعٌ في الجرائدِ زمجرتْ **** أقلامُهمْ غضباً على الشِّيخانِ
قالوا سلبتمْ حقَ ساحرةِ اللّما **** يا ويلكمْ من سطوةِ الدّيانِ
قلتُمْ لها تبقى حبيسةَ دارِها **** هل تُحْبَسُ الأقمارُ في الأكفانِ
هذا كلامٌ لا يليقُ بعصرنا **** قدْ كانَ حينَ جهالةِ النسوانِ
والمَحرمُ المذكورُ في أسفاركم **** يَقْضي على «السِّتاتِ» بالنقصانِ
ماذا الرّقيبُ كأنها مسلوبةٌ **** لا عقلَ يعقِلُها عن العصيانِ
دعها تُسافرُ في الفضاءِ وحيدةً **** وتهيمُ سافرةً بكلِّ مكانِ
هذا الحجابُ يحُدُّ من حركاتها **** في مرقصٍ لكواعبٍ وغواني
مِنْ عادةِ الأعرابِ ليسَ عبادةً **** فدعوا عوائدَ سالفِ الأزمانِ
قدْ جوّزَ الشيخُ المهيبُ صلاتَها **** مكشوفةَ الأكتافِ والسيقانِ
فَلِمَ الخيامُ على مكامنِ حسنِها **** حتّى تُرى في السوقِ كالغربانِ
دعها تُباشرُ في المطاعمِ كيْ تَرى.. **** يتدافعُ الرّواد كالطوفانِ
دعها تكونُ مُديرةً ووزيرةً **** وسفيرةً في سائرِ البلدانِ
دعها تقودُ الجيشَ تدفعُ صائلاً **** وتُقاومُ النيرانِ بالنيرانِ
لا تعجبنَّ إذا التقيتَ بضابطٍ **** يوماً وفي أحشائهِ طفلانِ
دعها تقودُ بأرضنا سيارةً **** وتسيرُ سائحةً على الشُطئآنِ
تَلقى الحبيبَ , وهل تراها أجرمتْ **** يا صاحِ إنْ باتتْ معَ الخلاّنِ ؟
دعها تكونُ إمامةً ومؤذناً **** حتّى يبوءَ الجمعُ بالغفرانِ !
وترى الشبابَ الفاسدينَ جميعَهم **** خلفَ الإمامَةِ خشيةَ الرحمنِ !
أوَما رأيتَ إمامةً غربيةً ؟ **** تاهتْ على الدنيا بحسنِ بيانِ !
أثنى عليها ثُلّةٌ من قومنا **** بالفقهِ معروفونَ كالنعمانِ !
رفعتْ إلى المأمومِ مأكمةَ الهوى **** فهوى صريعَ الحُبِّ كالسكرانِ
عجباً لكم يا مسلمونَ ألمْ يحنْ **** وقتٌ يُقامُ العدلُ بالميزانِ !
لا تقبلونَ شهادةَ النسوانِ في **** حدٍّ وتزويجٍ وأمرٍ ثاني !
وشهادةُ الرجلِ الوحيدِ مُقامَةٌ **** كشهادةِ «السِّتَينِ » يا لِهواني
وظلمتم الحسناءَ في ميراثِها **** فجعلتمُ الضعفينِ للذكرانِ
يا معشرَ « الفقهاءِ » فقه جرائدِ **** هلاّ احترمتم شِرعَةَ الرحمنِ
عجباً لمن يدعو لنهجِ محمّدٍ **** وتغيبُ تحتَ ثيابِهِ القدمانِ
أمّا اللحى فكأنهم قدْ كُلّفوُا **** بِحِلاقِها في مُحكمِ القرآنِ
وعِداؤهم دوماً لخيرِ شيوخنا **** من « هيئةِ العلماءِ » في الميدانِ
بينا تراهم يُحسنونَ تصنّعاً **** لخصومِنا في الدِينِ والديّانِ
يَصِفُون أمريكا بكلِ جليلةٍ **** ويوبخونَ قتيلها الأفغاني
هل يا زمانُ رأيتَ مثلَ مُصابِنا **** حتّى أُسلي النفسَ عن أحزاني
يا دولةَ الحرمينِ عشتِ مُصانةً **** من كيدِ حُسّادٍ ومن فتّانِ
محفوظةً بالدين ... في جنباتها **** مأوىً لكلِّ معلمٍ رباني
الكاتب: د. أحمد بن عبد الله العمري
التاريخ: 01/01/2007