الحصاد المرّ .. من سيَجْنِيه؟

 

الحصاد المرّ .. من سيَجْنِيه؟
د. طارق عبد الحليم

تتسارع الخطوات الملعونة التى تغيّر ملامح ثقافتنا، وأخلاقنا، وتكاد تمحو ديننا كله من الوجود الماديّ على سطح الأرض، بشكل مذهل عنيف. فما يمرُّ يوم إلا وجاء خبرٌ يفزع منه المرء بالأمل إلى كذبه،

ولله درّ المتنبي حيث يقول:

طوى الجزيرة حتى جَاءني خَبرٌ فَزِعتُ فيه بآمالي إلى الكذبِ

لكنه عادة أمل كاذب وسراب واهم، وإذا الخبر حقيقة لا خيال، وواقع لا محال!

• يأتي خبر الرَفض المصريِّ لأن تتقاسم فتح وحماس الأمن في فلسطين، أو ما بقي منها! مصر تملى إرادتها اللادينية على شعب فلسطين، بعد منع الغذاء والدواء!

• تغلق السعودية آلاف المراكز لتحفيظ القرآن، "لسعودة" هذه المراكز؟! ووالله لا نعرف أين نجد معنى لهذه الكلمة في القاموس اللغوى الإسلاميّ! لكن ما نعرف هو أنّ ملايين الأطفال ستتوقف عن حفظ القرآن!

• أمريكا، بعد أن قضت على العراق وتركتها حطاماً بلا حكومة، وجعلت بقية حكومات المنطقة أذناباً لا في العير ولا في النفير، التفّت إلى اليمن لتحتله!

• الروافض يحتلون نصف العراق ونصف لبنان ونصف الإمارات بالفعل، ويقايضون على الباقيّ!

• تونس ليس فيها بقية مِنْ إسلام نتحدث عنه...

• سليم العوا والغنوشى وطبقتهم يُسارعون في تبديل المفاهيم الإسلامية لتتمشى مع الواقع، ولا يغيّروا الواقع ليتمشى مع الإسلام!

وتتوالى هذه الأخبار، وأتصوّر ما ستكون عليه صُورة المستقبل القريب لا البعيد، لما كانت تسمى رقعة الإسلام.

صورة قاتمة سوداء، يعيش فيها المسلم مستخفياً بإسلامه، ويعيش فيها المشرك مستعلنا بكفره، ويختفي فيها المنافق بتّاً إذ لا حاجة للنفاق يومذاك.

من الذي سيجنى هذا الحصاد المرّ، الذي سيكون حقيقة على الأرض في سنوات قلائل عجاف قادمة؟

أولادنا، وبناتنا، أبناء الجيل القادم، هم من نَجنى عليهم اليوم بسكوتنا وضعفنا وشرائنا الدنيا بالآخرة، والباطل بالحق، والكفر بالإسلام. باعَ هذا الجيل ذريته، وذرية ذريته، بثمنٍ بخسٍ، مُجرد الوجود، لوقت محدود، على الأرض، لا يريد أن يموت، والله سبحانه يقول:" قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُۥ مُلَـٰقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" الجمعة 8

أين سيعيش أبنائي وأبنائك؟ ماذا سيكون مصير بناتي وبناتك؟

إن الحياةَ في ظل العِلمانية الغربية في وقتنا هذا أفضل من الحياة في ظل الكيدِ المستمر والهجوم الدائم على الإسلام والمسلمين، ليل نهار في رقعة الإسلام، إلى حين.

فالغربيون – حتى الآن – لا يتجاوزون حدود القانون في بلادهم لما يعرفون من عواقب هذا التعدى، وإن كان في حق الأقلية.

لكنّ هذا لن يدوم طويلا، فمدّ الحقد الصليبيّ المتطرف يزداد قوة يوماً بعد يوم، وقريباً ستتكرّر مشاهد البوسنا والهرسج في الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا، الأمر أمر وقت لا غير.

وحكومات النظم العربية لا تخشى الله ولا القانون، بل تعمل لتثبيت عروشها و"مسمرة" كراسيها، ثم ليذهب الكلّ بعد هذا إلى الجحيم.

الجيل القادم، هم من سيدفع فاتورة الخِزى والهوان الذي انحطّ اليه هذا الجيل.

فمنهم من سيّجوب الأرض بحثاً عن مكان يؤويه بإسلامه، ومنهم من سيخلع رداء الإسلام، ويلحق بركب العلمانية، وعالم التجديد.

اللهم إنّا ظَلمنا أنفُسنا فلا تأخذ أبناءنا بما كسبت أيدينا، اللهم إن أرَدْت أن تَستبدل هذا الجِيل بما قدمت أيديهم، فإجعل أبناءنا ممن قلت فيهم

" ثُمَّ لَا يَكُونُوٓا۟ أَمْثَـٰلَكُم"محمد 38



الكاتب: مسلمة
التاريخ: 03/11/2010