إنـــها رســـــالة الله فاحملـــوها !!

 

إنها رسالة الله فاحملوها !

(( إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله)) رواه مسلم. منذ انطلاق هذه الكلمات النورانية من نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدأ للأدب الإسلامي شأن جديد تحت راية الإسلام وارتفع مقامه لعظم من يتحدث عنهم ويذب عنهم.

ولو تأملنا أيضا ذلك المنبر الذي خُصص لحسَّان رضي الله عنه في المسجد ليلقي الشعر بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأمام الصحابة الأطهار فإن ذلك ليخبرنا وبكل وضوح عن هذا الشأن الجديد.


بل هو من أشكال الجهاد فالأدب بكل ألوانه مرتبط باللسان وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) رواه أبو داوود.

ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا تَتَابع المؤمنون والمؤمنات يذبون عن الله ورسوله وعن مبادئ الإسلام غير آبهين بالمخاطر بأي شكل كانت وكل حسب طاقته وقوته وتخصصه الأدبي , فمنهم من كان يُرمى بأقذع الهجاء ومنهم من كان يُركن ويُهمل وتشوّه سمعته ومنهم من كان يسجن ومنهم من كان يُخوَّف أو يشرَّد ومنهم من كان يُقتل وما اهتزوا قيد أنملة يتذكرون قول الله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ) سورة الأحزاب 23 .

وقد كاد يكون عصر النبوة عصرا شعريا بحتا.. وكان الشعر هو الشكل الأدبي المهيمن على الساحة الثقافية آن ذاك و هو الشكل الأدبي المؤثر الذي يضرب في أعماق النفوس كما يضرب الرعد أرجاء السماء والأرض.

لكن الوضع مختلف اليوم, فالأدب ولكل صنف منه أصبح له تأثيره وشريحته الخاصة به من المتذوقين والمعجبين الذين لا يحبون إلا هذا الصنف من الأدب.


وكل فن يرتبط بالشعور واللغة والقلم أو اللسان هو فن أدبي له احترامه الإنساني لأنه أدب إنسان مهما كان عمره الزمني ومهما كانت صلته التاريخية بحضارتنا. فديننا عالمي نحتوى كل ما يوافق ديننا ولا يتعارض معه. ولغتنا عظيمة متجددة نبحث عن كل ما يستحق التحدي لإثبات ذلك. والتجربة الإنسانية تتطور.

لذلك فالمسؤولية اليوم أعظم وخصوصا وسط هذه المؤامرات الثقافية المتتالية ووسط هذا الحشد الهائل من النتاج الأدبي الذي ينبثق من رؤى بعيدة كل البعد عن التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة .


لقد صار التجرؤ على الله جلّ في علاه وعلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى شعائر الإسلام تجديدا وإبداعا وحداثة!!.. وصار من يجعل الأعداء أحبابا يكون مثقفا وواعيا!!.. وصار اتهام المخلصين بالخيانة هي كلمة حق يجب أن تقال!! ..وصار كشف الأسرار والمغامرات المحرمة والمشبوهة لغرض الاستمتاع والثرثرة السخيفة حريات شخصية!!.. وصار طرح الشبهات والتلذذ بسرد الانحرافات فكرا راشدا وعقلا مستنيرا!!..وصارت الخيالات التافهة التي لا حقيقة لها قضية أساسية في حياة الكثيرين من الأدباء المسلمين!!!

فأين هي تلك الرسالة النقية القيمة وأين تلك القضية النبيلة وأين ذلك القلم الطاهر وأين ذلك الصدق والالتزام والتأثير من إبداعات الكثير من الأدباء المسلمين؟؟


أين تلك المعالجة الإسلامية في النصوص ؟ و أين ذلك الحل الإسلامي المتغلغل في نفس الأديب فيسكبه انسكابا في أدبه دون تأثير على تدفق النص؟


أين كل هذا العالم الإسلامي بأفراحه وأتراحه ؟ بلحظاته الجميلة وأيامه القاسية؟ أين هو في إبداعنا؟


قليل جدا ذلك الأدب لأننا بعدنا عن الإسلام وعن معانيه الحقيقة وانصهرنا في مناهج براقة خادعة, وأثرت علينا رغبات الإعلام ومحتكريه, وأثرت علينا طلبات الناس وما يهوونه من أدب ضحل يجعلهم يواصلون الرقاد الهانئ ولا يحرك فيهم نهضة ولا نخوة ولا عزيمة ولا إيمان.

يا أدباء الإسلام


يا أديبات الإسلام


اشحذوا أقلامكم ورصّوا صفوفكم وحلقوا بأجنحتكم القوية في سماء الإبداع وفق التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة, ذلك التصور الإسلامي الشامل والمنهج الكامل الذي أراده الله لنا لكي نكون و يكون هذا العالم الحزين بأمان وسلام وسعادة.


أَثبِتُوا للعالم وبكل فخر وعزة, بأن الأدب الإسلامي أدبٌ يعالج كل القضايا بكل جمال وإبداع وإتقان..فأنتم مشاعل الفجر.. وأنتمُ الترانيم الذهبية.. وأنتم مداد النور.. وأنتم من الذين قال الله فيهم وفي كلماتهم (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ*تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ*وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ*يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) سورة إبراهيم 24 -27 .

احملوا الرسالة وواصلوا الدرب وارفعوا رؤوسكم بكل عزة وفخر.. فدربكم سار عليه أطهر الناس وأنبل الناس وأشجع الناس..فتذكّروهم دائما وقت الغربة..واثبتوا على الحق فإن معكم الله ملك الملوك..ولا تخذِّلكم المعصية فإننا كلنا نخطئ ولكن خيرنا من تاب وأناب وعمل صالحاً.


فاسلكوا درب الحق واثبتوا ولا تُبدِّلوا ولا تهنوا ولا تحزنوا واصبروا وصابروا ورابطوا على الحق والإيمان والتواصي بالخير والإحسان..
فإنكم بإذنه منتصرون في الدنيا والآخرة وحسبكم بنَبِيِّ يأتي يوم القيامة لم يؤمن برسالته أحد من قومه فجاء منتصرا لأنه ثبت على الحق !!
.
يا إخواني وأخواتي
الأمة تحتاجكم اليوم
فعاهدوني أيها الأطهار بأن..
لا تسقط الراية
ولا تسقط الرسالة
ولا يسقط القلم !!!!




محمد الياقوت
بلاد الحرمين
1/3/1429 هـ - 9 /3/2008 م


الكاتب: محمد الياقوت
التاريخ: 08/03/2008