الشهيــد مروان حديد رحمه الله وذل النصيري العلوي حافظ الاسد له (ورب الكعبة ما سمعت رجل أشجع منه بهذا الزمان ) فلترى بأم عينك من هو فقد آن لنــأ أن نعرف الرجال...؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب الطيبين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركااااته
قــــد آن للأمــــــة أن تعـــــرف من هــــو مروان حديد
وكيف كان رجل في زمان الطغاة
وكيف وقف في وجه الطاغوت حافظ الأسد
وكيف أذله الله له...
وكيف عاش حميدا ومات شهيد
وأقرأ معي أجمل ما كتب من شعر
ولتسمع ما قيل فيه ...
رحمة الله الواسعة عليه
في جنان الخلـــــد نلتقي بإذن الله
أترككم مع سيرته
ومن ثم أشعاره
ومن ثم ما قيل فيه
كانت هذه الأبيات العذبة من شعر الشهيد – بإذن الله – مروان حديد قائد الحركة الجهادية في سوريا من بلاد الشام، والبطل الذي عرف الحق فاتبعه، واستبان له سبيل الله فاستمر على الجهاد فيه حتى لقي ربه شهيداً فهنيئاً له تلك الحياة وهذه الشهادة....
مروان حديد... الشجاع الجسور.. والشاعر الرقيق... والمسلم الصادق...والجبل الصامد في وجه طغيان الردة والكفر والفجور...
ولد مروان رحمه الله في حماة عام 1934م وكان طويل القامة، قوي البنية، عريض المنكبين، له شعرٌ أملسٌ أحمر، أنيق المظهر...
وكان ينتمي إلى أسرة عريقة لها جاهها في بلاد الشام وكانت لها تجارتها الواسعة ومشاريعها الضخمة إلا أن كرمها كان يحد من مظاهر الأبهة والإسراف التي تعيشها الأسر الغنية...
درسَوتدرج في مدارس حماة الابتدائية والإعدادية والثانوية وحصل على الثانوية العامةالفرع العلمي عام 1955، وتسجل في كلية الزراعة جامعة عين شمس 1956 في مصر وتخرجمنها في 1964، طالت مدة دراسته بسبب كثرة اعتقاله من قبل المخابرات المصرية، التحقبكلية الآداب جامعة دمشق قسم الفلسفة وحصل على البكالوريوس عام 1970.
نشأمروان في بيئة حزبية اشتراكية وكان مسؤولاً مالياً عن التنظيم الاشتراكي في ثانويةابن رشد في الفترة التي سبقت التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين، وبعد أن من الله عليه بالهداية عُرِفَ مروان بين الإخوان بأنه من أكثرهم تمسكاً بالدعوة إلى الإسلام وتعاليمه، وبعد محنة عام 1954م سافر إلى مصر والتقى بسيد قطب رحمه الله وإخوانه، ونشِطَ كثيراً في الدعوة ونصرتها في أوساط الشباب الذين عمل على تربيتهم على معاني العزة والإباء، واستخلص الخوف والرهبة من قلوب من حوله من الشباب حتى تربى ونشأ بقربه جيلٌ من الشباب المصري الذي أحب الموت والاستشهاد في سبيل الله، والمرحلة التي عاشها في مصر كانت مرحلة دعوةٍ وجهادٍ، فكان يقضي جُلَّ وقته ومعظم أيامه إمّا في الدعوة إلى الله وشرح العقيدة والمبدأ، أو في صراعٍ فعليّ مع رجال المباحث تدرب فيها على مصاولتهم ومصارعتهم ودرَّبَ عليهاإخوانه السوريين والمصريين الذين معه، وكان لمحنة الإخوان واضطهادهم وإعدامهم في مصر بالغ الأثروأعمقه في قلبه وحسه المرهف، فأعلن عداءه لعبد الناصر وحاربه في كل مكان، وقد كان عبد الناصر يومها زعيم العرب وبطلها، وفي الداخل كان جلادمصر ومرعبها، ولكن هيهات أن يتطرق إلى قلب مروان خوف من بشر كائنا من كان، حاكماأو محكوماً صغيراً أو كبيراً، فقد امتلأ قلبه بحب الله والخوف منه فلم يعد لسواه فيقلبه نصيب، كيف لا وقد لقّنَ الدنيا درساً لم تعرفه إلا من أمثاله من المؤمنين الصادقين، لقّنها كيف تكون ذليلة حقيرة تافهة أمام الأهداف السامية الرفيعة وأمام رضى الله تعالى ، فأثناء دراسته في مصر عقد مؤتمر لقمة رؤساء الدول العربية فما كان منه إلا أن كتب لهم رسالة يقول لهم فيها: (يجب أن تحكموا بالإسلام) وكتب اسمه وعنوانه وشقته, وأرسله إلى عبد الناصر وإلى كل المؤتمرين, عبد الناصر قال للمخابرات المصرية: (ديروا بالكم عليه) [كونوا منتبهين له], فوكلوا به رجلاً من المخابرات لا يفارقه أبداً, إلا عندما يدخل شقته للنوم.
وعاد مروان رحمه الله في أوائل شهر آذار 3/1964 من مصر بعد حصوله على بكالوريوس الهندسة شعبة محاصيل من كلية الزراعة – جامعة عين شمس، ولم يكن مروان منقطعا عن متابعة أخبار بلده سوريا أو زيارتها في كل صيف، وخصوصاً متابعة أخبار البلاد بعد انقلاب 1963 الذي جاء بحزب البعث إلى السلطة وبدأت العناصر الباطنية المتسلطة على هذا الحزب الملحد تمد أعناقها وتحكم قبضتها على مقاليد الحكممن وراء ستار دون أن تسفر علانيةً عن وجهها الكريه، وسرعان ما أحس بالخطر الذي يكمنوراء هذا الحزب الملحد فقام يدعو الناس ويحذّرَهم وينذرَهم ويبينُ لهم بحسه المرهف وشفافيته للأمور أن هؤلاء القوم لا
يهادِنون فيما صنعوا، وأن وراءهم ما وراءهم، ولابد من مجابهتهم من اللحظة الأولى قبل أن يتمكنوا من الحكم، وإلا استشرى خطرهم وقويت قبضتهم وعندئذٍ سيدوسون المقدسات وينتهكون الحرمات ولن يجدي بعد ذلك معهم علاج، فعقد الندوات في بيته ومسجده الصغير في حيّ البارودية، وأقام المحاضرات والدروس في المساجد فكشف نوايا البعثيين الطائفيين وعرّى مخططاتهم و ألهبَ حماس الشباب وغذّاه بروحه التي تستهين بالطواغيت ولا تخشى إلا الله وتحبُّ الموتَ كمايحب غيره الحياة.
وكان لا بد لمن يحمل مثل هذا الهم ويقتنع بهذا المنهج أن يصطدم بالكفر والإلحاد، فحصلت أحداث ومواجهات بين الشباب المسلم وبين قوات النظام النصيري حوكم مروان حديد على إثرها محاكمة علنية لقصد الدعاية لنظامهم حيث سمحوا لبعض الصحفيين الأجانب أن يحضروها, وكان الذي يحاكمه مصطفى طلاس, وصلاح جديد, وصلاح جديد هذا كان أقوى شخصية نصيرية تمسك البلد, قال له: لماذا حملتم السلاح وتمردتم على الدولة ? فأجاب الشيخ مروان: هنالك كلب نصيري اسمه صلاح جديد, وكلب منسوب لأهل السنة اسمه مصطفى طلاس، يريدون أن يذبحوا الإسلام في هذا البلد, ونحن نرفض ونحارب أن يمسح الإسلام ونحن أحياء, هجم الحرس الثوري ليقتلوه في داخل المحكمة, الشرطة حموا الشيخ مروان أمام الصحفيين الأجانب حتى لا يقال في العالم قتل داخل المحكمة, قال له: أنت عميل, قال: عميل لله عز وجل, أما العميل فهو رئيس حزبكم ميشيل عفلق الذي قبض (79.000) تسعة وسبعين ألف جنيه من عبد الناصر, قالوا له: أنتم تقولون (محمد الحامد) معكم وهو يكرهكم, قال: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وحكم عليه بالإعدام مع مجموعة من الشباب, وبرئت مجموعة, الذين برئوا صاروا يبكون? والذين حكم عليهم بالإعدام صاروا يبتسمون, الصحفيون الأجانب انبهروا ما لهؤلاء يبكون, هؤلاء برآء وهؤلاء يضحكون? فقالوا لهم نحن منحنا الجنة, وهم حرموا من الجنة, وأخذوا إلى السجن وهم ينتظرون تنفيذ الإعدام، يقول الشيخ مروان: ما عشت أياما في حياتي ألذ على قلبي وأطيب على نفسي من تلك الأيام التي كنت أنتظر فيها أنا والشباب تنفيذ حكم الإعدام, وفي هذه الأيام كتب الشيخ مروان تلك الكلمات التي يرددها الشباب:

الروح ستشرق من غدها وستلقى الله iiبموعدها





ولكن شيخ مشايخ حماة الشيخ محمد الحامد ذهب إلى أمين الحافظ, وكان رئيساً للجمهورية, وأمين الحافظ من حماة كذلك, قال له: ماذا تريد أن تفعل بمروان حديد, قال حكمنا عليه بالإعدام, قال أنت من عقلك تقول هذا? هل تظن أن حماة ستسكت عليكم إذا أعدمتم مروان حديد? ستواجهون مشاكل لا تنتهي, قال: ما رأيك يا شيخ, قال: أنا رأيي أن تخرجه وتعفو عنه, قال: اذهب أنت بنفسك وأخرجه فجاء الشيخ محمد الحامد وقال: يا أولادي هيا بنا قالوا له أين? قال: عفت عنكم الدولة, قال الشيخ مروان: قلنا له سامحك الله حرمتنا من الجنة.
وبعد أن خرج مروان من السجن مع إخوانه في أحداث 1964 تابع مسيرته كالمعتاد بدون توانٍ أو تأخير، وقام قادة انقلاب 1966 (جديد وأسد) النصيريين باعتقاله مع مجموعة كبيرة من الإخوان والعلماء في سوريا ثم أفرج عنه ومن معه أثناء حرب 67، ولكن مروان هو كما هو يُدرك بتوفيق الله أن الأمور كما توقع لها من قبل، أخذت تتطور من خطرٍ إلى أخطر خاصة بعد تسليم الجولان الحصين، ولم يكنالأمر مفاجئاً بل كان متوقعاً.
بعد هزيمة 67 شارك مع العمل الجهادي ضد إسرائيل، وكانت مناسبة كبيرة لدفع العديد من الشباب للمشاركة وللتدريب على القتالوالسلاح، وتخرج على يديه مجموعات جيدة من المقاتلين الذين شاركوا في العمل الجهادي وكونوا فيما بعد نواة العمل العسكري في الجهاد ضد النظامالمرتد في سوريا، ولم تكن السلطة الغاشمة بغافلةٍ أو متغافلة عن تحركاته ونشاطه بل كان همها الوحيد أن تلاحقه وتراقبه في كل مكان وزمان، ومروان هو مروان لم يتوان لحظة واحدة عن الاستمرار في الطريق الذي نذر له روحه وحياته ودائماً ما كانَ يُرددكلمته المشهورة: (لموتٌ في طاعة الله خيرٌ من حياةٍ في معصيته)، وكانت أحاديثه تدور كلها حول الصبر والمصابرة ومقارعة الأعداء، وأنّ من كانوا قبلنا يؤتى بأحدهم فيمشطُ بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه ويوضع المنشار على مفرق رأسه حتى يكون نصفين ما يصدهم ذلك عن دينهم، وكان يبشِّرُ بالنصر، ويعتقدُ أن النصرَ مع الإيمان، ويستشهد بالآية الكريمة (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)، أي بالممكن منها حتى ولو كانت عصا فقط فالله تكفَّلَ بالنصر إذا صدق العبدُربَّه.
في سنة (1973م) أخرج البعثيون دستوراً جديداً ومسحوا منه المادة الأولى التي تتضمن أن سوريا دولة إسلامية, فثار الناس وتحدث الخطباء وقام الشيخ مروان حديد في المسجد, فقال: من يبايع على الموت ؟ لما بدأ الشيخ مروان حديد يخطب أصبح الناس ينسلون واحداً تلو الآخر, خوفا على أنفسهم من الملاحقة الأمنية، بعد ذلك أرادوا اعتقال الشيخ في أوائل شهر آذار 1973 في منزله الكائن في حي البارودية وكادوا يقتلون ابن أخته لولا أن حذَّرهم أحد المباحثأن هذا غير مروان.
وشاء الله لمروان أن يختفي بعد هذه المرحلة وأن يعمل بالخفاء ليجمع السلاح ويُعِدَّ العدة ليوم تواجَهُ به السلطة الباغية بقوة السلاح، وكان حيثما يسمع أن حياً في دمشق فيه قنبلة يرسل أحد الشباب ويشتريها, وشاء الله أن يكون مكانَ تواجده دمشق وليس حماة، وتنقّلَ بين عدة بيوت لمدة سنتين ونصف تقريباً، وقد دفعت السلطة النصيرية بكل قوتها وحيلتها وتجسسها للتعرف على مكان تواجده وإلقاء القبض عليه وقتله، في هذه الفترة زاره الشيخ عبد الله عزام وكان في سوريا وقتها وقال عنه: نظرت إلى وجهه ليس من أهل الدنيا أبداً, صافٍ صفاءً عجيباً, النور يشع, أول كلمة قالها لي -هو يعرفني من أيام فلسطين, كان قد جاء معنا -يا أبا محمد: ألم تشتق إلى الجنة, كانت تلك آخر كلمات سمعتها منه.
وكان مروان قد عقد قرانه على فتاة مؤمنة تعلم حياته وتدرك نوع العيش الذي يمكن أن تحياه معه وذلك في أواخر عام 1972، وللظروف التي أحاطت به لم يدخل بها وحاول أن يدفع بها إلى أهلها في آخر أيامه دفعاً وهي ترفض لتبقى بجانبه وتقوم علىخدمته، إلى أن داهمته قوة المخابرات في صبيحة يوم 30 حزيران 1975 بعد أن خرج أحد إخوانه ليأتيهم بمستلزمات البيت وحاجياته وانتهى الأمر باعتقاله بعد معركة بطولية خيالية واعتقال زوجته وزوجة صاحبه الذي استضافه.
وفي المعتقل ذهب إليه حافظ الأسد بنفسه، وقال يا مروان دعنا نفتح صفحة جديدة مع بعض, عفا الله عما مضى, لن نحاسبك على شيء بشرط واحد أن تترك السلاح, قال: وأنا موافق بشرط واحد: أن تساعدني على قيام الدولة الإسلامية في سوريا, حافظ الأسد جمع نفسه وخرج.
عقد مجلس عسكري ضم ناجي جميل قائد القوات الجوية, ومصطفى طلاس ومجموعة من الضباط النصيريين الكبار, جاءوا بالشيخ مروان, فعرف ناجي جميل ومصطفى طلاس قال: ويلك يا كلب يا ناجي جميل, هل ستظن أننا سنتركك حياً?! أوصيت الشباب أول ما يبدأوا بكم أنت ومصطفى طلاس, لأن على ظهوركم يا كلاب أذلنا هؤلاء النصيريون, وانتهكوا أعراضنا, [وكان ناجي جميل ومصطفى طلاس منسوبين لأهل السنة] وأما أنتم أيها الضباط النصيريون, فقد أوصيت الشباب أن يقتلوا منكم خمسة آلاف, ناجي جميل قال خذوا هذا مجنون, ارفعوه, أبعدوه عني فأبعدوه عنهوعرضوه للتعذيب بوسائل شتى متفاوتة القذارة والخسة والدناءة فقاموا بكشف قُبُلِهِودبُرِه، ومروان معروف بشدة حيائه وخجله فإذا دخلوا عليه الزنزانة انكمش على نفسهليستر عورته التي أرادوا كشفها وأراد الله سترها، ثم قطعوا عنه الطعام وأجاعوه حتى خارت قواه، وأحياناً كانوايقدمون له الطعام بعد أن يمزجوه أمام ناظريه بالأقذار، فصار يأبى أن يأكل من هذاالطعام القذر.
مروان صاحب الطول الفارع والجسد الممتلئ والقبضة الحديدية ينقُلُ عنه أحد الذين شاهدوه أخيراً أنه كان بحالة هو فيها أقرب إلى الهيكل العظمي منه إلى الجسد العادي، ويقول مروان لهذا الشاهد بعد أن سقاه لبناً بيده فتقيأه لأن معدته لم تعد تحتملُ حتى اللبن، وكان يغيب عن الوعي لفترات متقطعة ويصحو، وبعد أن صحا قليلاًمن غيبوبته قال لهذا الأخ: (انقل عنّي وقل للناس أن هؤلاء الكلاب ”ويعني بهمالمحققين“ أنهم لم يحصلوا مني على كلمةٍ واحدةٍ تُشفى بها صدورهم).
ثم بعد ذلك ساءت حالته الصحية إلى درجة يئست السلطة منه فأرادت أن تُخفي جريمتها، فنقلوا مروان إلى مستشفى حرستا العسكري وطلب أسد منهم أن يأتوا بأخيه الدبلوماسي كنعان ليكون كما أراد الأشرار شاهداً من أهله أنه كان مضرباً عن الطعام، وأنَّ حالته تردت بسببامتناعه عن الطعام، ومروان قد أعياه الجوع وأضناه الجهد وهبط ضغطه، فكان أخوه يتوسلإليه أن يأكل ويشرب فيرفض لكثرة ما رأى من تلويث الطعام والماء بالبول والغائط وقد أخبره مروان بذلك، ومع ذلك وافق مروان على طلب أخيه بأن يأكل بشرط، فقال: ياأخي أشرب وآكل بشرطين، أحدهما أن يكون الماء من حماه والثاني تعدني أن تصلي، وكانكنعان لا يُصلّي..فقال له أخوه كنعان: كُلْ وأُصَلّي.. وأكل مروان وشرب ماء حماة، ووفّى كنعان بوعده وصار مصلياً..
وبدأت صحة مروان في التحسن، وبدأ ضغطه يعود إلى الوضع الطبيعي، وعاد إلى الحديث مع أهله الذين استبشروا خيراً وفي مساء أحد الأيام عاد إليه أهله ليجدوه يجود بروحه الطاهرة وقد أشار إليهم بإصبعه إلى رقبته وأنه قد أعطي حقنة في عنقه، وإذ بالأجهزة الطبية تشير إلى أن ضغطه أخذ يهبط من جديد وأن حالته صارت تسوءوتسوء، ثم فاضت روحه طاهرة زكيه إلى بارئها لتلتقي إن شاء الله مع ركب الشهداء الذين سبقوهويستبشرون بقدومه كما هو يستبشر بقدوم إخوانه من خلفه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لقد ترجّلَ هذا الفارس من على صهوة فرسه أخيراً، وأسلم الروح لخالقها بغدر الغادرين وحقد الحاقدين، وكان ذلك على يد الطاغية المجرم حافظ أسد ونظامه الأسودالنتن، وأسلم الروح لبارئها في سجن المزّة العسكري في شهر 6/1976.
استشهد مروان ومضى مروان إلى ربه بعد أن بلَّغ وبيَّن، ونصح للأمة وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يُسمح لأهله بدفنه في حماة، فدُفِنَ في دمشق في مقبرة الباب الصغير تحت حراسة الأمن المشددة التي أحاطت بالمكان، وبعد دفنه بقيت الحراسة على القبر شهوراً حيثكانوا يعتقلون كل من يزور القبر.
لقد عاش مروان حديد حميداً، ومات شهيداً إن شاء الله، وبلَغَ أسمى أمانيه، فكثيراً ما يسمعه تلامذته يُردد مقولة بلالٍ رضي الله عنه(غداً نلقى الأحبة، محمداً وصحبه)، لقد أرعب مروان جميع الطغاة حيّاً وميتاً.
استشهد رحمه الله بعد أن سنّ سُنَّةً حسنةً في قتال المرتدين فقد كان جهاده من أول وقائع الجهاد ضد الأنظمة العلمانية المرتدة بعد الاستعمار وقد كان بصيراً بأحوال هؤلاء الطواغيت وحقيقتهم، وحقيقة الواجب الشرعي تجاههم، وكان نداؤه إلى العلماء وقيادات الجماعات الإسلامية كاشفا عن فهمه العميق لمنهج الجهاد، وخبرته بشبهات القوم ونقدها، ولقد نجحت الحركة الجهادية في حياته نجاحا عظيما، وأقضت مضاجع الطغاة، ورغم أنها تراجعت بعد موته رحمه الله لبعض الأخطاء العسكرية التي وقع فيها المجاهدون رفع الله قدرهم إلا أن حركته كانت جذوة هداية، وبداية صحوة، عرفت فيها الأمة طريق العزة والكرامة، وعرفت بها ضعف الطواغيت وجبنهم وذلتهم، كما عرفت بها شدة حقدهم ونجاستهم، كما عرفت أن طريق الجهاد طريق خيرٍ وبركةٍ وأنه موصل للغاية التي يريدها المسلمون ولكنه يحتاج إلى صبرٍ وثبات، وحسن إدارة وخبرة بطرق الحرب التي حرص الطواغيت وأسيادهم من الصليبيين واليهود على أن نكون أجهل الناس بها...
لقد كانت حركته الجهادية تجربة غنية بالدروس والعبر التي يستفيد منها أبناء الأمة والمجاهدون بشكل خاص لينطلقوا في ميدان الجهاد بخطى أثبت، وخطط أحكم، ولكن قوماً من الذين لا يفقهون اتخذوها شماعة يعلقون عليها أفكارهم الرديئة نحو الجهاد، ويثبطون بها الأمة، وكأنها أول هزيمة تقع بالمسلمين منذ أن وجدوا، هذا إذا أخذنا الأمر بالمقياس المادي الحسي، وأما المقياس الحقيقي فإن تلك الجهود العظيمة والتضحيات الجسيمة التي بذلها أبناء الشام في سبيل الله لم تكن ضائعة، ولا مهدرة.. كيف يكون ذلك وهم قد نجوا من الحياة في ظل الكفر والطغيان، قاتل أهل حماة في سبيل الله فقتل منهم من قتل وسيغلب منهم بإذن الله من يمن الله عليه والمهم أن الجميع كان منتصراً رابحاً (وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)
(النساء: من الآية74).

يقول الشيخ المقدام والشاعر الرقيق رحمه الله :



أحزان قلبي لا تزول ............... حتى أبشربالقبول
وأرى كتابي باليمين ...............و تقر عيني بالرسول
نيران قلبي فى اشتعال ............. من خوف ربي ذى الجلال
فارحم و سامح يا رحيم ............و اغفر ذنوباً كالجبال
يا رب قد أكرمتنا .................. باللطف قد عاملتنا
رغم الخطايا و الذنوب .............فارحم بجودك ضعفنا
يا رب فاغفر يا كريم ..............و اقبل بعفوك يا رحيم
من تائب يخشى الذنوب ...........و معاهد أن يستقيم
و العين تبكى فى خشوع ..........من خشية بين الضلوع
لله رب العالمين ................... القلب دوما فى ولوع
القلب دوما فى سقام ..............مالم يجاهد الطغام
سنطارد الكفر الدخيل ............. ونعيد للأرض السلام .

إني شهيد المحنة
لا تحزنوا يا إخوتي .. إني شهيد المحنة
يا فرحتي بمنيتي .. اليوم أنهي غربتي
و كرامتي بشهادتي .. هى فرحتي و مسرتي
في ظل عرش الهنا .. أبغي لقاء أحبتي
معهم أعيش مكرما .. و مفعما بسعادتي
و لئن صرعت فذا دمي .. يوم القيامة آيتي
الريح منه عاطر .. و اللون لون الوردة
و كرامتي يا إخوتي .. برصاصة أو طعنة
ذكر الأحبة سلوتي .. في خلوتي و الجلوة
تقوى الإله وذلتي .. عند الصلاة طريقتي
و القلب دوما شاكر .. أو صابر في شدة
و سلامتي في وقفتي .. يوم الوغى بشجاعة
نصرا لديني و الدما .. بشرى بقرب شهادة
آجالنا محدودة .. و لقؤنا في الجنة
و لقاؤنا بحبيبنا .. محمد والصحبة
و سلاحنا إيماننا .. و حياتنا في عزة





رحم الله أسد حماه وفارس الشام الشيخ الشهيد مروان حديد وايضا هذه الانشودة من كلماته رحمه الله
اسال الله ان يبعث لنا من هم اشد على النصيرية من مروان حديد .


الشهيد / مروان حديد .. من هو ..؟ ولماذا أحبّهُ عبدالله عزام ..؟

”مروان حديد“


العَلَم الشهيد



لا تحزنوا يا إخوتي إني شهيدُ المحنةِ


آجالنا محدودةٌ ولقاؤنا في الجنّةِ

يا فرحتي بمنيّتي اليوم أُنهي غربتي

فلقاؤنا بمليكنا ومحمدٍ والصحبةِ

وسلامتي في وقفتي يوم الوغى بشجاعةِ

نصراً لدينيَ والدما بشرى بقربِ شهادةِ

ذكرُ الأحبّة سلوتي في خلوتي والجلوةِ

والقلبُ دوماً شاكرٌ أو صابرٌ في شدةِ

ولئن صُرِعْتُ فذا دمي يوم القيامةِ آيتي

الريح منه عاطرٌ واللونُ لونُ الوردةِ

هذي دماءُ الطعنةِ ريحانتي وسعادتي

وافرحتي وافرحتي فزنا وربّ الكعبة

http://www.youtube.com/watch?v=eya_pywAb3c&feature=related




الكاتب: أبو عمـــر الفـــاروق
التاريخ: 20/04/2011