فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، اقطعوا كهرباءهم، لوثوا ماءهم، حرقوا ديارهم |
|
فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به
اقطعوا كهرباءهم، لوثوا ماءهم، حرِّقوا ديارهم
الحمد لله الواحد القهار، الحمد لله المنتقم الجبار، الحمد لله ما تعاقب النيِّران ودارت الدوائر على الفجار، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وسيد الرجال، خاتم المرسلين الضحوك القتال، وعلى الصحابة الأخيار والآل، ومن اتبعهم بإحسان في كل مقام ومقال، وبعد؛
قال الله تعالى: "يأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً. إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوبُ الحناجرَ وتظنون بالله الظنوناْ. هنالك ابتُلي المؤمنون وزُلزلوا زلزالاً شديداً" ، فيا مسلمي غزة أنتم على سُنَّة، ولكم في رباطكم العظيم سلف، فطوبى لكم ألف طوبى، فإن الله بما تعلمون بصير، وإنه على نصركم لقدير.
إن المتأمل في المنظومة الكونية الربانية التي سخرها الله تعالى لنصرة الموحدين المحاصرين في غزوة الخندق، حيث جمع لهم الجنود الكونية متمثلة في الريح، والجنود الربانية متمثلةً في الملائكة، لَيدرك أن هذه اللحظات التاريخية الحاسمة في الفرقان بين الحق والباطل ليست مجرد معركة بين فريق من المؤمنين وفريق من الكافرين، بل هي معركة كونية بين الإيمان والكفر، يستنفر لها الموحدون كل الموحدون، ليقمعوا أئمة الكفر، وليكبتوا صولة الباطل، وليزمجر الكون مجدداً بصيحة التكبير؛ الله أكبر، خربت خيبر...
ولئن طرأت في موازين الحرب اليوم أمور من التقدم التقني والمادي، فإن سعة التشريع الإسلامي قادرة على استيعاب هذه الطوارئ بكل سهولة ويسر بفضل الله، فالله تعالى قد أحكم الأمر فقال:" والذين إذا أصابهم البغيُ هم ينتصرون. وجزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مثلُها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين. ولَمَن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل. إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليم" ، وإن القوم لعمرك قد بغوا، وظلموا، وبطشوا بالمستضعفين من المسلمين الموحدين في أرض الرباط الحبيبة، ولم يراعِ الظلمة فيهم عُرفاً ولا شرعةً ولا قانوناً، فاستحقوا بأن يعامَلوا بمثل ما عاملوا به من ظلم، وما علينا في ذلك من سبيل، ولنا في ذلك سنة إمام المجاهدين، وأسوة الموحدين صلوات الله وسلامه عليه، حيث حرَّق نخيل اليهود، وخرَّب بيوتهم جزاءاً وفاقاً، وسجل القرآن الكريم ذلك في معرض الامتنان بالفتح على رسوله صلى الله عليه وسلم والتبكيت ليهود الكفر، فقال تعالى:"يُخرِبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين" ، وقال تعالى:"ما قطعتم من لِينةٍ أو تركتموها قائمةً على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين" . قد أذن الله تعالى إذاً بقطع النخيل وتخريب البيوت، لما كان اليهود المجرمون سبّاقون إلى الإفساد في الأرض، والحرابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: حرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة، فنزلت:" ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله" ، وهذا التحريق والتقطيع والتدمير ليس من أخلاق الحرب الإسلامية ابتداءاً، ولكنه يقع الموقع الحسن عندما يكون في مصلحة الأمة الإسلامية، مقابلةً للعدو المجرم بمثل فعله، لئلا يتفرد العدو بإيذاء المسلمين، قال الإمام الموفق ابن قدامة المقدسي رحمه الله:"ولا يقطع شجرهم، ولا يحرق زرعهم، إلا أن يكونوا يفعلون ذلك في بلادنا، فيفعل ذلك بهم لينتهوا" ، والمسألة مفصلة في مظانها في كتب الفقه، والمقصود الدلالة على مشروعية ما نحن بصدده، والله أعلم.
إذا علم ما تقدم، فلنقرر أيضاً أننا مع شديد ألمنا لمصاب أمهاتنا ونسائنا وأبنائنا وشيوخنا وإخواننا في غزة الصمود والجهاد، لنرفع هامنا معتزين بتلك الثلة المرابطة على الحق، غير آبهة لأبواق التخذيل، وطعون الخيانة التي يطعن بها الخونة، والمنافقون من بني جلدتنا، المسارعين في الكفر وفي أهل الكفر، سدانةً لمحاريب الطاغوت، وسقايةً لشجرة الباطل، فإن الجهاد ماضٍ إلى يوم الدين، لا يزيد أهلَ الإيمان إلا يقيناً كما قال تعالى: "ولما رأى المؤمنون الأحزابَ قالوا هذا ما وعدَنا الله ورسولُه وصدق اللهُ ورسولُه وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً" ، وإن هؤلاء المنافقين لمجموعون مع مُحِبيهم من أهل الكفر وعداً صادقاً من الله تعالى:" إن الله جامعُ المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً" .
ثم إننا بعد هذا نقول وبالله التوفيق؛ إن هذه الجريمة التي يمارسها أحفاد بني النضير من القردة والخنازير خنقاً للموحدين في غزة، قطعاً لكهربائهم، وتلويثاً لمائهم، وتحريقاً لبيوتهم، وترويعاً لأمنهم، وتذفيفاً على جرحاهم، وتقتيلاً لنسائهم وأطفالهم، إن هذا كله يعني لنا شيئاً واحداً، نقوله لكل مسلم ينبض قلبه بالتوحيد، ويؤرق مضجعه مرأى ومسمع تألم اليتامى، وبكاء الثكالى، وسفك الدماء بيد اليهود والصليبيين، نقول: اقطعوا كهرباءهم أينما كانوا، لوثوا ماءهم أينما كانوا، احرقوا بيوتهم أينما كانوا، رَوّعوا أمنهم أينما كانوا، بيـِّتوا لهم أينما كانوا، أخرجوا لهم ألف ألف أبا بصير، اقعدوا لهم كل مرصد، وخذوهم حيث ثقفتموهم، فإن ساحة الحرب اليوم هي العالم بأسره، وإن جند الشيطان اليوم ينحدرون علينا من كل بقاع الأرض، فلم يعد لحصر أرض المعركة معنى، ولم يعد لتمييز حربيٍ عن آخر مكان، فالأرض اليوم كلها دار حرب...
أيها المسلم في كل مكان؛ قد منعوا الطعام والشراب عن إخوانك المسلمين، فهل تهنأ بزراعة تزرعها في أرض الكفر وبطعام تصدره لهم؟ قد منعوا الدواء عن مرضى المسلمين، فهل تهنأ بمعالجة علوج الكفر وطبابتهم ورعايتهم؟ قد دمروا البنى التحتية لمدن المسلمين، فهل تهنأ بمد جسر وصيانة شبكة كهرباء في بلاد الكفر؟ قد منعوا الوقود عن إخوانك في البرد القارس والظلام الدامس، فماذا تعني لك استثماراتك النفطية وأنت تصدر الغاز والنفط إلى معاقل الكفر وقيادات الجيش الصهيوني الصليبي؟ أيها المسلم المزارع والطبيب والمهندس والتاجر أين مكانك اليوم؛ صيانةً لأنظمة الكفر المحارب أم ردءاً ونصراً لإخوانك المسلمين، ألا فلتعد للمسألة جواباً، وعندها ستدرك ما عليك أن تفعله، وأين يتوجب عليك أن تكون، كي تساهم في قطع كهربائهم، وتلويث مائهم، وتحريق بيوتهم...
أيها المسلمون في كل مكان، دونكم عير قريش، ودونكم نخيل بني النضير، فهل بقي منكم من أبي بصير؟
وسيم فتح الله