حب على الطريقة الإسلامية !!

 

لم يكتفي محل (جنة عدن) للأزهار و البالونات في منطقة أم أذينة في العاصمة الأردنية عمان بعدم بيع الزهور الحمراء فيما يُعرف "بعيد الحب" الفالنتاين" في 14-2 من العام، و لكنه أصر في خطوة فريدة على إعلان و نشر موقفه للزبائن في جريدة الوسيط الإعلانية الأكثر انتشارا بالاعتذار الصريح عن بيع الورود الحمراء و تبرير ذلك بالانتصار للدين و النزول عند فتوى علماء الشريعة بتحريم الاحتفال بهذا اليوم أو احياء أي من طقوسه
انتصر صاحب المحل على اعتبارات الربح و الخسارة التي يسوقها التجار في الترخيص لأنفسهم بتجاوز ما ورد به حكم شرعي فاصل، و لم يكتفي بالقناعة الشخصية و ممارسة الخير داخل محله فقط، بل حرص على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بإعتذار مؤدب يذكّر فيه غيره بالأحكام الشرعية، و بهذا كان اسم المحل (جنة عدن) أكثر من واجهة دعائية بل إحياء لمفهوم الحياة الطيبة في جنة عدن حيث لا لغو و لا فحش و لا فسوق، و تنبيه أن ما أخرج البشر ابتداء من جنة عدن هي معصية الله كما ورد في القصص القرآني و حتى الانجيلي
يحتفل العالم العربي "بعيد الحب" و ينسى أن الثقافة الاغريقية و الرومانية التي ولدت ما يعرف بآلهة الحب ثقافة صنمية وثنية قائمة على تنازع القوة و اتباع الشهوة، و لا أحد يسلم من الانحراف بما في ذلك كبير الالهة زيوس و الرموز الأبطال كأوديسيوس و أخيل منغمسون في الاغراءات الى ذقونهم
يحتفل العالم العربي "بعيد الحب" و نسب الخلافات الزوجية و الطلاق و الترمل في ازدياد مطرد حيث بلغت في العراق أكثر من مليوني أرملة حيث اللون الأحمر لا يمثل حمرة القلب المحب الولهان و إنما لون الدم القاني للأحباء الضحايا
يحتفل العالم العربي "بعيد الحب" بشراء الورود التي يرتفع سعرها ارتفاعا جنونيا في هذا اليوم بالذات و أناس من أبناء جلدتهم لا يجيدون ثمن رغيف الخبز الذي أصبح الحصول عليه في بعض البلدان العربية بطولة بحد ذاتها حتى أُطلق على من يموت دون لقمة الخبز لقب "شهداء رغيف العيش"
الكل يستطيع أن يحب أو يدعي المحبة ليوم و لكن التحدي أن تكون المحبة لخواص الناس و عامة المجتمع ممارسة يومية و نهج حياة، أن يحب الحاكم الشعب فلا يظلمهم، و أن يحب الشعب بلدهم فيسعون لنهضته، و أن يحب الأفراد بعضهم فيحفظون فيما بينهم حرمة أنفسهم و أموالهم و أعراضهم، فالحب ليس علاقة بين قلبين بلا نهاية شريفة سعيدة، إنه في الأصل حالة عامة بين البشر يتراحمون و يتعاونون و يعطف بعضهم على بعض بها، و لولا هذه الرحمة القلبية التي أوجدها الله في قلوبنا لعاش البشر حياة الغاب في صراع مستمر للبقاء

و الحب ليس شعورا قلبيا دون ممارسة فعلية، و ليس تأوهات و وقوفا على الأطلال، إنه ابتعاد عن الرذيلة و حرص على الفضيلة في شخص المحبوب كفرد واحد و كفرد في مجتمع و أمة و حضارة

لقد سعت ماليزيا الى اصدار معيار جودة للصناعات في الدول العربية و الاسلامية التي يبلغ قيمة انتاجها مجتمعة أكثر من ترليوني دولار يعرف باسم (حلال) مستندا الى أحكام الشريعة الاسلامية للنهوض و الحفاظ و إعطاء الخصوصية و الحضور للانتاج العربي و الاسلامي في الساحات الدولية، و ما أحوجنا لمثل هذا المعيار الحلال في جميع أمورنا ليكفل لنا التوازن الذي وضعه الخالق سبحانه لحياتنا، فيكون الحب حلالا كامل الدسم و الإضافات مزودا بكل الفيتامينات التي تكفل استمراره و الانتفاع به
إنه من الواجب علينا أيضا أن نشكر صاحب محل جنة عدن على هذه الخطوة الرائدة في التشجيع على الحلال، فالحق تبنيه مبادرات صغيرة تتعاظم حتى تصل الى قمة هرم الفضيلة بإذن الله

ديمة طارق طهبوب - الجزيرة توك - عمّان


الكاتب: عــبـــادة
التاريخ: 16/02/2010